1- مفهوم القراءة

القراءة عملية معرفية تستند على ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل لتكوين معنى، والوصول إلى مرحلة الفهم والإدراك.

2- كلمة القراءة

        في

    القرآن الكريم

وردت مادة (قرأ) في القرآن الكريم (٨7) مرة، والصيغ التي وردت هي:

أ – الفعل الماضي

وردت 6 مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الأعراف:٢٠٤

ب – الفعل المضارع

وردت 5 مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾

الإسراء:١٠٦

ج – الفعل الأمر

وردت  6 مرات

قال الله تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾

العلق:١

د – المصدر

وردت 70  مرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ  ﴾

القيامة:١٧-١٨

3- الكلمات ذات الصلة

     بٍكلمة القراءة

أ – التلاوة

هي القراءة لكلام مكتوبٍ أو محفوظٍ من كلامٍ له أو لغيره، يحكيه لسامعه .

ب – الترتيل

القراءة بتؤدة واطمئنان، وإخراج كل حرف من مخرجه، مع تدبر المعاني، ومراعاة الوقوف .

ج – الكتابة

خطوطٌ موضوعةٌ مجتمعة تدل على المعنى المقصود، وأصلها: نقش الحروف في حجرٍ أو رق أو ثوبٍ.

د-  الأمية

الأمية هي عدم القدرة على القراءة والكتابة .

4- منزلة القراءة

جاء القرآن الكريم مشيدًا بالقراءة مناديًا بها في أول كلمة نزلت منه من السماء، ومستعملًا لاشتقاقاتها، مدللًا على منزلتها الرفيعة، ومكانتها السامية، يوضح ذلك ما جاء في النقاط الآتية:

أولًا: إسناد القراءة لله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَىٰ ﴾

الأعلى :٦

سنقرئك -أيها الرسول- هذا القرآن قراءة لا تنساها .

ثانيًا: الأمر بالقراءة

قال الله تعالى :

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾

العلق :١

اقرأ – أيها النبي- ما أُنزل إليك من القرآن مُفْتَتِحًا باسم ربك المتفرد بالخلق .

ثالثًا: القراءة تكريم للإنسان

قال الله تعالى:

   ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

العلق :٣-٥

لما كانت القراءة هي الطريق للعلم والرفعة؛ والذي يرفع الإنسان ويخرجه من جهله وأميته التي خلق عليها؛ كان تخصيصه بالقراءة وأمره بها من أعظم النعم الموهوبه، والفضائل المهداة.

5- مجلات القراءة

     في

القرآن الكريم

أمر الله تعالى الإنسان بالقراءة في مجلات ثلاثة ؛ تشمل الأتي:

أولا قراءة القرآن 

أ- آداب قراءة

قراءة القرآن من أفضل القربات، وأشرف العبادات، ولذا جاء القرآن الكريم مرشدًا إليها، موضحًا الآداب التي ينبغي لقارئ القرآن أن يتأدب بها تعظيمًا للقرآن، وإجلالًا له، وهي كما يلي:

1- ﺍﻟﺒﺪﺀ بالبسلمة

أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبتدئ القراءة باسم الله تأدبًا، وبركةً، وثناءًا.

قال الله تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾

العلق: ١

أي: اقرأ القرآن، وافتتحه باسم الله

2- الاستعاذة ﺑﺎﷲ سبحانه وتعالى

قال الله تعالى:

﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾

النحل: ٩٨

أي: إذا أردت القراءة فاستعذ بالله، واسأله سبحانه أن يعيذك من الشيطان الرجيم من أن يعرض لك أثناء قراءة القرآن فيصدك عن تدبره.

3- ابتغاء مرضاة الله

قراءة القرآن عبادة رتب الله عليها الأجر والثواب إذا كانت خالصةً لله، وقصد بها القارئ ابتغاء مرضاة الله، وأداؤها بدون إخلاصٍ وصدق مع الله يجعلها لا قيمة لها ولا ثواب.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾

يونس: ٦١

وما تكون -أيها الرسول- في أمر مِن أمورك وما تتلو من كتاب الله من آيات، وما يعمل أحد من هذه الأمة عملا من خير أو شر إلا كنا عليكم شهودًا مُطَّلِعين عليه .

