1- مفهوم القرآن

القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، المُنزل على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ، بواسطة المَلك جبريل عليه السّلام ، المعجز بلفظه، المتعبّد بتلاوته، المُفتتح بسورة الفاتحة، والمُنتهي بسورة الناس، المكتوب في المصاحف، والمنقول إلينا بالتواتر .

قَال الله تعالى:

( وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ )

الشعراء: 192-194

أٌطلق اسم القرآن على كتاب الله تعالى ؛ لأنّه يؤلّف بين السور، ويضمّ بعضها إلى بعض. وقد بيَّن الله تعالى ذلك في كتابه

قَال الله تعالى:

 ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ )

القيامة: 17

أي ضم بعضه إلى بعض

2- كلمة القرآن

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة القرآن في القرآن الكريم ( 6٨ ) مرة .

قَال الله تعالى:

( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ )

البقرة :١٨٥

وجاءت كلمة القرآن في القرآن الكريم بمعنى الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

3- فضل القرآن

للقرآن الكريم العديد من الفضائل التي تُبيِّن شرف هذا الكتاب العظيم ومكانته. منها ما يلي.

1- شفاء لما في القلوب

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾

يونس : 57

يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده، وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم، وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض .

2- الهدى من الضلالة

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾

فصلت :44

هذا القرآن للذين آمنوا بالله ورسوله هدى من الضلالة

3- رحمة للمؤمنين به

قال الله تعالى:

﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾

الإسراء :82

جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين، وخصَّهم بذلك؛ لأنهم المنتفعون بالإيمان، وأما الكافرون فهو عليهم عَمَى.

4 – طرق التعامل

         مع  

    القرآن الكريم

أهم واجباتنا نحو القرآن الكريم هي:

1– الآتعاظ به

قَال الله تعالى:

( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )

القمر:  17

ولقد سَهَّلْنا القرآن للتلاوة والحفظ، ومعانيه للفهم والتدبر، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر، فهل من متعظ به؟

2- الآمر بتلاوتة

قَال الله تعالى:

 ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ )

المزمل:  20

فاقرؤوا في الصلاة بالليل ما تيسر لكم قراءته من القرآن .

3- الآستماع له

أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يستمعوا وينصتوا إذا قرئ القرآن

قَال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الأعراف:  204

هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب الله يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه. وأما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب الله، فإنه ينال خيرًا كثيرًا .

4-  تَدَبَّره

قَال الله تعالى:

( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )

النساء:  82

أفلا ينظر هؤلاء في القرآن، وما جاء به من الحق، نظر تأمل وتدبر، حيث جاء على نسق محكم يقطع بأنه من عند الله وحده؟ ولو كان مِن عند غيره لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا.

5- الإيمان به

قَال الله تعالى:

 ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا )

البقرة:  136

قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء اليهود والنَّصارى: صدَّقنا بالله الواحد المعبود بحق، وبما أنزل إلينا من القرآن الذي أوحاه الله إلى نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

6- العمل به

قَال الله تعالى:

 ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )

الأعراف :  3

اتبعوا -أيها الناس- ما أُنزل إليكم من ربكم من الكتاب بامتثال الأوامر واجتناب النواهي .

7- مَسُّه للطاهر

قَال الله تعالى:

( لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ )

الواقعة : 79

إن الطهارة عند لمس المصحف أدب يتأدب به المؤمن مشابهة للملائكة المطهرين، وهو يلقي في نفسه شعورًا بعظمة هذا الكتاب وجلال منزله والحفاوة التي صاحبت نزوله وتلاوته في الملأ الأعلى .

قَال الله تعالى:

﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ . فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ . فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ . مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾

عبس: ١١-١٦

وصف الحق سبحانه وتعالى كتابه بأنه في صحف مطهرة بأيدي سفرة

8- الاستعاذة بالله من

الشيطان عند قراءته

قَال الله تعالى:

( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )

النحل : 98

فإذا أردت – أيها المؤمن- أن تقرأ شيئًا من القرآن فاستعذ بالله مِن شرِّ الشيطان المطرود من رحمة الله قائلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

9- التذكير به

فالإنسان ينسى ويضعف أمام الشيطان والهوى والضغوط، فهو بحاجة دائمة إلى التذكير.

قال الله تعالى:

( فذكِّر بالقرآن مَن يخاف وَعِيْد )

ق :45

10- النهي عن هجره

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾

الفرقان: 30

وقال الرسول شاكيًا ما صنع قومه: يا ربِّ إن قومي تركوا هذا القرآن وهجروه، متمادين في إعراضهم عنه وتَرْكِ تدبُّره والعمل به وتبليغه. وفي الآية تخويف عظيم لمن هجر القرآن فلم يعمل به.

