1- مفهوم الغضب

الغضب هو ثوَرَان في النفس، ناتج عن عدم الرضى بالشيء، يَحمِلها على الرغبة في البطش والانتقام ، وهو نقيض الرضا .

2- كلمة الغضب

      في

    القرآن الكريم

وردت كلمة (غضب) وصيغها في القرآن الكريم (٢٤) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد 8 مرات

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾

الممتحنة:١٣

– المصدر

ورد 8 مرات

قال الله تعالى:

﴿ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾

البقرة:٩٠

– اسم الفاعل

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾

الأنبياء:٨٧

– اسم المفعول

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾

الفاتحة:٧

– الصفة المشبهة

ورد 6 مرات

قال الله تعالى:

( أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ )

طه:٨٦

وردت كلمة (غضب) في القرآن الكريم بالمعاني الأتية

أ- إرادة العقوبة أو الانتقام

إذا وُصف الله تعالى به – يَقْصِدُ الغَضَبَ – فالمراد به الانتقام دون غيره . ومن أمثلة ذلك

قال الله تعالى:

( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى )

طه 81

 ( فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ )

البقرة 90

و( باءُو) بمعنى استحقاقهم لعذاب الله

ب – الانفعال

وقد ورد الغضب بهذا المعنى في عدة مواضع من القرآن الكريم؛ منها..

– غضب موسى عليه السلام

قال الله تعالى:

(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ )

الأعراف 150

سكوت الغضب عن موسى عليه السلام

قال الله تعالى:

( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الألْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ )

الأعراف 154

– غضب يونس عليه السلام

قال الله تعالى:

 ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) 

الأنبياء 87

ومعنى مغاضباً: أنّه غضب من قومه لأجل ربه

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة الغضب

– السخط

السخط هو الكراهية للشيء، وعدم الرضا به.

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾

التوبة : 58

– الانتقام

الانتقام هو إنزال العقوبة مصحوبًا بكراهية تصل إلى حد السخط.

قال الله تعالى:

﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الروم:  47

– الغيظ

الغيظ هو سورة الغضب وأوله

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾

آل عمران: 119

4- أقسام الغضب

      في

القرآن الكريم

ينقسم الغضب في القرآن الكريم إلي قسمين ، هما

أولًا: غضب الله سبحانه وتعالى

أ – تعريفه

غضب الله تعالى هو عقوبة صارمة أعدها الله لفئة من الناس ممن ابتعدوا عن ساحة الله وتجاوزوا حدوده واستخفُّوا بأوامره ونواهيه وتنكَّروا للمنهج الذي حدده لأجل التعبُّد له به و عدم تطبيق أحكامه.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾

المجادلة: ١٤

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ﴾

الممتحنة: ١٣

﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾

المائدة: ٦٠

﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾

آل عمران: ١١٢

ب – الأسباب الموجبة

لغضب الله

ولغضب الله في القرآن دواع عدة، هي ..

1- الارتداد إلى الشرك

قال الله تعالى:

 ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ )

الأعراف: ١٥٢

إن الذين اتخذوا العجل إلهًا سينالهم غضب شديد مِن ربهم وهوان في الحياة الدنيا .

2- الاعتداد بالكفر

قال الله تعالى:

 ( وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ )

النحل: ١٠٦

لكن من نطق بالكفر واطمأن قلبه إليه، فعليهم غضب شديد من الله، ولهم عذاب عظيم؛ وذلك بسبب إيثارهم الدنيا وزينتها .

3- سوء الظن بالله

قال الله تعالى:

 ( الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ )

الفتح: ٦

ويعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين يظنون ظنًا سيئًا بالله أنه لن ينصر نبيه والمؤمنين معه على أعدائهم، ولن يُظهر دينه، فعلى هؤلاء تدور دائرة العذاب وكل ما يسوءهم، وغضب الله عليهم، وطردهم من رحمته .

4- مجاوزة الحد

قال الله تعالى:

( وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي )

طه: ٨١

ولا تعتدوا بأن يظلم بعضكم بعضًا، فينزل بكم غضبي، ومَن ينزل به غضبي فقد هلك وخسر.

4- تعمُّد قتل المؤمن

مما لا شك فيه أن قتل النفس بغير حق جريمة بشعة يندى لها الجبين، وهي من الكبائر التي يستحق فاعلها غضب الله تعالى والطرد من رحمته.

