1- مفهوم العقل

العقل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين 0وهوأداة العلم والمعرفة، والتمييز بين الأشياء، يعرف به الضار من النافع والخير من الشر0 لم يَرد العقل في القرآن الكريم في صيغته الاسمية مطلقاً و لكنه ورد بصيغة الفعل

قَال الله تعالى:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة44

وقد أورد القرآن الكريم العديد من المعاني للعقل مثل الحجر والنهى و الْأَلْبَابِ

قَال الله تعالى:

﴿ هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ )

الفجر 5

الحِجْر هو الذى يمنع صاحبه عن الوقوع في ما لا يحل له، ولا يليق به من القبائح .

قَال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )

يوسف 111

اللُّبُّ هو ما زكى من العقل، فكل لب عقل وليس كل عقل لُبًّا

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ )

طه 128

النُّهَى هى التي تزجر أصحابها عن قبيح الفعل .

2- كلمة عقل

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة عقل وصيغها في القرآن الكريم (٤٩) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد  مرة واحدة

قَال الله تعالى:

﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ ﴾

البقرة:٧٥

– الفعل المضارع

ورد ٤٨ مرة

قَال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

الأنعام:١٥١

وجاء العقل في القرآن الكريم بمعنى الفهم

قَال الله تعالى:

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

العنكبوت: ٤٣

أي: وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه.

3- العقل نعمة من

 نعم الله على الإنسان

إن من أفضل نعم الله على عباده نعمة العقل، فلولا العقل لما عَرَفَ الإنسانُ دين الإسلام والنبوة، والخير والشر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر.

وقد فضل الله تعالى بني آدم على غيرهم من الجمادات والحيوانات، والنباتات بهذا العقل.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾

الإسراء: ٧٠

وقد مدحً الله تعالى عبادَه أصحاب العقول السليمة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

آل عمران: 190

4 – عدم استعمال العقل مسئِولية

    يحاسب عليها الإنسان

إن الإنسان مسؤول عما استعمَل فيه سمعه وبصره وفؤاده، فإذا استعمَلها في الخير نال الثواب، وإذا استعملها في الشر نال العقاب.

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾

الإسراء 36

لم يكتفي القرآن الكريم ببيان فضل العقل والتفكر إيجاباً، بل بين هذا الفضل من خلال ذم حال الذين يعطلون ملكاتهم العقلية. ولا يتدبرون ولا يتفكرون .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

الأنفال: 22

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾

الأعراف: 179

وقد بين الله تعالى مصير من يعطلون ملكاتهم العقلية

قَال الله تعالى:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

الملك10

وقالوا معترفين: لو كنا نسمع سماع مَن يطلب الحق، أو نفكر فيما نُدْعى إليه، ما كنا في عداد أهل النار.

5 – أنواع القدرات العقلية

وقد وردت في القرآن العظيم قدرات متعددة للعقل ،  وهي

1- التعقل

وهو ما يشمل قدرات العقل كافة .

قَال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

المؤمنون 80

﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

الأنعام 32

2- التفكير

قدرة تشيرإلي استعمال المهارات العقلية كلها للوصول إلي الحقيقة

قَال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

آل عمران 191

﴿ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾

البقرة 219

﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾

الأنعام 50

﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

الأعراف 176

﴿ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

النحل 11

3- التدبر

القدرة على الربطِ بين المقدمات والنتائج وإكتشاف الأسباب التي ادت إلي تلك النتائج

قَال الله تعالى:

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

محمد 24

﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

ص 29

﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾

المؤمنون 68

4- الفقه

قدرةعقلية تشيرإلي الفهَم والإستيعاب

قَال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾

الأنعام98

﴿ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾

النساء 78

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾

الأعراف 179

5- التذكر

قدرةعقلية تشيرإلي القدرة على إسترجاع ورُؤيا جانب الصواب فيهَا

قَال الله تعالى:

﴿ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾

البقرة 221

﴿ وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾

الأنعام 126

﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾

النحل 13

6- النظر

قدرةعقلية يشترك فيهَا البصرللكشف عن شَيْئً مجهَول

قَال الله تعالى:

﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾

ق 6

﴿ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾

الأنعام 65

7- التأويل

القدرة على إدراك التطِبيقات العملية التي تقابل التقريرات النظرية أَوالعكس

قَال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ﴾

يوسف 6

﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ﴾

يوسف 101

8 – الأبصار

قدرةعقلية تساعد على دقة الفهَم والتعمق في تحليل الظاهَرة وكوامنها

قَال الله تعالى:

﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

الذاريات 21

﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾

الأنعام 104

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا ﴾

الأعراف 179

9- الحكمة

القدرة على فهَم العلاقات النظرية و تحويل تلك العلاقات إلي تطِبيقات عملية وتصويبها ورعايتهَا

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾

البقرة 269

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ﴾

البقرة 269

﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾

البقرة 129

6 – اسباب تعطِيل

   القدرات العقلية

حثّ القرآن الكريم الإنسانَ على إعمال عقله، ودعاه إلى نبذ الجمود والتقليد، وبيّن لهَ الأ سباب التي تعطِل العقل عن إستخدام قدراتة ، وهَي

1- تقليد الأباء بدون

إدراك اوفهَم

قَال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

المائدة 104

﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾

الزخرف 22

قالوا: يكفينا ما ورثناه عن آبائنا من قول وعمل، أيقولون ذلك ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا أي: لا يفهمون حقًّا ولا يعرفونه، ولا يهتدون إليه؟ فكيف يتبعونهم، والحالة هذه؟ فإنه لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلا.

2- الأنقياد الأعمى

للسادة والكبراء

أنّ القرآن ذمّ التقليد ونعي على المقلّدة الذين عطّلوا عقولهم من خلال تسليمهم عقولهم لغيرهم كي يفكروا لهم بها، لدرجة أنهم غدوا لا يروا إلا بعيون من اتّبعوا وسلموا لهم القيادة، ولا يفكّروا إلا بتفكيرهم، ولا يصدروا إلا عن أمرهم .

قَال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا 0 وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾

الأحزاب 66-67

﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ 0 قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾

غافر 47-48

يوجهَ القرآن الكريم ان الشهَرة وزيوع الذكرو السيادة لاتعني العصمة من الخطأ وقد ينخدع بعض الناس بأراء الكباروالمشاهيَر ولكنهَم لايكتشفون هَذا الخداع إلا بعد فوات الاوان

3- إتباع الهَوي

قَال الله تعالى:

﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾

الجاثية 23

﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ﴾

النجم23

يحذر القرآن الكريم الناس من ان يتخذوا اوهَامهَم الخاصة واهَواءهَم مصدر للحقيقة بل يسفه عقول الذين جعلوهَا مقياس للحق 0

4 – إتخَاذ الأكثَرية

مقياس للصواب

قَال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ )

الأنعام 116

﴿ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )

الجاثية 26

﴿ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ )

الرعد 1

﴿ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ )

يوسف 38

القرآن الكريم نبه العقول إلي خطِأ وهَم إن الأكثَرية لاتخطِئُ فالكثَرة اوالقلة ليست مقياسا لليقين و ليست معيارا للخطِأ اوالصواب 0

7 – مجالات استعمال العقل

         في

     القرآن الكريم

دعا القرآن الكريم إلى إطلاق العقول من أسرها ودفعها للتأمل في ملكوت السموات والأرض واستعمالها في مختلف شؤون الحياة ، كما حث على الاستغلال الأمثل لها وتنميتها وأن لا يحجر عليها بالتعصب والتقليد والخرافات والأساطير ، ومن مجالات استعمال العقل في القرآن الكريم،الأتي

1- معرفة دلائل وحدانية الله

تتجلى وظيفة العقل في الاستدلال بمظاهر قدرة الله وعظمته على توحيده وعدم الإشراك به ، وإفراده وحده بالعبادة . و ذلك عن طريق

أ- دلائل الآفاق

لقد خلق الله الإنسان وميزه عن سائر المخلوقات الأرضية بالعقل، بل وأمره بعدم تعطيل هذا العقل، فأمر المكلفين بعبادة التفكر في خلق الله سبحانه وتعالى. ومما ذكر في القرآن الكريم من آيات دالة على التفكر في الآفاق ، الأتي

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

آل عمران: ١٩٠-١٩١

﴿ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

الجاثية: 3- 5

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

الروم: ٢٤

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: ١٦٤

هذه الآيات الكونية أكبر برهان وأقوى دليل على وجود الله سبحانه وتعالى وعلمه وقدرته ورحمته بعباده، ولذلك هو رب العالمين وإله الأولين والآخرين، ولا رب غيره ولا إله سواه.

