1- مفهوم الفطرة

أن الفطرة هي الصفات الخَلقية الأولية التي منحها الله تعالى للإنسان وغرسها في طبيعته ، من المعرفة به و الميلُ الأصلي إلى السلوك المستقيم .

قال اللَّهِ تعالى:

 ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

الروم: 30

وقد حصل الإنسان علي تلك  الفطرة  من نفخَة اللَّهِ تعالى ..

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾

الحجر 29

﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ﴾

السجدة 9

ثم أتم خلق الإنسان وأبدعه، وأحسن خلقته، ونفخ فيه مِن روحه .

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

التين4

وبتلك النفخَة أصبح الإنسان في أحسن تقويم .. أي قابل لأن يتبع الفطرة التي خلقه اللَّهِ عليها .

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾

التين  5

ثم رددناه إلى النار إن لم يطع الله ، ويتبع الفطرة التي خلقه اللَّهِ عليها .

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾

القيامة: 14

فقد زودت هذه الفطرة السليمة الإنسان ببصيرة أخلاقية ، فيجد راحة في العدل والصدق والعلم والإحسان ما لا يجده في الظلم والكذب والجهل.

2- الفطرة

    في

الاستعمال القرآني

وردت كلمة الفطرة  وصيغها في القرآن الكريم (١5) مرة، والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد ٨ مرات

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ﴾

الأنعام:٧٩

– اسم الفاعل

ورد  ٦مرات

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

الأنعام:١٤

– المصدر

ورد مرة واحَدة

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

الروم:٣٠

ووردت الفطرة في القرآن بمعني إيجاد الشيء وإبداعه

3- الله تعالى فاطر

   الموجودات

إن من أهم ركائز الفطرة الصحيحة الإيمان بالله جل وعلا فاطر الموجودات و مبدعها صغيرها وكبيرها، وهو فاطر أعظم شيئين في الكون وهما

1- السموات والأرض

الله تعالى هو خالق السموات والأرض، ومنشئهما من العدم على غير مثال سابق . ويرد ذلك في القرآن الكريم في سياق بيان القدرة الباهرة لله عز وجل  ، في الآيات الأتية

– حمد الله تعالى نفسه

قال الله تعالى:

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

فاطر: ١

الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، خالق السماوات والأرض ومبدعهما .

– في الحديث إلي الرسول صلي الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

الأنعام: ١٤

– عن يوسف عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾

يوسف: ١٠١

– عن رسل قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ عليهم السلام

قال الله تعالى:

﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

إبراهيم: ١٠

قالت لهم رسلهم: أفي الله وعبادته – وحده- ريب، وهو خالق السموات والأرض، ومنشئهما من العدم على غير مثال سابق .

2- الخلق

إن الإنسان بكل إدراكاته الحسية والعقلية يؤمن بأن له خالقًا عظيمًا بالفطرة ، فالله تبارك وتعالى  فاطر الخلق ، وقد وردت عدة آيات بهذا الخصوص تبين بأن الله سبحانه وتعالى هو فاطر الخلق ، منها

– في الحديث إلي الرسول صلي الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

الرعد: ١٦

– على لسان الرجل الذي جاء من أقصي المدينة يدعوهم

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾

يس: ٢٢

– على لسان هود عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

هود 51

– على لسان إبراهيم عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾

الزخرف 27

– الله هو الذي يبدئ خلق الأشياء ويعيدها

قال الله تعالى:

﴿ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾

يونس: ٣٤

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾

العنكبوت: ١٩

﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾

الروم: ٢٧

فهو قادر على إعادتهم لأنه هو الفاطر المبدع

4 – اهتداء الفطرة الانسانية

   الى خالقها

خلق الله الانسان وجبله على الايمان وانت ترى الانسان حين تضيق عليه الامور يرفع يديه وراسه الى السماء يستغيث بالله وذلك هو نداء الفطرة في داخله.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾

العنكبوت 61

ولئن سألت – أيها الرسول- المشركين: من الذي خلق السموات والأرض على هذا النظام البديع، وذلَّل الشمس والقمر؟ ليقولُنَّ: خلقهن الله وحده .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ  ﴾

الزخرف: ٨٧

ولئن سألت – أيها الرسول- هؤلاء المشركين من قومك مَن خلقهم؟ ليقولُنَّ: الله خلقنا .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ ﴾

الزمر: ٣

والذين أشركوا مع الله غيره واتخذوا من دونه أولياء، قالوا: ما نعبد تلك الآلهة مع الله إلا لتشفع لنا عند الله، وتقربنا عنده منزلة .

