مفهوم المجرمين في القرآن الكريم

1- مفهوم المجرمين

الْمُجْرِمُونَ هم الذين قطعـوا كل الصلات مع الله سبحانه وتعالى ، فالمجرم في المجتمع هومن أرتكب فعلا قبيحا يقطع به صلته بالمجتمع من حوله .

قال الله تعالى:

 ( لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون )

النحل: 109

أي أن خسارتهم في الآخرة أمر مقطوع ومبتوت به.

قال الله تعالى:

( إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ .فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ .عَنِ الْمُجْرِمِينَ .مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ .قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ  )

المدثر: 39-40

الصورة هنا لأصحاب اليمين في الجنة، يسألون المجرمين ماذا أوصلكم إلى النار؟ فيجيب المجرمون: لأننا لم نسلّم بوجود الله فقطعنا صلتنا به . ولذلك نجدهم هم

أ – الكافرين

جاء الوصف بالاجرام مرادفا للوصف بالكفر .

قال الله تعالى:

( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ )

الجاثية: 31

( وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ )

الأنفال: 7

هنا وصف الكافرين بالمجرمين .

ب – غير مؤمنين

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ . وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾

المطففين: 29- 30

ت – غير مسلمين

وفى القرآن الكريم المقارنة والتضاد بين المجرمين و المسلمين

قال الله تعالى:

( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ )

القلم :35

ج – مرتكبى المعاصي

ونفس المقارنة والتضاد بين المجرمين مرتكبى الجرائم والمؤمنين أصحاب الصالحات  .

قال الله تعالى:

 ( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى )

طه 74

ولذِلك يخبرنا القرآن الكريم  إنهم فى الآخرة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

القصص : 78

أما لماذا لا يسأل المجرمون عن ذنوبهم فسببه واضح تماماً. أولاً لأن المجرم إنسان ملحد لا يؤمن بوجود الله وهذا وحده كاف لأن يعطيه تذكرة مرور إلى جهنم دونما حاجة إلى ميزان أو حساب إذ ليس له بالأصل أي كشف حساب مفتوح عند الله بحكم قطعه لصلته به.

2- كلمة المجرمين

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة المجرمين في القرآن الكريم (49) مرة . والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد 3  مرات

قال الله تعالى:

﴿ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ ﴾

الأنعام : 124

– إسم مفرد

ورد مرة  واحدة

قال الله تعالى:

﴿ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ﴾

المعارج : 11

– صفة

وردت مرة  واحدة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ﴾

طه: 74

– إسم جمع نكرة

ورد  12 مرة

قال الله تعالى:

﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ﴾

الدخان: 22

– إسم جمع معرف

ورد  32 مرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾

الزخرف: 74

وجاء المجرمين في القرآن الكريم بمعني الذين قطعـوا كل الصلات مع الله سبحانه .

3- صفات المجرمين وأعمالهم

 التي أشار إليها القرآن الكريم

أن الآيات الواردة في القرآن الكريم  التي تبين صفات المجرمين وأعمالهم كثيرة ، نذكر منها الأتي :

1- الإستكبار عن آيات الله تعالى وتكذيبها

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴾

الأعراف : 40

إن الكفار الذين لم يصدِّقوا بحججنا وآياتنا الدالة على وحدانيتنا، ولم يعملوا بشرعنا تكبرًا واستعلاءً، لا تُفتَّح لأعمالهم في الحياة ولا لأرواحهم عند الممات أبواب السماء، ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل. ومثل ذلك الجزاء نجزي الذين كثر إجرامهم، واشتدَّ طغيانهم.

2- الافتراء والكذب علي الله

لا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله الكذب أو كذَّب بآياته إنه لا ينجح مَن كذَّب أنبياء الله ورسله، ولا ينالون الفلاح.

قال الله تعالى:

 ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ )

يونس: 17

3- الاستهزاء بالله تعالى ورسله

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾

التوبة 65- 66

ولئن سألتهم -أيها النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق أصحابك لَيَقولُنَّ: إنما كنا نتحدث بكلام لا قصد لنا به، قل لهم -أيها النبي-: أبالله عز وجل وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟ . لا تعتذروا -معشر المنافقين- فلا جدوى مِن اعتذاركم، قد كفرتم بهذا المقال الذي استهزأتم به، إن نعف عن جماعة منكم طلبت العفو وأخلصت في توبتها، نعذب جماعة أخرى بسبب إجرامهم بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة.