ب – دلائل النفس

لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالنظر والتفكر في أنفسنا، كيف خلقنا الله من العدم فبدأ بخلقنا من الطين، ثم جعل الخلق بعد ذلك من نطفة، ثم خلق النطفة علقة، وخلق العلقة مضغة، ثم خلقها عظامًا، وكساها بعد ذلك لحمًا، ثم تدرج في الخلق وبعد حينٍ أماته، وهذه دلائل قدرته سبحانه على الإيجاد والإماتة، ليختبرنا ماذا سنفعل في هذه الحياة الدنيا.

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

غافر: ٦٧

يخبر تعالى عن خلقه الإنسان آدم وذريته وفي ذلك تتجلى مظاهر قدرته وعلمه وحكمته، والتي أوجبت عبادته وطاعته ومحبته وتعظيمه وتقديره

2- معرفة العلوم المختلفة

تنقسم العلوم عامة إلي ثلاثة أقسام:

أ- العلوم الضرورية

وهي التي لا يمكن التشكيك فيها، إذ أنها تلزم جميع العقلاء ولا تنفك عنهم، كعلم الإنسان بوجوده وأن اثنين أكثر من الواحد، وكالسماء فوقنا والأرض تحتنا إلى غير ذلك مما يسمى بقوانين العقل الضرورية.

ب – العلوم النظرية

وهي التي تكتسب بالنظر والاستدلال، وهذا النظر لابد في تحصيله من علم ضروري يستند إليه حتى يعرف وجه الصواب فيه، ويدخل في هذا القسم كثير من العلوم كالطبيعيات والطب والصناعات، فهذه العقلُ له مجال رحب في معرفتها وإدراكها والتوسع فيها.

ج – العلوم الغيبية

وهذه لا تعلم بواسطة العقل المجرد وحده، بل لابد للعقل إذا أراد أن يعلمها أن يكون له طريق آخر للعلم به ؛ كعلمه بما في اليوم الآخر من بعث وحساب وجزاء، وهذا لا يعلم إلا عن طريق الوحي .

4- التمييز بين الحق والباطل

من فضل الله علينا أَنْ مَنَّ علينا بنعمة العقل كي نميز به بين الحق والباطل والصواب والخطأ، وبين ما ينفعنا وما يضرنا فلله الحمد على هذه النعمة، ومن الآيات القرآنية الدالة على ذلك نذكر بعضًا منها.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: ٧٦

﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

المائدة: ١٠٣

فهم يعرفون الحلال والحرام ويميزونه، لكن حبهم لتقليد الآباء هو الذي أعمى بصائرهم عن اتباع الحق.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ  أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

يونس: ١٦

وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني الله عز وجل، لا تنتقدون علي شيئا تغمصوني به؛ أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل .

4 – التدبر في آيات القرآن

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم من الآيات التي تبين لنا أن الغرض منها هو التدبر والتأمل، وذلك ليزداد الإيمان بالله وتقوى العقيدة، ونصل إلى مرتبة اليقين .

﴿ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

الروم: ٢٨

وبمثل هذا البيان نبيِّن البراهين والحجج لأصحاب العقول السليمة الذين ينتفعون بها.

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

الأنبياء: ١٠

﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ  فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ  أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

يونس: ١٦

أي:أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر، فتعلموا أنه ليس من طوق البشر، بل هو من عند الحكيم العليم الواحد القهار .

مما سبق نجد أننا لو تدبرنا كتاب الله وآياته المسطورة والمنظورة بعقولنا وفطرتنا السليمة، كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى، واتبعنا التعاليم والمبادئ الموجودة في ديننا الحنيف، لاهتدينا بأمر الله وكنا من الفائزين في الدنيا والآخرة.

5- آثار المهلكين من الأمم السابقة

من وسائل تربية الله تعالى للبشر، ذكره القصص لأخذ العبرة والامتثال لحكم الله سبحانه وتعالى، فذكر لنا قصص الأمم الغابرة التي حادت عن منهج الله سبحانه، فبين الله عز وجل سنته فيهم وذلك بالخسف والدمار وإنزال العذاب عليهم، وترك من آثار ديارهم المدمرة للتدبر وليكونوا عبرة لغيرهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

