1- مفهوم الماء

سائل عليه عماد الحياة، يتركب من اتحاد الهيدروجين والأكسجين بنسبة حجمين من الأول إلى حجم من الثاني، وهو في نقائه شفاف لا لون له، ولا طعم، ولا رائحة، ومنه: العذب، والملح المعدني، والمقطر.

2- كلمة الماء

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة ماء وصيغها في القرآن الكريم(٦٣) مرة. والصيغ التي وردت هي:

أ- اسم غير مضافة

ورد٥٩  مرة

قال الله تعالى:

( وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ )

البقرة:٢٢

ب – اسم مضافة

ورد٤ مرة

قال الله تعالى:

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ )

الملك:٣٠

وجاء الماء في الاستعمال القرآني على وجهين ..

1- الماء المعروف

قال الله تعالى:

( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ )

الأنفال :١١

2- النطفة

قال الله تعالى:

( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ )

النور: ٤٥

يعني: من نطفة

3- مكانة الماء

تحدث القرآن الكريم عن الماء كأصل لخلق الأحياء، وكأساس لاستمرار الحياة نوضح ذلك فيما يأتي:

أولًا: الماء كان قبل الكون

قال الله تعالى:

  ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ )

هود:  7

وهو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن في ستة أيام، وكان عرشه على الماء قبل ذلك .

ثانيًا: الماء والكائنات الحية

قال الله تعالى:

(   وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ   )

الأنبياء:  ٣٠

وجعلنا من الماء كل شيء حي أي الماء سبب لحياته .

ثالثًا: الماء أصل خلق البشر

قال الله تعالى:

( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا  )

الفرقان: ٥٤

وهو الذي خلق مِن منيِّ الرجل والمرأة ذرية ذكورًا وإناثًا، فنشأ من هذا قرابة النسب وقرابة المصاهرة.

قال الله تعالى:

( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَىٰ . ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ . فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ   )

القيامة: ٣٧-٣٩

ألم يك هذا الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين يراق ويصب في الأرحام، ثم صار قطعة من دم جامد، فخلقه الله بقدرته وسوَّى صورته في أحسن تقويم؟ فجعل من هذا الإنسان الصنفين: الذكر والأنثى .

وقد وصف الله هذا الماء الذي هو أصل البشر بوصفين:

1- الماء المهين

قال الله تعالى:

( ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ )

السجدة : ٨

المهين: الشيء الممتهن الذي لا يعبأ به.

2- الماء الدافق

قال الله تعالى:

( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ  )

الطارق : ٥-٧

فلينظر الإنسان مِمَّ خُلِقَ؟ خلق من منيٍّ منصبٍّ بسرعة في الرحم، يخرج من بين صلب الرجل وصدر المرأة.

رابعًا: الماء أصل حياة النبات

أهمية الماء للنباتات لا تقل عن أهميتها للكائنات الحية، فالنباتات تمتص الماء من التربة، وبه الغذاء اللازم لنموه.

قال الله تعالى:

( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ )

الحج: ٥

(  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ  إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

فصلت: ٣٩

أي: فإذا أنزل الله عليها المطر، اهتزت أي: تحركت بالنبات، وحييت بعد موتها، وربت أي: ارتفعت لما سكن فيها الثرى، ثم أنبتت ما فيها من الألوان والفنون من ثمار وزروع وأشتات النبات في اختلاف ألوانها وطعومه وروائحها وأشكالها ومنافعها .

خامسًا: الماء والدواب

قال الله تعالى:

( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  )

النور: ٤٥

والله تعالى خلق كل ما يدِب على الأرض مِن ماء، فالماء أصل خلقه، فمن هذه الدواب: مَن يمشي زحفًا على بطنه كالحيَّات ونحوها، ومنهم مَن يمشي على رجلين كالإنسان، ومنهم من يمشي على أربع كالبهائم ونحوها. والله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء، وهو قادر على كل شيء. وتنوع المخلوقات مع وحدة المنشأ من دلائل التوحيد وإثبات الذات الإلهية.

4- مصادر المياه

للماء مصادر تحدث عنها القرآن الكريم نبينها فيما يأتي:

1- السماء

إنزال الماء من السماء يتردد في مواضع شتى من القرآن في معرض التذكير بقدرة الله، والتذكير بنعمته كذلك، فهو مادة الحياة الرئيسية للأحياء في الأرض جميعًا .

قال الله تعالى:

( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ  )

البقرة: ١٦٤

ثانيًا: الأرض

قال الله تعالى:

(  وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا . أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا   )

النازعات: ٣0-31

والأرض بعد خلق السماء بسطها، وأودع فيها منافعها، وفجَّر فيها عيون الماء، وأنبت فيها ما يُرعى من النباتات .

