مفهوم الطَّاغُوتُ في القرآن الكريم

1- مفهوم الطَّاغُوتُ

الطاغوت هو كل ما يعبد أويتبع أو يتحاكم إليه من دون الله .

قَال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾

البقرة:256

فقَد جعلَتِ الآياتُ الطّغيانَ واتّباعَ الطّاغوتِ مُنافياً ومُناقِضاً للإيمانِ باللهِ تعالى .

قَال الله تعالى:

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ﴾

الحج:62

و الإنسانَ يستحقُّ وصفَه بالطّاغوتِ عندَما يصبحُ الطُّغيانُ الصّفةَ الغالبةَ في سلوكِه .

2- كلمة الطاغوت

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة (الطاغوت) في القرآن الكريم (8) مرات. والصيغ التي وردت، هي:

– إسم مفرد

ورد  8 مرات

قَال الله تعالى:

 ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ )

النساء: 60

وجاء الطاغوت في القرآن الكريم بمعني كل ما يُعبد من دون الله من أصنام ومخلوقات أخرى إذا ذكر معه الإيمان وعبادة الله والكفر بالطاغوت. وهو يُطلَق على الباطل مطلقًا ممّن يعقل وما لا يعقل، فإذا عبد من دون الله أو مع الله فذلك كُفر أو شرك، وإذا فُتِنَ به دون عبادة له كان عِصيانًا وفُسوقًا، كالذي يفتِنه الشيطانُ أو السُّلطان أو المال أو الذّهب أو المرأة أو غير ذلك، فتنةً تُلهيه عن الواجب وتُغريه بالسّوء، وقد يُطلق عليه أنّه يعبده أي يحبُّه حبًّا شديدًا ويُطيعه طاعة العبد لسيده .

3- وجوب الإيمان بالله

    والكفر بالطاغوت

أن أول ما فرض الله على العباد هو الإيمان به والكفر بالطاغوت .

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾

النحل: 36

ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا، فكان منهم مَن هدى الله، فاتبع المرسلين، ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ، فوجبت عليه الضلالة، فلم يوفقه الله.

قَال الله تعالى:

( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى )

البقرة: 256

فَمَن يكفر بكل ما عُبِد من دون الله ويؤمن بالله، فقد ثبت واستقام على الطريقة المثلى، واستمسك من الدين بأقوى سبب لا انقطاع له.

ولكننا في هذا الزمن ، آمنا بالله تعالى ، وجهلنا الكفر بالطاغوت .

قَال الله تعالى:

( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )

يوسف:106

4- كيف نكفر بالطاغوت

الكفر بالطاغوت يكمن في الأمورالأتية :

الأمر الأول : اعتقاد بطلان عبادة غير الله، وكل معبود سوى الله

أن تعتقد أن كل معبود غير الله عز وجل باطل لا يستحق شيئا من العبادة بل هو عبد مخلوق لله الواحد القهار، وتعتقد أن كل عبادة صُرفت لغير الله باطلة وضلال وشرك بالله عز وجل، وتعتقد أن كل منهج ودين يخالف دين الإسلام، وكل تشريع لم يأذن به الله فهو كفر بالله عز وجل وضلال وجاهلية .

قَال الله تعالى:

 ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ )

لقمان : 30

 ( فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ )

يونس : 32

 ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )

آل عمران:85

﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾

المائدة : 50

فكل حكم سوى أحكام الله فهو حكم الجاهلية

قَال الله تعالى:

 ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )

الجاثـية :18

فما كان من عند الله فهو شريعة الله ودينه الذي ارتضاه، وما سواه فأهواء قوم لا يعلمون

الأمر الثاني : ترك واجتناب عبادة غير الله وبغضها وإنكارها
فلا يكفي اعتقاد بطلان عبادة غير الله بل لابد من اجتنابها والابتعاد عنها بالكلية وبغضها وإنكارها بالقلب بغضا شديدا .
قال الله تعالى:

( قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ )

الأنعام : 19

ففيها البراءة من الشرك

قال الله تعالى:

( وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ).

