1- مفهوم الكذب

هو الإخبار عن الشيء على خلاف الواقع، سواء بالقول، أو بالإشارة، أو بالسكوت ، و هو يدل على خلاف الصدق.

قال الله تعالى :

 ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ﴾

ق : 5

نجِد أنَّ التكذيب – وهو وصفٌ للقول بالكذب – كان للسانِ والقلْب والفعل.

2- كلمة الكذب

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة (كذب) وصيغها في القرآن الكريم ٢٨٢ مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد ١٢٧ مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ  ﴾

الزمر:٦٠

– الفعل المضارع

ورد ٦٠ مرة

قال الله تعالى :

﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ

المؤمنون:١٠٥

– المصدر

ورد ٣٦ مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ﴾

يوسف:١٨

– اسم الفاعل

ورد ٣٥ مرة

قال الله تعالى :

﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾

العنكبوت:٣

– صيغة المبالغة

ورد ٥ مرات

قال الله تعالى :

﴿ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾

القمر:٢٥

– اسم المفعول

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى :

﴿ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ﴾

هود :٦5

ورد لفظ الكذب في القرآن الكريم على 6 أوجه ، وهي:

– النفاق

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾

المنافقون: 1

2- القذف

قال الله تعالى :

﴿ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾

النور: 7

3- الرد

قال الله تعالى :

﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾

الواقعة: 2

أي: ليس لها راد.

4- الجحود

قال الله تعالى :

﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾

النجم: 11

5- التكذيب

قال الله تعالى :

 ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ﴾

ق: 5

نجِد أنَّ التكذيب – وهو وصفٌ للقول بالكذب – كان للسانِ والقلْب والفعل.

6 – الافتراء

قال الله تعالى :

﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾

الزمر: 60

3- الكلمات ذات الصلة

     بكلمة الكذب

– الزور

هو تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به .

قال الله تعالى :

﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾

الحج : 30

– الافتراء

هو الكذب في حق الغير بما لا يرتضيه، باختراع قضية لا أصل لها ، و هو العظيم من الكذب .

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ﴾

النساء: 48

– الإفك

الإفك هو الكذب الفاحش القبح مثل: الكذب على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو على القرآن، ومنه أيضًا قذف المحصنة، وغير ذلك مما يفحش قبحه.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾

النور: 11

– البهتان

هو كذب يبهت سامعه ويدهشه ويحيره؛ لفظاعته .

قال الله تعالى :

﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾

النور: 16

ورد ذمّ الكذب وتحريمه في آيات عدّة من القرآن الكريم، منها:

4 – التنفير من الكذب

      في

القرآن الكريم

نفر القرآن الكريم من الكذب حيث قرنه بأوصاف تحمل أكبر معاني القبح، وهذا ما سنتناوله فيما يأتي:

أولًا: التلازم بين الكذب والكفر، والنفاق، والظلم، والاستكبار

1- التلازم بين الكذب والكفر

قرن سبحانه وتعالى بين الكذب والكفر في مواضع من كتابه الكريم مما يدل على أن سجية الكافرين الكذب والتكذيب، ومخالفة الحق .

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ﴾

الانشقاق: ٢٢

فأيُّ شيء يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر بعد ما وُضِّحت لهم الآيات؟ وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله، ولا يسلِّمُون بما جاء فيه؟ إنما سجية الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق.

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ﴾

البروج: ١٩

بل الذين كفروا في تكذيب متواصل كدأب مَن قبلهم، والله قد أحاط بهم علما وقدرة، لا يخفى عليه منهم ومن أعمالهم شيء.

2- التلازم بين الكذب والنفاق

أخبر سبحانه عن التلازم بين الكذب والنفاق، مما يدل على أن سجية المنافقين الكذب والتكذيب .

قال الله تعالى:

﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾

المنافقون: ١

إذا حضر مجلسك المنافقون – أيها الرسول- قالوا بألسنتهم، نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسول الله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أظهروه من شهادتهم لك، وحلفوا عليه بألسنتهم، وأضمروا الكفر به.

قال الله تعالى:

﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾

التوبة: ٧٧

وقد أخبر سبحانه أن إخلاف الوعد والكذب هما سبب تمكن النفاق من قلوب المنافقين .

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾

المجادلة: ١٤

ألم تر إلى المنافقين الذين اتخذوا اليهود أصدقاء ووالوهم؟ والمنافقون في الحقيقة ليسوا من المسلمين ولا من اليهود، ويحلفون كذبًا أنهم مسلمون، وأنك رسول الله، وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما حلفوا عليه.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾

التوبة: ١٠٧

والمنافقون الذين بنوا مسجدًا؛ مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين، ليكون مكانًا للكيد للمسلمين، وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد (قباء)، والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه.

