مفهوم العلماء في القرآن الكريم

1- من هم العلماء

العلماء هم الذين يعلمون أجلّ العلوم وأشرفها وأفضلها وأحسنها وهو العلم بالله .

قال الله تعالى:

( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

 آل عمران: 18

ومن أجل هذا خلق الله الخلق.. ولأجله نزل الوحي.. ولأجله أرسل الله الرسل.. وقامت السماوات والأرض.. وخلقت الجنة والنار.

ولكن ماذا يجب أن يعرف العلماء عن الله تعالى ؟هل هي معرفة

أولا – ذات الله تعالى

صرف القرآن الكريم الإنسان عن محاولة التفكير في هذا الإتجاة لاستحالة التوصل إلي شيء بالوسائِل المتاحة لدية وهي

أ- العقل

قَال الله تعالى:

( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )

الشورى:11

يوضح القرآن الكريم ان ذات الله تعالى لايمكن ان تتشابة مع اي من مخلوقاتة من الآشياء 00ولذلك لايمكن للعقل الآحاطة بها .

ب – الحواس

قَال الله تعالى:

( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ)

الأنعام: 103

يوضح القرآن الكريم ان ذات الله تعالى لايمكن معرفتها بالحواس لأن العين البشرية لاتري إلا ما هو محصور في الزمان و المكان 00 و الله تعالى متعال على الزمان و متعال على المكان

ت – العلم

قَال الله تعالى:

( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا )

طة: 110

إن إستخدام الوسائل العلمية في محاولة معرفة الذات الآلهية بها لا طائِل من ورائِها 00 لإن العلم لا يعرف ذات الشيء ولكن يعلم صفاتة .

ج – التفكير والخيال

قَال الله تعالى:

( وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ )

الرعد: 13

يوضح القرآن الكريم ان مهما فكر الإنسان أوتخيل فاءن الله غير ذلك . فعلم حقيقة ذاته وكيفيتها فأمر لا سبيل إليه لأي مخلوق، إذ ليس من الجائز أن يحيط المخلوق بالخالق علماً وإدراكاً لحقيقته ، فلا تشبه ذاته ذوات خلقه بل لا يعلم كيف هو إلا هو سبحانه.

ثانيا  – أسمائه وصفاته وأفعاله

الله الذي لا معبود بحق إلا هو، له وحده الأسماء الكاملة في الحسن .

قَال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ﴾

طه: 8

﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ﴾

الحشر: 24

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا  وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

الأعراف: 180

ولله سبحانه وتعالى الأسماء الحسنى، الدالة على كمال عظمته، وكل أسمائه حسن، فاطلبوا منه بأسمائه ما تريدون، واتركوا الذين يُغيِّرون في أسمائه بالزيادة أو النقصان أو التحريف .

ومن تلك الأسماء والصفات التى يشتق منها كل الأسماء والصفات الأتى .

أ – الوجوب

فهو واجب الوجود وجوده من لوازم ذاته. ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به .. فوجوده حق وهو الحق في ذاته وصفاته .

قَال الله تعالى:

 (  فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ﴾

 يونس: 32

 ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ﴾ 

الحج : 6

ب – الحياة

هو المتصف بالحياة الأبدية التي لا بداية لها ولا نهاية فهو الباقي أزلا وأبدا وهو الحي الذي لا يموت

قَال الله تعالى:

( اللَّهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾

آل عمران : 1-2

 ( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾

غافر:65

ج – العلم التام

هو الذي يعلم تفاصيل الأمور، ودقائق الأشياء وخفايا الضمائر، والنفوس، لا يغرب عن ملكه مثقال ذرة، فعلمه يحيط بجميع الأشياء.

قَال الله تعالى:

 (  وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾

العنكبوت:  60

 ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ  ﴾

يس: 81

د – القدرة التامة

هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء

قَال الله تعالى:

( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾    

   الكهف: 45

( إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

 البقرة: 20

ولكن ماهي المصادرالتي يحصل منها العلماء علي تلك المعرفة ؟

أ – آيات الله المتلوة

قَال الله تعالى:

﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ﴾

آل عمران: 108

هذه آيات الله وبراهينه الساطعة، نتلوها ونقصُّها عليك -أيها الرسول- بالصدق واليقين.

ب – آيات الله الكونية

قَال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾

يونس: 5- 6

إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق، وفي تعاقُب الليل والنهار، واختلافهما طولا وقِصَرًا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب العقول السليمة.

القرآن الكريم به ألف وثلاثمائة آية تتحدث عن الكون وعن خلق الإنسان، وهي تقترب في حجمها  من سدس كتاب الله العزيز، كما أنها عامرة بالدلائل والإشارات الكونية التي يمكن فهمها على ضوء الحقائق العلمية .

وتلك الآيات بنوعيها هي التي تقود إلي الإيمان بالله تعالى ومعرفتة .