يوسف: ١٠٩

وما أرسلنا من قبلك -أيها الرسول- للناس إلا رجالا منهم ننزل عليهم وحينا، وهم من أهل الحاضرة، فهم أقدر على فهم الدعوة والرسالة، يصدقهم المهتدون للحق، ويكذبهم الضالون عنه، أفلم يمشوا في الأرض، فيعاينوا كيف كان مآل المكذبين السابقين وما حلَّ بهم من الهلاك؟ ولَثواب الدار الآخرة أفضل من الدنيا وما فيها للذين آمنوا وخافوا ربهم. أفلا تتفكرون فتعتبروا؟

6- حقيقة الحياة الدنيا والحياة الآخرة

في القرآن الكريم العديد من الآيات التي يدعونا الله عز وجل من خلالها للمقارنة بين الدنيا وشقائها، والدار الآخرة بنعيمها والفوز بالجنة، والذي يتدبر الأمر هو الذي يمتلك عقلًا واعيًا، ويحسن المقارنة فيترك متاع الدنيا القليل الزائل ويعمل من أجل النعيم الدائم في الآخرة.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

الأنعام: ٣٢

وما الحياة الدنيا في غالب أحوالها إلا غرور وباطل، والعمل الصالح للدار الآخرة خير للذين يخشون الله، فيتقون عذابه بطاعته واجتناب معاصيه. أفلا تعقلون -أيها المشركون المغترون بزينة الحياة الدنيا- فتقدِّموا ما يبقى على ما يفنى؟

7- الأمثال القرآنية

ضرب المثل نوع من أنواع تقريب العلم وفهمه لعقول الناس .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾

الكهف: ٥٤

وهو وسيلة من الوسائل التعليمية التي نهجها القرآن منها القصص والمثل وغيرها، وذلك لتقريب الصورة للأذهان، والاستفادة من الأحكام والأوامر والنواهي والتدبر والتفكر في آيات الله، والحذر من الوقوع في المعصية، والتعرض لغضب الله.

قال الله تعالى:

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

الحشر: 21

وهكذا نرى أن الغاية من ضرب المثل هو تقريب المعنى للأفهام، وتوضيح الصورة لأخذ العبرة، والانقياد والطاعة وزيادة الطمأنينة.

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ  كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾

محمد: ٣

وهكذا نرى كيف ضرب الله تعالى المثل لتقريب الصورة وسهولة الاستيعاب، وأخذ العبرة من الأمثال.

8 – موضوعات خَارج

      قدرات العقل

للعقل مكانة سامية في دين الله تعالى، ومنزلة رفيعة، ومع ذلك فإنّ له حدوداً لا يجوز تخطيها أو تجاوزها، ومن الأمور التي لا يجوز للعقل أن يخوض فيها: الحكم في المباحث الإلهية التي لا تعلم إلا بدلالة الوحي لكونه من الغيب المحض. وقد حذر القرآن الكريم من الزج بالعقل في موضوعات ليست في نطِاق إدراكه ، مثَل

1- الغيب

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ )

آل عمران 179

﴿ عِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ )

الأنعام 59

﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ )

هود 123

فعالم الغيب لا تستطيع عقولنا أن تدخل في مسائلة بنفي أو إثبات إن لم يسعفها خبر السماء، لأنّ العقل مقـيّد بعالم المحسوسات، ولا عمل له في عالم المغيّبات.

2- ذات اللَّهِ

اخبرنا القرآن الكريم ان ذات الله لا تدرك وان الإنسان لا يدرك طبيعة آي شيء ما بالك بالله العلى العظيم و أن علم الإنسان قاصر على الأسماء و الصفات

قَال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )

الشورى: 11

يوضح القرآن الكريم ان ذات الله تعالى لايمكن ان تتشابة مع اي من مخلوقاتة من الآشياء 00ولذلك لايمكن للعقل الآحاطة بها

قَال الله تعالى:

﴿ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ )

الرعد: 13

يوضح القرآن الكريم ان مهما فكر الإنسان أوتخيل فاءن الله غير ذلك

قَال الله تعالى:

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) 

الأنعام :103

يوضح القرآن الكريم ان ذات الله تعالى لايمكن معرفتها بالحواس لأن العين البشرية لاتري إلا ما هو محصور في الزمان و المكان 00 و الله تعالى متعال على الزمان و متعال على المكان

قَال الله تعالى:

﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا )

طه: 110

إن إستخدام الوسائل العلمية في محاولة معرفة الذات الآلهية بها لا طائِل من ورائِها. . لإن العلم لا يعرف ذات الشيء ولكن يعلم صفاتة

3- الروح

قَال الله تعالى:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )

الإسراء :85

ويسألك الكفار عن حقيقة الروح الذي يحيا به البدن فأجبهم بأن حقيقة الروح وأحوالها من الأمور التي استأثر الله بعلمها، وما أُعطيتم أنتم وجميع الناس من العلم إلا شيئًا قليلا.

