1- مفهوم الفساد

الفساد هو مجموعة من السلوكيات والأعمال والمعتقدات التي يقوم بها فرد أو مجتمع تتعارض مع مبادئ الشرع الحنيف وأحكام الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى أضرار تلحق بالأفراد والمجتمعات.

قال الله تعالى :

( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ )

ص 28

2- كلمة الفساد

      في

   القرآن الكريم

وردت كلمة الفساد وصيغها في القرآن الكريم (٥٠) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد ٤ مرات

قَال الله تعالى:

﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا عَمَّا يَصِفُونَ ﴾

الأنبياء:٢٢

– الفعل المضارع

ورد ١٤ مرة

قَال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾

الشعراء:١٥٢

– المصدر

ورد ١١ مرة

قَال الله تعالى:

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾

الأنفال:٧٣

– اسم الفاعل

ورد ٢١ مرة

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

البقرة:١٢

وورد الفساد في القرآن الكريم بمعني تغير الشيء عما كان عليه من الصلاح، فيشمل الخراب والهلاك والقتل وغير ذلك من المعاني التي تندرج تحت معنى الفساد.

3- مجالات الفساد ومظاهره

تعددت مجالات الفساد كما عرضها القرآن الكريم، وسنبينها فيما يأتي:

1- الكفر بالله سبحانه تعالى

قال الله تعالى :

﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾

النحل  : 88

الذين كفروا ، ومنعوا غيرهم عن الإيمان بالله ، زدناهم عذابا على كفرهم وعذابًا على صدِّهم الناس عن اتباع الحق؛ وهذا بسبب تعمُّدهم الإفساد وإضلال العباد بالكفر والمعصية.

قال الله تعالى :

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾

يونس: ٤٠

ومِن قومك – أيها الرسول- مَن يصدِّق بالقرآن، ومنهم من لا يصدِّق به حتى يموت على ذلك ويبعث عليه، وربك أعلم بالمفسدين الذين لا يؤمنون به على وجه الظلم والعناد والفساد، فيجازيهم على فسادهم بأشد العذاب.

٢ – النِّـفاق

ومما ذكره القرآن الكريم في معرض حديثه عن أسباب الفساد

قال الله تعالى  :

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

البقرة:١١-١٢

وإذا نُصحوا ليكفُّوا عن الإفساد في الأرض بالكفر والمعاصي، وإفشاء أسرار المؤمنين، وموالاة الكافرين، قالوا كذبًا وجدالا إنما نحن أهل الإصلاح. إنَّ هذا الذي يفعلونه ويزعمون أنه إصلاح هو عين الفساد، لكنهم بسبب جهلهم وعنادهم لا يُحِسُّون.

3- الإستكبار

قال الله تعالى:

﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾

النمل :14

وكذَّبوا بالمعجزات التسع الواضحة الدلالة على صدق موسى في نبوته وصدق دعوته، وأنكروا بألسنتهم أن تكون من عند الله، وقد استيقنوها في قلوبهم اعتداءً على الحق وتكبرًا على الاعتراف به، فانظر – أيها الرسول- كيف كان مصير الذين كفروا بآيات الله وأفسدوا في الأرض، إذ أغرقهم الله في البحر؟ وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.

4 – إرتكاب المعاصي

قال الله تعالى:

﴿  وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ﴾

الأعراف 56

ولا تُفْسدوا في الأرض بالشرك والمعاصي ، بعد إصلاح الله إياها ببعثة الرسل -عليهم السلام- وعُمْرانها بطاعة الله،

قال الله تعالى:

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

القصص: ٨٣

تلك الدار الآخرة نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرًا عن الحق في الأرض ولا فسادًا فيها ،عملاً بالمعاصي، أو ظُلماً على النَّاس، أو أخذاً للمال بغير حقٍّ، والعاقبة المحمودة – وهي الجنة – لمن اتقى عذاب الله وعمل الطاعات، وترك المحرمات.

5-  قتل النفس ظلمًا

قال الله تعالى  :

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

القصص 4

إن فرعون تكبر وطغى في الأرض، وجعل أهلها طوائف متفرقة، يستضعف طائفة منهم، وهم بنو إسرائيل، يذبِّح أبناءهم، ويستعبد نساءهم، إنه كان من المفسدين في الأرض.

6 – بخس الموازين والتطفيف بالكيل

قال الله تعالى   :

﴿  وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾

هود 85

ويا قوم أتمُّوا المكيال والميزان بالعدل، ولا تُنْقِصوا الناس حقهم في عموم أشيائهم، ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي الله ونشر الفساد.