5- أوصاف الماء

لقد وصف القرآن الكريم الماء بعدة أوصاف، منها

1- الطهارة

قال الله تعالى:

( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا  )

الفرقان: ٤٨

( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ  )

الأنفال: ١١

أي: وأنزلنا من السماء ماء يُتَطَهَّر به

2- الغدق

قال الله تعالى:

( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا )

الجن: ١٦

أي: ماءً كثيرا من السماء ؛ والآية كناية عن التوسعة في الرزق؛ لأنه أصل المعاش.

3- العذب الفرات

قال الله تعالى:

( وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا ﴾

المرسلات: ٢٧

أي: ماءً عذبًا

4- الملح الأجاج

قال الله تعالى:

(  وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا )

الفرقان: ٥٣

(  وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

فاطر: ١٢

أي: الماء المالحٌ  الذي لا يستساغ ، أ ما البرزخ: الحائل بين شيئين .

5- الثجاج

قال الله تعالى:

( وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا )

النبأ: ١٤

والثجاج : المنصب بقوة

6- المعين

قال الله تعالى:

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ  )

الملك: ٣٠

ومعنى معين:  جارٍ من العيون

7- المبارك

قال الله تعالى:

( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ )

ق: ٩

أي: كثير البركة ؛ والبركة هي  الخير النافع لما يتسبب عليه من إنبات الحبوب والأعناب والنخيل.

وهذه الصفات من باب امتنان الله على عباده؛ ليعظموه، ويشكروه.

6- فوائد الماء

للماء فوائد كثيرة منها:

1- الإرواء

يمتن سبحانه وتعالى على عباده بأن جعل لهم الماء صالحًا يفي بحاجتهم،

قال الله تعالى:

 (  وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا )

المرسلات:٢٧

  ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ  )

النحل: ١٠

( فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ  )

الحجر :٢٢

أي: أنزل مطرًا لكم من ذلك الماء شرابٌ تشربونه، ومنه شراب أشجاركم وحياة غروسكم ونباتها.

2- إنبات الزرع

أخبر تعالى أن من نعمه على خلقه، إنزال المطر؛ لإخراج النبات المتعدد الأشكال والألوان والطعوم والروائح والمنافع الصالحة للإنسان وللحيوان.

قال الله تعالى:

( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  )

الأنعام: ٩٩

3- التطهر للعبادات

من العبادات التي يستخدم فيها المسلم الماء:

أ – الوضوء

قال الله تعالى:

(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا  وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ  مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ  )

المائدة: ٦

ب – الغسل

قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا )

النساء: ٤٣

4- النظافة

قال الله تعالى:

( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ )

المدثر: ٤

وَطَهِّر ثيابك من النجاسات

7- الماء وسيلة

للإنعام والانتقام

خلق سبحانه وتعالى الماء نعمة لحياة الكائنات الحية، فكان شرابًا لهم وكان سببًا في إنبات الزرع، وجعله سبحانه في الدنيا إنعامًا على أقوام، وإهلاكًا لآخرين، وجعله في الآخرة عذابًا لأهل النار، ونعيمًا لأهل الجنة.

أولًا: الماء نعيم في الدنيا

الماء عصب الحياة ونعيمها، فبدونه لا حياة على كوكب الأرض، فهو وسيلة لطهارة المسلم، وجعل الله كل الكائنات محتاجةً إليه؛ لشربها وسقيها، فأنبت الله بها الجنات، والحب والنوى.

قال الله تعالى:

( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ  إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )

الأنعام: ٩٩

وسخر الله ماء البحر؛ لنأكل مما نصطاد من سمكه لحمًا طريًا، ونستخرج منه زينة نلبسها كاللؤلؤ والمرجان، وتتحرك فيه السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجيء، وتركب؛ لطلب رزق الله بالتجارة والربح فيها.

قال الله تعالى:

(  وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

النحل: ١٤

ثانيًا: الماء جزاء وعقاب في الدنيا

عاقب الله بالماء أقوامًا لم يؤمنوا به، ولم يخضعوا رقابهم لجلاله، منهم:

أ – قوم نوح

دعا نوح قومه لعبادة الله، قال تعالى على لسان نبيه

قال الله تعالى:

(  قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ .  أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ﴾

نوح :٢- ٣

فأعرضوا عن دعوته، وآذوه ومن معه من المؤمنين.

قال الله تعالى:

(  قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا. فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا . وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا )

نوح: ٥-7

ولما أعرضوا عن دعوته دعا عليهم بعد إعلام الله له أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن .

قال الله تعالى:

(  وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا .  إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا )

نوح: ٢٦-٢٧

فاستجاب له ربه فأخذهم الطوفان.

قال الله تعالى:

(  فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ . وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾

القمر: ١١-١4

أي: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمرٍ قد قدره الله وقضاه. عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين.

