1- مفهوم المشيئة

– الشيء: بمعنى الموجود ، وهو الذي يصح أن يعلم ويخبر عنه

قال الله تعالى :

( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )

الطلاق :3

قد جعل الله لكل موجود أجلا ينتهي إليه، وتقديرًا لا يجاوزه.

وشاء : بمعنى أوجد (أي فعله وحققه)

قال الله تعالى :

﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾

الانفطار: 7- 8

هو الذي خلقك فسوَّى خلقك فعَدَلك، وركَّبك لأداء وظائفك، في أيِّ صورة شاءها خلقك؟

و المشيئة : تشير إلى قصد إيجاد الشيء .

2- كلمة شاء

      في

  القرآن الكريم

وردت كلمة (شاء) وصيغها في القرآن الكريم (237) مرة . والصيغ التي وردت هي:

1- شاء

ورد 56 مرة

قال الله تعالى :

( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )

النحل: 93

2- شِئْتَ

ورد 3مرات

قال الله تعالى :

( قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ )

الأعراف:  155

3-   شِئْتُمْ

ورد  5 مرات

قال الله تعالى :

( اسْكُنُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ )

الأعراف: 161

4- شِئْتُمَا

ورد  مرتين

قال الله تعالى :

( فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ )

الأعراف: 19

5- شِئْنَا

ورد  5مرات

قال الله تعالى :

( وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ )

الإسراء: 86

6-   أَشَاءُ

ورد  مرة  واحدة

قال الله تعالى :

( قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ )

الأعراف: 156

7- تَشَاءُ

ورد 9 مرات

قال الله تعالى :

( إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ )

الأعراف: 155

8-   تَشَاءُونَ

ورد  مرتين

قال الله تعالى :

( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ )

الإنسان: 30

9- نَشَاءُ

ورد 19 مرة

قال الله تعالى :

( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ )

الأنعام: 83

10-  نَشَأْ

ورد 3 مرات

قال الله تعالى :

( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً )

الشعراء: 4

11-    يَشَاءُ

ورد 115 مرة

قال الله تعالى :

( ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ )

الحديد: 21

12-  يَشَاءُونَ

ورد 5 مرات

قال الله تعالى :

( لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ )

النحل: 31

13-   يَشَأْ

ورد 10 مرات

قال الله تعالى :

( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ )

الإسراء: 54

وجاءت صيغ (شاء) في القرآن الكريم بالمعاني

– قدّر

قال الله تعالى :

﴿ ولو شاءَ ربُّك لجعلَ الناسَ أمةً واحدة ﴾

هود: 118

– إستطاع

قال الله تعالى :

﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾

المدثر: 36 – 37

– إختار

قال الله تعالى :

( لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ )

النحل: 31

3- المشيئةُ الكاملةُ

    للهِ تعالى

للهِ تعالى المشيئةُ الكاملةُ الشاملةُ لكلِّ شيء، فما شاءَ كان وما لم يَشَأْ لم يكن .

قال الله تعالى:

 ﴿ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾

آل عمران: 40

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ  )

الحج: 18

﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

البقرة: 213

﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ﴾

الأنعام: 35

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾

هود: 118

4 – مشيئة الله

و مشيئة الخلق

قال الله تعالى :

﴿ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ. لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾

المدثر: 36 – 37

إن النار لإحدى العظائم؛ إنذارًا وتخويفًا للناس، لمن أراد منكم أن يتقرَّب إلى ربه بفعل الطاعات، أو يتأخر بفعل المعاصي.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾

المزمل: 19

اسندت المشيئة الى الناس اي ان الانسان اذا اراد ان يتخذ الى ربه سبيلا فانه قادر على ان يفعل ذلك بكامل حريته ومحض اختياره . ولكن مشيئته لا تكون إلا بعد مشيئة الله تَعَالَى .

قال الله تعالى :

﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ  ﴾

الإنسان : 30

﴿  إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾

القصص : 56

فأَن الله تَعَالَى لَهُ الْمَشِيئَة الْعَامَّة الشاملة لأفعال الْعباد وَغَيرهَا وَأَن الْعباد لَيست لَهُم مَشِيئَة مُسْتَقلَّة بل إِن مشيئتهم متوقفة على مَشِيئَته سُبْحَانَهُ فَمَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن . لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا .

قال الله تعالى :

﴿  قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ  ﴾

الأعراف: 188

﴿ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ  ﴾

الأعراف: 89

﴿  ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ﴾

الكهف: 24

فهناك بعض المسائل التي يمكن أن يسمح بها الله تعالى تبعا لنظام الربوبية ، وهو ما يدخل ضمن نطاق منح الموجودات الفرصة والإمكانات الكافية ليتطوروا ويتكاثروا فيأخذوا مكانهم الصحيح داخل مجموعة المخلوقات. إنه معنى من معاني رحمة الرحمن جل جلاله ويمكن أن يتغير تبعا لتغير حالات الخلق فهو غير نظام الألوهية.