قال الله تعالى:

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

يونس: ٩٠

وقطَعْنا ببني إسرائيل البحر حتى جاوزوه، فأتبعهم فرعون وجنوده ظلمًا وعدوانًا، فسلكوا البحر وراءهم، حتى إذا أحاط بفرعون الغرق قال: آمنتُ أنه لا إله إلا الذي آمنتْ به بنو إسرائيل، وأنا من الموحدين المستسلمين بالانقياد والطاعة.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾

الروم 33

وإذا أصاب الناسَ شدة وبلاء دعَوا ربهم مخلصين له أن يكشف عنهم الضر،

5- دين الله هو فطرته

قد عرَّف الله تعالى الدينُ بأنه الفطرة في الآية التالية

قال الله تعالى:

( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )

الروم30

أن الإنسان مأمورفي الدينُ بما هو مجبول عليه أي علي فطرتة . ولأجل تحقيق هذه الغاية واقعا في حياة الناس بعث اللهُ الرسل،

قال الله تعالى:

( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ  )

البقرة38

قال الله لهم: اهبطوا من الجنة جميعًا، وسيأتيكم أنتم وذرياتكم المتعاقبة ما فيه هدايتكم إلى الحق . فمن عمل بها فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة ولا هم يحزنون على ما فاتهم من أمور الدنيا.

6 – أسباب الانحراف

    عن الفطرة

الفطرة لا تنحرف إلى بمؤثرات خارجية، وأن هذه المؤثراتِ التي تؤدي إلى انحراف الفطرة عن وجهتها الصحيحة هي ..

أ- الشيطان

وإبليس قد تعهد بتغيير الفطرة بالكفر

قَال الله تعالى:

﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

الأعراف 27

يا بني آدم لا يخدعنَّكم الشيطان، فيزين لكم المعصية، كما زيَّنها لأبويكم آدم وحواء، فأخرجهما بسببها من الجنة، ينزع عنهما لباسهما الذي سترهما الله به؛ لتنكشف لهما عوراتهما. إن الشيطان يراكم هو وذريته وجنسه وأنتم لا ترونهم فاحذروهم. إنَّا جعلنا الشياطين أولياء للكفار الذين لا يوحدون الله، ولا يصدقون رسله، ولا يعملون بهديه.

قَال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

البقرة 168- 169

يا أيها الناس كلوا من رزق الله الذي أباحه لكم في الأرض، وهو الطاهر غير النجس، النافع غير الضار، ولا تتبعوا طرق الشيطان في التحليل والتحريم، والبدع والمعاصي. إنه عدو لكم ظاهر العداوة. إنما يأمركم الشيطان بكل ذنب قبيح يسوءُكم، وبكل معصية بالغة القبح، وبأن تفتروا على الله الكذب من تحريم الحلال وغيره بدون علم.

قَال الله تعالى:

( إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيد 0 لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا 0 وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا0 يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا )

النساء 117-120

ما يعبد المشركون من دون الله تعالى إلا أوثانًا لا تنفع ولا تضر، وما يعبدون إلا شيطانًا متمردًا على الله، بلغ في الفساد والإفساد حدّاً كبيرًا. طرده الله تعالى من رحمته. وقال الشيطان: لأتخذن مِن عبادك جزءًا معلومًا في إغوائهم قولا وعملا. ولأصرفَنَّ مَن تبعني منهم عن الحق، ولأعِدَنَّهم بالأماني الكاذبة، ولأدعونَّهم إلى تقطيع آذان الأنعام وتشقيقها لما أزينه لهم من الباطل، ولأدعونَّهم إلى تغيير خلق الله في الفطرة، وهيئة ما عليه الخلق. ومن يستجب للشيطان ويتخذه ناصرًا له من دون الله القوي العزيز، فقد هلك هلاكًا بيِّنًا. يعد الشيطان أتباعه بالوعود الكاذبة، ويغريهم بالأماني الباطلة الخادعة، وما يَعِدهم إلا خديعة لا صحة لها، ولا دليل عليها.

ب – الغفلة و النسيان

فغفلة الإنسان وتناسيه هي من أشد المؤثرات الصارفة عن الفطرة ؛ فالغفلة بمباهج الدنيا، والإشتغال بنعيمها قد يُنسي الإنسان ربه، ويصرفه عن فطرته التي فَطَره الله عليها.

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ  قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ﴾

الأعراف 172

واذكر -أيها النبي- إذ استخرج ربك أولاد آدم مِن أصلاب آبائهم، وقررهم بتوحيده بما أودعه في فطرهم من أنه ربهم وخالقهم ومليكهم، فأقروا له بذلك، خشية أن ينكروا يوم القيامة، فلا يقروا بشيء فيه، ويزعموا أن حجة الله ما قامت عليهم، ولا عندهم علم بها، بل كانوا عنها غافلين.

