1- مفهوم الغنى

الغنيُّ هو الذي ليس بِمُحتاجٍ إلى غيره، وليس ذلك إلا لله تعالى، فهو الغَنِيٌ عمَّا سواه وكلُ شيءٍ فقير إليه .

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

فاطر: 15

هو الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء وكل أحد محتاج إليه، وهذا هو الغنى المطلق ولا يشارك الله تعالى فيه غيره .

2- كلمة الغني

        في

  القرآن الكريم

وردت كلمة (غني) وصيغها افي القرآن الكريم (83) مرة. والصيغ التي جاءت هي:

– اسم مفرد

ورد   18 مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ﴾

الأنعام: 133

– اسم جمع

ورد 4 مرات

قال الله تعالى :

﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾

البقرة 273

– الفعل المضارع

ورد 2٣ مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ﴾

التوبة : 28

– الفعل الماضي

ورد 33 مرة

قال الله تعالى :

﴿ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

غافر 82

– اسم  مفعول

ورد  مرتين

قال الله تعالى :

﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾

إبراهيم:  21

– صفة

ورد 3 مرات

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ﴾

النساء : 6

وجاء (الغني) في القرآن الكريم بمعني

– صيغه الصفة (الغني)

هي صفة لله تعالى الذي لا يحتاج إلى غيره ، وذلك هو الغنى المطلق ولا يشارك الله تعالى فيه غيره .

قال اللهُ تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

فاطر: 15

– صيغه الفعل (يغني)

جاءت بالمعاني الأتية

1-  يغنى بمعنى  جعله غنيا

قال الله تعالى :

( وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ ﴾

الضحى: ٨

ووجدك فقيرًا- أيها النبي-، فساق لك رزقك، وأغنى نفسك بالقناعة والصبر؟

2-  يغنى  بمعنى ينفع

–  لن تنفعهم آلهتهم المزعومة

قال الله تعالى :

 ( يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾

﴿الدخان: ٤١

( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا ﴾

﴿مريم: ٤٢

–  لن تنفعهم آموالهم

قال الله تعالى :

( وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا ﴾

الجاثية: ١٠

ـ لم ينتفعوا بالآيات والنُّذُر

قال الله تعالى :

 ( وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ﴾

يونس: ١٠١

– لم ينتفعوا بحوٍاسهم

قال الله تعالى :

( فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ الله ﴾

الأحقاف: ٢٦

– لن تنفعهم شفاعة الملائكة

قال الله تعالى :

( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا ﴾

النجم: ٢٦

– لن تنفعهم قربهم من الأنبياء، والصالحين

قال الله تعالى :

( امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا )

التحريم: ١٠

3- يغنى بمعنى  يحمى

-عن أصحاب النار

قال الله تعالى :

 ( لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّـهَبِ ﴾

المرسلات: ٣١

 ( لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ . لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ ﴾

الغاشية: 6- 7

4-  يغنى  بمعنى يكفى

قال الله تعالى :

 ( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ . يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾

عبس: ٣3- 37

3- اللهُ تعالى

   هو الغنى

الغني من أسماء الله الحسنى في الإسلام، فهو الذي ليس في إحتاج إلى أحد، جلّ وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، وكلُ شيءٍ فقير إليه .

الله جل وعلا هو الغنى أى المستغنى عن غيره والذى يفتقر اليه ويحتاج اليه غيره. فهوالمستغنى عن

1- جميع مخلوقاته

هو وحده جل وعلا مالك السماوات والأرض لذا فهو الغنى عن مخلوقاته

قال اللهُ تعالى :

 ( لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ 

الحج: ٦٤

 ( لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ .

لقمان: ٢٦

( هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ )

يونس: ٦٨

 ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

فاطر: ١٥

الله تعالى هو الغَنِيُ المُسْتَغْنِي عن الخلق بقدرته وعز سلطانه والخلق هم المفتقرون المحتاجون إلى إحسانه .

2- النفقة في سبيله

قال الله تعالى :

( هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ )

محمد: ٣٨

ها أنتم – وأيها المؤمنون- تُدْعَون إلى النفقة في جهاد أعداء الله ونصرة دينه، فمنكم مَن يَبْخَلُ بالنفقة في سبيل الله، ومَن يَبْخَلْ فإنما يبخل عن نفسه، والله تعالى هو الغنيُّ عنكم وأنتم الفقراء إليه .

3- عن الصدقات

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ  وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ  وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾

البقرة :267

واعلموا أيها الناس أن الله الذي رزقكم غني عن صدقاتكم وعن غيرها ، وإنما أمركم بها وفَرَضَها في أموالكم رحمةً منه لكم ليُغْنِي بها عَائِلكم ويقوي بها ضعيفكم ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم لا من حاجة به فيها إليكم  وهو مستحق للثناء، محمود في كل حال.

