1- مفهوم النَّبِيُّ

النَّبِيُّ هو من يأتيه وحيٌ من الله تعالى فيما يفعَلُ ويأمر به المؤمنين به ، لكنَّ لا ينزل عليه كتابٌ ، وقد ختمت النبوة، بخاتم الأنبياء محمد عليه السلام .

قَال الله تعالى:

﴿  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ﴾

الأنفال: 65

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾

الأحزاب:  33

2- كلمة النَّبِيُّ

     في

  القرآن الكريم

وردت كلمة (النَّبِيُّ) وصيغها في القرآن الكريم ٨٠ مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– المصدر

وردت ٥ مرات

قَال الله تعالى:

﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ﴾

العنكبوت:٢٧

– الأسماء

وردت ٧٥ مرة

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾

الأحزاب:٥٦

وجاء النبي في القرآن الكريم بمعنى من أوحي إليه وحيًا خاصًّا من الله بتكليم الله جل جلاله له، أو بتوسط ملك، أو بإلهام في قلبه، أو بالرؤيا الصالحة .

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة النَّبِيُّ

– الوحي

الوحي هو وسيلة الصلة بين الله تعالى وبين رسله وأنبيائه وكذلك بعض البشر و بعض مخلوقاته التي يوصل الله تعالى بها إليهم ما يريد إيصاله من علم وحكم وأمر ونهي وإرشاد وتشريع وغير ذلك .

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾

النساء 163

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾

القصص 7

﴿ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ﴾

النحل 68

– الرسالة

هي الشريعة التي يبعث الله بها من شاء من عباده إلى قومه أو الناس كافة، وهي متضمنة لأحكام يكلف الله بها عباده، وأخبار وجب عليهم تصديقها.

قَال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾

الأحزاب: 39

– الصديقية

الصديقية هي التصديق بكل أمر أخبر به النبي عن ربه، لا يتخالج قلب الصديق شكٌّ في شيء منه.

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ﴾

النساء: 69

– الولاية

الولاية هي درجة وكرامة من الله جل جلاله ينالها العبد بسبب إيمانه بالله، وتقربه له، وطاعته إياه.

قال الله تعالى:

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

محمد 11

4- وجوب الإيمان بالأنبياء

الإيمان بالأنبياء أصل عظيم من أصول الإسلام، ولا يصح للعبد إيمان ولا تتحقق له نجاة حتى يؤمن بأنبياء الله ورسله جميعًا، ولا يفرق بين أحد منهم في أصل الإيمان بأنهم جميعًا من عند الله، وأنهم سفراء الله إلى خلقه، وحملة رسالاته إليهم، وأنهم جاؤوا بالهدى والحق المبين الذي من حاد عنه فقد ضل، ومن التزم به هدي إلى صراط مستقيم، وأنهم قد بلغوا هذا الحق إلى الناس على الوجه الأكمل كما أمرهم الله.

قَال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

البقرة:  177

والواجب على العبد المسلم أن يؤمن بمن سمى الله في كتابه منهم، على النحو الذي أخبر الله به عنهم.

5- الأنبياء غير الرسل

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ )

الحج: 52

فالآية عطفت النبي على الرسول، والعطف يقتضي المغايرة. فلو لم يكن ثمَّةَ فارق بينهما لما ذُكِرا معاً ولكفى ذكر أحدهما .

قَال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا

مريم: 51

6 – الفرق بين الرّسول والنبيّ

الفرق بين الرّسول والنبيّ هو أنَّ الرّسول من أُوحِيَ إليه بشرعٍ جديد أي ديانةٍ وشريعةٍ جديدةٍ كاليهوديّة والنصرانيّة والإسلام ، أمَّا النبيّ فلم يُوحَى له بشرعٍ جديدٍ، وإنَّما بُعث لتقرير شرع من قبله من الرّسل .