4- الساعة

قَال الله تعالى:

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي )

الأعراف : 187

يسألك – أيها الرسول- كفار “مكة” عن الساعة متى قيامها؟ قل لهم: عِلْمُ قيامها عند الله لا يظهرها إلا هو ، وخفي على أهل السموات والأرض، فلا يعلم وقت قيامها ملَك مقرَّب ولا نبي مرسل .

قَال الله تعالى:

﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ )

الأحزاب : 63

يسألك الناس – أيها الرسول- عن وقت القيامة استبعادًا وتكذيبًا، قل لهم: إنما علم الساعة عند الله

5- الآيات المتشابهات

قَال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ )

آل عمران : 7

يبلغنا القرآن الكريم إن اياتة المتشابهات التي توصف مفردات عالم الملكوت مثَل الكَرسي – العرش – النار- الجنة – الميزان نكتفي بما انزل فيه .. لإن معرفة تلكَ المفردات علي حقيقتها لا يعلمها إلا الله .

9 – ثمار استعمال العقل

الحمد لله على نعمة العقل التي أنعم الله تعالى بها علينا، فبه عرفنا الله ربنا وبه عبدناه، ونسير كذلك أمرنا في الحياة الدنيا، وبه ميزنا عن سائر خلقه من الطيور والحيوانات، وبه نميز بين الحق والباطل، وبواسطته تعلمنا الحلال من الحرام، وتعلمنا العلوم الشرعية والدنيوية، وبه جاهدنا أنفسنا والشيطان.

1- الهداية

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ١٨

فبشِّر – أيها النبي- عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أرشده ، أولئك هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة، وهذا فضل من الله ومنة لذوي العقول السليمة والفطرة الصافية.

2- مطابقة العلم للعمل

قال الله تعالى:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: ٤٤

العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به، وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشر فلم يتركه، دل على عدم عقله وجهله .

3- الامتناع عن المعاصي

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

الأنعام: ١٥١

فصاحب العقل السليم والفطرة السليمة، يمنع نفسه من ارتكاب المعاصي والوقوع في المحرمات، وذلك لأن العقل معناه: الكف والحبس، فهو يحبس صاحبه ويكفه عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى.

4- البعد عن التقليد المذموم

قال الله تعالى  :

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

البقرة : ١٧٠

وإذا قال المؤمنون ناصحين أهل الضلال: اتبعوا ما أنزل الله من القرآن والهدى، أصرُّوا على تقليد أسلافهم المشركين قائلين: لا نتبع دينكم، بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا. أيتبعون آباءهم ولو كانوا لا يعقلون عن الله شيئًا، ولا يدركون رشدًا؟

5- إدراك الحكمة من الأحكام الشرعية

لقد مَنَّ الله علينا بنعمة العقل، لنهتدي به خلال رحلة الحياة، فعن طريقه نعبد الله تعالى على بصيرة، حيث نتدبر الأحكام الشرعية، نتعلمها ونفهمها ونتفقه ما بها من أوامر ونواهٍ، فبإدراكنا الحكمة يزداد اليقين، ويقوى الإيمان، وتتسع مدارك العقول كلما استنار الإنسان بعلم الله تعالى وهدايته لنا.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ  ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

الأنعام: ١٥١

أي: لكي تعقلوا الخير والمصلحة في فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه ، وفوائد هذه التكاليف في الدين والدنيا .

نجد أنه من الحكمة التدبر في الآيات والأحكام الشرعية، ونوقن بأن الله تعالى حد الحدود ووضع القيود، والفرائض والسنن لحكمة، بعضها أعلمنا بها، وبعضها أخفى سرها ولا يعلمها إلا هو سبحانه لغاية يريدها هو.