4- السؤال عند عدم المعرفة

أرشد الله إلى أهمية السؤال في التعلم والتعليم  ، عند عدم معرفة معني ماتقرأ.

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴾

الفرقان: ٥٩

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

النحل: ٤٣

فأهل الذكر هم أهل العلم والكتابة والقراءة، العارفون بكتاب الله،

وقد أشاد الله في كتابه بسؤال المؤمنين عما أشكل عليهم في أمور دينهم .

قال الله تعالى:

﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ  قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾

المائدة: ٤

وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم – زيادةً في طمأنته بشأن نبوته- أن يسأل أهل القراءة من أهل التوراة والإنجيل عن وجود هذه الحقيقة في كتبهم.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾

يونس: ٩٤

كما نهى الله سبحانه في المقابل عن كثرة الأسئلة التي لا فائدة فيها، أو الأسئلة التي يترتب عليها تشديد على الأمة .

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾

المائدة: ١٠١

أي: لا تسألوا عما لا حاجة لكم بالسؤال عنه، ولا هو مما يعنيكم في أمر دينكم.

5- تعاهد القراءة

تكرار المقروء وسيلة من وسائل حفظه، ورسوخه في العقل، ، فالكلام المكرور أوقع في النفوس والعقول، وقد استخدمه القرآن وسيلة لتثبيت المعنى في نفوس قارئيه، وإقراره في أفئدتهم ، وأشار إلى أهميته.

قال الله تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ .  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ  ﴾

العلق 1-3

فقد كرر الأمر بالقراءة ، لأن القراءة لا تكسبها النفس إلا بالتكرار والتعود على ما جرت به العادة، وتكرار الأمر الإلهى يقوم مقام تكرار المقروء، وبذلك تصير القراءة ملكة .

6- التؤدة والتمهل

القراءة بتمهل وتؤدة أقرب إلى الإجلال والتوقير للمقروء، وأشد تأثيرًا في القلب، وأدعى إلى التدبر والفهم. ولذلك جاء الأمر بقراءته على هذه الصفة .

قال الله تعالى:

﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾

المزمل: ٤

﴿ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾

طه: ١١٤

7- الصبر على مدارسة القرآن

وقراءة القرآن وتدبره، والعمل به تحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس، وحبسٍ لها على مدارسة القرآن، وتلقي كيفية قراءته، وتصحيح تلاوته ومدارسة معانيه وأحكامه، فهو الكلام العظيم ذو الخطر والأثر ، وليس بالخفيف .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾

المزمل: ٥

قولًا ثقيلًا يعني: كلامًا عظيمًا

قال الله تعالى:

﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ  وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

الحشر: ٢١

8- اختيار الوقت والمكان المناسب.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾

المزمل: ٦

فناشئة الليل أي: أوقاته وساعاته، وأشد وطئًا: أي: أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من النهار؛ لأنه وقت انتشار الناس، ولغط الأصوات، وأوقات المعاش .

9- الاستماع والإنصات للقارئ

الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن طريق الرحمة، ووسيلة الانتفاع والتدبر.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الأعراف: ٢٠٤

10- العمل بما يحتوي عليه القرآن

القرآن الكريم موعظة القلوب ومذكر النفوس، اشتمل على الترغيب والترهيب، والتذكير للإنسان بمصيره ومآله ورجوعه، مما يؤدي إلي إصلاح النفوس .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴾

الفرقان 73

والذين إذا وُعِظُوا بآيات القرآن ودلائل وحدانية الله لم يتغافلوا عنها، كأنهم صمٌّ لم يسمعوها، وعُمْيٌ لم يبصروها، بل وَعَتْها قلوبهم، وتفتَّحت لها بصائرهم، فخرُّوا لله ساجدين مطيعين.

قال الله تعالى:

﴿ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾

مريم: ٥٨

11 – سند قراءة القرآن

القرآن الكريم أعظم المنقولات إسنادًا، وأقدسها اتصالًا، فهو وحي رباني، اتصل بالخالق سبحانه، ونقل عن طريق أمين الوحي جبريل عليه السلام، ونزل على قلب الرسول الكريم  .