قال الله تعالى:

( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ )

النساء: ٩٣

5- الفرار في الحرب

جعل الإسلام الفرار من المعركة من الكبائر، والذي يترتب عليه غضب الله تعالى.

قال الله تعالى:

( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ )

الأنفال: ١٦

6- نقض العهد

قال الله تعالى:

( أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي )

طه: ٨٦

أفطال عليكم العهد واستبطأتم الوعد، أم أردتم أن تفعلوا فعلا يحل عليكم بسببه غضب من ربكم، فأخلفتم موعدي وعبدتم العجل، وتركتم الالتزام بأوامري؟

7- شهادة الزور

قال الله تعالى:

( وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ )

النور: ٩

وبشهادته تستوجب الزوجة عقوبة الزنى ، ولا يدفع عنها هذه العقوبة إلا أن تشهد في مقابل شهادته أربع شهادات بالله إنه لكاذب في اتهامه لها بالزنى، وتزيد في الشهادة الخامسة الدعوة على نفسها باستحقاقها غضب الله، إن كان زوجها صادقًا فى اتهامه لها، وفي هذه الحال يفرق بينهما.

ج – من هم المغضوب

عليهم

1- عبدة الأوثان

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ  فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ  ﴾

الأعراف 70-71

2- اليهود

ومن الممارسات  التي فعلها اليهود واستحقوا عليها غضب الله تعالى

– الكفر بآيات الله وقتل الأنبياء

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نَصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ  ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾

البقرة  61

– الكفر بما أنزل على محمد عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ . بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾

البقرة 89-90

– عبادة العجل

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴾

الأعراف 152

– الطغيان

قال الله تعالى:

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ . كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ﴾

طه  80- 81

3- المرتدون

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  ﴾

النحل 106- 107

4- المنافقون

قال الله تعالى:

﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾

الفتح 6

د – العقاب المصَّاحِب

لغضب الله

وقد اقترن غضب الله في القرآن بسبعة أنماط من العقاب، هي ..

1- الهلاك

قال الله تعالى:

 ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ )

طه: ٨١

كلوا من رزقنا الطيب، ولا تعتدوا فيه بأن يظلم بعضكم بعضًا، فينزل بكم غضبي، ومَن ينزل به غضبي فقد هلك وخسر.

2- الرجس

قال الله تعالى:

 ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ )

الأعراف: ٧١

قال هود لقومه: قد حلَّ بكم عذاب وغضب من ربكم

3- اللعن

قال الله تعالى:

(عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ )

الفتح: ٦

فعلى هؤلاء تدور دائرة العذاب وكل ما يسوءهم، وغضب الله عليهم، ولعنهم – طردهم من رحمته – .

4- المسخ

قال الله تعالى:

 ( مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ  )

المائدة: ٦٠

إنهم أسلافهم الذين طردهم الله من رحمته وغَضِب عليهم، ومَسَخَ خَلْقهم، فجعل منهم القردة والخنازير، بعصيانهم وافترائهم وتكبرهم .

5 – الذل والهوان

قال الله تعالى:

 ( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ  )

البقرة ٦١

لذلك لزمتهم صِفَةُ الذل وفقر النفوس، وانصرفوا ورجعوا بغضب من الله؛ لإعراضهم عن دين الله .

6- العذاب الشديد

قال الله تعالى:

 ( حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ  )

الشورى: ١٦

حجتهم ومجادلتهم باطلة ذاهبة عند ربهم، وعليهم من الله غضب في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب شديد، وهو النار.

7- الخلود في جهنم

قال الله تعالى:

 ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ )

النساء93

ثانيًا: غضب الإنسان

أن الغضب ظاهرة انفعالية وعاطفة شعورية طبيعية لدى الإنسان، وغضب الإنسان ينقسم إلي قسمين ، هما ..

1- الغضب المحمود

أ – تعريفه

فهو ما كان لله ولِحُرُماته، ولم يكن للنفس فيه نصيب  ،ومنه

أ – غضب الأنبياءُ والرسل

وأنبياءُ الله ورسله يغضبون ممن يعصون الله ويصدون عن سبيله .

– عن موسى عليه السلام

ذكر القرآن الكريم انفعال موسى عليه السلام وغضبه الناتج عن عبادة قومه للعجل .