7- التقاطع في الأرحام وعدم وصلها

قال الله تعالى :

﴿  فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾

محمد 22

فلعلكم إن أعرضتم عن كتاب الله أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به وتسفكوا الدماء وتُقَطِّعوا أرحامكم.

8-  نقض العهد ، وعدم الوفاء به

قال الله تعالى:

 ﴿ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ  ﴾

البقرة 27

الذين ينكثون عهد الله الذي أخذه عليهم بالتوحيد والطاعة، وقد أكَّده بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، ويخالفون دين الله كقطع الأرحام ونشر الفساد في الأرض، أولئك هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.

9-  إثارة الفتن والحروب

قال الله تعالى  :

 ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

المائدة 64

كلما تآمروا بإثارة الفتن وإشعال نار الحرب ردَّ الله كيدهم، وفرَّق شملهم، ولا يزال اليهود يعملون بمعاصي الله مما ينشأ عنها الفساد والاضطراب في الأرض ، والله تعالى لا يحب المفسدين.

10- السِّـحـر

قال الله تعالى  :

﴿  قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

يونس 81

قال لهم موسى: إنَّ الذي جئتم به وألقيتموه هو السحر، إن الله سيُذْهب ما جئتم به وسيُبطله، إن الله لا يصلح عمل مَن سعى في أرض الله بما يكرهه، وأفسد فيها بمعصيته.

11- ارتكاب المنكرات و الفواحش

قال الله تعالى:

﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ .  أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .  قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ  ﴾

العنكبوت 28- 30

واذكر -أيها الرسول- لوطًا حين قال لقومه: إنكم لتأتون الفعلة القبيحة، ما تَقَدَّمكم بفعلها أحد من العالمين، أإنكم لتأتون الرجال في أدبارهم، وتقطعون على المسافرين طرقهم بفعلكم الخبيث، وتأتون في مجالسكم الأعمال المنكرة كالسخرية من الناس، وحذف المارة، وإيذائهم بما لا يليق من الأقوال والأفعال؟ وفي هذا إعلام بأنه لا يجوز أن يجتمع الناس على المنكر مما نهى الله ورسوله عنه. فلم يكن جواب قوم لوط له إلا أن قالوا: جئنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين فيما تقول، والمنجزين لما تَعِد.

12- السرقة

قال الله تعالى:

﴿  قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾

يوسف 73

13- الوِلاية والحُكم الفاسد

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾

محمد: ٢٢

أي: فهل يتوقع منكم إن توليتم أمورَ النَّاس ، إلَّا الفساد في الأرض وتقطيع الأرحام، تناحرًا على الولاية وتجاذبًا لها، أو رجوعًا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من التغاور ومقاتلة الأقارب .

14- الطغيان

الطغيان من صور الفساد الرئيسة ، فليس وراء الطغيان إلا الفساد.

– عن سبب فساد قوم عاد وثمود وفرعون

قال تعالى :

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ . وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ. وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ. الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾

الفجر: ٦-١٢

15- الجبروت والتكبّر على عباد الله

– عن قارون

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

القصص 76-77

4- عاقبة المفسدين

إن سنة الله عز وجل في الأفراد والجماعات قد مضت بأن يذوق المفسدون سوء عاقبة فسادهم. فالفساد له عواقب دنيوية، وأخروية، وهذا بيانها:

أولًا: العواقب الدنيوية

1- حرمان التأييد الإلهي

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

يونس: ٨١

إن الله لا يصلح عمل مَن سعى في أرض الله بما يكرهه، وأفسد فيها بمعصيته.

٢ – التدمير والهلاك

أخبر الله عن التسعة رهط المفسدين من قوم صالح ومكرهم بنبيهم وتبيتهم لقتله، وسوء عاقبتهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾

النمل: ٤٨-٥١

فالله دمر التسعة الرهط، ودمر قومهم الذين لم يكونوا معهم عند مباشرتهم لذلك، ولم يشذ منهم أحد، ولا سلم من العقوبة فرد من أفرادهم.

٣ – الإصابة بالآفات والعلل

قال الله تعالى:

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

الروم: ٤١

ظهر الفساد في البر والبحر، كالجدب وقلة الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئة؛ وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر؛ ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ كي يتوبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن المعاصي، فتصلح أحوالهم، وتستقيم أمورهم.

٤ – الطرد من رحمة الله

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾

الرعد: ٢٥

الذين لا يوفون بعهد الله بإفراده سبحانه بالعبادة بعد أن أكدوه على أنفسهم، وهم الذين يقطعون ما أمرهم الله بوصله مِن صلة الأرحام وغيرها، ويفسدون في الأرض بعمل المعاصي، أولئك الموصوفون بهذه الصفات القبيحة لهم الطرد من رحمة الله، ولهم ما يسوءهم من العذاب الشديد في الدار الآخرة.

