1- معني العبادة

العبادة معناها الطاعة و التوجه والإنقياد له سبحانه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه , أوهى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة  .

2- كلمة العبادة

     في

القرآن الكريم

وردت كلمة العبادة وصيغها في القرآن الكريم (٢٧٥) مرة. والصيغ التي وردت عليها هي:

– الفعل الماضي

ورد ٥ مرات

قال الله تعالى:

( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾

النحل:٣٥

– الفعل المضارع

ورد ٨١ مرة

قال الله تعالى:

( وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ﴾

الأعراف:٧٠

– فعل الأمر

ورد ٣٧ مرة

قال الله تعالى:

( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ﴾

الأعراف:٧٠

– اسم فاعل

ورد ١٢ مرة

قال الله تعالى:

( وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ  ﴾

الكافرون:٤

– اسم (مفرد، مثنى، جمع)

ورد ١٣١ مرة

قال الله تعالى:

( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾

سبأ:٩

– مصدر

ورد ٩ مرات

قال الله تعالى:

( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾

الكهف:١١٠

وجاءت (العبادة) في الاستعمال القرآني على وجهين:

1- التوحيد

قال الله تعالى:

( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾

النساء:٣٦

أي: وحدوه.

2- الطاعة

قال الله تعالى:

( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

يس:٦٠

أي: أن لا تعبدوا الشيطان فتطيعوه في معصية الله.

3- مكانة العبادة

         في

  القرآن الكريم

تحدث القرآن الكريم عن بعض مظاهر مكانة العبادة، نوجزها في النقاط الآتية:

أولًا: العبادة غاية الخلق

العبادة هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

الذاريات:٥٦

هذه الغاية التي خلق الله الجن والإنس لها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها، وهي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله .

ثانيًا- العِبادة خلاصة

دعوة الرسل جميعا

بعث الله تعالى جميع الرسل يدعون إليها، فكل رسول من الرسل افتتح دعوته بالدعاء إلى عبادة الله تعالى وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره ..

– عن إبراهيم عليه السلام

قال الله تعالى:

( وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ )

العنكبوت 16

– عن عيسي عليه السلام

قال الله تعالى:

( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ )

المائدة 72

– عن نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ )

الأعراف 59

– عن هود عليه السلام

قال الله تعالى:

( وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ )

الأعراف65

– عن صَالِحً عليه السلام

قال الله تعالى:

( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ )

الأعراف 73

– عن شُعَيْبً عليه السلام

قال الله تعالى:

( وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ )

الأعراف 85

– وقد استفتح كلّ نبيّ كلامَه مع قومه بهذه الدعوة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾

النحل:٣٦

ثالثًا: العبادة تشريف

فالعبادة ذروة الشرف، ومقام عظيم ، وقد جاءت تشريفًا للأتى

1- لملائكته عليهم السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾

الزخرف:١٩

﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾

الأنبياء:٢٦

﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ  ﴾

الأعراف:٢٠٦

2- لعباده المرسلين

والله تعالى جعل العبودية وصفًا لأكمل خلقه، وأقربهم إليه وهم لعباده المرسلين .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ﴾

الصافات:١٧١

–  داوود عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾

ص:١٧

– أيوب عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾

ص:٤١

– إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾

ص:٤٥

– عن سليمان عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾

ص:٣٠

– عن المسيح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾

الزخرف:٥٩

– محمد صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾

الكهف:١

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾

الإسراء:١

3- للمؤمنين المتقين

فأشرف وصف للإنسان أن يكون من عباد الله

قال الله تعالى:

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾

الفرقان:٦٣

﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾

الزخرف :٦٨- 69

4- العبادة والاستعانة

العبادة حق الله الذي أوجبه على العبد والاستعانة طلب العون على العبادة

1- حكمة اقتران العبادة بالاستعانة

اقترنت العبادة بالاستعانة ، في الأية  الأتية

قال الله تعالى:

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾

الفاتحة:٥

لتدل على أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بعبادة الله إلا بإعانة الله وتوفيقه، ولا ينهض بها إلا بالتوكل عليه، فهو إقرار بالعجز عن حمل هذه الأمانة الثقيلة، إذا لم يعنه الله على ذلك، فالاستعانة بالله علاج لغرور الإنسان وكبريائه، وهما داءان قتالان.