3- التلازم بين الكذب والظلم

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾

العنكبوت: ٦٨

لا أحد أشد ظلمًا ممن كذَب على الله، فنسب ما هو عليه من الضلال والباطل إلى الله، أو كذَّب بالحق الذي بعث الله به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، إن في النار لمسكنًا لمن كفر بالله، وجحد توحيده وكذَّب رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾

الأنعام: ٩٣

ومَن أشدُّ ظلمَّا ممَّن اختلق على الله تعالى قولا كذبًا، فادعى أنه لم يبعث رسولا من البشر، أو ادعى كذبًا أن الله أوحى إليه ولم يُوحِ إليه شيئًا، أو ادَّعى أنه قادر على أن يُنْزل مثل ما أنزل الله من القرآن؟ ولو أنك أبصرت -أيها الرسول- هؤلاء المتجاوزين الحدَّ وهم في أهوال الموت لرأيت أمرًا هائلا والملائكة الذين يقبضون أرواحهم باسطو أيديهم بالعذاب قائلين لهم: أخرجوا أنفسكم، اليوم تهانون غاية الإهانة، كما كنتم تكذبون على الله، وتستكبرون عن اتباع آياته والانقياد لرسله.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾

هود: ١٨

ولا أحد أظلم ممن اختلق على الله كذبًا، أولئك سيعرضون على ربهم يوم القيامة؛ ليحاسبهم على أعمالهم، ويقول الأشهاد من الملائكة والنبيين وغيرهم: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم في الدنيا قد سخط الله عليهم، ولعنهم لعنة لا تنقطع؛ لأن ظلمهم صار وصفًا ملازمًا لهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام: ٢١

لا أحد أشد ظلمًا ممَّن تَقَوَّلَ الكذب على الله تعالى، فزعم أن له شركاء في العبادة، أو ادَّعى أن له ولدًا أو صاحبة، أو كذب ببراهينه وأدلته التي أيَّد بها رسله عليهم السلام. إنه لا يفلح الظالمون الذين افتروا الكذب على الله، ولا يظفرون بمطالبهم في الدنيا ولا في الآخرة.

4- التلازم بين الكذب والاستكبار

قرن سبحانه في كتابه بين الكذب والاستكبار في مواضع من آياته؛ لأن من كذب بالشيء نأى بنفسه عن اتباعه فهما متلازمان الكذب والاستكبار.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

الأعراف: ٣٦

والكفار الذين كذَّبوا بالدلائل على توحيد الله، واستعلَوا عن اتباعها، أولئك أصحاب النار ماكثين فيها، لا يخرجون منها أبدًا.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴾

الأعراف: ٤٠

إن الكفار الذين لم يصدِّقوا بحججنا وآياتنا الدالة على وحدانيتنا، ولم يعملوا بشرعنا تكبرًا واستعلاءً، لا تُفتَّح لأعمالهم في الحياة ولا لأرواحهم عند الممات أبواب السماء، ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل. ومثل ذلك الجزاء نجزي الذين كثر إجرامهم، واشتدَّ طغيانهم.

ثانيًا: الوعيد بالعذاب على الكاذب

اقتضت حكمة الله وعدله بين عباده أن يعاقب المكذب في الدنيا والآخرة -إن لم يتب- وأخبر في مواضع من كتابه بوعيد الكاذبين والذي منه:

1- الإقامة في العذاب

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾

الروم: ١٦

وأما الذين كفروا بالله وكذَّبوا بما جاءت به الرسل وأنكروا البعث بعد الموت، فأولئك في العذاب مقيمون؛ جزاء ما كذَّبوا به في الدنيا.

2- ملازمون للعذاب

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

البقرة: ٣٩

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾

التغابن: ١٠

والذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وكذَّبوا بدلائل ربوبيته وبراهين ألوهيته التي أرسل بها رسله، أولئك أهل النار ماكثين فيها أبدًا .

3- العذاب في الجحيم

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾

الحديد: ١٩

والذين كفروا وكذَّبوا بأدلتنا وحججنا أولئك أصحاب الجحيم، فلا أجر لهم، ولا نور.

4- العذاب المهين

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾

الحج: ٥٧

والذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله وأنكروا آيات القرآن، فأولئك لهم عذاب يخزيهم ويهينهم في جهنم.

ثالثًا: اللعن على الكاذبين

أخبر سبحانه وتعالى أن الذين كذبوا على ربهم في الدنيا قد سخط الله عليهم، ولعنهم لعنة لا تنقطع .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ  أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾

هود: ١٨

ولا أحد أظلم ممن اختلق على الله كذبًا، أولئك سيعرضون على ربهم يوم القيامة؛ ليحاسبهم على أعمالهم، ويقول الأشهاد من الملائكة والنبيين وغيرهم: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم في الدنيا قد سخط الله عليهم، ولعنهم لعنة لا تنقطع؛ لأن ظلمهم صار وصفًا ملازمًا لهم.