أ- الإسناد إلى الله تعالى

القرآن مصدره إلهي ، فقد أسند سبحانه و تعالى  ما أنزله على رسوله إلى نفسه ..

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

الشعراء: ١٩٢

﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾

النمل: ٦

﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ﴾

البقرة: ٢٥٢

ب – الإسناد إلى جبريل عليه السلام

أخبر الله بالواسطة بينه سبحانه وبين نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم في نقل القرآن إلى جبريل الأمين عليه السلام .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

النحل 102

﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾

التكوير: ١9 – ٢0

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ  .عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ﴾

النجم: 4- 5

ج – الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

اصطفى الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وشرفه بتبليغ رسالته، وتلاوة كتابه، وأمره بإقراء أمته .

قال الله تعالى:

﴿ كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ  ﴾

الرعد: ٣٠

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

آل عمران : ١٦٤

12 – مراتب الناس في القراءة

لقد أشار القرآن الكريم إلى أقسام الناس في حالهم مع قراءة القرآن من حيث الانتفاع وعدمه، والإعراض والهجر، يوضح ذلك ما يلي:

أ-  القراء المنتفعون بالقراءة

أشار القرآن الكريم إلى أن المنتفعين بقراءة القرآن وتلاوته هم المؤمنون خاصة، فإذا قرؤوا القرآن وسمعوا قراءته زادتهم رسوخًا في اليقين، ونشاطًا في الأعمال الصالحة، وسعةً في العلم والمعرفة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

الأنفال: ٢

﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ 

الأعراف: ٢

ومن صفات المنتفعين بقراءة القرآن أنهم أهل خشية وخوف من الله تعالى ، يظهر ذلك على جوارحهم.

قال الله تعالى :

﴿ طه. مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ . إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَىٰ ﴾

طه : ١- ٣

﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾

ق: ٤٥

﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

الزمر: ٢٣

ب – القراء غير المنتفعين بالقراءة

لقد أخبر الله في كتابه العزيز بأن الذين لا يؤمنون بالله لا ينتفعون بقراءة القرآن وتلاوته، ففي آذانهم ثقل عن استماعه، وفي قلوبهم عمى فلا يبصرون هدايته.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا . وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا  وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾

الإسراء: ٤٥ – ٤٦

ج –  الهاجرون للقراءة

جاء الذم في القرآن الكريم لهجر القرآن، ونقل الله عز وجل شكاية رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ربه من حال قومه في هجرهم للقرآن وإعراضهم عنه،

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾

الفرقان: ٣٠

﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾

الأنعام: ٢٦

قال: ينهون عنه، ويبعدون عنه

د –  المعرضون عن القراءة

قراءة القرآن هي الحياة للقلب، والسعادة في الدارين، والإعراض عنها، وعن تدبر القرآن، والعمل به سبب في عقوبات عظيمة:

أ – المعيشة الضنك في الحياة الدنيا.

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴾

طه: ١٢٤

يعني: القرآن فلم يؤمن به ولم يتبعه، فإن له معيشة ضنكا في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه في قلقٍ وحيرة وشك .

ب – يجيء يوم القيامة أعمى منسيًا، يحمل أوزارًا

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ ﴾

طه: ١٢٥ -١٢٦

فالمعرض عن آيات الله يحشر إلى النار أعمى البصر والبصيرة،  فالجزاء من جنس العمل، فلما أعرض عن آيات الله، وعاملها معاملة من لم يذكره فكذلك يعامله الله معاملة من ينساه ، بل يحمل حملًا ثقيلًا من الآثام والأوزار، وبئس الحمل حمله يوم القيامة.

ج – التعرض لانتقام الله عز وجل

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾

السجدة: ٢٢

أي: لا أظلم ممن ذكره الله بآياته وبينها له، ثم بعد ذلك تركها وجحدها، وأعرض عنها وتناساها، كأنه لا يعرفها، وسينتقم الله ممن فعل ذلك أشد الانتقام.