موسى جاء بالتوراة وجاء بعده أنبياء لا يسمون رسل لأنهم كانوا يحتكمون إلى التوراة فهم أنبياء وليسوا رسل، وعيسى عليه السلام لما جاء بالإنجيل خرج عن كونه نبي إلى كونه نبي رسول لأن الإنجيل فيه شريعة غير الشريعة التي جاء بها موسى عن ربه والمدونة في التوراة 0

7- الجمع بين النبوة والرسالة

وقد يجمع إنسان بين النبوة والرسالة كما هو الحال مع نبينا محمد

قَال الله تعالى:

﴿َ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىَ إِنّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نّبِيّاً )

مريم: 51

﴿َ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ )

الأعراف 157

8- مهمه النبي

فإذا جمعت الرسالة والنبوة فَي إنسان فالنبي يعني مِنْ أرسل إلى قوم مؤمنين يعلمهم ويحكم بينهم 0 أما الرسول هو المبعوث برسالة معينة مُكلَّف بحملها وتبليغها ومتابعتها

قَال الله تعالى:

( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا )

المائدة 44

فأنبياء بني اسرائيل يحكمون بالتوراة التي أنزل الله على موسى

قَال الله تعالى:

﴿َ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ )

النساء 105

﴿َ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ )

الأنبياء 78

واذكر – أيها الرسول – نبي الله داود وابنه سليمان، إذ يحكمان في قضية عرَضَها خصمان، عَدَت غنم أحدهما على زرع الآخر، وانتشرت فيه ليلا فأتلفت الزرع، فحكم داود بأن تكون الغنم لصاحب الزرع ملْكًا بما أتلفته، فقيمتهما سواء، وكنَّا لحكمهم شاهدين لم يَغِبْ عنا.

9 – توجّيه الله تعالى للانبياء

والله تعالى يوجّه كُلّ نبي عند تطبيقَ الشِرْيَعةً الخْاصة بقومة

قَال الله تعالى:

﴿َ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )

آل عمران : 146

﴿َ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ )

الأنفال :65

﴿َ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ )

التحريم : 9

﴿َ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ )

الطلاق : 1

﴿ يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾

الأحزاب :59

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَىٰ ﴾

الأنفال :70

10- تصحيح الله تعالى لبعض

     تصرفات النبى

ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب الله تعالى، لذا كان العتاب يأتى له بوصفه النبى .

قَال الله تعالى:

﴿َ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )

التحريم :1

﴿ ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ﴾

الأنفال :67

﴿ وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأتى بما غل يوم القيامة ﴾

آل عمران :161

11- لكل أمة شريعة

والشِرْيَعةً الخْاصة بكُلّ نبي مرتبطةً بظروف عصره وطبيعة المجتمع الذى يعيش فيه النبي .

قَال الله تعالى:

﴿َ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا )

المائدة :48

فقد جعلنا لكل أمة شريعة، وطريقة واضحة يعملون بها

12- شروط النبوة

لمرتبة النبوة شروط نتناولها في النقاط الآتية:

أولًا: الصدق

لما كانت النبوة هي أداء رسالة، وتبليغ شريعة، وتوجيه للناس نحو الخير، كان من أهم شروط هذه الوظيفة العظيمة الصدق؛ لأن النبي مبلغ عن الله، أمين على وحيه، والكذب في حقه عظيم؛ لأنه كذبٌ على الله، وافتراء عليه، وتضليل للناس .

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام: ٢١

ثم إن النبي قدوة للناس، وأنموذج حي لتعاليم الله في الأرض؛ لذا اشترط فيه أن يكون صادقًا فيما يقوله أو يبلغه حتى يهتدي الناس به.

– عن موسى عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴾

الأعراف: ١٠٥

أي: جدير بأن لا أقول على الله إلا الحق، وحريٌ بي أن ألتزمه

– عن إسماعيل عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾

مريم: ٥٤

إسماعيل كان لا يكذب وعده، ولا يخلف، ولكنه كان إذا وعد ربه أو عبدًا من عباده وعدًا وفَّى به .

– وصف الله نبيه إبراهيم عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾

مريم: ٤١

وصدِّيقٌ هو الذي يكون عادته الصدق

– وصف الله نبيه إدريس عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾

مريم: ٥٦

– قول عيسى عليه السلام لربه

قَال الله تعالى:

﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ﴾

المائدة: ١١٧

ولقد بين سبحانه وعيد من كذب على الله من أنبيائه أو تَقَوَّلَ عليه ما لم يأمر به، ففي وعيد شديد

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾

الحاقة: ٤٤-٤٧

وما دامت هذه العقوبة لم تقع بأحد منهم، فهذا يبين أنهم كانوا صادقين فيما بلغوه عن الله تعالى، وأن أحدًا منهم لم يفتر على الله كذبًا.

