اليأسُ كبيرة من كبائر الذنوب، وصفة من صفات أهل الكفر والضلال؛ فلا ييأسُ من رحمة الله إلا القوم الذين حادُوا عن الطريق وضلوا عن السبيل، وتركوا الرجاء في الله، لعدم علمهم بربهم، ولجهلهم بكمال فضله وعظيم كرَمه وإحسانه سبحانه…

قال الله تعالى:

﴿ قالَ وَمَنْ يَقنَطُ مِن رَحْمَةِ رَبِّهِ إلا الضَّالونَ ﴾

الحجر:56

﴿ إِنَّهُ لا يَيْأسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾

يوسف:87

1- المعنى

اليأس هو إحباط يصيب الروحَ والعقلَ معاً ، فيفقد الإنسان الأمل في إمكانية تغيٌّر الأحوال والأوضاع والأمور من حوله .

2- اليأس

     في

 الاستعمال القرآني

وردت كلمة (يأس) وصيغها في القرآن الكريم (١٣) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد 7 مرات

قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ )

الممتحنة :١٣

– الفعل المضارع

ورد  3مرات

قال الله تعالى:

( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )

يوسف:٨٧

– صيغة المبالغة

وردت 3 مرات

قال الله تعالى:

( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا )

الإسراء: ٨٣

وجاء اليأس في القرآن على وجهين :

1- القنوط

قال الله تعالى:

 ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )

يوسف:٨٧

. يعني: لا تقنطوا

2- العلم

قال الله تعالى:

( أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا )

الرعد:٣١

أي: أفلم يعلم.

3- الألفاظ ذات الصلة

– القنوط

اليأس من الرحمة ، وهو أشد اليأس .

– الخيبة

إذا سعى في أمر فلم ينل ما أمل .

– الحزن

وجود الغم والهم لوقوع مكروه ، أو فوات المراد في الماضي

– الأمل

توقع حصول الشيء، وأكثر ما يستعمل فيما يبعد حصوله

4- النهيٌ عن اليأس

اليأسُ مَنهيٌ عنه في القرآن الكريم لأنه سبب من أسباب الضلال والكفر

قال الله تعالى:

( إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكَافِرُونَ )

يوسف: 87

( قَالَ وَمَن يَقنَطُ مِن رَحمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالٌّونَ )

الحجر: 56

( فَلا تَكُن مِنَ القَانِطِينَ )

الحجر: 55

5- أسباب اليأس

الأسباب التى تدفع الأنسان إلى اليأس كثيرة ، ومنها ما يلي :

1- الجهل بالله ورحمته

قال الله تعالى:

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

الأعراف 156

ورحمتي عمَّت كلَّ شيء في الدنيا

قال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً ﴾

غافر7

– مَن الذي كشفَ الضرّ عن أيّوبَ حين ناداه؟ إنه الله.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾

الأنبياء : 83- 84

– ومَن الذي رزق عبده زكرياء بغلام بعدما كبرت سنة واشتعل رأسه شيبا؟ إنه الله.

قال الله تعالى:

﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾

الأنبياء: 89- 90

– ومَن الذي نجّا نبيَّه إبراهيم بعدما ألقِيَ في نار مشتعلة؟ إنه الله.

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ . قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ . وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ  ﴾

الأنبياء: 68 – 70

– ومَن الذي نجّا نبيَّه موسى ومن معه بعدما أدركه فرعون وجنده؟ إنه الله.

قال الله تعالى:

 ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ . فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ . وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ . وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴾

الشعراء: 61 – 66

– ومَن الذي نجّى نبيّه محمدا صلى الله عليه وسلم بعدما أحاط به الأعداء وهو في غار ثور؟ إنه الله.

قال الله تعالى:

 ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة: 40

2- البعد عن الله والضلال عن الحق

اختيارأهل الكفر والضلال عدم القيام بأي عمل يقربهم من الله من الأسباب الموصلة بهم إلى اليأس من رحمتة

قال الله تعالى:

 ( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )

يوسف:٨٧

( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ )

الحجر:٥٦

أي لا ييأس من رحمة الله إلا من أخطأ سبيل الصواب، وغفل عن رجاء الله الذي لا يخيب من رجاه .