5- اسْمِاء القرآن

للقرآن أسماءٌ أُخرى جاءت آيات القرآن الكريم نفسها على ذكرها، ومنها:

1- الذِّكْرِ

قَال الله تعالى:

( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ )

آل عمران: 58

2- الْفُرْقَانَ

قَال الله تعالى:

( أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ )

آل عمران: 4

3- القرآن

قَال الله تعالى:

 ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ )

الأنعام: 19

4- الْكِتَابَ

قَال الله تعالى:

( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ )

النساء: 105

5- النورً

قَال الله تعالى:

( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا )

النساء: 174

6 – صفات القرآن

لقد وصف الله تعالى كتابه بأكرم النعوت وأكمل الصفات وأقسم به فى مواضع كثَيرة

1- البُرْهَانٌ

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا )

النساء:174

2- البشرىٰ

قَال الله تعالى:

( وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ )

الأحقاف: 12

3- الحق

قَال الله تعالى:

( وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ )

فاطر:31

4- الْحَكِيمِ

قَال الله تعالى:

( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ )

يونس:1

5- الْرَحْمَةٌ

قَال الله تعالى:

 ( وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )

النمل: 77

6- الشِفَاءٌ

قَال الله تعالى:

( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )

الإسراء: 82

7- الذكرى

قَال الله تعالى:

( كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ )

الأعراف: 2

8- البصيرةٌ

قَال الله تعالى:

(هذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ )

الأعراف: 203

هذا القرآن حججًا وبراهين من ربكم

9 – البلاغ

قَال الله تعالى:

( هَٰذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ )

إبراهيم: 52

هذا القرآن الذي أنزلناه بلاغ وإعلام للناس

10- العربي

قَال الله تعالى:

( وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا )

طه: 113

11- العزيز

قَال الله تعالى:

( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ )

فصلت: 41

القرآن لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه وحفظه له من كل تغيير أو تبديل

12- الْعَظِيمَ

قَال الله تعالى:

 ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ )

الحجر:87

13- الْكريم

قَال الله تعالى:

( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ )

الواقعة: 77

14- المبارك

قَال الله تعالى:

( وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ )

الأنعام: 92

15- العلي

قَال الله تعالى:

( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )

الزخرف: 4

وإنه مثبت في اللوح المحفوظ عندنا لعلي على الكتب قبله ذو حكمة بالغة.

16– المبين

قَال الله تعالى:

( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ )

المائدة: 15

17- المجيد

قَال الله تعالى:

 ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ )

البروج: 21

18- الهدى

قَال الله تعالى:

( ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ )

البقرة: 2

19- الموعظة

قَال الله تعالى:

( هذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ )

آل عمران: 138

20 – المفصَّل

قَال الله تعالى:

( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ )

الأعراف: 52

21- الروح

والروح ما تحصل به الحياة

قَال الله تعالى:

 ( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا )

الشورى : 52

7- منزله القرآن

القرآن الكريم له منزله خاصه ويتجلى ذلك فى ما يأتى ..

1- الكفاية به

قَال الله تعالى:

( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ )

العنكبوت: 51

أولم يكف هؤلاء المشركين في علمهم بصدقك -أيها الرسول- أنَّا أنزلنا عليك القرآن يتلى عليهم؟ إن في هذا القرآن لَرحمة للمؤمنين في الدنيا والآخرة، وذكرى يتذكرون بما فيه من عبرة وعظة.

2- تكفَّل الله تعالى بحفظه

أنَّ الله تعالى تكفَّل بحفظه من التّحريف والتّبديل دوناً عن الكتب الأخرى

قَال الله تعالى:

( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )

الحجر: 9

إنَّا نحن نزَّلنا القرآن وإنَّا نتعهد بحفظه مِن أن يُزاد فيه أو يُنْقَص منه، أو يضيع منه شيء.

3- كفرمنكره

قَال الله تعالى:

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَٰذَا الْقُرْآنِ )

سبأ :31

4-عموم رسالته

كون ما يحمل من التشَريع الألهي عاما لكل الناس فى آي مكان كانوا وفى آي زمان وجدوا .