4- معاداة النبيين ودعاة الحق

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾

الفرقان:31

وكما جعلنا لك – أيها الرسول – أعداء من مجرمي قومك، جعلنا لكل نبيٍّ من الأنبياء عدوًا من مجرمي قومه، فاصبر كما صبروا. وكفى بربك هاديًا ومرشدًا ومعينًا يعينك على أعدائك. وفي هذا تسلية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

5- التكذيب بالنار والعذاب

قال الله تعالى:

﴿ هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ . يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾

الرحمن:43- 44

يقال لهؤلاء المجرمين -توبيخًا وتحقيرًا لهم-: هذه جهنم التي يكذِّب بها المجرمون في الدنيا: تارة يُعذَّبون في الجحيم، وتارة يُسقون من الحميم، وهو شراب بلغ منتهى الحرارة، يقطِّع الأمعاء والأحشاء.

6-  يسخرون من أتباع الحق

قال الله تعالى:

 ( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ )

المطففين: 29

إن الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزئون بالمؤمنين، وإذا مروا بهم يتغامزون سخرية بهم .

7- الضلال والتضليل

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ . تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ . وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴾

الشعراء : 96 -99

قالوا معترفين بخطئهم، وهم يتنازعون في جهنم مع مَن أضلوهم، تالله إننا كنا في الدنيا في ضلال واضح لا خفاء فيه؛ إذ نسويكم برب العالمين المستحق للعبادة وحده. وما أوقعنا في هذا المصير السيِّئ إلا المجرمون الذين دعونا إلى عبادة غير الله فاتبعناهم.

8- المكـرو الكيد

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾

الأنعام:123

ومثل هذا الذي حصل مِن زعماء الكفار في “مكة” من الصدِّ عن دين الله تعالى، جعلنا في كل قرية مجرمين يتزعمهم أكابرهم؛ ليمكروا فيها بالصد عن دين الله، وما يكيدون إلا أنفسهم، وما يُحِسُّون بذلك.

9- ترك الصلاة، عدم إطعام المسكين، الخوض مع الخائضين، والتكذيب بيوم الدين

قال الله تعالى:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ. فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ . حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ . فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾

المدثر:38-47

كل نفس بما كسبت من أعمال الشر والسوء محبوسة مرهونة بكسبها، لا تُفَكُّ حتى تؤدي ما عليها من الحقوق والعقوبات، إلا المسلمين المخلصين أصحاب اليمين الذين فكُّوا رقابهم بالطاعة، هم في جنات لا يُدْرَك وصفها، يسأل بعضهم بعضًا عن الكافرين الذين أجرموا في حق أنفسهم: ما الذي أدخلكم جهنم، وجعلكم تذوقون سعيرها؟ قال المجرمون: لم نكن من المصلِّين في الدنيا، ولم نكن نتصدق ونحسن للفقراء والمساكين، وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغَواية والضلالة، وكنا نكذب بيوم الحساب والجزاء، حتى جاءنا الموت، ونحن في تلك الضلالات والمنكرات.

10- الظلم والترف

وأيضاً فإن الظلم والترف من صفات المجرمين وأعمالهم .

قال الله تعالى:

﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾

هود: 116

11- عدم طاعة الله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ . وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ . وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾

المرسلات: 46- 48

ولعلنا بعد هذا العرض نستطيع تلخيص مصطلح المجرم في القرآن الكريم بأنه يصف فئة من المكلفين الذين بلغ بهم الأمر في الكفر والضلال نقطة لا عودة بعدها، أوبعبارة أوضح وأكثر إيجازا أن المجرم شر الناس قاطبة . وعند تمعن النظر في الآيات ذكر فيها لفظ المجرمون يُلاحظ فيها عدم ذكرلفظ الرحمة أو المغفر أوالتوبة، فهذا الأمر يؤيد ما نميل إليه بمقصود هذه الكلمة في القرآن الكريم بأنها صفة أهل النار لا محالة .