قال الله تعالى :

( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا )

الاسراء: 30

فقد جاء الحديث عن بسط الرزق عامة (رزقا) ماليا أو علميا أو إيمانيا، باعتبار أن الله تعالى وهو يطور خلقه فإنه سبحانه يوزع بينهم الأرزاق العلمية والمالية والمهنية وغير ذلك وفق حاجتهم وهم في حال التطور والتقدم.

5- نفاذ مشيئه الله

لا يخرج شيء من أعمال العباد كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ ﴾

التَّكوير: 29

– عن نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾

هود:34

وفيما لا يرغبه العبد وراءه حكمة

قال الله تعالى:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

البقرة:216

6 – أقسام مشيئة اللّه تعالى

المشيئة في كتاب الله نوعان، هما

1 –المشيئة الكونية القدرية

هي المشيئة العامة المتعلقة بالخلق، وهي من لوازم الربوبية، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )

يس : 82

فهي مجموعة القوانين التي سنها الله عز وجل لهذا الوجود واخضع لها مخلوقاتة جميعاعلي اختلاف انواعها وتباين اجناسها .

قَال الله تعالى :

( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )

الفرقان: 2

وهذه القوانين هي التي تخضع لها جميع الكائنات الحية في وجودها المادي من صفات و جميع الحوادث المادية مثل نزول المطر و هبوب الرياح و ثوران البرا كين و تعاقب الليل والنهار .

قَال الله تعالى :

( وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ )

المزمل 20

( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا  ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )

يس: 38

( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )

يس: 39

( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )

فصلت: 12

( وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ )

فصلت: 10

( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ )

يونس: 5

ويخضع لها كيان الإنسان المادي وما يطرآ عَلِية مثل نموه و حركه أعضاءة و مرضة و هرمة ولوازم بقائه حيا ونحو ذلك

قَال الله تعالى:

( مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ )

عبس: 19

( أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ . فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . إِلَىٰ قَدَرٍ مَعْلُوم. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ )

المرسلات: 20- 23

( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )

الروم: 54

2- المشيئة الدينية

مشيئة الله تعالى الدينية هي السنن الَذِي يخضع لَهَا البَشَّر باعَتَباَرهم افرادا او امما وجماعات وَاعني بخضوعهم لها خضوع تصرفاتهم وافعالهم وسلوكهم فِي الحياة ومايكونون عليه من احوال ومايترتب علي ذلك من نتائْج كالرفاهية و الضيق فِي العيش و السعاده و الشقاءُ و العز و الذل و الرقي والتاخر و التقدم و القوه و الضعفْ ونحو ذلك من الاحوال الاجتمٍاعية فِي الدنيا ومايصيبهم فِي الاخرة من عذاب او نعيم وفِقا لاحكام تلك السنن . وان سنة اللّه في ذلك لا تتبدل

قال الله تعالى:

﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾

الاحزاب: 62

 ( فلن تجد لسنة اللّه تبديلا ولن تجد لسنة اللّه تحويلا )

فاطر: 43

ومن تلك السنن ، مايلي

قَال الله تعالى:

( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا )

الإسراء: 4

( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )

الإسراء: 23

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ )

الأنعام: 2

( إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )

يونس: 93

( وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ )

الشورى: 14

 ( وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )

الأنفال: 42

 ( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ  )

غافر: 20

( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )

الزمر: 75

اسندت المشيئة في القرآن الكريم الى اللّه في الرزق والهداية والعذاب والرحمة ، واريد بها جريان الرزق والهداية وامثالهما للانسان وفق سنن قررها لها اللّه وفق حكمته

أ- مشيئة اللّه في الرزق

قال الله تعالى:

( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ )

الشورى: 12

 (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُلَهُ  )

العنكبوت: 62

 ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا )

الاسراء: 30

ان اللّه سبحانه وتعالى جعل توسعة الرزق مشيئة للّه وانها تجري وفق سنن لا تتبدل.

2- مشيئة اللّه في الهداية

يسند القرآن توفيق الانسان الى الايمان بعقائد الاسلام والعمل باحكامه الى اللّه وحده , مع وصف ان هذه الهداية من مشيئة اللّه.