قَال الله تعالى:

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

يونس: 101

﴿ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾

يونس: 95

2- خصال العلماء

      في

   القرآن الكريم

ذكر القرآن الكريم خصال العلماء وهي ..

1- أنهم أهل خشيته الحقيقيون

قال الله تعالى :

( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )

فاطر: 28

أنهم أشد الناس وأكثرهم خشية لله تعالى

2- أن منزلتهم أرفع منزلة وأزكاها

قال اللَّهَ تعالى :

( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )

المجادلة : 11

3- أنهم من أولي الأمر

قال اللَّهَ تعالى :

( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ  )

النساء: 83

الذين أمرنا الله تعالى بالرجوع لهم والصدور عن قولهم .

4 – أنه لا يساويهم أحد في منزلتهم ولا رتبتهم

قال اللَّهَ تعالى :

( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )

الزمر: 9

العلماء لا يستوون هم وبقية الناس

5- أنهم المرجع عند السؤال والإشكال والمعضلات،

قال اللَّهَ تعالى :

 ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )

النحل: 43

6- أنهم يعقلون من مراد الله ما لا يعقله غيرهم

قال اللَّهَ تعالى :

( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ )

العنكبوت: 43

( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا )

آل عمران: 7

( لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ )

النساء: 162

( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ )

الحج : 54

( وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ )

سبأ : 6

( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ )

العنكبوت: 49

7- أن الله تعالى جعل شهادتهم في المرتبة الثالثة بعد شهادته ثم شهادة الملائكة

قال اللَّهَ تعالى :

( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

آل عمران: 18

8- أن الله لم يأمر نبيه بالتزود من شيء إلا من العلم الذي رفع الله به شأن العلماء

قال اللَّهَ تعالى :

 ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا )

طه: 114

9- أنهم أبصر الناس بالشر ومداخله

قال اللَّهَ تعالى :

 ( قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ )

النحل: 27

( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون )

القصص: 80

3- أصناف العلماء

      في

   القرآن الكريم

وقد أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم أن أصناف العلماء  أربعة ، هما :

أولا – الراسخون في العلم

ذكر القرآن الكريم الراسخون في العلم مرتين فحسب:

أ – مرة بخصوص المسلمين

قال اللَّهَ تعالى :

( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )

آل عمران: 7

ب – الأخرى بخصوص أهل الكتاب

قال اللَّهَ تعالى :

( لكن الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا )

 النساء: 162

والرسوخ في العلم الذي ذكره القرآن، سواء بخصوص المسلمين أو غير المسلمين، هو معرفة بالله، ومعرفة بالنفس والمخلوقات، وهو أخلاق وسلوك ومعاملات تمليها تلك المعرفة .

ثانياعلماء الفتنة

أ ما علماء الفتنة فلهم صفات كثيرة قد ذكرها القرآن الكريم لنعلمها لنحذرهم ؛ ومن هذه الصفات :

1- أنهم يقولون ما لا يفعلون

قال اللَّهَ تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ،كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )

الصف: 2 – 3

أي: لِمَ تقولون الخير وتَحُثُّونَ عليه، وربما تَمَدَّحْتُم به وأنتم لا تفعلونه، وتَنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به، فالنفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة .

2أنهم يبيعون دينهم بثمن بخس

قال اللَّهِ تعالى:

 ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا  )

 البقرة : 174

إن الذين يُخْفون ما أنزل الله في كتبه من الحق، ويحرصون على أخذ عوض قليل من عرض الحياة الدنيا مقابل هذا الإخفاء .

قال اللَّهِ تعالى:

( اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

التوبة : 9

استبدلوا بآيات الله عرض الدنيا التافه، فأعرضوا عن الحق ومنعوا الراغبين في الإسلام عن الدخول فيه، لقد قَبُح فعلهم، وساء صنيعهم.

 3الكذب على الله

قال اللَّهِ تعالى:

( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )

الأعراف: 28

أن تنسبوا إلى الله تعالى ما لم يشرعه افتراءً وكذبًا

4- حلاوة منطقهم وعذوبة ألسنتهم

قال اللَّهِ تعالى:

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ )

البقرة: 204

وبعض الناس يعجبك -أيها الرسول- كلامه الفصيح الذي يريد به حظًّا من حظوظ الدنيا لا الآخرة، ويحلف مستشهدًا بالله على ما في قلبه من محبة الإسلام، وفي هذا غاية الجرأة على الله، وهو شديد العداوة والخصومة للإسلام والمسلمين.

