1- مفهوم الكفارات

الكفارات تعني العمل الّذي يقوم به المسلم وألزمه الدّين به ليزيل ما عليه من آثام وذنوب، مثل عتق رقبة مسلم إن وجد أو الصًيام أو اطعام مسكين، وتطبًق هذه الأحكام حسب طبيعة الذّنب أو العمل الًذي اقترفه المسلم .

2- كلمة الكفارات

       في

  القرآن الكريم

وردت كلمة (كفر) وصيغها في القرآن الكريم ١٨ مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

وردت مرتين

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾

المائدة:٦٥

– الفعل المضارع

وردت ١١ مرة

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾

الطلاق:٥

– فعل الأمر(دعائي)

وردت  مرة واحدة

قَال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾

آل عمران:١٩٣

– صيغة المبالغة

وردت ٤ مرات

قَال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ

المائدة:٤٥

3- الكلمات ذات الصلة

   بكلمة الكفارات

– الفدية

الفدية  هي اسم للمال الذي يدفع لاستنقاذ الأسير، أو تدفعه المَرْأَةُ حتى تتخلص من زوجها بالطلاق .

قَال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾

البقرة: 229

– الدية

الدية هي اسم للمال الذي يدفعه القاتل إلى أَهْلِ المجني عليه ، يرجو به العفو لعظم حرمة الآدمي .

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ﴾

النساء: 92

– التعزير

التعظيم والتوقير

قَال الله تعالى:

﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾

الفتح: ٩

لتؤمنوا بالله ورسوله، وتنصروا الله بنصر دينه، وتعظموه، وتسبحوه أول النهار وآخره.

– الحدود

الحدود هي الفواصل التي تفصل بين الحلال والحرام ، و بين الحق والباطل، و الله تعالى أمر أن لا يُتعدَّى شيءٌ من هذه الحدود، ومنع من مخالفتها ، لأنها تعني إقامة دين الله على النحو الذى بينه فى القرآن الكريم

قال الله تعالى:

( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا )

البقرة: ١٨٧

4 – أنواع الكفارات

تظهر أنواع الكفارات من خلال ما يلي:

1– كفّارة اليمين

هى للشخص الّذي يقسم بالله تعالى على شيء ولم يفعله

قَال الله تعالى :

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

المائدة: 89

فقد طلب الشارع من المكلف أن يكفر عن يمينه بخصلة واحدة من خصال الكفارة الثلاث وهي: الإطعام، أو الكسوةً، أو العتق، فإن لم يجد ما يكفر به من هذه الثلاثة – بأن عجز عن الإطعام والكسوة والعتق – صام ثلاثة أيام، فهي كفارة على التخيير في الثلاثة الأول، وعلى الترتيب بينها وبين الخصلة الرابعة .

2– كفّارة صيد الحرم

قَال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾

المائدة 95

فقد طلب الشارع من المكلف أن يكفر عن قتله الصيد في الحرم بخصلة واحدة من خصال الكفارة الثلاث وهي: إما أن يهدي مثل ما قتله من النعم لفقراء الحرم، إن كان الصيد له مثل من الإبل أو البقر أو الغنم، أو أن يقومه بالمال، ويقوم المال طعاما، ويتصدق بالطعام على الفقراء، والخصلة الثالثة التي يخير فيها قاتل الصيد أن يصوم عن كل مد من الطعام يوما.

3- كفارة الحلق للمحرم

قَال الله تعالى :

﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾

البقرة: ١٩٦

فقد أباح الشارع للمحرم أن يحلق رأسه إذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض، ينتفع بحلق رأسه له، أو قروح، أو قمل ونحو ذلك، ولكن يكون عليه فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك ما يجزئ في أضحية، فهو مخير في الخصال الثلاث.

4- كفارة الظهار

ومن الكفارات التي ذكرت في القرآن حفاظًا على الأسرة، ولمنع الظلم عن المرأة كفارة الظهار.

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

المجادلة:٣-٤

إن الله تعالى أمر بكفارة الظهار مرتبة، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الإعتاق، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام، فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينًا .

5- كفارة التمتع بالعمرة إلى الحج

قَال الله تعالى :

 ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ )

البقرة: ١٩٦

فمن استمتع بالعمرة إلى الحج وذلك باستباحة ما حُرِّم عليه بسبب الإحرام بعد انتهاء عمرته، فعليه ذبح ما تيسر من الهدي، فمن لم يجد هَدْيًا يذبحه فعليه صيام ثلاثة أيام في أشهر الحج، وسبعة إذا فرغتم من أعمال الحج ورجعتم إلى أهليكم لمن لم يكن أهله من ساكني أرض الحرم ، تلك عشرة كاملة لا بد من صيامها.