٥ – الخسران

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

البقرة: ٢٧

الذين ينكثون عهد الله الذي أخذه عليهم بالتوحيد والطاعة، وقد أكَّده بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، ويخالفون دين الله كقطع الأرحام ونشر الفساد في الأرض، أولئك هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.

٦ – إقامة الحد عليهم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

المائدة: ٣٣

إنما جزاء الذين يحاربون الله، ويبارزونه بالعداوة، ويعتدون على أحكامه، وعلى أحكام رسوله، ويفسدون في الأرض بقتل الأنفس، وسلب الأموال، أن يُقَتَّلوا، أو يُصَلَّبوا مع القتل أو تُقْطَع يدُ المحارب اليمنى ورجله اليسرى، فإن لم يَتُبْ تُقطعْ يدُه اليسرى ورجلُه اليمنى، أو يُنفَوا إلى بلد غير بلدهم، ويُحبسوا في سجن ذلك البلد حتى تَظهر توبتُهم. وهذا الجزاء الذي أعدَّه الله للمحاربين هو ذلّ في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب شديد إن لم يتوبوا.

7-عدم حب الله

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

البقرة: ٢٠٥

﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

المائدة: ٦٤

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

القصص: ٧٧

ثانيًا: عاقبة الأقوام المفسدين في الآخرة

١ – حرمان النعيم الأخروي

قال الله تعالى:

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

القصص: ٨٣

تلك الدار الآخرة نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرًا عن الحق في الأرض ولا فسادًا فيها. والعاقبة المحمودة -وهي الجنة- لمن اتقى عذاب الله وعمل الطاعات، وترك المحرمات.

٢ – الزيادة في العذاب

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾

النحل: ٨٨

الذين جحدوا وحدانية الله ، ومنعوا غيرهم عن الإيمان بالله ورسوله، زدناهم عذابا على كفرهم وعذابًا على صدِّهم الناس عن اتباع الحق؛ وهذا بسبب تعمُّدهم الإفساد وإضلال العباد بالكفر والمعصية.

5- عوامل الفساد والإفساد

هناك العديد من العوامل التي تسبب الفساد ، منها

1- طاعة الشيطان واتباع وساوسه

فقد أعلن الشيطان عداوته لبني آدم وأخذ على نفسه إفسادهم بالتزيين والإغواء والإغراء، فأوقعهم في الفواحش والمنكرات إلَّا من عصم الله تعالى من عباده المخلَصين، وقد حذَّر الله عبادَه منِ اتِّبَاع الشيطان وطاعته، والوقوع في شباكه

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

النور: ٢١

فكلُّ معصية لله تعالى هي من خطوات الشيطان، لأنَّها عمل من أعماله وأثر من آثار إغوائه وتزيينه .

2- اتباع الهوى

فأكثر المفاسد إنما سببها اتباع الهوى والشهوة دونَ أي أَثَارة من عِلم،

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾

الأنعام: ١١٩

﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾

الروم: ٢٩

﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾

محمد: ١٤

سواء كان ذلك بشركهم أو بظلمهم أو بارتكابهم للمعاصي والمنكرات.

3- التقليد الأعمى

فأهل الفساد يحتجُّون للثبات والاستمرار على مفاسدهم بتقليد أسلافهم دون أي تعقُّل وتبصُّر، إنما هو التقليد الأعمى دون أي بيّنة أو دليل

قال الله تعالى:

 ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

البقرة: ١٧٠

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

المائدة: ١٠٤

بل إنَّهم قد يتجاوزون ذلك إلى الكذب على الله تعالى بأنَّه هو من أمرهم بما يفعلونه من فواحش ومنكرات .

قال الله تعالى:

 ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف: ٢٨

وقد جرت عادة الله سبحانه وتعالى أن لا يأمر عباده إلَّا بمحاسن الأفعال ومكارم الخلال.

4- الحكم وتولي المناصب

إنَّ تولي الحكم والمناصب غالبًا ما يغيِّر طباعَ النَّاس، ويحملهم على الفساد والظلم، خصوصاً إذا لم يكن المتولي للمناصب والولايات من أهل الدِّين والكفاءة .