4 – أساليب القرآن الكريم للوقاية       

  من الوقوع في الإجرام

جمع القرآن الكريم من الأساليب التي من شأنها أن تقي من الإجرام ومايقع تحته من أعمال تؤدي إليه ، حتى وإن لم يُذكر في الآية التي أُخذ منها الأسلوب التربوي بلفظ يعود لمادة (أجرم ) ومن هذا المنطلق تم جمع الأساليب الدعوية والتربوية على النحو التالي:

1- العمل على تثبيت العقيدة

لعل من أعظم مقاصد القرآن الكريم وغاياته تثبيت العقيدة الصحيحة لأن صلاحها يتوقف عليه صلاح الفرد والأمة، والمنحرف عنهايصير فريسة للأوهام والشكوك ولتثبيتها والحفاظ على سلامتها استخدم القرآن الكريم مناهج مختلفة تتماشى مم مايناسب الناس باختلافهم ، مثل إثارة العقل بالحديث عن المخلوقات وغيرْ ها .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة :164

2– التذكير بمر اقبة الله تعالى للعبد واطلاعه عليه

ومما يقي العبد من الوقوع في الإجرام الآيات الكثيرة التي تتناول موضوع الإطلاع على العبد ، الذي يجعله يستشعر مراقبة الله تعالى له، فيشعربالخوف والحياء. وهذان الشعوران بمثابة الحاجزالقوي الواقع بين الإنسان وبين ما حرم الله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾

ق :18

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾

ق :16

3- الحث على الذكر

إعتنى القرآن الكريم  بالقلوب وهي أوعية الهداية أو السبب في الغواية ومحل الإجرام، واهتم براحتها ،  وسبب طمأنينتها وحفظها من وساوس الشيطان ، هو ذكر الله جل وعلا .

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾

الأعراف: 205

4 – أسلوب الترغيب في الخيروالترهيب من الشر

وقد وازن القرآن الكريم  بين الاثنين، فاستخدم الترغيب في الثوا ب والرحمة، وهو الأسلو ب الموجب للرجاء والعمل الصالح، واستخدم الترهيب من العقوبة التي يستحقها من أثم ، وهو الأسلوب الموجب للتوبة من الذنب والمعصية.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾

الأنعام: 147

فإن كذبك -أيها الرسول- مخالفوك ، فقل لهم: ربكم جل وعلا ذو رحمة واسعة، ولا يُدْفع عقابه عن القوم الذين أجرموا، فاكتسبوا الذنوب، واجترحوا السيئات.

قال الله تعالى:

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾

الحجر:49-50

4- أسلوب المناقشة بالحجج والبراهين

مما تقوم عليه الدعوة لترك الإجرام ، واجتناب سبيله توجيه الخطاب للعقل، وعليه وجدت الحجج والبراهين في القرآن الكريم  لأنه يخاطب عقل الإنسان بالمنطق والاستدلال من خلال أسلوب المناقشة، ويهدف إلى رد الشبهات، وتصويب الأفعال الخاطئة بمناقشة أصحابها، دون الأخذ بأسلوب الجدل العقًيم، أو عرض حجج وبراهين يصعب إدركها

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ  .قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ . قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ ﴾

المؤمنون :84-89

قل لهم: لمن هذه الأرض ومَن فيها إن كان لديكم علم؟ . سيعترفون حتمًا بأنها لله، هو خالقها ومالكها، قل لهم: ألا يكون لكم في ذلك تذكُّر بأنه قادر على البعث والنشور؟ . قل مَن رب السموات السبع ورب العرش العظيم، الذي هو أعظم المخلوقات وأعلاها؟ . سيقولون حتمًا: هو الله، فقل لهم: أفلا تخافون عذابه إذا عبدتم غيره؟ . قل: مَن مالك كل شيء ومَن بيده خزائن كل شيء، ومَن يجير مَنِ استجار به، ولا يقدر أحد أن يُجير ويحمي مَن أراد الله إهلاكه، ولا يدفع الشر الذي قدَّره الله، إن كنتم تعلمون ذلك؟ . سيجيبون: بأن ذلك كلَّه لله، قل لهم: كيف تذهب عقولكم وتُخْدَعون وتُصْرفون عن توحيد الله وطاعته، وتصديق أمر البعث والنشور؟  .