4- عن الجهاد

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾

العنكبوت:6

ومن جاهد في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، وجاهد نفسه بحملها على الطاعة، فإنما يجاهد لنفسه؛ لأنه يفعل ذلك ابتغاء الثواب على جهاده. إن الله لغني عن أعمال جميع خلقه، له الملك والخلق والأمر.

5- عن العبادة

هو جل وعلا الغنى عن عبادة المؤمنين ليس محتاجا الي عبادتهم

قال الله تعالى :

﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ﴾

الأنعام: 133

وربك – أيها الرسول- الذي أمر الناس بعبادته، هو الغني وحده، وكل خلقه محتاجون إليه، وهو سبحانه ذو الرحمة الواسعة .

6- عن الشكر

لذا فإن من يشكر فلنفسه ومن يكفر فعلى نفسه

قال الله تعالى :

 ( وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾

لقمان: ١٢

 ( وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾

﴿النمل: ٤٠

7- عن إيمانهم

إن الله جل وعلا غنى عن الكافرين ليس محتاجا لإيمانهم

قال الله تعالى :

( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ )

الزمر: ٧

 ( وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّـهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾

النساء: ١٣١

( وَقَالَ مُوسَىٰ إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّـهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾

ابراهيم: ٨

( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

﴿الممتحنة: ٦

( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّـهُ وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾

التغابن: ٦

8- عن فريضة الحج

قال الله تعالى :

 ( وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾

آل عمران: ٩٧

وقد أوجب الله على المستطيع من الناس في أي مكان قَصْدَ هذا البيت لأداء مناسك الحج. ومن جحد فريضة الحج فقد كفر، والله غني عنه وعن حجِّه وعمله، وعن سائر خَلْقه.

9- طاعتهم

قال الله تعالى :

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ . وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ﴾

الأنعام : 132- 133

ولكل عامل في طاعة الله تعالى أو معصيته مراتب من عمله، يبلِّغه الله إياها، ويجازيه عليها. وما ربك – أيها الرسول- بغافل عما يعمل عباده. وربك -أيها الرسول- الذي أمر الناس بعبادته، هو الغني وحده، وكل خلقه محتاجون إليه، وهو سبحانه ذو الرحمة الواسعة، لو أراد لأهلككم، وأوجد قومًا غيركم يخلفونكم من بعد فنائكم، ويعملون بطاعته تعالى، كما أوجدكم من نسل قوم آخرين كانوا قبلكم.

10- أموالهم

عن البخلاء ودُعاة البخل

قال الله تعالى :

( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

الحديد: ٢٤

هؤلاء المتكبرون هم الذين يبخلون بمالهم، ولا ينفقونه في سبيل الله، ويأمرون الناس بالبخل بتحسينه لهم. ومن يتولَّ عن طاعة الله لا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئًا، فإن الله هو الغني عن خلقه، الحميد الذي له كل وصف حسن كامل، وفعل جميل يستحق أن يحمد عليه.

قال الله تعالى :

( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾

البقرة: ٢٦٣

كلام طيب وعفو عما بدر مِن السائل مِن إلحافٍ في السؤال، خير من صدقة يتبعها من المتصدق أذى وإساءة. والله غني عن صدقات العباد، حليم لا يعاجلهم بالعقوبة.

10ـ الكفر لا يضُرُّ الله تعالى شيئا

قال الله تعالى :

( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ ﴾

آل عمران: ١٤٤

 ( وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا )

آل عمران: ١٧٦

 ( إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )

آل عمران: ١٧٧

 ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَىٰ لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ )

محمد:  ٣٢

فاللَّه عز وجل ليس بمحتاج إلى أحد فيما خلق ويخلق ودبَّر ويُدبِّر ويُعْطِي ويَرْزُق ويَقْضِي ويُمْضِى ، لا رادَّ لأمْرِه وهو على ما يَشاءُ قدير.

4 – اللهُ تعالى

 هو المغنى

أما المغني في حق الله تعالى فهو الذي يغني من يشاء غناه عمن سواه . والله تعالى مغن عباده بعضهم عن بعض، لأن الحوائج على الحقيقة لا تكون إلا إليه، فالمخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فكيف يملك ذلك لغيره؟

قال الله تعالى :

 ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ ﴾

النجم: ٤٨

وأنه هو أغنى مَن شاء مِن خلقه بالمال، وملَّكه لهم وأرضاهم به.

قال الله تعالى :

 ( وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ ﴾

الضحى: ٨

ووجدك فقيرًا- أيها النبي-، فساق لك رزقك، وأغنى نفسك بالقناعة والصبر؟

قال الله تعالى :

 ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ )

التوبة : ٧٤

وما وجد المنافقون شيئًا يعيبونه، وينتقدونه، إلا أن الله تعالى تفضل عليهم، فأغناهم بما فتح على نبيه صلى الله عليه وسلم من الخير والبركة .