5كثرة الجهل والفتوى بغيرعلم

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ )

النحل: 116

6تكفير الآخرين

قال اللَّهِ تعالى:

( مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )

الروم: 32

ولا تكونوا من أهل الأهواء والبدع الذين بدَّلوا دينهم، وغيَّروه، فأخذوا بعضه، وتركوا بعضه؛ تبعًا لأهوائهم، فصاروا فرقًا وأحزابًا، يتشيعون لرؤسائهم وأحزابهم وآرائهم، يعين بعضهم بعضًا على الباطل، كل حزب بما لديهم فرحون مسرورون، يحكمون لأنفسهم بأنهم على الحق وغيرهم على الباطل.

قال اللَّهِ تعالى:

 ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ )

النساء: 49

( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ )

النجم: 32

لا تزكُّوا أنفسكم فتمدحوها وتَصِفُوها بالتقوى، هو أعلم بمن اتقى عقابه فاجتنب معاصيه من عباده.

ثالثا علماء الضلال

علماء الضلال هم أئمة في الضلالة، والحياد بالناس عن طريق الحق والدين والهداية.. لأنهم يتعمَّدون كتم الحقّ وتحريف الكلام، كما أنّهم يدعون إلى أنفسهم كوسطاء بين الله تعالى وبين عباده وهم بذلك يوقعون الناس في الشرك.

وقد ذكر القرآن الكريم هذا الصنف من العلماء في معرض حديثه عن أهل الكتاب.

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )

البقرة: 42

ومن صفات علماء الضلال كما ورد في القرآن الكريم ما يلي:

1- كتمان الحق بهدف الكسب

قال اللَّهِ تعالى:

( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ )

 آل عمران: 187

الكتم عكس الإظهار، وقد كُلف العلماء بإظهار ما جاء في كتاب الله تعالى، وقد يكون في الإظهار ما يتعارض مع رغباتهم فيعمدون إلى الكتمان إرضاء للسادة والحكام. وقد توعد الله تعالى هذا الفريق من العلماء بقوله

قال اللَّهِ تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )

البقرة: 159- 160

2- تحريف كلام الله

والتحريف ليس بالضرورة أن ينزع كلمة ويضع أخرى، فهذا متعذر، وإنما يكون بتغيير معنى الآيات وإعطاء معان جديدة للألفاظ حتى يصدروا حكما يروق لهم.

قال اللَّهِ تعالى:

 ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ )

المائدة: 13

3- تعمد النسيان

 لتبديد الاهتمام بقضية أو بحكم شرعي. وفي مثل هذا

قال اللَّهِ تعالى:

( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )

 المائدة: 14

4- رفض التحاكم إلى كتاب الله تعالى عند الاختلاف

قال اللَّهِ تعالى:

 ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ )

 آل عمران: 23

أرأيت -أيها الرسول- أعجب من حال هؤلاء اليهود الذين أتاهم الله حظا من الكتاب فعلموا أن ما جئت به هو الحق، يُدْعون إلى ما جاء في كتاب الله -وهو القرآن- ليفصل بينهم فيما اختلفوا فيه، فإن لم يوافق أهواءهم يَأْبَ كثير منهم حكم الله؛ لأن من عادتهم الإعراض عن الحق؟

5- ترك الكتاب والاشتغال بغيره

 وقد وصف هذا النوع من علماء الضلال بالذي انسلخ عن آيات اللَّهِ تعالى .

قال اللَّهِ تعالى:

 ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )

الأعراف: 175- 176

والآية تحكي عمن علم حكم الكتاب فانسلخ منه إلى غيره، ومن العلماء من يتذرع بما يزعمون بأنه “مصادر تشريع أخرى” ويتغافلون أن كتاب الله المصدر الوحيد لفهم الدين.

6- تجاهل الكتاب إن تعارض مع أهوائهم

 وقد ذكر القرآن مثل هؤلاء

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )

 البقرة: 101

ولما جاءهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن الموافق لما معهم من التوراة طرح فريق منهم كتاب الله، وجعلوه وراء ظهورهم، شأنهم شأن الجهال الذين لا يعلمون حقيقته . فيا ويلَهم ثمَّ يا ويلَهم من خطاياهم وخطايا مِن يُضِلُّون، فقد قال ربُّهم مُرهِّبًا لهُم ..

قال اللَّهِ تلى:

( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )

النحل: 25

رابعا علماء أميون 

عدم الفهم الصحيح لكتاب الله تعالى ليس ناتجا عن سوء نية، بل عن جهل أو بسبب التقليد الأعمى للسابقين فيأخذ من هذا ومن ذاك حتى يختلط عليه الأمر.

قال اللَّهِ تعالى:

 ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ )

البقرة: 78

والعلماء الأميون يضلون الناس بتقولهم على الله ما لا يعلمون وينخدع بهم العوام، ومنهم من يتخذ من شغله بالعلم مهنة، فيكتب ويؤلف ويملأ الصفحات بما ظاهره الحق وباطنه الباطل، فإن كان يعلم حقيقة ما يفعل فهو ممن توعدهم الله

قال اللَّهِ تعالى:

 ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )

 البقرة: 79

 

 

Share This