قال الله تعالى:

﴿ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾

طه 86

﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي ﴾

الأعراف: ١٥٠

ففي هذين الموضعين بين الحق سبحانه وتعالى أن السبب الذي أدى إلى انفعال الغضب عند موسى عليه السلام، هو اتخاذ قومه عجلًا يعبدونه ويعكفون عليه، وهذا الغضب من القسم المحمود الذي يؤجر عليه فاعله، ولا يلام عليه، وليس مخطئًا فيه

– عن يونس عليه السلام

قال الله تعالى:

 ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

الأنبياء 87

فقد غضب يونس عليه السلام من قومه، فحين دعاهم إلى الله تعالى وحذرهم من غضبه وعقابه، أبوا الاستجابة لدعوته، وأصروا على كفرهم وعنادهم، وتمردهم وطغيانهم، فتوعدهم بالعذاب، فخرج من بين أظهرهم مغاضبًا لهم.

ب – غضب المؤمنون

والمؤمنون يغضبون ممن يفسدون في الأرض ويصدون عن سبيل الله ويعتدون على عباده وينتهكون حرماته، لكن من غير إثم ولا ظلم ولا عدوان .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾

الشورى 37

2- الغضب المذموم

أ – تعريفه

فهو ما كان انتقاما للنفس، أو للهوى، أو للشيطان، أو لأمر من أمور الدنيا .

والغضب في غير الحق مفتاح كل شر، مفتاح للقتل، والنزاع والشقاق، والطلاق، والظلم بجميع أنواعه؛ ظلم للزوجة، وظلم للأبناء، وظلم للوالدين، وظلم للأقارب، وظلم للمستخدمين، وظلم للناس أجمعين.

وقد أشارت الآيات القرآنية إلى هذا النوع من الغضب، في سياق الحديث عن صفات المؤمنين، الذين يتصفون بالعفو والمسامحة، ولا يجعلهم الغضب يظلمون الآخرين ويتجاوزون في العقوبة.

قال الله تعالى:

﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾

آل عمران: ١٣٤

﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾

الشورى: ٣٧

يعني: إذا غضبوا على أحد يتجاوزون ويكظمون الغيظ  .

ب – فوائد ترك الغضب المذموم

فمن استحضر الثواب الكبير الذي أعده الله تعالى لمن كتم غيظه وغضبه كان سببا في ترك الغضب والانتقام للذات

أ – الفوزبمرتبة الإحسان

وهي أعلا مراتب الدين

قال الله تعالى:

( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

آل عمران: 134

الذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر، وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.

ب – دخول الجنة

قال الله تعالى:

( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ )

الشورى: 36-37

والذين يجتنبون كبائر ما نهى الله عنه، وما فَحُش وقَبُح من أنواع المعاصي، وإذا ما غضبوا على مَن أساء إليهم هم يغفرون الإساءة، ويصفحون عن عقوبة المسيء؛ طلبًا لثواب الله تعالى وعفوه، وهذا من محاسن الأخلاق.

ج – علاج الغضب المذموم

الغضب نزغة من نزغات الشيطان ، يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا الله ، ولذلك جاء في القرآن الكريم علاجات للتخلص من هذا الداء وللحدّ من آثاره ، فمن ذلك …

– ذكر الله تعالى

ومن الطُّرق المهمّة لعلاج الغضب ذكر الله تعالى. فكلَّما كان الإنسان ذاكرا لله تعالى كانت الإيحاءات الشَّيطانيّة بعيدة عنه

قال الله تعالى:

 ( واذكر ربك إذا نسيت )

الكهف :24

يعني إذا غضبت

– الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم

فالشيطان يثير الغضب في نفس الإنسان، ويُشعِل فيها نار الانتقام ، وهذه رسالتة ومهمته في الحياة، أن يوقع بين الناس العداوة والبغضاء، وقد أمرنا الله تعالى بالالتجاءِ إليه سبحانه والتعوذِ به من شر الشيطان وكيده .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾

فصلت: 36

– تذكرْ ثواب العفو عند المقدرة

فمن استحضر الثواب الكبير الذي أعده الله تعالى لمن كتم غيظه وغضبه كان سببا في ترك الغضب والانتقام للذات

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

آل عمران :134

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾

الأعراف: 199

 

 

 

Share This