قال الله تعالى :

 ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة: ٢٨

وإن خفتم فقرًا لانقطاع تجارتهم عنكم، فإن الله سيعوضكم عنها، ويكفيكم من فضله إن شاء، إن الله عليم بحالكم، حكيم في تدبير شؤونكم.

قال الله تعالى :

 ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ )

النور: ٣٣

والذين لا يستطيعون الزواج لفقرهم أو غيره فليطلبوا العفة عمَّا حَرَّمَ الله حتى يغنيهم الله من فضله، وييسر لهم الزواج.

5- وصف البشر بالغنى

الله تعالى هو معطي الغنى والكفاية لمن شاء من عباده، على صدق ما اقتضته حكمته، وسبقت به مشيئته . فهو الذى إبتلى هذا فجعله فقيرا وإبتلى ذلك فجعله ثريا ( غنيا ) .

قال الله تعالى :

( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )

الأنعام : ١٦٥

 ( وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ )

النحل : ٧١

 ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

الزخرف : ٣٢

والِأغنياء الذين أغناهم الله تعالى  لن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم  إِنَّ لم يعرفوا فضَلِه ، ويتبعوا أوامره فى تعاملهم مع بعضهم البعض فيما أتاهم من مال .

قال الله تعالى :

 ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾

آل عمران: ١٠

 ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

آل عمران: ١١٦

( فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

الحجر: ٨٤

 ( مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾

الشعراء: ٢٠٧

 ( قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

الزمر: ٥٠

 ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

غافر: ٨٢

( لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّـهِ شَيْئًا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

المجادلة: ١٧

 ( مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ﴾

الحاقة: ٢٨

 ( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ ﴾

الليل: ١١

 ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾

المسد: 1- 2

 ( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾

الأعراف: ٤٨

و مِن ما أمر الله تعالى به الِأغنياء فى تعاملهم مع الفقراء ، مايلي

1- العطاء لهم

اجعلوا صدقاتكم لفقراء المسلمين الذين لا يملكون أسباب طلبً الرزق ، يظنهم مَن لا يعرفهم غير محتاجين إلى الصدقة؛ لتعففهم عن السؤال، تعرفهم بعلاماتهم وآثار الحاجة فيهم، لا يسألون الناس بالكُليَّة، وإن سألوا اضطرارًا لم يُلِحُّوا في السؤال. وما تنفقوا مِن مال في سبيل الله فلا يخفى على الله شيء منه، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمَّه يوم القيامة.

قال الله تعالى :

﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا  وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾

البقرة  : 273

2- العدل في معاملتهم

الشهادة بالقسط والعدل بغض النظر عن القرابة والغنى والفقر

قال الله تعالى :

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّـهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا )

النساء: ١٣٥

يا أيها الذين  آمنوا ، كونوا قائمين بالعدل، مؤدين للشهادة لوجه الله تعالى، ولو كانت على أنفسكم، أو على آبائكم وأمهاتكم، أو على أقاربكم، مهما كان شأن المشهود عليه غنيًّا أو فقيرًا؛ فإن الله تعالى أولى بهما منكم، وأعلم بما فيه صلاحهما، فلا يحملنَّكم الهوى والتعصب على ترك العدل، وإن تحرفوا الشهادة بألسنتكم فتأتوا بها على غير حقيقتها، أو تعرضوا عنها بترك أدائها أو بكتمانها، فإن الله تعالى كان عليمًا بدقائق أعمالكم، وسيجازيكم بها.

6 –  الإستغناء عن الغنيُّ 

بمعنى إكتفاء الكافر بكفره مُعرضا عن الحق ، فهو قد

1- استغنى عن هدي ربه

قال الله تعالى :

 ( عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ . أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ . وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ . أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ . أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ . فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ  ﴾

عبس 1- 6

2- استغنى عن جزاء ربه

قال الله تعالى :

﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ ﴾

الليل: 8- 10

وأما مَن بخل بماله واستغنى عن جزاء ربه، وكذَّب بـ”لا إله إلا الله” وما دلت عليه، وما ترتب عليها من الجزاء، فسنُيَسِّر له أسباب الشقاء، ولا ينفعه ماله الذي بخل به إذا وقع في النار.

3- تجاوز حدود ربه

قال الله تعالى :

( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ . أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ  إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ  ﴾

العلق: 6- 8

حقًا إن الإنسان ليتجاوز حدود الله إذا أبطره الغنى، فليعلم كل طاغية أن المصير إلى الله، فيجازي كلَّ إنسان بعمله.

Share This