2- تقديم العبادة على الاستعانة

تقديم العبادة على الاستعانة ، في الأية الأتية

قال الله تعالى:

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾

الفاتحة:٥

لسبب أن العبادة غاية العباد التي خلقوا لها، والاستعانة وسيلة إليها، فكان ذلك من قبيل تقديم الغايات على الوسائل.

5- شروط العبادة

     من

القرآن الكريم

كل عمل يصدر من الإنسان المسلم ممكن أن يكون عبادة في حالة توافر بعض الشروط وهي ..

أ – الإخلاص

وهو أن يَقصدَ بعبادته وجهَ الله وثوابَه، ولا يُشرك فيه غيرَه .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾

البينة: 5

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾

الكهف: 110

﴿ قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَه دِينِي ﴾

الزمر: 14

﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾

الزمر: 11

ب – عبادة الله كما شَرع

فينبغي أن يكون العمل على حسب ما جاء في كتاب الله .

قال الله تعالى:

 ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )

النساء : 125

وكل عمل بلا اقتداء فإنه لا يزيد عامله من الله إلا بعدًا، فإن الله تعالى إنما يعبد بأمره، لا بالآراء والأهواء. فيجب أن يلتزم الإنسان بالعبادة كما وردت في القرآن الكريم .

فمتى فقد العمل واحدًا من هذين الشرطين بطل وحبط  وأصبح مردودًا على عامله .

قال الله تعالى:

﴿ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾

الفرقان:٢٣

وقَدِمْنا إلى ما عملوه مِن مظاهر الخير والبر، فجعلناه باطلا مضمحلا لا ينفعهم كالهباء المنثور.

6- أنواع العبادة

       في

  القرآن الكريم

العبادة من حيث تعلقها بعموم الخلق وخصوصهم تنقسم إلى نوعين:

أولًا: عبادة عامة

وهي عبودية أهل السماوات والأرض

قال الله تعالى:

﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ﴾

مريم:٩٣

العبودية العامة هي عبودية أهل السماوات والأرض كلهم لله، برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، فهذه عبودية القهر والملك.

وتسمى كذلك بالعبادة الكونية فكل من في السماوات والأرض فهو خاضع لله سبحانه وتعالى كونا فلا يمكن أبدًا أن يضاد الله أو يعارضه فيما أراد سبحانه وتعالى بالإرادة الكونية، والعابدون بالعبودية الكونية لا يثابون عليها؛ لأنهم خاضعون لله تعالى شاؤوا أم أبوا، فالإنسان يمرض، ويفقر، ويفقد محبوبه من غير أن يكون مريدًا لذلك بل هو كاره لذلك لكن هذا خضوع لله عز وجل خضوعًا كونيًا، فالخلق كلهم عبيد ربوبيته.

ثانيًا: عبادة خاصة

وهي عبودية الطاعة والمحبة واتباع الأوامر ، وهي خاصة بالأتي

1- المؤمنين بالله سبحانه وتعالى القائمين بأمره

قال الله تعالى:

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾

الفرقان:٦٣

﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾

الزخرف:٦٨- 69

﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ . الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ  وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر:١٧-١٨

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾

الحجر:٤٢

2- الرسل عليهم الصلاة والسلام

قال الله تعالى:

﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾

الفرقان:١

﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾

البقرة:٢٣

﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾

ص:٤٥

7- صور وأشكال العبادة

من حكمة الله تعالى في شريعته أن نوَّع لهم العبادات، وجعل لها صورًا وأشكالًا مختلفة، ومن تلك الصور:

أولا – عبادات قولية

وتشمل قول اللسان ، ومن ذلك

1- الدعوة إلى الله ، وتبليغ دينه

قال الله تعالى:

﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾

النحل:١٢٥

2- قراءة القرآن

قال الله تعالى:

﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾

النحل:٩٨

3- الدعاء إلى الله

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾

غافر:٦٠

4- القول للناس أطيب الكلام

قال الله تعالى:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾

البقرة 83

ثانيًا: عبادات قلبية

وتشمل عبادات القلوب الأتي

1- الإيمان بالله

وهو الاعتقاد بما أخبر الله به عن نفسه، وعن ملائكته ولقائه على لسان رسله، ونحو ذلك.

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

البقرة:١٧٧

﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾

المائدة:١١١

2- التوكل علي الله

قال الله تعالى:

﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

المائدة:٢٣

3- الإنابة إلي الله

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾

الزمر:٥٤

4- تقوى الله

قال الله تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

عمران :٢٠٠

5- الإخبات إلي الله

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ  هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

هود:٢٣

6- الصبر على أوامره، وعن نواهيه

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾

النحل 126

وغير ذلك من أعمال القلوب.

ثالثا – عبادات بدنية

وتشمل أعمال الجوارح ، ومن هذا النوع

1- الصلاة

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴾

الحج:٧٧

2- الحج

قال الله تعالى:

﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾

الحج:٢٩

3- السعى إلى الجمعة والجماعات

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

الجمعة:٩

4- الإحسان إلى الخلق

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

فصلت:٣٣

وغير ذلك من الأعمال البدنية.

رابعًا: عبادات مالية

وتشمل تلك العبادات الأتي

1- إخراج الزكاة من المال

قال الله تعالى:

﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ  إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

البقرة:١١٠

2- الوفاء بالنذر

قال الله تعالى:

﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾

الإنسان:٧

3- الجهاد بالمال في سبيل الله

قال الله تعالى:

﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

التوبة:٤١

وغير ذلك من الأعمال المالية.

خامسًا: عبادات مشتركة

وهي ما اشتملت على نوعين فأكثر من العبادات، منها على سبيل المثال:

1- الحج

هو عبادة مركبة من نوعين بدنية ومالية.

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾

آل عمران:٩٧

فالحج  عبادة لا تقوم إلا بالبدن والمال؛ ولهذا لا يجب إلا عند وجود المال وصحة البدن.

2- العمرة

وهي عبادة مركبة من نوعين بدنية ومالية.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾

البقرة:١٩٦

3- الجهاد

الجهاد عبادة مركبة لأنة يقتضي الأمرين: بذل النفس وبذل المال .

قال الله تعالى:

﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

التوبة:٤١

4- الصلاة

تشتمل على عبادات قلبية وقولية وعملية.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

الأنعام:١٦٢

فالصلاة تشتمل على عبادات قلبية وقولية وعملية، فالصلاة تشتمل على أنواع العبادة في القلب: من الخشوع، والخشية، والإقبال على الله سبحانه وتعالى، وباللسان: من التكبير، والتحميد، والثناء على الله، وتلاوة كتابه الكريم، ومناجاة الرب سبحانه وتعالى، وبالجوارح: من القيام، والركوع، والسجود، والجلوس.

8- فضل العبادة

من الآثار المترتبة على العبادة إصلاح الأعمال في الدنيا، ومغفرة الذنوب في الآخرة، وتصفية النفس الإنسانية والحيلولة بينها وبين مباشرة الجرائم الاجتماعية من الفواحش والمنكرات التي هي الزنا وهتك العرض، وسرقة الأموال، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. وتستهدف كذلك الحد من أنانية الذات في السلوك والتصرفات، وتقوية الإحساس الجماعي بالآخرين في المجتمع.

1- تحقيق العبودية لله

العبادةهي الغاية الأساسيّة التي خلق من أجلها الله تعالى الإنسان

قال الله تعالى:

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾

الإسراء 23

2- النجاح في الدنيا والأخرة

قال الله تعالى:

( يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾

الزخرف 68

يا عبادي لا خوف عليكم اليوم من عقابي، ولا أنتم تحزنون على ما فاتكم مِن حظوظ الدنيا .