5- مصير المجرمين

        في

    القرآن الكريم

بين القرآن الكريم في الكثير  من الأيات مصير المجرمين ومآلهم في الدنيا والأخرة  لتكون ردعا لمن بعدهم وعبرة وموعظة .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾

النمل:69

أولا – في الدنيا

1- الهلاك

والكفّار الذين أهلكهم الله جل وعلا فى الأمم السابقة البائدة ، وصفهم ربّ العزة بالإجرام .

قال الله تعالى:

 ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا )

الروم : 47

( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ )

يونس : 13

ثانيا – في الآخرة

فلأن المجرمين كانوا في فوضى عقائدية وسلوكية في الحياة الدنيا وخارجين على سياق القوانين ، فإنهم في الآخرة ( منتظمين ) في العذاب نظماً .

1- الندم وإعلان الايمان بعد فوات الأوان

قال الله تعالى:

 ( كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ )

الشعراء : 200

اولئك المجرمين يجحدون الحق عنادا واستكبارا وإجراما ، الى أن يروا العذاب يوم القيامة فيكون الندم وإعلان الايمان بعد فوات الأوان .

2- عند الحشر

وفى الحشر يقول جل وعلا عن أولئك المجرمين

قال الله تعالى:

 ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا )

طه: 102

يوم يَنفُخ الملَكُ في “القرن” لصيحة البعث، ونسوق الكافرين ذلكم اليوم وهم زرق، تغيَّرت ألوانهم وعيونهم؛ من شدة الأحداث والأهوال.

3- عند الحساب

وقتها وعند الهلع والرعب يتمنى المجرم أن يفتدى نفسه ببنيه وزوجه وأهله وكل العالم ، ولكن دون جدوى

قال الله تعالى:

( يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ )

المعارج :11

4- عرض الأعمال عند الحساب

يقول جل وعلا عن موقف المجرمين يوم عرض الأعمال عند الحساب

قال الله تعالى:

 ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )

الكهف : 49

5- يأَس المجرمون من رحمة الله

قال الله تعالى:

﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

الروم: 12

ويوم تقوم الساعة ييئس المجرمون من النجاة من العذاب، وتصيبهم الحَيْرة فتنقطع حجتهم.

6- النار هي المصير

قال الله تعالى:

﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾

الكهف: 53

وشاهد المجرمون النار، فأيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة، ولم يجدوا عنها معدلا للانصراف عنها إلى غيرها.

7- العذاب في نار جهنم

قال الله تعالى:

﴿ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴾

الأنعام : 124

سينال هؤلاء الطغاة الذل، ولهم عذاب موجع في نار جهنم؛ بسبب كيدهم للإسلام وأهله.

8- صور من عذابهم

قبل إلقائهم فى النار يتم تقييدهم بأصفاد ويلبسون أسمالا من قطران حارق وتغشى وجوههم النار حال إقترابهم منها .

قال الله تعالى:

( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ )

ابراهيم: 49
ثم يتمّ إلقاؤهم فى النار ودورانهم فيها

قال الله تعالى:

( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ )

الرحمن : 41 ـ 43

وفى دورانهم هذا يتم سحبهم على وجوههم ليزداد عذابهم فى النار.

قال الله تعالى:

( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)

القمر : 47

فى هذا العذاب لا مجال للتخفيف ولا مجال للخروج ، فهو عذاب مستمر وعنيف وخالد بحيث يتمنى المجرم الموت دون جدوى ، بل يأتيهم التبكيت والتذكير بتكذيبهم بالحق وتآمرهم على دعاة الحق .

قال الله تعالى:

 ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ . لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ. وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ . وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ . لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ . أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ . أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ )

الزخرف: 74 ـ80

حقيقة الأمر أن الموت يحيط بالمجرم من كل مكان ولكنه لا يموت

قال الله تعالى:

( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى )

طه : 74
وتندلع الخصومة بين المجرمين بمجرد إلقائهم فى جهنم.

قال الله تعالى:

 ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ . قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ . تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ )

الشعراء :  95

 

Share This