6- عدم اتباع الشيطان

العاقل من ائتمر بأوامر الله عز وجل، حيث نهانا عن اتباع الشيطان؛ لأنه عدو لنا، ولا يريد لنا إلا الغواية والضلالة، لذا علينا أن نكون دائمًا يقظين، وعقولنا وقلوبنا متنبهة؛ لئلا يوقعنا في شركه، ونحن في غفلة فنخسر دنيانا وأخرانا.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . وَأَنِ اعْبُدُونِي هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ . وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾

يس: ٦٠-٦٢

10 – الآثار المترتبة

    على

  إهمال العقل

زودنا الله سبحانه وتعالى بالعقل، كي نعبده حق العبادة ونميز به بين الحق والباطل، وبين ما ينفعنا وما يضرنا،  ولم يعط أحدًا منا عذرًا حين يعطل عقله ، وقد وصف الله تعالى في القرآن الكريم من عطل عقله عن العمل ، ولا ينتفع به بأنه لا يهتدي إلى الرشد وأنه أضل من البهائم و بين لنا كيف سيكون مصيره

قال الله تعالى:

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ  بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾

الفرقان: ٤٤

﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: ١٧١

﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

الأنفال: ٢٢

إن شر ما دب على الأرض من خلق الله عند الله، الذين يصمون عن الحق لئلا يستمعوه، فيعتبروا به ويتعظوا به، وينكصون عنه إن نطقوا به، الذين لا يعقلون عن الله أمره ونهيه .

وينتج عن إهمال العقل وعدم إعماله آثارٌ سيئة، منها:

1- عبادة غير الله تعالى

فصاحب العقل السليم والفطرة السليمة لا يصرف عبادته إلا لله الواحد سبحانه.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: 171

وصف الذين كفروا وداعيهم إلى الهدى والإيمان كصفة الراعي الذي يصيح بالبهائم ويزجرها، وهي لا تفهم معاني كلامه، وإنما تسمع النداء ودَوِيَّ الصوت فقط. هؤلاء الكفار صُمٌّ سدُّوا أسماعهم عن الحق، بُكْم أخرسوا ألسنتهم عن النطق به، عُمْي لا ترى أعينهم براهينه الباهرة، فهم لا يعملون عقولهم فيما ينفعهم.

2- افتراء الكذب على الله

نجد أن المشركين يشرعون في الدين من البدع والضلالات ما لم يشرعه الله تعالى، بينما من أعمل عقله فلا يتبع إلا ما جاء في القرآن الكريم.

قال تعالى:

﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ۙ وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

المائدة: ١٠٣

ما شرع الله للمشركين ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام مِن تَرْك الانتفاع ببعضها وجعلها للأصنام، وهي: البَحيرة التي تُقطع أذنها إذا ولدت عددًا من البطون، والسائبة وهي التي تُترك للأصنام، والوصيلة وهي التي تتصل ولادتها بأنثى بعد أنثى، والحامي وهو الذكر من الإبل إذا وُلد من صلبه عدد من الإبل، ولكن الكفار نسبوا ذلك إلى الله تعالى افتراء عليه، وأكثر الكافرين لا يميزون الحق من الباطل.

3- تقليد الآباء السادة في ضلالهم

يعلم العاقل أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلا يتبع إلا الدين الصحيح دين الإسلام.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

البقرة : ١٧٠

4- تحريف كلام الله

فهم بعد ما عقلوه وفهموه، يؤولونه تبعًا لأهوائهم لكن المسلم العاقل لا يحرف ولا يؤول بل يتبع ما أنزل من القرآن.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾

البقرة: ٧٥

كان علماؤهم يسمعون كلام الله من التوراة، ثم يحرفونه بِصَرْفِه إلى غير معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته، أو بتحريف ألفاظه، وهم يعلمون أنهم يحرفون كلام رب العالمين عمدًا وكذبًا.

5- الاستهزاء بدين الله تعالى وشعائره

قال الله تعالى  :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

المائدة: ٥٧-٥٨

فالكفار، إذا سمعوا الأذان استهزؤوا به. وإذا رأوهم ركعا وسجدا ضحكوا واستهزؤوا بذلك. ذلك الاستهزاء بأنهم قوم لا يعقلون يعني: لا يعلمون ثوابه

مما سبق يجب علينا جميعًا أن نحرص على استعمال عقولنا في التقرب إلى الله تعالى، بعبادة التفكر والتدبر في آيات الله تعالى المنظورة والمسطورة، عسى الله تعالى أن ينفعنا بهذه العبادة، ويزداد إيماننا، ولا نترك عقولنا معطلة عن العمل فتصدأ وتتعطل حواسنا، فنضل عن سبيل الله ونتعرض لسخط الله، باتباعنا الشيطان أو نقلد الضالين المعاندين لدين الله.

 

Share This