6 – كفارة القتل

كفارة القتل الخطأ أو القتل غير المتعمّد

قَال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ٩٢

ولا يحق لمؤمن الاعتداء على أخيه المؤمن وقتله بغير حق، إلا أن يقع منه ذلك على وجه الخطأ الذي لا عمد فيه، ومن وقع منه ذلك الخطأ فعليه عتق رقبة مؤمنة، وتسليم دية مقدرة إلى أوليائه، إلا أن يتصدقوا بها عليه ويعفوا عنه. فإن كان المقتول من قوم كفار أعداء للمؤمنين، وهو مؤمن بالله تعالى، وبما أنزل من الحق على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فعلى قاتله عتق رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم عهد وميثاق، فعلى قاتله دية تسلم إلى أوليائه وعتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد القدرة على عتق رقبة مؤمنة، فعليه صيام شهرين متتابعين؛ ليتوب الله تعالى عليه. وكان الله تعالى عليما بحقيقة شأن عباده، حكيمًا فيما شرعه لهم.

5- الفرق بين الكفارة والفدية

الفدية تفارق الكفارة في أن الكفارة لا تجب إلا عن ذنب تقدم بخلافه الفدية ، أي أنه لا يشترط في الفدية أن يسبقها ذنب أو مخالفة شرعية؛ فقد يعجز شخصٌ عن صيام رمضان بسبب مرضه فيُخرج الفدية عن الأيام التي أفطرها، بينما الكفارة يتقدّمها مخالفة شرعية؛ كارتكاب محظور من محظورات الحج.

قَال الله تعالى:

( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾

البقرة: 184

وعلى الذين يتكلفون الصيام ويشقُّ عليهم مشقة غير محتملة كالشيخ الكبير والمريض الذي لا يُرْجَى شفاؤه فدية عن كل يوم يفطره وهي طعام مسكين فمن زاد في قدر الفدية تبرعًا منه فهو خير له .

6 – أثر الكفارات

تظهر آثار الكفارات في تقويم الفرد على النحو الآتي:

1- حماية الفرد من ارتكاب الجريمة والوقوع فيها

لأنه دائما يستشعر الجزاء والعقوبة من خلال هذه الكفارة ، فيؤدى العبادات كما أمر الله تعالى بالقيام بها.

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

المجادلة:٣-٤

أي: ذلكم الحكم، أو ذلكم التغليظ توعظون به؛ لأن الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية، فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم حتى لا تعودوا إلى الظهار وتخافوا عقاب الله عليه .

2-  زيادة الإيمان وتقويته

قَال الله تعالى :

﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

المجادلة: ٤

أي: لتؤمنوا إيمانا كاملًا بتوحيد الله والامتثال لما أمركم الله ورسوله، وتنتهوا عن قول الزور والكذب، وتتبعوا ما حده الدين من حدود، وبينه لكم من فرائض .

3- سد احتياجات الفقراء والمساكين

لما فيها من حقوق تكفل الفقراء والمساكين وتسد كثيرًا من احتياجاتهم اليومية كالطعام والكسوة .

قَال الله تعالى :

﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

المجادلة : ٤

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ

المائدة: 89

4 – القضاء على الرق

كما أنها عملت على القضاء على الرق بصورة طبيعية مع الزمن، لأن إلغاءه دفعة واحدة كان يؤدي إلى هزة لا ضرورة لها، وإلى فساد في المجتمع أمكن اتقاؤه .

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  ﴾

المجادلة:٣

5- محو الذنب وتغطيته

أنها تجبر ما لحق بالعبادة من نقص

قَال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ٩٢

6- تهذب الخلق

كما أن الصوم وهو نوع من الكفارة، يعد مدرسة تهذب الخلق، وتربي النفس، وتُقَوِّم ما أعوج من تربية الفرد، ومن الآثار في كفارة القتل: أنها توقظ في نفس الإنسان كرامة الإنسان وقدره وقيمته الدينية.

6- المكفر به

المكفر به في القرآن الكريم ثلاثة أنواع وهي ما يأتي:

أولًا: الكفارة بالعتق

ذكر القرآن الكريم العتق في كفارة القتل واليمين والظهار

– كفارة العتق بالقتل

قَال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ

النساء: ٩٢

– كفارة العتق باليمين

قَال الله تعالى :

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ

المائدة: ٨٩

– كفارة العتق بالظهار

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ﴾

المجادلة:٣-٤

فيجب إعتاق رقبة مؤمنة في جميع الكفارات

ثانيًا: الكفارة بالمال

والمال في الكفارة قد يكون طعامًا أو كسوة، كما في كفارة الحنث في اليمين، أو إطعاما، كما في كفارة الظهار، أو صدقة أو نسك يذبح، كما في كفارة انتهاك محظور من محظورات الإحرام.

