مفهوم الْقِصاصُ في القرآن الكريم

1- مفهوم الْقِصاصُ

هو عقوبة مقدرة شرعا، تقضي بمعاقبة الجاني بمثل ما فعل ، فيقتل كما قتل ويجرح كما جرح وهكذا..

2- الأمربة

والدليل على مشروعية القصاص في الإسلام

قال الله تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى )

البقرة :  178

كتب: معناه فُرِض وأُثبت

3- الحكمة من القصاص

فرض الإسلام القصاص حتى لا تنتشر الفوضى والاضطرابات في المجتمع، ولإبطال ما كان عليه الجاهليون قبل الإسلام من حروب بين القبائل يموت فيها الأبرياء الذين لا ذنب لهم ولا جرم، فجاء الإسلام وبيَّن أن كل إنسان مسئول عما ارتكبه من جرائم، وأن عليه العقوبة وحده، لا يتحملها عنه أحد.

قال الله تعالى:

( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) 

البقرة : 179

يتبين من الآية أن حياة الجماعة في القصاص، لأن عدم وجود القصاص يؤدي إلي أهدار الدماء وكثرة القتل في المجتمع، مما يؤدي إلي الفوضى في المجتمع، مما يهدد حياة الجماعة ويهددها بالفناء.

4 – أنوع القصاص 

ينقسم القصاص بحسب نوع الجناية المرتكبة إلى نوعين

أ – قصاص في النفس

ويتمثل في قتل النفس بعمد أو دون عمد

1- القتل العمد

عقوبة القتل العمد هي القصاص من القاتل، إلا أن يعفو أولياء المقتول ويقبلوا الدية بما يتصالحون عليه .

قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )

البقرة : 178

وهناك جزاء آخر رهيب فى الآخرة ينتظر القاتل عمدا لانسان برىء مسالم ، هو الخلود فى النار مع عذاب عظيم وغضب من الله تعالى

قال الله تعالى:

( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )

النساء : 93

2- القتل الخطأ

تجب على القاتل الكفَّارة، وهي :عتق رقبة مسلمة من ماله، فإن لم يستطع، صام شهرين متتابعين.

قال الله تعالى:

( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً  وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ  فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ  وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )

النساء: 92

ولا يحق لمؤمن الاعتداء على أخيه المؤمن وقتله بغير حق، إلا أن يقع منه ذلك على وجه الخطأ الذي لا عمد فيه، ومن وقع منه ذلك الخطأ فعليه عتق رقبة مؤمنة، وتسليم دية مقدرة إلى أوليائه، إلا أن يتصدقوا بها عليه ويعفوا عنه. فإن كان المقتول من قوم كفار أعداء للمؤمنين، وهو مؤمن بالله تعالى، وبما أنزل من الحق على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فعلى قاتله عتق رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم عهد وميثاق، فعلى قاتله دية تسلم إلى أوليائه وعتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد القدرة على عتق رقبة مؤمنة، فعليه صيام شهرين متتابعين؛ ليتوب الله تعالى عليه. وكان الله تعالى عليما بحقيقة شأن عباده، حكيمًا فيما شرعه لهم.

ب – قصاص فيما دون النفس

ويتمثل في قطع الأطراف والتسبب بالجروح الجسديّة.

قال: تقتل النفس بالنفس، وتفقأ العين بالعين، ويقطع الأنف بالأنف، وتنزع السنّ بالسن، وتقتص الجراح بالجراح.

قال الله تعالى:

( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )

المائدة: 43

أي فرض عليكم المساواة والمماثلة في القتل والجراحات والديات

قال الله تعالى:

( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا )

سورة الإسراء :33

فمن قتل مظلوما فلوليه أن يطلب القصاص من القاتل، دون أن يتجاوز الحد المشروع كأن ينتقم من أقاربه أو غير ذلك..

5 – كيفية تنفيذ القصاص

يُقتصُّ مِن القاتل بمثل الطريقة والآلة التي قَتَلَ بها بشرط أن تكون طريقة القتل غير منهي عنها ؛ كالتحريق بالنار حتى الموت.

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾

البقرة: 194

﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾

النحل: 126

6 – من يُنفِّذ القصاص

القصاص لا يحق لأحد إقامته إلا الحاكم أو من ينوب عنه. فلا يحل لولى القتيل أن يقتل القاتل حتى لا تنتشر الفوضى.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ﴾

الإسراء : 33

ومن قُتِل بغير حق شرعي فقد جعلنا لولي أمره  أي حاكم حجة في طلب قَتْل قاتله أو الدية .

7 – شروط استيفاء القصاص

يشترط لاستيفاء القصاص ثلاثة شروط هي:

1- أن يكون المستحق له عاقلا بالغًا.

2- أن يتفق أولياء المقتول جميعًا على استيفاء القصاص، فإذا رفض أحدهم سقط القصاص.

3- ألا يتعدى القصاص الجاني إلى غيره، فلا يقتص من حامل حتى تضع حملها، وترضعه إن لم تجد مرضعًا.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾

الأنعام :164

ولا يعمل أي إنسان عملا سيئا إلا كان إثمه عليه، ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى .

Share This