قال اللهُ تعالى:

﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾

الفرقان 1

﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾

الأعراف 158

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرً ﴾

سبأ 28

وذلك بخلاف الكتب التى سبقتة فأنها كانت خاصة  فى المكان والزمان .. ولا عموم فيها البته

5- مهيمنا علي ما سبقة من الكتب

قال اللهُ تعالى:

﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾

المائدة 48

6- نزولهُ في ليلة القدر

قَال الله تعالى:

   ﴿  إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾

القدر: 1- 5

 ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )

البقرة : 185

7- قسم الله تعالى به

أقسم الله تعالى على أن القرآن الكريم حق

قال الله تعالى:

﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾

ق : ١

( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾

الواقعة :75-77

8- إِعجازة

المقصود بأنَّه مُعجَز أي أنَّ الله تعالى أنزل القرآن الكريم ليكون مُعجزةً مُؤيِّدةً للنبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وتمثَّل الإعجاز بما حواه القرآن الكريم من فصاحةٍ وبلاغةٍ، وإخبارٍ عن الغيب وقصصٍ للأمم السَّابقة، وما تضمَّنه من إعجازٍ علميٍّ وتشريعيٍّ، يكمن الإعجاز في تحدّي القوم الكافرين بأن يأتوا بمثله أو بعشر سورٍ منه أو حتّى آيةٍ واحدةٍ من مثل آياته، وما زال التحديّ قائماً،

قَال الله تعالى:

( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )

الإسراء: 88

( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )

النساء: 82

( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )

يونس: 38

 8- مواقف الناس منه

تحدث القرآن عن مواقف الناس منه، وهذا ما سوف نوضحه فيما يأتي:

1- المستجيبون له

أ- الذين أوتوا العلم

القرآن الكريم قد وصف الذين أوتوا العلم بالسجود والبكاء عند سماع آيات القرآن الكريم، وذلك منهم إقرار به وإذعان له.

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا .  وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا  ﴾

الإسراء: ١٠7-١٠٩

﴿  وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾

سبأ: ٦

وقد نص القرآن الكريم على أن الذين أوتوا العلم يرون نصوصه حقًّا وتنزيلًا من الله وهادية إلى صراطه .

ب – طائفة من القسيسين والرهبان

قَال الله تعالى:

﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾

المائدة: ٨٢-٨٣

ت – طائفة من اليهود والنصارى

قَال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ . وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴾

القصص: ٥٢-٥٥

الذين آتيناهم الكتاب من قبل القرآن – وهم اليهود والنصارى الذين لم يبدِّلوا- يؤمنون بالقرآن وبمحمد عليه الصلاة والسلام. وإذا يتلى هذا القرآن على الذين آتيناهم الكتاب، قالوا: صدَّقنا به، وعملنا بما فيه، إنه الحق من عند ربنا، إنا كنا من قبل نزوله مسلمين موحدين، فدين الله واحد، وهو الإسلام.

2- الصَّادُّونَ عنه

قص القرآن الكريم عن المشركين أنهم في خضم معاندتهم للحق وصدهم عنه قالوا إن قلوبهم مغلفة فلا يصل الحق إليها، وفي آذانهم صمم فلا يسمعون ما يتلو النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بينهم وبينه حجاب فلا يرونه.

قال الله تعالى:

﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ . وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾

فصلت: 3-٥

أي: هؤلاء المعرضون عنه، مبينون عدم انتفاعهم به، بسد الأبواب الموصلة إليه

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾

فصلت: ٢٦

وكما أخبروا عن أنفسهم أنهم قد تواصوا بعدم السماع للقرآن الكريم وأمر بعضهم بعضًا بذلك

في غمرة هذا العناد لم يشعر هؤلاء المعاندون أنه قد طبع على قلوبهم حقًّا وجعلت عليها أكنة وأغلفة مانعة من وصول الحق إليها فلا يفقهون معانيها، وأن آذانهم قد صمت عن سماع الحق، سماع من يستجيب له.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا . وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾

الإسراء : ٤٥-٤٦

وهؤلاء يصل القرآن إلى آذانهم ولكنهم لا يسمعونه

قال الله تعالى:

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾

الفرقان: ٤٤

ويصير القرآن الذي هو نور عمًى عليهم

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى  أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾

فصلت: ٤٤

ولأجل ذلك فهم لا ينتفعون بما فيه من تذكير ومواعظ

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾

الكهف: ٥٧

ولا تنشرح صدورهم لآياته

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ ﴾

الحج: ٥٥

ويغضبون إذا تليت عليهم

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ﴾

الحج: ٧٢

وهؤلاء الصادون قد جحدوا بآيات الله، وقد استيقنتها قلوبهم بما خالطها من مرض وكبر وعناد، فهم يجادلون بكل باطل؛ ليدحضوا به الحق، فإذا تقطعت بهم السبل وأعيتهم الحجة انقلب كبرهم غضبًا وبطشًا، بل إن مجرد سماع آيات الله تتلى يستفز هذا الغضب في نفوسهم .

Share This