ب – فرعون وقومه

أرسل الله سبحانه وتعالى موسى وهارون إلى دعوة فرعون وقومه فأعرضوا، وادعى فرعون الألوهية.

قال الله تعالى:

( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ )

القصص: ٣٨

وادعى الربوبية

قال الله تعالى:

(  فَحَشَرَ فَنَادَىٰ . فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ  )

النازعات: ٢٤

فكان هو وقومه من المغرقين.

قال الله تعالى:

(  فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا  إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ . فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ  فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ . وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ . وَأَنْجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ  ﴾

الشعراء: ٦١-٦٦

فانتقم الله منهم بعاجل العذاب، وأغرق فرعون وجنوده فلم يبق منهم رجل إلا هلك .

ج- سبأ

أنعم الله على سبأ بنعم كثيرة، وحثهم على شكره عليها، لكنهم أعرضوا، فأرسل الله عليهم سيل العرم.

قال الله تعالى:

(  لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ  جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ  كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ  بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ. ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾

سبأ: ١٥-١٧

ثالثًا: الماء نعيم في الآخرة

قرن سبحانه وتعالى بين الجنات والعيون والأنهار في مواضع من كتابه

:

قال الله تعالى:

( عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾

الإنسان: ٦

أي: عين يشرب منها عباد الله، يتصرفون فيها، ويجرونها حيث شاءوا.

قال الله تعالى:

(  مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى  وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾

محمد: ١٥

آسنٍ: غير متغيرٍ

قال الله تعالى:

(  فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾

الرحمن: ٥٠

( فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ  ﴾

الرحمن: ٦٦

أي: فوارتان بالماء ، لا تنقطعان.

و في وصف الماء في الجنة

قال الله تعالى:

(  وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴾

الواقعة: ٣١

أي: ماء جار لا ينقطع

قال الله تعالى:

( وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ﴾

الإنسان: ٢١

طهورا : مبالغة في طهارته ونظافته.

قال الله تعالى:

( عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا ﴾

الإنسان: ١٨

سلسبيلا : لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه.

رابعًا: الماء عقاب في الآخرة

لعقاب أهل النار ماء وصفه الله سبحانه وتعالى بعدة صفات منها:

1- الحميم.

قال الله تعالى:

(  لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ  )

الأنعام: ٧٠

( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا )

محمد: ١٥

أي: حارا شديد الغليان

2- الغساق

قال الله تعالى:

( هَٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ )

ص: ٥٧

(  لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا. إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا )

النبأ: ٢4-25

الغساق : سائلٌ يسيل في جهنم

3- الصديد

قال الله تعالى:

(  مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ )

إبراهيم: ١٦

اشتقاقه من الصد؛ لأنه يصد الناظرين عن رؤيته

4- المهل

قال الله تعالى:

( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ )

الكهف: ٢٩

أي: كالرصاص المذاب، أو كعكر الزيت، من شدة حرارته .

ولما شرب أهل النار الماء بصفاته السابقة طلبوا من أهل الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء الذي أنعم الله به عليهم.

قال الله تعالى:

( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ )

الأعراف: ٥٠

يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم وأنهم لا يجابون إلى ذلك.

8- الماء في المثل القرآني

تحدث القرآن الكريم عن الماء كمثل يقرب به المعاني لعباده، وسوف نتناول ذلك بالبيان فيما يأتي:

أولًا: الدنيا ونضارتها

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ  كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  ) 

يونس: ٢٤

إنما مثل الحياة الدنيا وما تتفاخرون به فيها من زينة وأموال، كمثل مطر أنزلناه من السماء إلى الأرض، فنبتت به أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض مما يقتات به الناس من الثمار، وما تأكله الحيوانات من النبات، حتى إذا ظهر حُسْنُ هذه الأرض وبهاؤها، وظن أهل هذه الأرض أنهم قادرون على حصادها والانتفاع بها، جاءها أمرنا وقضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات، والزينة إما ليلا وإما نهارًا، فجعلنا هذه النباتات والأشجار محصودة مقطوعة لا شيء فيها، كأن لم تكن تلك الزروع والنباتات قائمة قبل ذلك على وجه الأرض، فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهَون به من دنياكم وزخارفها فيفنيها الله ويهلكها. وكما بيَّنا لكم -أيها الناس- مَثَلَ هذه الدنيا وعرَّفناكم بحقيقتها، نبيِّن حججنا وأدلتنا لقوم يتفكرون في آيات الله، ويتدبرون ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.