3- الحفظ من المعاصي

قال الله تعالى:

( كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾

يوسف 24

4- الحفظ مِن كيد الشيطان

قال الله تعالى:

( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾

الإسراء 65

5-  دخول الجنة

قال الله تعالى:

( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾

مريم 63

6- الهداية

قال الله تعالى:

( فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنهُ أولئك الذين هداهم الله )

الزمر 18

9 – دوافع العبادة

هناك دوافع وأسباب تدفع الإنسان لعبادة الله سبحانه وتعالى، وتجعله دائم الصلة بربه تعالى، وبإمكاننا أن نقسم هذه الدوافع إلى قسمين:

أولًا: دوافع فطرية

ومن تلك الدوافع الأتى

1- دافع الشعور الفطري بوجود الخالق

فمعرفة الخالق مغروسة في الفطرة الإنسانية، وهي عهد الله وميثاقه الذي أخذه سبحانه وتعالى على بني آدم .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ﴾

الأعراف:١٧٢

وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها

قال الله تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ  ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

الروم:٣٠

أي الزموا خلقة الله التي خلق الناس عليها، فقد جعلهم بفطرتهم جانحين للتوحيد وموقنين به؛ لكونه موافقا لما يهدي إليه العقل، ويرشد إليه صحيح النظر .

بل إن المشركين في حالة الشدة والبلاء وانقطاع رجائهم عن الدنيا يرجعون إلى الفطرة الشاهدة بالتوحيد

قال الله تعالى:

﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾

العنكبوت:٦٥

وفي الآية إشارة إلى أن المانع من التوحيد هو الحياة الدنيا، وبيان ذلك هو أنهم إذا انقطع رجاؤهم عن الدنيا رجعوا إلى الفطرة الشاهدة بالتوحيد ووحدوا وأخلصوا، فإذا أنجاهم وأرجأهم عادوا إلى ما كانوا عليه من حب الدنيا وأشركوا به سبحانه وتعالى .

2- دافع الحاجة والافتقار

أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم عن حقيقة العباد وذواتهم بأنها فقيرة إليه سبحانه ، كما أخبر عن ذاته المقدسة، وحقيقته أنه غني حميد.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

فاطر:١٥

أن فقر العباد إليه أمر ذاتي لهم لا ينفك عنهم، في كل المواقف والأوقات

– عند الأخطار

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾

لقمان 32

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾

الإسراء 67

﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾

الأنعام 63

– عند طلب الرزق

قال الله تعالى:

﴿ أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾

الملك 21

﴿ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾

المائدة 114

ثانيًا: دوافع شرعية

ومن تلك الدوافع

1- دافع الرغبة والرهبة

من أعظم الدوافع الشرعية الرغبة في ثواب الله تعالى، والرهبة من عذابه وعقابه سبحانه وتعالى .

– عن زكريا عليه السلام وأهل بيته

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾

الأنبياء: 90

إنهم كانوا يبادرون إلى كل خير، ويدعوننا راغبين فيما عندنا، خائفين من عقوبتنا، وكانوا لنا خاضعين متواضعين.

– عن ملائكته

﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾

النحل:49- 50

– عن الطائعين

قال الله تعالى:

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾

الزمر :٩

أهذا الكافر المتمتع بكفره خير، أم من هو عابد لربه طائع له، يقضي ساعات الليل في القيام والسجود لله، يخاف عذاب الآخرة، ويأمُل رحمة ربه؟

2- دافع المحبة والتعظيم

فإن محبة الله تعالى وتعظيمه، دافع من دوافع عبادته، فالله عزو جل أهل لأن يعبد لذاته الجليلة، وأن يطاع لصفاته العظيمة .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىٰ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾

المدثر:٥٦

حقًّا أنَّ القرآن موعظة بليغة كافية لاتِّعاظهم، فمن أراد الاتعاظ اتعظ بما فيه وانتفع بهداه، وما يتعظون به إلا أن يشاء الله لهم الهدى. هو سبحانه أهلٌ لأن يُتقى ويطاع، وأهلٌ لأن يغفر لمن آمن به وأطاعه.