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾

آل عمران: ٦١

فمَن جادلك -أيها الرسول- في المسيح عيسى ابن مريم من بعد ما جاءك من العلم في أمر عيسى عليه السلام، فقل لهم: تعالوا نُحْضِر أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نتجه إلى الله بالدعاء أن يُنزل عقوبته ولعنته على الكاذبين في قولهم، المصرِّين على عنادهم.

رابعًا: نفي الفلاح عن المكذبين

أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر الذين يفترون على الله الكذب باتخاذ الولد وإضافة الشريك إليه، أنهم لا ينالون مطلوبهم في الدنيا ولا في الآخرة  .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ . مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾

يونس: ٦٩-٧٠

والفلاح عبارةٌ عن الوصول إلى المقصود والمطلوب، فمعنى أنه لا يفلح هو أنه لا ينجح في سعيه ولا يفوز بمطلوبه بل خاب وخسر في الدنيا و في الآخرة  .

خامسًا: الاعتبار بعاقبة المكذبين

أمر الله سبحانه بالنظر والتأمل في عاقبة المكذبين؛ للاعتبار والاتعاظ ، ويحتاجه المكذبون أنفسهم؛ ليرتدعوا وينزجروا .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

الأنعام: ١١

﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

الزخرف: ٢٥

﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

النحل: ٣٦

﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

آل عمران : ١٣٧

فسيروا في الأرض معتبرين بما آل إليه أمر أولئك المكذبين بالله ورسله .

5- مجالات الكذب

      في

   القرآن الكريم

ذكر القرآن الكريم مجالات للكذب ، منها

أولًا: الكذب على الله

من أعظم صور الظلم الكذب على الله: أنه لم يبعث رسولًا من البشر، أو ادعى كذبًا أن الله أوحى إليه ولم يوح إليه شيء، أو ادعى أنه قادر على أن ينزل مثل ما أنزل الله من القرآن.

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

آل عمران: ٩٤

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾

الأنعام: ٩٣

ومن صور الكذب التحليل والتحريم، بحسب الأهواء، لا بحسب الشرع المنزل من عند الله

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾

النحل: ١١٦

ومن صور التكذيب على الله  نسبة الشريك إليه في عبادته.

قال الله تعالى:

﴿ هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾

الكهف: ١٥

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

الصف: ٧

ثانيًا: التكذيب بآيات الله

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

الأعراف: ٣٦

﴿ وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ . فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾

الأنعام: ٤-٥

أي: إن المشركين المكذبين المعاندين مهما أتتهم من دلالة ومعجزة وحجة من الدلالات على وحدانية الله وصدق رسله الكرام فإنهم يعرضون عنها فلا ينظرون إليها ولا يبالون بها.

ثالثًا: التكذيب بالكتب

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ . فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ﴾

غافر: ٧٠ – ٧٢

هؤلاء المشركون الذين كذَّبوا بالقرآن والكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله لهداية الناس، فسوف يعلم هؤلاء المكذبون عاقبة تكذيبهم حين تُجعل الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أرجلهم، وتسحبهم زبانية العذاب في الماء الحار الذي اشتدَّ غليانه وحرُّه، ثم في نار جهنم يوقد بهم.

رابعًا: تكذيب الرسل

1- تكذيب قوم نوح

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾

الشعراء: ١٠٥

2- تكذيب قوم هود

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾

الشعراء: ١٢٣

3- تكذيب قوم فرعون لموسى وهارون عليهما السلام

قال الله تعالى:

 ﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ . إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ .  فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ .  فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ﴾

المؤمنون: ٤٥- ٤٨

4- تكذيب قوم شعيب

أخبر سبحانه وتعالى في كتابه أن قوم شعيب كذبوه.

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ﴾

الشعراء: ١٧٦

الأيكة: الشجر الملتف.

٥-   تكذيب المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾

آل عمران: ١٨٤

جاء الخطاب القرآني الموجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه له فحاله مع قومه كحال الرسل السابقين مع قومهم، فلا تعجب ولا تحزن إن كذبوك؛ لأن هذه عادة قديمة في الأمم مع الرسل، وليس ذلك لنقص فيما جئت به.

خامسًا: الكذب في إبداء الأعذار

قال الله تعالى:

﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ  وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾

التوبة :  ٤٢

وبَّخ الله جلَّ جلاله جماعة من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة (تبوك) مبينًا أنه لو كان خروجهم إلى غنيمة قريبة سهلة المنال لاتبعوك، ولكن لما دعوا إلى قتال الروم في أطراف بلاد (الشام) في وقت الحر تخاذلوا، وتخلفوا، وسيعتذرون لتخلفهم عن الخروج حالفين بأنهم لا يستطيعون ذلك، يهلكون أنفسهم بالكذب والنفاق، والله يعلم إنهم لكاذبون فيما يبدون لك من الأعذار.