النحل: 36

فيها الأمر باجتناب ما يعبد من دون الله

قال الله تعالى:

( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ )

الزمر:17
وفيها أن اجتناب الطاغوت يعني اجتناب عبادته
قال الله تعالى:

( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ )

آل عمران : 64

الأمر الثالث : البراءة ممن أشرك بالله فعبد معه غيره

مادام الكفر بما يعبد من دون الله هو الركن الأول في كلمة التوحيد، وعرفنا أنه يعني اعتقاد بطلان كل معبود غير الله وأن عبادة غير الله كفر وشرك بالله، ويعني اجتناب هذا الشرك والابتعاد عنه وبغضه وإنكاره؛ فالذي يشرك بالله ويتخذ من دونه معبودا لم يأتِ بهذا الركن بل أتى بنقيضه تماما فكيف يكون مؤمنا بلا إله إلا الله؟! بل الحقيقة أن كافر بها ولو كان ممن يقولها بلسانه ويدعي أنه مؤمن بها، فالإيمان بلا إله إلا الله لا يكون بغير معرفة واعتقاد وقول وعمل

فمن عبد غير الله واتخذ من دونه إلها وجبت البراءة منه ومما يعبده ويدين به، ولا يتحقق الكفر بما يعبد من دون الله بدون الكفر والبراءة من عابديه.

بل إن الله عز وجل قدم البراءة من العابد على البراءة من المعبود في أكثر من آية من آيات كتابه البينات .

قَال الله تعالى:

( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )

الممتحنة : 4

 ( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي  )

مريم : 48

 ( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ )

مريم: 49

 ( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ )

الكهف : 16

وأخيرا  ..

قَال الله تعالى:

﴿ فَلا تَجعَلوا لِلَّهِ أَندادًا وَأَنتُم تَعلَمونَ ﴾

البقرة: ٢٢

فلا نطيع ولا نخضع إلا لله عز وجل، ولا نعترف لسلطان غير سلطان الله، فكل مدعي للسلطة من دون الله نكفر به ولا نعترف له بسلطة علينا ، ولا نعترف بقانون غير شرع الله عز وجل نخضع ونتحاكم إليه، ونكفر بكل قانون لا يستمد مرجعيته من الله عز وجل. ولا نطلب الرزق والعون إلا من الله ونعتقد أن الأمر كله بيد الله عز وجل، فهو وحده من له الخلق والأمر. فإذا فعلنا ذلك نكون كفرنا بالطاغوت وآمنا بالله كما أراد ربنا عز وجل.

5- أنواع الطاغوت

       فى

   القرآن الكريم 

ورد لفظ الطاغوت فى القرآن الكريم  ثمانى مرات ، و لو تتبعنا الآيات التي ورد فيها نجد أن الطاغوت هو كل ما تجاوز العبد به حده من عبادة ، أو إتباع، أو طاعة لغير الله تعالى . فالطاغوت فى القرآن الكريم  ثلاثة أنواع ، هي

1- طاغوت عبادة

قَال الله تعالى:

( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى )

الزمر : 17

والذين اجتنبوا طاعة الشيطان وعبادة غير الله، وتابوا إلى الله بعبادته وإخلاص الدين له، لهم البشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن والتوفيق من الله، وفي الآخرة رضوان الله والنعيم الدائم في الجنة.

2- طاغوت طاعة ومتابعة

قَال الله تعالى:

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

البقرة: 257

والذين كفروا أنصارهم وأولياؤهم الأنداد والأوثان الذين يعبدونهم من دون الله، يُخرجونهم من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر، أولئك أصحاب النار الملازمون لها، هم فيها باقون بقاء أبديًا لا يخرجون منها.

3- طاغوت حكم

قَال الله تعالى:

( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا )

النساء : 60

الإيمان الصادق، يقتضي الانقياد لشرع الله، والحكم به في كل أمر من الأمور، فمن زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في زعمه.

6- كيفية صناعة الطاغوت

وهناك جهات أربع تشترك في صناعة الطاغوت وهي :

1- نفسه الأمارة بالسوء

أول من يصنع الحاكم الطاغوتي نفسه الأمارة بالسوء , والتي تجعله يسير وراء هواه ويتخذه إلها ومعبودا  .

قَال الله تعالى:

 ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ )

الجاثية: 23

فهو في حكمه يرى نفسه أعقل الناس وأذكاهم وأرجحهم رأيا وأوفرهم عقلا , فلا يصلح للحكم غيره , فهو المعصوم الذي لا يخطيء والمصان الذي لا يهان , وعلى الناس أن لا ترى إلا بعينه ولا تسمع إلا بأذنه ,

– قول فرعون لقومه

قَال الله تعالى:

( قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ )

غافر: 29

2- بطانة السوء الفاسدة

الصانع الثاني للحاكم الطاغوتي : بطانة السوء الفاسدة التي تزين له الشر , وتقلب له الحق باطلا والباطل حقا , ولقد نهانا الله تعالى عن موالاة بطانة السوء.