أي: هو أهل أن يتقى ويعبد؛ لأنه الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأهل أن يغفر لمن اتقاه واتبع رضاه

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾

البقرة:١٦٥

فكلما ازداد القلب حبا لله ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبًا عما سواه.

3- دافع الشكر والعرفان

فإن نعم الله سبحانه وتعالى على بني آدم عظيمة؛ لأن كل النعم على بني آدم منه.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ  ﴾

النحل:٥٣

وهي دافع للعبادة لله سبحانه وتعالى، شكرًا وعرفانًا بعطاياه التي لا تعد ولا تحصى.

قال الله تعالى:

﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾

إبراهيم:٣٤

وقد أمر الله بالشكر، ونهى عن ضده.

قال الله تعالى:

﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾

النحل:١١٤

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾

البقرة:١٥٢

ووعد أهله بأحسن جزائه.

قال الله تعالى:

﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾

آل عمران:١٤٤

وجعله سببًا للمزيد من فضله، وحارسًا وحافظًا لنعمته.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾

إبراهيم :٧

وقلة أهله في العالمين تدل على أنهم هم خواصه،

قال الله تعالى:

﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾

سبأ: ١٣

10 – عبادة غير الله تعالى

تحدث القرآن الكريم عن عبادة غير الله عز وجل كثيرًا، ويمكن إيجازها في النقاط الآتية:

أولًا: النهي عن عبادة غير الله

لقد بعث الله سبحانه وتعالى في كل أمة من الأمم رسولًا يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة ما زينه الشيطان لهم وأوقعهم فيه من عبادة ما سواه.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾

النحل:٣٦

والطاغوت كل ما عبد من دونه إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، سواء كان إنسانًا ذلك المعبود، أو شيطانًا، أو وثنًا، أو صنمًا، أو كائنًا ما كان من شيء.

وقد أخبر الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن دعوته إلى عبادة الله تعالى وحده والنهي عن عبادة ما سواه، هي دعوة الرسل من قبله.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

الأنبياء:٢٥

وقد قام الأنبياء والرسل جميعًا بذلك، فما منهم من أحد إلا قال لقومه

قال الله تعالى:

﴿ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾

المؤمنون:٣٢

ثانيًا – المعبودات من دون الله لا تملك شيئًا لعابديها

أخبر الله عزو جل في كتابه عن جهل المشركين في عبادتهم لمن لا يملك لهم نفعًا، ولا ضرًا، ولا نصرًا، ولا رزقًا ، في أكثر من آية ، منها

قال الله تعالى :

﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيرًا ﴾

الفرقان:٥٥

ومع كل هذه الدلائل على قدرة الله وإنعامه على خلقه يَعبدُ الكفار مِن دون الله ما لا ينفعهم إن عبدوه، ولا يضرهم إن تركوا عبادته، وكان الكافر عونًا للشيطان على ربه بالشرك في عبادة الله، مُظَاهِرًا له على معصيته.

قال الله تعالى :

﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ . لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ﴾

يس:٧٤-٧٥

واتخذ المشركون من دون الله آلهة يعبدونها؛ طمعًا في نصرها لهم وإنقاذهم من عذاب الله. لا تستطيع تلك الآلهة نصر عابديها ولا أنفسهم ينصرون، والمشركون وآلهتهم جميعًا محضرون في العذاب، متبرئ بعضهم من بعض.

قال الله تعالى :

﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾

النحل :٧٣

ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر، ولا من الأرض كالزرع، فهم لا يملكون شيئًا، ولا يتأتى منهم أن يملكوه؛ لأنهم لا يقدرون.