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾

محمد: ٢٢

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

البقرة: ٢٠٤ – ٢٠٥

5- الغنى

كثرة الأموال إن لم تقترن بتقوى الله وخشيته تكون عاملاً كبيراً من عوامل الفساد والطغيان، فقد حكى الله لنا في كتابه قصَّة قارون وغناه، وكيف أن غناه دفعه للبغي على قومه والتَّكبُّر عليهم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ . وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

القصص: ٧٦ – ٧٧

أي: لا تكنْ همتك وقصدك بما أنت فيه من نِعَم الدُّنيا أن تفسد به الأرض، بالظلم والبغي وإنفاق المال في المعاصي والإساءة إلى خلق الله، فهذه الأفعال لا يحبُّها الله ولا يرضى عن فاعليها

6- الأساليب القرآنية في محاربة الفساد

تنوعت الأساليب القرآنية في محاربة الفساد، وسوف نتناولها بالبيان فيما يأتي:

1- النهي عن الفساد وإجتنابه

آمر الله تعالى في القرآن الكريم بإجتناب الفساد و النهي عنه .

قال الله تعالى :

( ولا تعثوا في الأرض مفسدين )

البقرة 60

( ولا تتبع سبيل المفسدين )

الأعراف 142

( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )

الأعراف 56

و يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم وسائل دفع الفساد داخل المجتمع، وإذا خلا منه مجتمع عم الفساد، وانتشرت المنكرات، وعم الله المجتمع بالعذاب والهلاك.

ولذلك اهتم القرآن الكريم بهذه القضية، بل جعلها من أهم سمات الخيرية في الأمة الإسلامية.

قال الله تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

آل عمران: ١١٠

2- دفع خطر المفسدين بالمؤمنين الصالحين

فالمدافعة بين النَّاس سُنَّة ربانيَّة ماضية .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾

البقرة: ٢٥١

﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ﴾

الحج: ٤٠

ولولا أن الله يدفع بعض الناس ببعض، ويكف بهم فسادهم لغلب المفسدون، وفسدت الأرض، وبطلت منافعها، وتعطلت مصالحها من الحرث والنسل وسائر ما يعمر الأرض .

3- الكشف عن عمل المفسدين

كشف الله سبحانه وتعالى عن المفسدين في كتابه الكريم؛ لأنه عليم بهم.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾

آل عمران: ٦٣

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾

يونس: ٤٠

– عن اليهود

وممن كشف الله سبحانه وتعالى عنهم للمؤمنين اليهود وعملهم بالفساد،

قال الله تعالى:

﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

المائدة: ٦٤

يخبر الله تعالى أن طوائف اليهود سيظلون إلى يوم القيامة ، يقوموا بإثارة الفتن وإشعال نار الحرب ، و يعملون بمعاصي الله مما ينشأ عنها الفساد والاضطراب في الأرض. والله تعالى لا يحب المفسدين.

ب- عن المنافقين

وفي معرض حديث القرآن عن المنافقين، واعتقادهم الباطل أنهم مصلحون، أخبر الله عنهم أنهم هم المفسدون، وأعلم المؤمنين أن المنافقين مفسدون.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

البقرة: ١١-١٢

7- موقف المؤمنين من المفسدين

تضمن القرآن آيات تظهر أن الله يكره الفساد والمفسدين  لذلك توعدهم بالخسران وسوء العاقبة، مشدداً على المؤمن بضرورة التصدي لكل فاسد ، وذلك بالأتي

1- عدم طاعة أمر المفسدين والانقياد لهم

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾

الشعراء: ١٥١ – ١٥٢

لا تطيعوا أيها القوم أمر المسرفين على أنفسهم في تماديهم في معصية الله، واجترائهم على سخطه، ولا تنقادوا لأمرهم، فقد تجاوز الحدَّ بكفرهم وعصيانهم، ولا تتبعوا رأيهم، وهم الذين يُفسدون في الأرض بالإسراف بالكفر والمعاصي، ففسادهم خالص لا يشوبه شيء من الصلاح .

2- عدم سلوك مسالك أهل الفساد

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

الأعراف: ١٤٢

فوصية موسى عليه السلام لأخيه هارون أن لا يتبع طريق من سلكوا سبيل الفساد ولا يسايرهم عليه، لما يعلم بما في نفس هارون عليه السلام من اللين في سياسته، والاحتياط من حدوث العصيان في قومه، وهو تحذير من الفساد بأبلغ صيغة، لأنَّ النَّهي لما تعلَّق بسلوك طريق المفسدين، كان تحذيراً من كلِّ ما يؤول إلى فساد، لأنَّ المفسدين قد يعملون عملاً لا فساد فيه، فنُهي عن المشاركة في عمل من عُرف بالفساد، لأنَّ صدوره عن المعروف بالفساد كافٍ في توقُّع إفضائه إلى فساد، ففي هذا النَّهي سدٌّ لذريعة الفساد.

3- مقاومة الفساد

ومما ذكره القرآن في معرض الحديث عن مقاومة الفساد

قال الله تعالى:

﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ﴾

هود: ١١٦

فهلاَّ وُجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير والصلاح، ينهون أهل الكفر عن كفرهم، وعن الفساد في الأرض .

 

 

 

Share This