أن الإنسان عبارة عن بدن بمثابة الآلة ، والروح هي التي تعطي الحياة لهذا البدن ، ولا يعلم كنهها إلا الله والنفس ــ وهي الفاعل الرئيسي في الإنسان ــ هي التي تسوق البدن إلى حيث تريد ..

1- مفهوم النفس

يمكن تعريف النفس – جمعها الأنفس- بأنها ذات الإنسان المسؤولة عن أفعاله واهتماماته و طبيعة شخصيته وتسيطر على تحركاته .

2- كلمة النفس

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة (نفس) وصيغها في القرآن الكريم (٢٩٥) مرة . والصيغ التي وردت، هي:

– المفرد

ورد  ١٤٠ مرة

قال الله تعالى :

( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا )

البقرة:٤٨

– الجمع

ورد  ١٥٥ مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ  ﴾

التكوير:٧

وجاءت النفس في القرآن على أربعة أوجه :

1- القلب

قال الله تعالى :

( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ﴾

النجم:٢٣

يعني: القلوب.

2- الجنس والنوع

قال الله تعالى :

( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾

التوبة:١٢٨

يعني: من جنسكم.

3- الإنسان

قال الله تعالى :

( أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾

المائدة:٣٢

يعني: الإنسان بالإنسان.

4- الروح

قال الله تعالى :

( وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ﴾

الأنعام:٩٣

يعني: أرواحكم .

3- النفس في حق الله تعالى

جاء ذكر النفس في حق الله تعالى في مواضع عدة من القرآن الكريم، منها:

قال الله تعالى:

( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )

آل عمران:٢٨

﴿ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ . وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾

طه:٤0- 41

﴿ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ  تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ﴾

المائدة:١١٦

﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾

الأنعام:٥٤

والمراد بنفس الله تعالى ذاته ، فنفسه ليس بأمر يزيد عليه ، فوجب أن تكون نفسه هي هو .

4- الله تعالى هو

  من خلق النفس

1- الخلق من نفس واحدة

قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾

النساء:١

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾

الأعراف:١٨٩

بأنه خلق من تلك النفس الواحدة التي هي آدم زوجها حواء، وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً.

5- الله تعالى هو من بين للنفس

  طريق الهداية والضلال

قال الله تعالى:

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا .  فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

الشمس:٧-١٠

أقسم الله بكل نفس وإكمال الله خلقها لأداء مهمتها، فبيَّن لها طريق الشر وطريق الخير، قد فاز مَن طهَّرها ونمَّاها بالخير، وقد خسر مَن أخفى نفسه في المعاصي.

6- الله تعالى هو

الأعلم بالأنفس

قَال الله تعالى:

 ( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ )

الإسراء25

﴿ وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾

طه  ٧

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾

البقرة:٢٣٥

واعلموا أيها الناس أن الله يعلم ما في أنفسكم ، فاحذروا الله واتقوه في أنفسكم أن تأتوا شيئًا مما نهاكم عنه

قال الله تعالى:

 ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾

البقرة:٢٨٤

وما تظهروه مما في أنفسكم أو تخفوه فإن الله يعلمه، وسيحاسبكم به، فيعفو عمن يشاء، ويؤاخذ من يشاء.

7- مسؤولية النفس البشرية

1- تكليف النفس بقدر وسعها

قال الله تعالى:

﴿ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾

البقرة:٢٣٣

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾

البقرة:٢٨٦

فلا يكلفها ما لا قدرة لها عليه لاستحالته ، ولا ما يثقل عليها أداؤه ، وتحمل المكروه ، ولها ما كسبت من طاعة وعليها ما اكتسبت من معصية .

2- حرية النفس البشرية

النفس البشرية  لها الحرية فى الهداية أو الضلالة تتبعها مسئوليتها عن هذه الحرية .