3- التعلقِ بالدنيا والركونِ إليها

ومن الناس من أصيب باليأس والقنوط، نتيجة شدةِ تعلقِهِ بالدنيا والركونِ إليها والفرَحِ بأخذها؛ فهو يحزن ويتأسف على ما فاته منها من جاه وسلطان وأولاد ومال وعافية…

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرّ كانَ يَؤُوسا ﴾

الإسراء: 83

﴿ وَإذا أذقنَا النَّاسَ رَحْمَة فرحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ إذا هُمْ يَقنَطونَ ﴾

الروم: 36

( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ  )

هود :٩

 ( لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ  )

فصلت:٤٩

لا يملُّ الإنسان من دعاء ربه طالبًا الخير الدنيوي، وإن أصابه فقر وشدة فهو يؤوس من رحمة الله، قنوط بسوء الظن بربه.

4- الجهل بسنن الله

وسنن الله عز وجل كثيرة ، وهذه السنن تتصف بصفات تضبطها كالثبات، والشمول، ، قائمة على العدل والحكمة، ليس هنالك فوضى، ولا اضطراب، ومن سننه عز وجل إن مع الضيق فرجًا .

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾

الشرح 5- 6

﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾

الطلاق 7

سيجعل الله بعد ضيق وشدة سَعَة وغنى.

والجاهل بهذه السنن يسهل على الشيطان الطريق لقذف الشك في قلبه، والوسوسة إليه، مما يولد في نفسه اليأس من كل سنة من سنن الله تعالى وبالتالي القنوط من رحمة ربه.

5- استعجالُ الإنسان للأمور

ومن الناس من أصيب باليأس والقنوط، بسبب قلة صبره وتحمّله واستعجاله للنتائج؛ فإنّ ضَعْفَ النفوس عن تحمّل البلاء والصبر عليه، واستعجالَ حصول الخير، باعث على اليأس والقنوط، لاسيما مع طول الزمن واشتداد البلاء على الإنسان..

قال الله تعالى:

( وَكَانَ الإنسَانُ عَجُولاً )

الإسراء: 11

أنّ المتعجِّلين هم أقصر الناس نَفَساً ، وأسرعهم يأساً، وذلك عندما لا تجري الأمور على هواهم أو حسب ما يتمنّون ويحبّون ويشتهون!..

6- وَزنُ الأمورِ بموازين الأرض لا بميزان السماء

قال الله تعالى:

 ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ )

آل عمران 173

قد جمعوا الجموع فاحذروهم واتقوا لقاءهم ، بموازين الأرض فإنه لا طاقة لهم بتلك الجموع ، لكن بميزان السماء

قال الله تعالى:

 ( كَم مِن فِئَةٍ, قَلِيلَةٍ, غَلَبَت فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذنِ اللَّهِ )

البقرة: 249

وهكذا، فعندما نَرُدّ كل أمرٍ, يواجهنا في حياتنا إلى الله تعالى وحده ، فإننا لن نيأس مطلقاً، بل ستبقى قلوبنا معلَّقةً بالأمل بالله – عز وجل. خالقنا وحده لا شريك له، ومدبّر الأمر كله .

6 – وسائل الوقاية و العلاج من اليأس

إن اليأس مرض من الأمراض التي تصيب النفوس فتقف عاجزة أمامة؛ ولذلك حرص القرآن الكريم على ذكرالعلاج و الوقاية من هذا الداء ؛ و الوسائل التي تقي منه ؛ وهي ..

1- زيادة الإيمان بالله

قال الله تعالى:

 ( وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )  

يوسف 87

لا يقنط من فرجه ورحمته ويقطع رجاءه منه إلا الكافرين ، فجعل اليأس من رحمة الله وفرجه  من صفات الكافرين .

2- حسن الظن بالله ورجاء رحمته

العبد لابد أن يحسن الظن بالله عز وجل في كل شيء؛ وأن يرجو رحمته في كل الظروف والأحوال .

قال الله تعالى:

 ( وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ )

فصلت 23

أن الظن السيِّئ الذي ظننتموه بربكم أهلككم .

قال الله تعالى:

( وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ )

الطلاق: 3

ومن يتوكل على الله فهو كافيه ما أهمَّه في جميع أموره.