قال الله تعالى :

﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾

طه 115

ولقد وصينا آدم مِن قَبلِ أن يأكل من الشجرة، ألا يأكل منها، وقلنا له: إن إبليس عدو لك ولزوجك، فلا يخرجنكما من الجنة، فتشقى أنت وزوجك في الدنيا، فوسوس إليه الشيطان فأطاعه، ونسي آدم الوصية، ولم نجد له قوة في العزم يحفظ بها ما أُمر به.

قال الله تعالى :

﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾

المائدة 14

وأخذنا على الذين ادَّعوا أنهم أتباع المسيح عيسى -وليسوا كذلك- العهد المؤكد الذي أخذناه على بني إسرائيل: بأن يُتابعوا رسولهم وينصروه ويؤازروه، فبدَّلوا دينهم، وتركوا نصيبًا مما ذكروا به، فلم يعملوا به، كما صنع اليهود،

قال الله تعالى :

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾

الحشر 19

ولا تكونوا- أيها المؤمنون- كالذين تركوا أداء حق الله الذي أوجبه عليهم، فأنساهم بسبب ذلك حظوظ أنفسهم من الخيرات التي تنجيهم من عذاب يوم القيامة .

ج – البيئة المنحرفة و تقاليدها الفاسدة

فالتقاليد و العادات الاجتماعية لها أثر في تحويل هذه الفطرة من التمسك بالدين إلى التمسك بالعادات التي تتنافى معه .

قال الله تعالى :

﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ﴾

الزخرف22

بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على طريقة ومذهب ودين، وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه متبعون لهم، ومقتدون بهم.

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

البقرة 170

وإذا قال المؤمنون ناصحين أهل الضلال: اتبعوا ما أنزل الله من القرآن والهدى، أصرُّوا على تقليد أسلافهم المشركين قائلين: لا نتبع دينكم، بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا. أيتبعون آباءهم ولو كانوا لا يعقلون عن الله شيئًا، ولا يدركون رشدًا؟

قال الله تعالى :

﴿ وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾

الزخرف 23

وكذلك ما أرسلنا من قبلك -أيها الرسول- في قرية مِن نذير ينذرهم عقابنا على كفرهم بنا، فأنذروهم وحذَّروهم سخَطنا وحلول عقوبتنا، إلا قال الذين أبطرتهم النعمة من الرؤساء والكبراء: إنَّا وجدنا آباءنا على ملة ودين، وإنا على منهاجهم وطريقتهم مقتدون.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ . فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴾

الصافات 69- 70

إنهم وجدوا آباءهم على الشرك والضلال، فسارعوا إلى متابعتهم على ذلك.

د – إتباع شهوات النفس

كذلك إتباع شهوات النفس وأهوائها يصد الإنسان عن الدين و هو يعلم أنه يسير في غير الطريق الصحيح .

قال الله تعالى :

﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ﴾

الجاثية23

أفرأيت – أيها الرسول- من اتخذ هواه إلهًا له، فلا يهوى شيئًا إلا فَعَله، وأضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه، فلا يسمع مواعظ الله، ولا يعتبر بها .

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

القصص 50

ولا أحد أكثر ضلالا ممن اتبع هواه بغير هدى من الله.

قال الله تعالى :

﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾

الروم 29

بل اتبع المشركون أهواءهم بتقليد آبائهم بغير علم ، فشاركوهم في الجهل والضلالة،

7- عوامل تقويم الفطرة

الفطرة تحتاج إلى التذكير الدائم؛ فقد يطرأ عليها من الأحوال ويكتنفها من الظروف ما يضعف قوتها ويبدد نورها، حتى يصبح معروفُها منكرا ومنكرُها معروفا، فترى الحق على غير صورته. وهناك في القرآن الكريم من العوامل التي تقوم الفطرة  الإنسانية ،ومنها

1- إرسال الرسل وإنزال الكتب

فمهمة الرسل تذكير الناس بما فطرهم الله عليه من التوحيد والإيمان

قال الله تعالى :

﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾

النساء 165

أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي، ومنذرين بعقابي ؛ لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل.

قال الله تعالى :

﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾

البقرة 2

ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شَكَّ أنه من عند الله، فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه، ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح وهم الذين يخافون الله، ويتبعون أحكامه.