قال الله تعالى:

﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

فصلت :٤٠

( وقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )

الكهف : 29

3- تحمل النفس لمسؤولية

أعمالها خيرًا أو شرًا

بعد تقرير حرية النفس البشرية فى مشيئة الهدى أو الضلال يأتى التنبيه على مسئوليتها عن هذه الحرية يوم الدين . هى حرة فى الدنيا وستكون مسئولة عن إختيارها يوم الحساب

– من يهتدى فلنفسه

ومن يضل فعلى نفسه

قال الله تعالى:

 ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا )

الإسراء :15

– من يعمل صالحا فلنفسه

قال الله تعالى:

 ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا )

فصلت :46

– من يشكر فلنفسه

قال الله تعالى:

 ( وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ )

لقمان :12

ـ من تزكى وتطهر فلنفسه

قال الله تعالى:

 ( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ )

فاطر18

– ومن يقدم خيرا فهو يقدمه لنفسه

قال الله تعالى:

 ( وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ )

البقرة 110

– فى الجهاد فى سبيل الله

قال الله تعالى:

( وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ )

العنكبوت ٦

– من يكسب سيئة فعلى نفسه

قال الله تعالى:

( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا )

الأنعام:194

إن أحسنتم ، فأطعتم الله وأصلحتم أمركم ولزمتم أمره ونهيه أحسنتم وفعلتم ما فعلتم من ذلك لأنفسكم؛ لأنكم إنما تنفعون بفعلتكم ما تفعلون من ذلك أنفسكم في الدنيا والآخرة .

4ـ النفس تلقى جزاءها من نفس عملها

قال الله تعالى:

( ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )

آل عمران: 161

( وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )

النحل:111

( وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ )

الزمر:70

 ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ )

غافر :17

( لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ )

إبراهيم51

 ( وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) 

الجاثية22

( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

يس54

 ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى )

طه15

5ـ الذى يتوب مخلصا يغفر الله له

قال الله تعالى:

  ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً )

النساء :110

ومن يُقْدِمْ على عمل سيِّئ قبيح، أو يظلم نفسه بارتكاب ما يخالف حكم الله وشرعه، ثم يرجع إلى الله نادمًا على ما عمل، راجيًا مغفرته وستر ذنبه، يجد الله تعالى غفورًا له، رحيمًا به.

قال الله تعالى:

 ( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً )

النساء : 111

والذى يكسب إثما بلا توبة فإنما يكسبه على نفسه

8 – من أمراض النفس الإنسانية

إن أمراض النفس الإنسانية متنوعة فمنها ما يتعلق بالجانب المادي، ومنها بالجانب المعنوي.

1- الشح

شح النفس هو كثرةٌ طمعها، وضبطها على المال، والرغبة فيه ، وشح النفس فقرٌ لا يذهبه غنى المال، بل يزيده.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ  وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التغابن:١٦

وأنفقوا مما رزقكم الله يكن خيرًا لكم. ومن سَلِم من البخل ومَنْعِ الفضل من المال، فأولئك هم الظافرون بكل خير، الفائزون بكل مطلب.

2- الوسوسة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾

ق:١٦

أي: ما يختلج في سره وقلبه وضميره، وفي هذا تعريضٌ بالإنذار وزجرٌ عن المعاصي التي يستخفي بها.

3- التسويل

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ﴾

يوسف:١٨

بل زيَّنت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء أمرًا قبيحًا ، فرأيتموه حسنًا وفعلتموه .

4- الخيانة

قال الله تعالى:

﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ﴾

البقرة:١٨٧

وقد كنتم تخونون أنفسكم بالمباشرة في ليالي الصوم، وسماهم خائنين لأنفسهم؛ لأن ضرر ذلك عائدٌ عليهم، ثم تاب الله عليكم بقبول التوبة، أو بالتخفيف عنكم بالرخصة والإباحة، وعفا عنكم بالعفو من الذنب، وبالتوسعة والتسهيل.

5- المخادعة

قال الله تعالى:

﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾

البقرة:٩

والمخادعة: إظهار غير ما في النفس.

6- اتباع الهوى

عن بني إسرائيل

قال الله تعالى:

﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ﴾

البقرة:٨٧

أفكلما جاءكم رسول بوحي من عند الله لا يوافق أهواءكم، استعليتم عليه .

7- نسيان النفس من الأمر والنهي

قال الله تعالى:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾

البقرة:٤٤

ما أقبح حالَكم حين تأمرون الناس بعمل الخيرات، وتتركون أنفسكم، فلا تأمرونها بالخير .