قال الله تعالى:

﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾

الطلاق 7

وسيجعل الله بعد ضيق وشدة سَعَة وغنى

قال الله تعالى:

( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )

آل عمران:٣٧

فهذه مريم العذراء تظن بالله الظن الحسن فهو لن يتركها دون رعاية واهتمام، وهذه الحالة التي يجب أن يكون عليها المؤمن.

3- الإيمان بالقضاء والقدر

قال الله تعالى:

( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )

الحديد:٢٢-٢٣

على الأنسان أن يعلم علم اليقين أن قدر الله نافذ لا محالة ،و إن الركون للصبر في مثل هذا المقام أمر محمود بل واجب لأن مقادير الله نافذة سواء رضي العبد أم سخط، صبر أم جزع، إن التسليم بالقدر هو مقتضى العقل والدين معًا، ولن يغير من الواقع شيئًا، ولن يبدل سنن الله في الكون.

4- معرفة الله وصفاته

الرحمن الرحيم هما صفتان من صفات الله تعالى ، فهو الذي وسعت رحمته جميع الخلق .

قال الله تعالى:

 ﴿ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾

المؤمنون 118

﴿ وَقُلْ ﴾  داعيا لربك مخلصا له الدين ﴿ رَبِّ اغْفِرْ ﴾ لنا حتى تنجينا من المكروه، وارحمنا، لتوصلنا برحمتك إلى كل خير ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ فكل راحم للعبد، فالله خير له منه، أرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأرحم به من نفسه.

قال الله تعالى:

( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )

الأعراف 156

فلو يعلم الأ نسان بكلِّ الَّذي عند الله من الرَّحمة، لم ييأس من شَيْءٍ أبدا .

5- الدعاء والذكر والصلاة

قال الله تعالى:

( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )

غافر:60

وقال ربكم- أيها العباد-: ادعوني وحدي وخصُّوني بالعبادة أستجب لكم

قال الله تعالى:

( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )

الرعد 28

ألا بطاعة الله وذكره وثوابه تسكن القلوب وتستأنس.

قال الله تعالى:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾

البقرة: 153

من ثمرات الصلاة أنها تجلي الهموم وتذهب الأحزان ، فقد شرعت الصلاة للغضبان والمصاب والمكروب وغيرهم .

6- السعي والأخذ بالأسباب

قال الله تعالى:

(  يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ  )

يوسف 87

قال يعقوب: يا أبنائي عودوا إلى ( مصر ) فاستقصوا أخبار يوسف وأخيه، ولا تقطعوا رجاءكم من رحمة الله، إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته، الكافرون به.

7- معرفة حقيقة الدنيا والزهد فيها

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾

البلد 4

قد خلقنا الإنسان في شدة وعناء من مكابدة مصائب وشدائد الدنيا .

قال الله تعالى:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾

الكهف 46

الأموال والأولاد جَمال وقوة في هذه الدنيا الفانية، والأعمال الصالحة  أفضل أجرًا عند ربك من المال والبنين، ، فينال بها في الآخرة ما كان يأمُله في الدنيا.

8- الصبر عند حدوث البلاء

قضى الله تعالى أن يبتلي النوع الإنساني بالمصائب التي قدرها عليهم، و أمرهم على ذلك بالصبر والثبات، ووعدهم الثواب الجزيل .

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )

الزمر:١٠

لابد أن يكون الانسان متيقنًا بفرج الله القريب، وهذا اليقين بالفرج جدير أن يبدد ظلمة القلق، ويقهر شبح اليأس، ويضيء نفس المؤمن بنور الصبر الذي لا يخبو. ولذلك ورد الصبر في كتاب الله مقرونًا بأن وعد الله حق .

قال الله تعالى:

( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ )

الروم:٦٠

9- إن الأمل موجود دائما

إن باب الأمل مفتوح وهذا يبعد الضيق والحزن عن الإنسان .

قال الله تعالى:

 ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾

الشرح: 5 – 6

أنه ما من عسر يأتي إلا ويأتي بعده اليسر ..

قال الله تعالى:

( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )

الطلاق:7

و سيجعل الله بعد ضيق وشدة سَعَة وغنى .