13 – ثمرات قراءة القرآن

قراءة القرآن عبادة عظيمة، ومنزلتها رفيعة، فقد أشار القرآن الكريم إلى ثمراتها، ومنها:

أ – الأجرً والمثوبة من الله

قراءة القرآن تجارة مع الله، فكلما ازداد العبد تلاوة للقرآن كلما ازداد أجرًا ومثوبة.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾

فاطر: ٢٩

ب – حصول الهداية

وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وهذا حال المؤمنين إذ تلقوا القرآن وقرؤوه ودرسوه وتفقهوا فيه.

قال الله تعالى :

﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ  أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ١٨

ج – حصول العلم النافع

وهو الذي يورث خشية الله والخوف منه، وحصول النفع بتدبره، والهدى بالعمل به.

قال الله تعالى :

﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

ص : ٢٩

ثانيًا: القراءة في كتاب الكون

الكون كتاب مفتوح لكل قارئ له، فهو ميدان رحب للتفكر والتدبر فيما أودع الله فيه من آيات بينات، ودلائل واضحات، فإن الأرض والسماء، والبحار والجبال وما فيهما من مخلوقات عجيبة، وكائناتٍ حية، وما قامت عليه من نظام محكم دقيق؛ ليجعل المؤمن المتبصر يدرك صنع الله وقدرته وحكمته.

وقد أرشد الله الخلق في كتابه إلى قراءة هذا الكتاب بعين العقل والفكر والوجدان .

قال الله تعالى :

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

يونس: ١٠١

أي: فادعهم إلى النظر في دلائل الوحدانية والإرشاد إلى تحصيل أسباب الإيمان، ودفع غشاوات الكفر، وذلك بالإرشاد إلى النظر والاستدلال بما هو حول الإنسان من أحوال الموجودات، وتصاريفها الدالة على الوحدانية، مثل أجرام الكواكب، وتقادير مسيرها، وأحوال النور والظلمة والرياح والسحاب والمطر، وكذلك البحار والجبال .

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: ١٦٤

فالقراءة في كتاب الكون المفتوح، وتتبع يد الله المبدعة، وهي تحرك هذا الكون، وتقلب صفحات هذا الكتاب هو عبادة لله من صميم العبادة.

فالكون ليس جامدًا ولا صامتًا، ولا أصمًا أبكمًا، ولكنه كتاب ناطق بالحجة والبرهان على وحدانية الله جل جلاله.

ومن سدت عيناه عن قراءة كتاب الكون، وكان في هذه الدنيا أعمى القلب عن رؤية قدرة الله وآياته ورؤية الحق، فهو في الآخرة أشد عمى، وأضل سبيلا.

قال الله تعالى    :

﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾

الإسراء : ٧٢

ثالثًا – القراءة في الآخرة

اليوم الآخر تجتمع فيه الخلائق عند ربهم، ويقوم الناس لرب العالمين، وهو يوم الجزاء والحساب، ينشر الله فيه سجلات الأعمال، وصحائف الحسنات والسيئات فيعرف المرء عمله.

ويوم القيامة يأمر الله المرء بقراءة كتابه

قال الله تعالى:

﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾

الإسراء: ١٤

يقرؤه هو وغيره، فيه جميع ما عمله من أول عمره إلى آخره.

قال الله تعالى:

﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا  ﴾

الكهف: ٤٩

أي: كتاب الأعمال ، وضع ونشر، ليقرأ ما فيه من الحسنات والسيئات.

قال الله تعالى:

﴿ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ  وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ  ﴾

يونس: ٣٠

تَبْلُو : تتلو

وينقسم الناس يوم القيامة في قراءتهم لكتاب أعمالهم إلى فريقين:

أ – فريق آخذ كتابه بيمينه، يقرؤون كتابهم مسرورين فرحين

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾

الحاقة : ١٩

أي: دونكم كتابي فاقرؤوه فإنه يبشر بالجنات، وأنواع الكرامات، ومغفرة الذنوب، وستر العيوب .

ب – فريق آخذ كتابه بشماله ، فيضعه وراء ظهره حتى لا يطلع عليه أحد؛ لأنه يعلم أن هذا الكتاب مليء بالسيئات،

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴾

الحاقة: ٢٥

وَأمَّا من أعطي كتاب أعماله بشماله، فيقول نادمًا متحسرًا: يا ليتني لم أُعط كتابي، ولم أعلم ما جزائي؟

 

 

Share This