9- النفس يوم القيامة

1- المحاسبة والمجازاة على الأعمال

قال الله تعالى:

﴿ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾

غافر:١٧

اليوم يثاب كل عاملٍ بعمله، فيوفى أجر عمله، فعامل الخير يجزى الخير، وعامل الشر يجزى جزاءه.

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾

آل عمران:٣٠

2- الشهادة على النفس

قال الله تعالى:

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾

الأنعام:١٣٠

أيها المشركون من الجن والإنس، ألم يأتكم رسل من جملتكم ، يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر والنهي وبيان الخير والشر، ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء المشركون من الإنس والجن: شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك، وأنذرونا لقاء يومنا هذا، فكذبناهم، وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام.

3- المجادلة عن النفس

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا ﴾

النحل:١١١

وذكرهم – أيها الرسول- بيوم القيامة حين تأتي كل نفس تخاصم عن ذاتها، وتعتذر بكل المعاذير .

4- التوفية بجزاء الأعمال

قال الله تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾

البقرة:٢٨١

واحذروا – أيها الناس- يومًا ترجعون فيه إلى الله، وهو يوم القيامة، حيث تعرضون على الله ليحاسبكم، فيجازي كل واحد منكم بما عمل من خير أو شر دون أن يناله ظلم.

5- مصيرها

مصير النفس وأين ستذهب بعد الموت، جاء ذكره كثيرًا في القرآن الكريم، وذلك حتى يعرف الإنسان أين يكون مصيره إن هو آمن والتزم بشرع الله تعالى، أو عصاه واتبع هواه، فإما إلى الجنة وإما إلى النار، ويتضح ذلك من خلال العديد من الآيات الآتية، منها:

قال الله تعالى:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾

آل عمران:١٨٥

كل نفس لا بدَّ أن تذوق الموت، وبهذا يرجع جميع الخلق إلى ربهم؛ ليحاسبهم. وإنما تُوفَّون أجوركم على أعمالكم وافية غير منقوصة يوم القيامة، فمن أكرمه ربه ونجَّاه من النار وأدخله الجنة فقد نال غاية ما يطلب. وما الحياة الدنيا إلا متعة زائلة، يتمتع به قليلا ثم يفنى

10- صفات النفس

لقد أبرز القرآن الكريم صفات النفس الإنسانية في عدد كبير من الآيات القرآنية .. منها ..

1- النفس هى التي تدرك الخير والشر

وذلك بالتمييز و الاختيار بينهما

قال الله تعالى :

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

الشمس 7- 8

فالله وضع فيها القدرة على الاختيار فهى ملهمة أن تعرف التقوى وتعرف الفجور .

2- النفس هى التي تأَمر وتدبر

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾

يوسف 53

﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾

يوسف 18

3- النفس هي المسؤوله أمام الله

قال الله تعالى :

﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾

آل عمران 30

4- النفس هي التي تكلف

قال الله تعالى :

 ( لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا )

البقرة233

أي لا تكلف نفس إلا ما قد أعطيت عليه القدرة من الطاعات

5- النفس هي التي  تعمل

قال الله تعالى :

 ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً )

آل عمران 30

( وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ )

الزمر 70

أي وفيت كل نفس ما عملت من خير أو شر والله أعلم بما يفعلون في الدنيا

6- النفس هي التي تكسب

قال الله تعالى :

 ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )

آل عمران 25

( يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ )

الرعد 42

( لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )

إبراهيم 51

7- النفس هي التي توسوس

ومن صفات النفس الإنسانية أنها توسوس وتحدث نفسها بما فيها، من الشر أو الخير، وهذه الوساوس لا يحاسب الإنسان عليها ما لم يقلها أو يفعلها.