7 – صورٌ اليأس

      في

    القرآن الكريم

اليأس قد ذكر في القرآن الكريم للنهي عنه وفهمه ومعرفه أسبابه ؛ وبالتالي تجنب الوقوع فيه ، وفي المقابل دعا إلى الأمل والتفاؤل والثقة بالله عز وجل. ومن صور اليأس مايلى

1- اليأس من نصر الله

قال الله تعالى:

 ( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )

يوسف:١١٠

ظن القوم أن الرسل قد كذبوا فيما جاءوا به من الوعد والوعيد، حتى إذا يئسوا وظنوا الظنون جاءهم نصرنا وأمرنا، ولا راد لقضاء الله ولا معقب لحكمه ، فقد وعد عباده المؤمنين بالنصر والنجاة والدفاع .

قال الله تعالى:

( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ )

يونس:١٠٣

2- اليأس من رحمة الله

قد يعتري الإنسان جهلٌ بربه سبحانه وتعالى وبحقيقة سننه في تعامله مع عباده، القائمة على أساس الرحمة والعفو والتسامح، وفتح باب التوبة والإنابة إليه، وجهله بذلك يجعله يسيء الظن بربه.

قال الله تعالى:

( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )

يوسف:٨٧

3- اليأس من مغفرة الله الذنوبَ

قال الله تعالى :

﴿  قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  ) 

الزمر 53

قل – أيها الرسول – لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي، وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم، إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت، إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده، الرحيم بهم.

3- اليأس من تبدل الحال للأفضل

قال الله تعالى:

 ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ )

الروم:٣٦

وإذا أذقنا الناس منا نعمة مِن صحة وعافية ورخاء، فرحوا بذلك فرح بطرٍ وأَشَرٍ، لا فرح شكر، وإن يصبهم مرض وفقر وخوف وضيق بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، إذا هم يَيْئَسون من زوال ذلك، وهذا طبيعة أكثر الناس في الرخاء والشدة.

4- اليأس من حصول النعم

لحكمة يقضيها الله سبحانه وتعالى لاختبار من يصبر ويشكر، ولكن الجهل بهذا يدفع الناس إلى اليأس والقنوط من حصول النعم لهم

قال الله تعالى:

( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ )

فصلت:٥١

وإذا أنعمنا على الإنسان بصحة أو رزق أو غيرهما أعرض وترفَّع عن الانقياد إلى الحق، فإن أصابه ضر فهو ذو دعاء كثير بأن يكشف الله ضرَّه، فهو يعرف ربه في الشدة، ولا يعرفه في الرخاء.

5- اليأس من ثواب الآخرة ونعيمها

قال الله تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ )

الممتحنة :١٣

أي يا أيها المؤمنون لا تتخذوا الذين غضب الله عليهم ولعنهم واستحقوا الطرد والإبعاد من رحمته، أولياء وأنصارا وأصدقاء،  أولئك الذين يئسوا من ثواب الآخرة ونعيمها، كما يئس الكفار المكذبون بالبعث والنشور، من أمواتهم أن يعودوا إلى الحياة مرة ثانية بعد أن يموتوا، فقد كانوا يقولون إذا مات لهم قريب أو صديق: هذا آخر العهد به، ولن يبعث أبدًا.

6- اليأس في النساء

قال الله تعالى :

 ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ )

الطلاق :٤

وذلك يحصل عندما تصل المرأة إلى مرحلة تنقطع فيها الدورة الشهرية عنها،

8  – عواقب اليأس والقنوط

– طريق يودي بصاحبه للحرمان رحمة ربه

قال اللَّهِ تعالى :

  ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ  )

يوسف 87

﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) 

الحجر 55- 56

2- اليأْس فيه تكذيب لله

أمر القرآن الكريم  بعدم اليأْس

قال اللَّهِ تعالى :

  ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ )

يوسف 87

لأْن رحمة الله تعالى وتفريجه تشمل الجميع .

قال اللَّهِ تعالى :

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )

الأعراف: 156

اليأْس من رحمة الله، وتفريجه من صفة الكافرين. إذ فيه إمَّا التكذيب بالربوبية، وإمَّا الجهل بصفات الله تعالى .

3- يورث الحزن والأسى

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا )

الإسراء 83

إذا مس الإنسان الشر من مرض، أو فقر، كان يؤوسًا شديد اليأْس من رحمة الله، وغلب عليه الحزن والأسى .

Share This