قال الله تعالى :

﴿ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الأنعام 155

وهذا القرآن كتاب أنزلناه على نبينا صلى الله عليه وسلم، خيره كثير فاتبعوه فيما يأمر به وينهى عنه، واتقوا الله أن تخالفوا له أمرًا؛ رجاء أن ترحموا فتنجوا من عذابه، وتظفروا بثوابه.

2-النظر والتأمل في الكون

تخرج النفس من الغفلة إذا تفكرت بخلق الله وما فيه من آيات عظيمة، يبعثها النظر فيها على إدراك حسن التدبير ودقة الصنعة، وبعد ذلك إدراك عجزها وضعفها وحاجتها إلى خالقها وافتقارها إليه.

قال الله تعالى :

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

القصص 71- 73

﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ . وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ . تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ . وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ . وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ . رِزْقًا لِلْعِبَادِ  وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ ﴾

ق 6- 11

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

يونس 101

3- الابتلاءات بالضر والخوف

وقد توقظ الفطرة اضطرارا؛ عند حلول المصائب والمحن، فتنفض عنها غبار الأيام وسراب الآمال الملهيات ، ليعيد الله الإنسان إليه ويذكره به.

قال الله تعالى :

 ( وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ )

الروم : 33

وإذا أصاب الناسَ شدة وبلاء دعَوا ربهم مخلصين له أن يكشف عنهم الضر .

قال الله تعالى :

( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ )

النحل 53

وما بكم مِن نعمةِ هدايةٍ، أو صحة جسم، وسَعَة رزقٍ وولد، وغير ذلك، فمِنَ الله وحده، فهو المُنْعِم بها عليكم، ثم إذا نزل بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده تَضِجُّون بالدعاء.

قال الله تعالى :

( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ )

الإسراء 67

وإذا أصابتكم شدة في البحر حتى أشرفتم على الغرق والهلاك، غاب عن عقولكم الذين تعبدونهم من الآلهة، وتذكَّرتم الله القدير وحده؛ ليغيثكم وينقذكم، فأخلصتم له في طلب العون والإغاثة .

قال الله تعالى :

﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾

النمل:٦٢

أمن يجيب المكروب الذي مسه الضر فيستجيب دعاءه ويلبي نداءه؟ويكشف السوء النازل به . هو وحده دون سواه يجيبه ويكشف عنه السوء، ويرده إلى الأمن والسلامة، وينجيه من الضيقة الآخذة بالخناق . الناس يغفلون عن هذه الحقيقة في ساعات الرخاء، وفترات الغفلة، يغفلون عنها، فيلتمسون القوة والنصرة والحماية في قوة من قوى الأرض الهزيلة. فأما حين تلجئهم الشدة، ويضطرهم الكرب، فتزول عن فطرتهم غشاوة الغفلة، ويرجعون إلى ربهم منيبين، مهما يكونوا من قبل غافلين، أو مكابرين .

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا ﴾

يونس: ١٢

وإذا أصاب الإنسانَ الشدةُ استغاث بنا في كشف ذلك عنه مضطجعًا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا، على حسب الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به.

8 – ملكات الإنسان

أن هناك أمورا ثلاثة يملكها الإنسان تمكنه من إتباع الفطرة ولا يخالفها .. وهي ..

أ – الحرية

ذلك أن الإنسان حر في اتخاذ القرار. فلة عقل يميز به بين الخطأ والصحيح أي ما يوافق الفطرة وما يخالفها.

قال الله تعالى:

 ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )

البقرة256

 ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )

الكهف 29

ب – البصيرة

الإنسان يستطيع أن يميزما بعمله من خيراً كان أو شراً. فالإنسان حين يصدر القرار بشكل صحيح يكون منشرح الصدر ويسعد بتطبيقه. أما القرار الخاطئ فيجعل الإنسان ضيق الصدر وينزعج عند تطبيقه؛ لأنه سلوك مخالف للفطرة.

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ ﴾

القيامة 14

بل الإنسان حجة واضحة على نفسه تلزمه بما فعل أو ترك، ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن إجرامه، فإنه لا ينفعه ذلك.

ج – التذكر

التذكر هو استحضار ما كان في الذهن من علم ومعرفة. وقد دعا اللَّهِ الناس إلى التذكر.

قال اللَّهِ تعالى:

(أفلا تتذكرون )

الأنعام80

أي أفلا تقارنون ما قلته لكم بما عندكم من المعارف الفطرية؟ فتعرفون بذلك أنكم مخطئون. فهي دعوة لهم إلى محاسبة النفس. كما أن المعلومات الفطرية الصحيحة يقال عنها الذكر، وهو كذلك اسم للكتب المـنزلة من عند الله تعالى.