وقد ضرب الله الأمثال في القرآن لبيان حال هذه المعبودات، وأنها ضعيفة وعاجزة. ومن هذه الأمثال

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ  ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

الحج:٧٣

يا أيها الناس ضُرِب مثل فاستمعوا له وتدبروه: إن الأصنام والأنداد التي تعبدونها من دون الله لن تقدر مجتمعة على خَلْق ذبابة واحدة، فكيف بخلق ما هو أكبر؟ ولا تقدر أن تستخلص ما يسلبه الذباب منها، فهل بعد ذلك مِن عَجْز؟ فهما ضعيفان معًا: ضَعُفَ الطالب الذي هو المعبود من دون الله أن يستنقذ ما أخذه الذباب منه، وضَعُفَ المطلوب الذي هو الذباب، فكيف تُتَّخذ هذه الأصنام والأنداد آلهة، وهي بهذا الهوان؟

ثالثا: إنكار المعبودات من دون الله لعابديها

أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن هذه المعبودات التي عبدت من دون الله، سواءً كانت من الحجر، أو من البشر، أو من الملائكة، أو من الجن، سوف تنكر عابديها يوم القيامة وتتبرأ من ذلك.

1- في شأن إبليس

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ  وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

إبراهيم:٢٢

وقال الشيطان – بعد أن قضى الله الأمر وحاسب خَلْقه، ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-: إن الله وعدكم وعدًا حقًا بالبعث والجزاء، ووعدتكم وعدًا باطلا أنه لا بَعْثَ ولا جزاء، فأخلفتكم وعدي، وما كان لي عليكم من قوة أقهركم بها على اتباعي، ولا كانت معي حجة، ولكن دعوتكم إلى الكفر والضلال فاتبعتموني، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم، فالذنب ذنبكم، ما أنا بمغيثكم ولا أنتم بمغيثيَّ من عذاب الله، إني تبرَّأت مِن جَعْلِكم لي شريكًا مع الله في طاعته في الدنيا. إن الظالمين -في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل- لهم عذاب مؤلم موجع.

2- في شأن الأولياء والصالحين وغيرهم

قال الله تعالى :

﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ . قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا . فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴾

الفرقان:١٧-١٩

ويوم القيامة يحشر الله المشركين وما كانوا يعبدونه من دونه، فيقول لهؤلاء المعبودين: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء عن طريق الحق، وأمرتموهم بعبادتكم، أم هم ضلوا السبيل، فعبدوكم مِن تلقاء أنفسهم؟ قال المعبودون من دون الله: تنزيهًا لك- يا ربنا- عَمَّا فعل هؤلاء، فما يصحُّ أن نَتَّخِذ سواك أولياء نواليهم، ولكن متعتَ هؤلاء المشركين وآباءهم بالمال والعافية في الدنيا، حتى نسوا ذكرك فأشركوا بك، وكانوا قومًا هلكى غلب عليهم الشقاء والخِذْلان. فيقال للمشركين: لقد كذَّبكم هؤلاء الذين عبدتموهم في ادِّعائكم عليهم، فها أنتم أولاء لا تستطيعون دَفْعًا للعذاب عن أنفسكم، ولا نصرًا لها، ومَن يشرك بالله فيظلم نفسه ويعبد غير الله، ويمت على ذلك، يعذبه الله عذابًا شديدًا.

3- في شأن الأصنام

قال الله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴾

الأحقاف:٥-٦

لا أحد أضلُّ وأجهل ممن يدعو من دون الله آلهة لا تستجيب دعاءه أبدًا؛ لأنها من الأموات أو الأحجار والأشجار ونحوها، وهي غافلة عن دعاء مَن يعبدها، عاجزة عن نفعه أو ضره. وإذا حُشر الناس يوم القيامة للحساب والجزاء كانت الآلهة التي يدعونها في الدنيا لهم أعداء، تلعنهم وتتبرأ منهم، وتنكر علمها بعبادتهم إياها.

Share This