قال الله تعالى:

 ( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )

البقرة: 213

﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

النور: 46

﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

يونس: 25

 ( من يشا اللّه يضلله ومن يشا يجعله على صراط مستقيم )

الانعام: 39

 ( انك لا تهدي من احببت ولكن اللّه يهدي من يشاء, وهو اعلم بالمهتدين )

القصص: 56

3- مشيئة اللّه في العذاب والرحمة

قد جاء ذكر مشيئة اللّه في العذاب والرحمة في موارد من القرآن الكريم منها الايات الاتية:

– عن موسى عليه السلام

قال الله تعالى:

( قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )

الاعراف : 156

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ . وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ . ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴾

الانبياء 7- 9

 ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا . وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا . كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾

الاسراء : 18 – 20

﴿ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا . نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا . إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا . وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا  . يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾

الانسان: 27 – 31

7- الفرق بين الإذن الإلهي

    والمشيئة الإلهية

الإذن الإلهي أي عندما نقول بإذن الله، يكون للأشياء الخارقة للعادة التى لا أحد يستطيع فعلها وليست في متناول يدنا مهما إجتهادنا لأجلها ،مثل ذلك إحياء الموتى.

قال الله تعالى:

( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي  وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي )

المائدة 110

أما المشيئة الإلهية أي عندما نقول إن شاء الله، تكون للأشياء التى يمكننا الحصول عليها إذا بذلنا جهدنا وإجتهدنا لأجلها وليست شيئاً مستحيلاً بعيد المنال.

قال الله تعالى:

( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء ﴾

إبراهيم: 4

أي يضل الله من آثر سبب الضلال و يهدي من آثر سبب الهداية .

8 – الفرق بين المشيئة و الإرادة

           في

   القرآن الكريم

إرادة الله هو التدبير الأسبق لله، كيف تتوالى حركات وسكنات الكون من قبل الخلق وإلى نهاية الدنيا .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾

المائدة: 1

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾

الحج: 14

﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ . فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

البروج: 15- 16

وإن مشيئة الله هى تحويل كل جزء من ذلك التدبير والتخطيط المسبق إلى شىء ملموس محسوس واقع فى الحياة. وكل ما تجده فى القرآن الكريم من مشيئة الله تعبير قرآنى عن تحويل جزء مما سبق تقديره وتدبيره إلى عالم الواقع الكائن .

قال الله تعالى:

﴿ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

هود: 107

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾

الاسراء: 18

﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾

السجدة: 13

مشيئة الله تابعة لـ – إرادة الله – التى أرادها وقدرها ودبرها فى الأزل. ومن تلك الإرادة الإلهية العدل الإلهى، والرحمة الإلهية، واللطف الإلهى، وكل ذلك يقتضى أن الله جل جلاله «لا يشاء» ما يخالف عدله، ولا ما يخالف رحمته، ولا ما يخالف لطفه. فإذا رأيت شيئا قد استجد أمامك فى حياتك، فاعلم أن الله قد شاء هذا الأمر تنفيذا لعقوبة تستحقها بفعل سابق، أو مكافأة لا تستحقها بفعل سابق على تلك المشيئة، فرغم أن جميع تجليات الله مطلقة غير محدودة، إلا أن لا مشيئة إلا وهى مسبوقة بإرادة، ولا إرادة إلهية إلا وقد سبق خلقها وتقديرها وتدبيرها ثم إدراجها على جداول المشيئة الإلهية، فإذا حان وقت الشىء شاءه الله جل جلاله.

9- رأي الجاهل والكافر

       إلي

   مشيئة الله تعالى

يتحجج الجاهل والكافر بمشيئة الله تعالى إصرارا على رأيه، حيث يقول القرآن على لسان هؤلاء الكفار البخلاء

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

يس: 47

وإذا قيل للكافرين: أنفقوا من الرزق الذي مَنَّ به الله عليكم، قالوا للمؤمنين مُحْتجِّين: أنطعم من لو شاء الله أطعمه؟ ما أنتم -أيها المؤمنون- إلا في بُعْدٍ واضح عن الحق، إذ تأمروننا بذلك.

قال الله تعالى:

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ  كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

الأنعام : 148

﴿ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾

الزخرف: 20

وقال هؤلاء المشركون: لو شاء الرحمن ما عبدنا أحدًا من دونه، وهذه حجة باطلة، فقد أقام الله الحجة على العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فاحتجاجهم بالقضاء والقَدَر مِن أبطل الباطل مِن بعد إنذار الرسل لهم. ما لهم بحقيقة ما يقولون مِن ذلك مِن علم، وإنما يقولونه تخرُّصًا وكذبًا؛ لأنه لا خبر عندهم من الله بذلك ولا برهان.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا  قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ  أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف: 28

هكذا يتحججون بـمشيئة الله ، فإذا رغبوا فعلوا، وإذا بخلوا تحججوا بالمشيئة .

 

 

Share This