1- الإطعام في كفارة حلق الرأس للمحرم

( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ )

البقرة: ١٩٦

2- الإطعام في كفارة اليمين

وقدره إطعام عشرة مساكين من وسط طعام الأهل.

قَال الله تعالى :

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾

المائدة: ٨٩

3- الإطعام في كفارة الظهار

ومقداره إطعام ستين مسكين.

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ﴾

المجادلة :٣-٤

4 – الكسوة في كفارة اليمين

والكسوة لا تدخل في غير كفارة اليمين حيث لم ينص عليها إلا في كفارة اليمين، ولا يجزئ في الكفارة أقل من كسوة عشرة مساكين.

قَال الله تعالى :

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ

المائدة: ٨٩

ثالثًا: الكفارة بالصيام

وهي كفارة لانتهاك محظور من محظورات الحج، وكفارة للحنث في اليمين، والقتل الخطأ، والظهار كما يأتي.

1- الصوم في كفارة القتل، ومقداره شهران متتابعان.

قَال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ

النساء: ٩٢

2- الصوم في كفارة الظهار، ومقداره شهران متتابعان

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ﴾

المجادلة :٣-٤

3- الصوم كفارة اليمين، ومقداره ثلاثة أيام

وذلك بعد العجز عن إعتاق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.

قَال الله تعالى :

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

المائدة: ٨٩

4- الصوم في كفارة قتل الصيد وهو محرم

قَال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا

المائدة: ٩٥

ومقدار الصيام في هذه الكفارة مطلق غير مقيد، ولم يرد بتحديده وتعيينه نص شرعي، وبناء على هذا اختلفت أقوال أهل العلم في تقديره كما سبق في الكلام عن كفارة الصيد.

7- حكم ومقاصد الكفارات

من الحكم والمقاصد التي تظهر في الكفارات ما يأتي:

أولًا: تجفيف منابع الرق

من مقاصد الشريعة الإسلامية حرصها على تعميم الحرية في الإسلام بكيفية منتظمة، فإن الله تعالى لما بعث رسوله بدين الإسلام كانت العبودية متفشية في البشر. وكانت أسبابها متكاثرة: وهي الأسر في الحروب، والتصيير في الديوان، والتخطف في الغارات، وبيع الآباء والأمهات أبناءهم، والرهائن في الخوف، والتداين، فأبطل الإسلام جميع أسبابها.

ثم داوى تلك الجراح البشرية بإيجاد أسباب الحرية في مناسبات دينية جمة: منها واجبة، ومنها مندوب إليها، ومن الأسباب الواجبة الكفارات فقد أوجبه في كفارة القتل الخطأ وكفارة الظهار وكفارة اليمين وغير ذلك كما سبق ذكره،

قَال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ٩٢

ثانيًا: صيانة الألسنة عن كثرة الأيمان

من حكم ومقاصد كفارة اليمين أن هذه الكفارة شرعت لمعنى خلقي، وهو صيانة الألسنة عن كثرة الأيمان وإخلافها، والتعرض للمهانة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾

القلم: ١٠

وأيضًا لكيلا يتخذ المؤمنون يمين الله حاجزًا بينهم وبين فعل الخير إن حلفوا، وبدا الخير في غير ما حلفوا عليه، فشرع لهم تلك الكفارة تحلة لأيمانهم .

ثالثًا: منع الظلم عن المرأة

ومن الحكم والمقاصد في كفارة الظهار أن هذه الكفارة شرعت علاجًا للأسرة، ولمنع الظلم عن المرأة، وهي كفارة من يحرم امرأته على نفسه، ويجعلها كإحدى محارمه من غير إرادة طلاق، وما كان لشريعة القرآن أن تترك المرأة المظلومة فريسة لكلمات ينطق بها اللسان إيذاء وظلمًا، ولا يترك المتكلم بها من غير عقاب لغوًا عابثًا، بل لا بد من رد الحق، وعقاب العابث، فكانت الكفارة.

قَال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

المجادلة :٣-٤

رابعًا: الحفاظ على النفس البشرية

ومن مقاصد الشريعة الإسلامية في كفارة القتل الخطأ الحفاظ على النفس البشرية، وتربية النفس على الاحتراز من الخطأ، والاحتياط له.

قَال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ٩٢

ومن حكمته أن أوجب الدية تطييبًا لقلوب أهل القتيل حتى لا تقع عداوة ولا بغضاء بينهم وبين القاتل، وتعويضًا عما يفوتهم من المنفعة بقتله، فإذا هم عفوا فقد طابت نفوسهم وانتفى المحذور وكانوا هم ذوي الفضل على القاتل، وقد سمى الله هذا العفو تصدقًا ترغيبًا فيه.

وفي الجملة فإن الكفارات كلها التي جاء بها القرآن فيها معنى العبادة، وفيها صلاح، وفيها تعاون اجتماعي إنساني.

 

Share This