سادسًا: الكذب في إسناد الأقوال والأفعال لغير فاعلها

أخبر سبحانه وتعالى في سورة يوسف أن إخوته كذبوا على أبيهم، وأوهموه أن الذئب أكله.

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ . وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾

يوسف: ١٧- 18

قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نتسابق في الجَرْي والرمي بالسهام، وتركنا يوسف عند زادنا وثيابنا، فلم نقصِّر في حفظه، بل تركناه في مأمننا، وما فارقناه إلا وقتًا يسيرًا، فأكله الذئب، وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا موصوفين بالصدق؛ لشدة حبك ليوسف. وجاؤوا بقميصه ملطخًا بدم غير دم يوسف؛ ليشهد على صدقهم، فكان دليلا على كذبهم؛ لأن القميص لم يُمَزَّقْ. فقال لهم أبوهم يعقوب عليه السلام: ما الأمر كما تقولون، بل زيَّنت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء أمرًا قبيحًا في يوسف، فرأيتموه حسنًا وفعلتموه، فصبري صبر جميل لا شكوى معه لأحد من الخلق، وأستعين بالله على احتمال ما تصفون من الكذب، لا على حولي وقوتي.

6- عواقب الكذب وآثاره

حذر القرآن الكريم من عاقبة الكذب وآثاره على الكاذب

1- الضلال

قرن سبحانه وتعالى بين الكذب والضلال في مواضع من كتابه

قال الله تعالى :

﴿ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾

الأنعام: ٢٤

﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴾

الواقعة: ٥١

﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ﴾

الواقعة: ٩٢

وقدم وصف التكذيب على وصف الضلال؛ لمراعاة سبب ما نالهم من العذاب وهو التكذيب؛ لأن الكلام هنا على عذابٍ قد حان حينه وفات وقت الحذر منه فبين سبب عذابهم، وذكروا بالذي أوقعهم في سببه ليحصل لهم ألم التندم .

2-  الخسران

قرن الله بين الكذب والخسران

قال الله تعالى :

﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾

الأنعام: ٣١

﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ﴾

الأ عراف: ٩٢

 ﴿ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾

يونس: ٩٥

فرتب على الكذب الخسار، وهو عدم الربح أصلا وذلك بفوات الثواب في الدنيا والآخرة.

3- إحباط الأعمال

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

الأعراف: ١٤٧

والذين كذَّبوا بآيات الله وحججه وبلقاء الله في الآخرة حبطت أعمالهم؛ بسبب فَقْدِ شرطها، وهو الإيمان بالله والتصديق بجزائه، ما يجزون في الآخرة إلا جزاء ما كانوا يعملونه في الدنيا من الكفر والمعاصي، وهو الخلود في النار.

4- الاستدراج

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف: ١٨٢

والذين كذَّبوا بآياتنا، فجحدوها، ولم يتذكروا بها، سنفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا، استدراجًا لهم حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، ثم نعاقبهم على غِرَّة من حيث لا يعلمون. وهذه عقوبة من الله على التكذيب بحجج الله وآياته.

5- الإهلاك

قال الله تعالى :

﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ  وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾

الأنفال: ٥٤

أي: شأن هؤلاء الكافرين في ذلك كشأن آل فرعون الذين كذبوا موسى، وشأن الذين كذبوا رسلهم من الأمم السابقة فأهلكهم الله بسبب ذنوبهم، وأغرق آل فرعون في البحر، وكل منهم كان فاعلًا ما لم يكن له فعله من تكذيبهم رسل الله وجحودهم آياته، وإشراكهم في العبادة غيره.

6- عدم الهداية

قرن سبحانه بين الكذب وعدم الهداية

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾

الزمر: ٣

إن الله لا يوفق للهداية إلى الصراط المستقيم من هو مفترٍ على الله، كَفَّار بآياته وحججه.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾

غافر: ٢٨

إن الله لا يوفق للحق مَن هو متجاوز للحد، بترك الحق والإقبال على الباطل، كذَّاب بنسبته ما أسرف فيه إلى الله.

7- مثواه جهنم في الآخرة

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾

الأعراف: ٣٦

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾

المائدة: ١٠

وأخبر سبحانه أن الكفار الذين لم يصدقوا بحججه وآياته الدالة على وحدانيته، ولم يعملوا بشرعه تكبرًا واستعلاءً، لا تفتح لأعمالهم في الحياة ولا لأرواحهم عند الممات أبواب السماء، ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ﴾

الأعراف:٤٠

وأخبر سبحانه أنه أعد لمن كذب بالساعة نارًا حارة تسعر بهم

قال الله تعالى :

﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴾

الفرقان :١١

Share This