ثانيًا- الأمانة

وأن يكون النبي أمينًا، فهذا يعني أنه يبلغ أوامر ربه ونواهيه إلى العباد دون زيادة أو نقص .

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾

الأحزاب: ٣٩

والأنبياء جميعًا مؤتمنون على الوحي، يبلغون أوامر الله كما أنزلها إليهم، ولا يمكن لهم أن تجري عليهم الخيانة أبدًا ، وهذا تجده واضحًا فيما جاء على لسان أغلب الرسل في القرآن الكريم .

– نوح عليه السلام يقول لقومه

قَال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء: ١٠6-١٠7

– صالح عليه السلام يقول لقومه

قَال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء: ١٤2-١٤3

– وقالها لوط عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء: 161 – 162

– وقالها هود عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء: 124 – 125

– وكذا قالها شعيب عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء: 177 – 178

وغيرهم.

وأن تكون هذه مقالة الأنبياء لأقوامهم، فهذا يبين أن الله لا يبعث الرسول إلا إذا كان معروفًا بالأمانة، وحسن الخلق قبل الرسالة .

ثالثًا: التبليغ وعدم الكتمان

وهذه صفة عظيمة من صفات الرسل الكرام ويقصد بها أن يبلغ الرسل أحكام الله، ويبلغوا الوحي الذي نزل عليهم من السماء، فلا يكتموا شيئًا مما أوحاه الله إليهم .

– عن نوحً عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف: 61-٦٢

-عن نبي الله صالح عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾

الأعراف: ٧٩

– عن شعيب عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾

الأعراف: ٩٣

رابعا – الذكورة

الذكورة من شروط الأنبياء والمرسلين، فلا يكون النبي إلا رجلًا، وقد أشار القرآن إلى هذا في غير ما موضع.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأنبياء: ٧

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

النحل: ٤٣

يخبر تعالى أنه إنما أرسل رسله من الرجال لا من النساء وهذا يدل على أن الذكورة شرط للرسالة.

13- عصمة الأنبياء من الذنوب

الكمال لله تعالى وحده ، فهوسبحانه الذي له الصفات العليا من الكمال

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ﴾

النحل :60

﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

الروم : 27

ولكن الأنبياء فهم بشر

1- عن آدم عليه السلام

تعمد آدم مخالفة نهي الله تعالى إياه عن الأكل من تلك الشجرة .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ . فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ . إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ . وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ . فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ . فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ. ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ ﴾

طه: ١١٦-١٢١

2- عن داود عليه السلام

أخبر القرآن عن أن داود عليه السلام أتاه خصمان، ولكنه تسرع في الحكم قبل سماع حجة الخصم الآخر، فسارع إلى التوبة والاستغفار

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ. فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾

ص : ٢٤-٢٥

3- عن يونس عليه السلام

خروج يونس عليه السلام من قومه بدون إذن ربه. وقد ظن أن الله لن يضيق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة .

قال الله تعالى:

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الأنبياء: ٨٧

4- عن محمد عليه الصلاة والسلام

عتاب الرب جل جلاله لمحمد عليه الصلاة السلام في أمور

قَال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾

التحريم: ١- 2

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ . أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ . وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ . أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَىٰ ﴾

عبس: ١-4

وهكذا يظهر لنا جواز وقوع الصغائر من الأنبياء ، وهذا لا شك لا يزري أبدًا بمناصبهم، ولا يحط من أقدارهم، ولا يقدح في رتبتهم، فهم لا يصرون على معصية، ويبادرون إلى التوبة والاستغفار، وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها.

14- مهمات النبوة

للنبوة مهمات عظيمة نتناولها في النقاط الآتية:

أولًا: الدعوة إلى التوحيد

من أعظم مهمات الأنبياء التي كلفهم الله بها الدعوة إلى توحيد الله، وإفراده بالعبادة.