ثانيًا: الوحي

قال الله تعالى:

( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا  وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ  كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ )

الرعد: ١٧

ثم ضرب الله سبحانه مثلا للحق والباطل بماء أنزله من السماء، فجَرَت به أودية الأرض بقدر صغرها وكبرها، فحمل السيل غثاء طافيًا فوقه لا نفع فيه. وضرب مثلا آخر: هو المعادن يوقِدون عليها النار لصهرها طلبًا للزينة كما في الذهب والفضة، أو طلبًا لمنافع ينتفعون بها كما في النحاس، فيخرج منها خبثها مما لا فائدة فيه كالذي كان مع الماء، بمثل هذا يضرب الله المثل للحق والباطل: فالباطل كغثاء الماء يتلاشى أو يُرْمى إذ لا فائدة منه، والحق كالماء الصافي، والمعادن النقية تبقى في الأرض للانتفاع بها، كما بيَّن لكم هذه الأمثال، كذلك يضربها للناس؛ ليتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال.

ثالثًا: حال المنافقين

قال الله تعالى:

(  أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ )

البقرة: ١٩

أو تُشْبه حالُ فريق آخر من المنافقين يظهر لهم الحق تارة، ويشكون فيه تارة أخرى، حالَ جماعة يمشون في العراء، فينصب عليهم مطر شديد، تصاحبه ظلمات بعضها فوق بعض، مع قصف الرعد، ولمعان البرق، والصواعق المحرقة، التي تجعلهم من شدة الهول يضعون أصابعهم في آذانهم؛ خوفًا من الهلاك. والله تعالى محيط بالكافرين لا يفوتونه ولا يعجزونه.

رابعًا: أعمال الكفار:

قال الله تعالى:

( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ  ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا  وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ  )

النور: ٤٠

أو تكون أعمالهم مثل ظلمات في بحر عميق يعلوه موج، من فوق الموج موج آخر، ومِن فوقه سحاب كثيف، ظلمات شديدة بعضها فوق بعض، إذا أخرج الناظر يده لم يقارب رؤيتها من شدة الظلمات، فالكفار تراكمت عليهم ظلمات الشرك والضلال وفساد الأعمال. ومن لم يجعل الله له نورًا من كتابه يهتدي به فما له مِن هاد.

9- دورة الماء في

   الطبيعة والبيئة

ذكر الله في القرآن جميع الحقائق المتعلقة بدورة الماء ونزول المطر بشكل يتفق مع أحدث المعطيات العلمية؛ لنتأمل كل جزء من أجزاء الدورة المائية:

1- أهمية الشمس

قال الله تعالى:

﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا . وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا )

النبأ: ١٣- 14

الشمس هي محرك الدورة المائية ؛ فهي التي تبث الحرارة والضوء اللازمان؛ لتبخير الماء وتشكيل الرياح.

2- دور الرياح

قال الله تعالى:

( وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً )

الحجر: ٢٢

بعد تبخر الماء يتكثف في السماء على شكل غيوم، والرياح هي المحرك الثاني لدورة الماء، كما أنها تقوم بمهمة التلقيح

3- تشكل الغيوم

ذكر القرآن الغيوم العالية الركامية والتي هي مسئولة عن المطر الغزير وعن الثلج والبرد .

قال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ )

النور: ٤٣

4- دور الجبال

قال الله تعالى:

( وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا )

المرسلات: ٢٧

تساهم الجبال العالية في تشكل البحيرات العذبة، فإن مياه الأمطار التي تسيل من الجبال تتجمع في الوديان، لتشكل أنهارًا وبحيرات، وتساعد الجبال أيضًا على تشكل الغيوم وهطول الأمطار، وتمر المياه النازلة من الجبال على العديد من الطبقات التي تساعد في تنقية المياه وتنظيفها.

5- توزع المياه

قال الله تعالى:

(  أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ )

الزمر: ٢١

الماء لا يذهب عبثًا بل يتم تخزينه في الأرض؛ لينطلق على شكل ينابيع عذبة نشربها، وبالتالي تستمر الحياة .

6- البرزخ المائي

قال الله تعالى:

( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا )

الفرقان: ٥٣

من أهم أجزاء الدورة ما يحدث في منطقة المصب حيث تصب الأنهار في البحار، وهذه ذكرها القرآن عنها ولم يغفلها ، ولولا أن الأنهار تصب في البحار لجفت هذه البحار.

7- دورة الماء مقدرة

قال الله تعالى:

( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ )

المؤمنون: ١٨

وأنزلنا من السماء ماء بقدر حاجة الخلائق، وإن جميع العمليات تتم بشكل منتظم وفق قوانين فيزيائية ثابتة ؛ ولذلك فإن العملية بأكملها مقدرة ومحكمة ومنظمة .

8- أهمية تخزين الماء

قال الله تعالى:

( فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ )

الحجر: ٢٢

فأنزلنا من السحاب ماء أعددناه لشرابكم وأرضكم ومواشيكم، وما أنتم بقادرين على خزنه وادِّخاره، ولكن نخزنه لكم رحمة بكم، وإحسانًا إليكم.

فالماء النازل من الغيوم يختزن في الأرض لمئات السنين دون أن يفسد.

 

Share This