قال الله تعالى:

( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)

الحجر9

وقد كانت دعوة الرسل مثيرة للغاية، لأنهم ذكروا بما في الفطرة .

9 – موقف الناس

    من الفطرة

لو نظرنا إلى موقف  الناس بمنظار الفطرة نرى أنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام

أولا – قسم يتّبع الفطرة

واتباع الفطرة هي

1- عدم الإشراك بالله تعالى

أي أن يؤمن بـ  ( لا إله إلا الله )

قَال الله تعالى:

( وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ )

المائدة 73

( إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ )

النساء 171

( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ )

النساء 87

2- عباده الله وحده

العبادة هي الغاية التي خلق الله الخلق لأجلها . و العبادة معناها الإنقياد لله سبحانه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه .

قَال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )

الذاريات 56

 ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ  )

الانبياء 25

ثانيا – الذين يخالفون الفطرة

وهم أقسام

1- منهم من يدعي عدم وجود الله

قال الله تعالى:

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )

الزمر 63

2- منهم من اشرك بالله

قال الله تعالى:

( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ )

يوسف 106

إن أكثر الناس مشركون لأنهم يخالفون الفطرة.

3- منهم من لا يطيعوا الله في أوامره ونهيه

قال الله تعالى:

 ( أفرأيت من اتخذ إلهَ هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً فمن يهديهِ من بعد الله أفلا تذكُّرون )

الجاثية 23

4- ومنهم من يجعل أوامر الله أقساما يقبل بعضا منها ويرفض البعض الآخر.

قال الله تعالى:

 ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ )

البقرة 85

ثالثا – المترددون

وهم الذين يتبعون الدِّين من أجل مصالحهم الدنيوية. وإذا سيئ بهم الحال انقلبوا على أعقابهم وغيروا الإتجاه.

قال الله تعالى:

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ  ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ )

الحج 11

10- نتائج الانحراف عن الفطرة 

ذكر القرآن الكريم أن هناك الكثيرمن  النتائج التي  تترتب علي الانحراف عن الفطرة ، نذكر منها

1- ظهور الفساد

كظهور الأمراض والأوبئة والمجاعات.

قال الله تعالى :

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

الروم: 41

ظهر الفساد في البر والبحر، كالجدب وقلة الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئة؛ وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر؛ ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ كي يتوبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن المعاصي، فتصلح أحوالهم، وتستقيم أمورهم.

2- اختلال موازين الحياة الآمنة

وذلك نظرا لفساد الفطرة وانحرافاته نحو الماديات.

قال الله تعالى :

( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )

الشورى 30

وما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في دينكم ودنياكم فبما كسبتم من الذنوب والآثام.

3- وقوع المشقّة والحرج على النّاس

مثل الفقر والآفات الاجتماعية.

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾

طه 124

ومن تولَّى عن ذكري الذي أذكِّره به فإن له في الحياة الأولى معيشة ضيِّقة شاقة وإن ظهر أنه من أهل الفضل واليسار .

4 – الانحراف علن العقيدة الصحيحة

وذلك بالوقوع في الشرك والإلحاد ، وانتشار البدع والخرافات.

قال الله تعالى :

﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾

الفرقان: 3

5 – ضياع القيم في المجتمع

وذلك بانقلاب الموازين وانتشار المنكرات في المجتمع.

قال الله تعالى :

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾

المائدة 79

كانوا يُجاهرون بالمعاصي ويرضونها، ولا يَنْهى بعضُهم بعضًا عن أيِّ منكر فعلوه، وهذا من أفعالهم السيئة، وبه استحقوا أن يُطْرَدُوا من رحمة الله تعالى.

6 – الانغماس في الشهوات الدنيوية

وذلك يدفع  الإنسان إلي نسيان الغاية التي خلق من أجلها.

قال الله تعالى :

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾

مريم 59

فأتى مِن بعد هؤلاء المنعَم عليهم أتباع سَوْء تركوا الصلاة كلها، أو فوتوا وقتها، أو تركوا أركانها وواجباتها، واتبعوا ما يوافق شهواتهم ويلائمها، فسوف يلقون شرًا وضلالا وخيبة في جهنم.

7 – الوقوع في التقليد الأعمى وفخ الإلف والعادة

فالتقاليد و العادات الاجتماعية لها أثر في تحويل هذه الفطرة من التمسك بالدين إلى التمسك بالعادات التي تتنافى معه .

قال الله تعالى :

﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ﴾

الزخرف22

بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على طريقة ومذهب ودين، وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه متبعون لهم، ومقتدون بهم.

Share This