– عن نُوحً عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ﴾

الأعراف: ٥٩

– عن صَالِحً عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ ﴾

الأعراف: 73

– عن شُعَيْبً عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ﴾

الأعراف: 85

فهذه هي الغاية التي بعث الأنبياء من أجلها، والشرائع كلها تدعو إلى هذه الغاية العظيمة، وهي أعظم غاية من أجلها خلق الخلق، وأوجدت الكائنات؛ وقام عليها أمر السموات والأرض، وخلقت من أجلها الجنة والنار، وبعث لأجلها رسل الله عليهم الصلاة والسلام.

ثانيًا: البشارة والنذارة

من أشرف المهمات التي كلف بها الأنبياء هي البشارة والنذارة .

قال الله تعالى:

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾

البقرة: ٢١٣

﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ١٦٥

بأن يبشروا من أطاع الله بثمرات الطاعات من الرزق، والقوة في البدن والقلب، والحياة الطيبة، وأعلى ذلك، الفوز برضوان الله والجنة .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

الأنعام: ٤٨

– عن نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾

نوح: ١٠-١٢

وكذلك النذارة فهي من أعظم مهمات الأنبياء التي كلفهم الله بها، أن يقوموا بإنذار الناس ما أعده الله من العذاب لمن خالف أمره وعصاه.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴾

الكهف: ٥٦

﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾

النحل: ٢

والنذارة من أعظم وظائف الأنبياء، وهي من مظاهر رحمة الله بخلقه؛ إذ جعل أنبيائه منذرين عقوبته لمن عصاه؛ حتى يتلافى الإنسان أسباب الهلاك والخسارة.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾

فاطر: ٢٤

﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾

الفرقان: ١

ولما كان الرسل يأتون الناس بأوامر ونواهي تكبح جماح النفس، وتروضها كان لابد لهم في ذلك من البشارة – كما مر- ولكن أيضًا يحتاجون كذلك وبشدة إلى النذارة، فبعض الناس يكفيه التبشير، وبعضهم لا يستجيب إلا بالتخويف والترهيب، من أجل ذلك كانت النذارة من صلب مهمات الرسل، حتى نجد القرآن قصر في بعض آياته مهمتهم عليه.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

هود: ١٢

عن نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾

الشعراء: ١١٥

﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾

فاطر: ٢٤

فاقتصر سبحانه على الإنذار لأن أبرز جانب في حياة الرسل هو الجانب الإنذاري، حيث كانت حياتهم جهادًا متصلًا لأهل الكفر والضلال .

ثالثًا- الحكم بما أنزل الله

الحكم بما أنزل الله ليس بالأمر الهين فهو من المقاصد العظيمة ، ولذا جعلها الله من مهمات رسله وأنبيائه الكرام.

– عن  أنبياء بني إسرائيل عليهم الصلاة والسلام

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾

المائدة: ٤٤

– عن  داود عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

ص: ٢٦

– وعن النبي صلوات الله وسلامه عليه

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

المائدة: ٤٩

وبذلك يظهر كيف أن الحكم بما أنزل الله من مهمات الرسل العظيمة التي قام بها الرسل والتزموها .

رابعًا: الشهادة على الأمة

من مهمات الأنبياء الجليلة والخطيرة في آنٍ الشهادة على أممهم؛ وذلك يوم القيامة، يوم يجمع الله الأولين والآخرين في موقف عظيم مهيب، فيشهد الأنبياء والمرسلون بأنهم بلغوا أممهم رسالات الله، ويشهدوا بما كان من أممهم من إيمان وكفر، وتصديق وتكذيب.

قال الله تعالى:

﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾

النحل: ٨٤

﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ﴾

النحل: ٨٩

هم الأنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة بأنهم قد بلغوا الرسالة، ودعوهم إلى الإيمان .

15- سنة الله في النبوة

لله تعالى سنن في اصطفاء من يصلح لمقام النبوة نتناولها فيما يلي:

أولًا – أن يكونوا من البشر

مما اقتضته سنة الله تعالى في أنبيائه المبعوثين إلى خلقه أن يكونوا بشرًا

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ﴾

الكهف: ١١٠

﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ  ﴾

إبراهيم: ١١

الأنبياء بشرًا كسائر البشر نجد أنهم كانت تعتريهم أمور من مقتضيات البشرية التي كتبها الله على بني البشر، ومن هذه الأمور:

– أنهم يجوعون ويأكلون

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾

الفرقان: ٢٠

– يتزوجون

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾

الرعد: ٣٨

ثانيا – يقومون بأعمال بشرية

الأنبياء بشر، كانوا يعملون كسائر البشر، ويزاولون ما كان البشر يزاولونه من أعمال.