قال الله تعالى :

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ )

قّ 16

8 – النفس هي التي تظلم

قال الله تعالى :

 ( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )

(يونس: 54)

إن من صفات النفس الإنسانية أنها تظلم نفسها وتظلم غيرها

9- النفس هي التي تأمر بالسوء

ومن صفات النفس الإنسانية أيضاً أنها أمارة بالسوء لأن النفس تميل بطبعهاإلى الشر أكثر من ميلها إلى الخير

قال الله تعالى :

( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي )

يوسف 53

10- النفس هي التي تشتهي

قال الله تعالى :

﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ ﴾

الزخرف 71

11- النفس هي التي تهوى

قال الله تعالى :

﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ﴾

النجم 23

12- النفس هي التي تشعر

الرضى و السخط و الحزن محله النفس

قَال الله تعالى:

( فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ )

فاطر ٨

وحملت نفس النبى محمد عليه السلام مشاعر من الحزن بسبب حرصه على هداية قومه

قَال الله تعالى:

( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى )

طه67

فقد سيطر الخوف على نفسية موسى عليه السلام

13- النفس هي التي تموت

أي تخرج من الجسد وتفارق البدن وليس المقصود العدم

قال الله تعالى :

( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ )

آل عمران 185

11- حالات النفس

قسّم القرآن الكريم النّفس الإنسانية حسب التزامها بالطاعة وعدمها، إلى ثلاثة أقسام هي:

أ- النفس الأمارة

و هي التي تأمر الإنسان بالسيئات

قال الله تعالى :

﴿ وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾

يوسف  53

ب – النفس اللَّوامة

هي التي تندَم بعد ارتكاب المعاصي و الذنوب فتلوم نفسها

قال الله تعالى :

 ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾

القيامة  2

ج – النفس المطمئنة

هي النفس الواصلة إلى مرحلة الطاعة التامة لأوامر الله و المشمولة بعنايته

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً  ﴾

الفجر 27-28

12- وفاة النفس

قال الله تعالى :

( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )

الزمر  42

يخبرنا الله تعالى أنه يتوفى النفس الإنسانية عند نومها، ثم يرسلها، أي يطلقها، عند استيقاظها لتعود إلى الجسد وتبقى فيه إلى أجل مسـمّى.

قال الله تعالى :

 ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )

السجدة11

في حالة الوفاة عند الموت وانتهاء العمر يتوفى الله النفس و يمسكها عنده ولا يردها إلى البدن و ذلك بواسطة ملك الموت الموكل بها .

13- حقيقة النفس

        في

     القرآن الكريم

القرآن الكريم يُحدِّث النفس على أنها كائنٌ له وجود ذاتي مستقلٌّ، وبمعنى آخر فإن القرآن يخاطب الإنسان في ذات نفسِه، باعتبار أن النفس هي القوة العاقلة المدركة فيه .

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾

الفجر 27 – 30

﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾

الطلاق 1

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾

الطلاق 7

فالنَّفْس هنا وفي مواضع أخرى كثيرةٍ من القرآن، هي الإنسان العاقل المكلف، وهي الإنسان الذي يُتوقَّع منه الخير أو الشر، والهدى أو الضلال، ثم هي الإنسان بجميع مشخصاته جسدًا ورُوحًا.

13- طريق تزكية النفس

تزكية النفس هي إلزامها بطاعة الله تعالى، ومنعها من معصيته، ومنعها من شهواتها المحرمة‏.‏

قال الله تعالى :

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ﴾

النازعات 40-41

﴿ وَمَنْ تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ﴾

فاطر 18

﴿ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾

الزمر 41

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾

فصلت 46
14- خسران النفس

من يدخل جهنم فقد خسر نفسه

قال الله تعالى :

 ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ )

المؤمنون103

خسروا أنفسهم؛ لأنهم خفَّت موازينهم، فلم تُملأ بالحسنات، وإنما كانت سيئاتهم راجحة .

قال الله تعالى :

﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾

الأعراف: 9

فأولئك هم الذين أضاعوا حظَّهم من رضوان الله تعالى، بسبب تجاوزهم الحد بجحد آيات الله تعالى وعدم الانقياد لها.

قال الله تعالى :

 ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )

هود21

أولئك الذين خسروا أنفسهم بافترائهم على الله  ، وذهب عنهم ما كانوا يفترون من الآلهة التي يدَّعون أنها تشفع لهم.

قال الله تعالى :

( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ )

الأنعام12

الذين أشركوا بالله أهلكوا أنفسهم، فهم لا يوحدون الله، ولا يصدقون بوعده ووعيده .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Share This