– عن موسى عليه السلام

فموسى عليه السلام يستأجره الرجل الصالح ليعمل معه فيما عنده من أعمال .

قال الله تعالى:

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾

القصص: ٢٦

– عن داود عليه السلام

وداود يصنع دروعًا لتحمي المحاربين في ساحات المعارك من وقع الأسلحة عليهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ﴾

الأنبياء: ٨٠

– عن نوح عليه السلام

نوح يصنع الفلك بنفسه

قال الله تعالى:

﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا  ﴾

هود: ٣٧

وهكذا كان الأنبياء يقومون بأعمال بشرية كسائر البشر.

ثالثا – يتعرضون للبلاء

فإن الأنبياء كسائر الخلق يتعرضون للبلاء، وينالهم الأذى أحيانًا، وذكر القرآن الكثير من بلاءات الرسل

– عن يوسف عليه السلام

فقد سجن

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾

يوسف: ٤٢

– عن يعقوب عليه السلام

فقد ذهب بصره

قال الله تعالى:

﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ  ﴾

يوسف: ٨٤

– عن إبراهيم عليه عليه السلام

فقد ألقي في النار المؤججة

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ﴾

الصافات: ٩٧

– عن يونس عليه عليه السلام

فقد التقمه الحوت

قال الله تعالى:

﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾

الصافات: ١٤٢

– عن أيوب عليه عليه السلام

فقد ابتلي بالمرض

قال الله تعالى:

﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾

الأنبياء: ٨٣

– عن محمد عليه السلام

فقد أخرج من أحب البلاد إليه

قال الله تعالى:

﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾

التوبة: ٤٠

إلى غير هذا مما هو معروف ومشهور في القرآن والسنة.

رابعا – يموتون

مخاطبًا نبيه

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾

الزمر: ٣٠

﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾

الأنبياء: ٣٤

ثالثًا: تزويدهم بالآيات

جعل الله تعالى لكل نبي من أنبيائه ما يدل على صدقه، ويرغم الناس على الاستسلام له ولما جاء به، وقد سمى الله ما آتاه أنبياءه مما يدل على صدقهم: آية، وفي بعض المواطن: بينة، وفي البعض الآخر: برهان.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾

الأنعام: ٤

﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ﴾

الحديد: ٢٥

﴿ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ﴾

القصص: ٣٢

في القرآن كثير من الآيات التي تبين تأييد الله تعالى لأنبيائه بالآيات والمعجزات، وفيما يلي عرض لبعضها:

– آية إبراهيم عليه السلام

إنجاء الله له من النار التي ألقاه قومه فيها

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ . قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ . وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾

الأنبياء: ٦٨-٧٠

– آية صالح عليه السلام

فقد أخرج لهم الناقة من الصخرة ، شاهدة بصدق نبوته.

قال الله تعالى:

﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾

الإسراء: ٥٩

وذكر بعض المفسرين أن ثمود اجتمعوا يومًا في ناديهم، فلما جاءهم صالح عليه السلام يعظهم طلبوا منه آية على صدق نبوته، فدعا صالح ربه فأخرج لهم الناقة من الصخرة244.

– آية موسى عليه السلام

تعددت الآيات التي أرسل الله بها موسى إلى بني إسرائيل ، ومنها

تلألؤ يده إذا أدخلها في جيبه ثم نزعها

قال الله تعالى:

﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ ﴾

طه: ٢٢

– آية عيسى عليه السلام

يحيي الموتى بإذن الله

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ﴾

المائدة: ١١٠

– آية محمد صلى الله عليه وسلم

القرآن أعظم الآيات

قال الله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

العنكبوت: ٥١

وفي هذا الرد إنكار عليهم أن يطلبوا آيات مع هذه الآيات التي تتلى عليهم، إنها آيات لا تغرب شمسها، ولا يخبو ضوؤها أبد الدهر .

16- ختام النبوة

قَال الله تعالى:

﴿َ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )

الأحزاب :40

ما كان محمد أبًا لأحد من رجالكم، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، فلا نبوة بعده إلى يوم القيامة.

Share This