قَال الله تعالى:

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ )

آل عمران : 118

3- علماء السلطة المنافقون

وهناك علماء السلطة المنافقون الذين يضفون نوعاً من الشرعية الدينية على الحاكم الطاغوتي المستبد , فيحلون له الحرام ويحرمون له الحلال , ويساعدونه على التسلط والاستبداد بفتواهم التي لا يرعون فيها ذمة , ولا يصونون بها علماً , مما يجعل الحاكم يستمد منهم وجوده وشرعيته , فينسون النصح له  .

قَال الله تعالى:

 ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ . وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ )

يونس :59 – 60

4-  الشعوب المستكينة المستسلمة

الحاكم المستبد يجعل الشعوب تستبد معه , وتواليه في استبداده بدل أن تكون هي المعين على إصلاحه وتقويمه , فتكون من أدوات صنع الطواغيت طواعية أو كرهاً , وكان الواجب عليها أن تقاوم الظلم وتجابه الفساد , وتعمل على إزالة الطغيان والاستبداد.

قَال الله تعالى:

( قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ )

غافر: 29

قال فرعون لقومه مجيبًا: ما أريكم- أيها الناس- من الرأي والنصيحة إلا ما أرى لنفسي ولكم صلاحًا وصوابًا، وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصواب.

7- رؤوس الطواغيت

       في

   القرآن الكريم

فالطواغيت الذي تحدّث عنهم القرآن الكريم هم

1- الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله

إبليس لعنه الله، فإنه رأس الطواغيت وهو الذي يدعو إلى الضلال والكفر والإلحاد ويدعو إلى النار، فهو رأس الطواغيت ..

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

يس :60

2- الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ﴾

النساء:60

3- الذي يحكم بغير ما أنزل الله

فالذي يحكم بغير ما أنزل الله، وهو يرى أن حكمه بغير ما أنزل الله أصلح للناس، وأنفع للناس، وأنه مساو لما أنزل الله، وأنه مخير بين أن يحكم بما أنزل الله، أو يحكم بغيره، أو أن الحكم بغير ما أنزل الله جائز، فهذا يعتبر طاغوتًا وهو كافر بالله عز وجل .

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾

المائدة:44

4- الذي يدعي علم الغيب من دون الله

فالذي يدعي أنه يعلم الغيب هذا يجعل نفسه شريكًا لله عز وجل في علم الغيب فهو طاغوت ..

قَال الله تعالى:

﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا  ﴾

الجن:26–27

﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾

الأنعام :59

5- الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾

الأنبياء:29

8- جزاء من لا يكفر بالطاغوت

أ – أولئك أصحاب النار

قَال الله تعالى:

( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

البقرة: 257

الله يتولى المؤمنين بنصره وتوفيقه وحفظه، يخرجهم من ظلمات الكفر، إلى نور الإيمان. والذين كفروا أنصارهم وأولياؤهم الأنداد الذين يعبدونهم من دون الله، يُخرجونهم من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر، أولئك أصحاب النار الملازمون لها، هم فيها باقون بقاء أبديًا لا يخرجون منها.

ب – أضل سعيًا عن الطريق المستقيم

عُبَّاد الطاغوت (وهو كل ما عُبِد من دون الله وهو راضٍ)، قد ساء مكانهم في الآخرة، وضلَّ سَعْيُهم في الدنيا عن الطريق الصحيح.

قَال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا )

النساء: 51

ألم تعلم – أيها الرسول- أمر أولئك اليهود الذين أُعطوا حظًّا من العلم يصدقون بكل ما يُعبد من دون الله من شياطين الإنس والجن تصديقا يحملهم على التحاكم إلى غير شرع الله، ويقولون للذين كفروا بالله تعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: هؤلاء الكافرون أقْومُ، وأعدلُ طريقًا من أولئك الذين آمنوا؟

9- صفات عُبَّاد الطاغوت

1- البعد عن الحق

قَال الله تعالى :

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾

النساء :60

ألم ترَ – أيها الرسول – تناقض المنافقين من اليهود الذين يَدَّعون كذبًا أنهم آمنوا بما أُنزِل عليك وما أُنزِل على الرسل من قبلك، يريدون أن يتحاكموا في نزاعاتهم إلى غير شرع الله مما وضعه البشر، وقد أمروا أن يكفروا بذلك. ويريد الشيطان أن يبعدهم عن الحق إبعادًا شديدًا لا يهتدون معه.

2- الحكم الجائر

وهو الحكم المغير لأحكام الله تعالى

قَال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ )

النساء: 60

فالذي يحكم بغير ما أنزل الله، وهو يرى أن حكمه بغير ما أنزل الله أصلح للناس، وأنفع للناس، وأنه مساو لما أنزل الله، وأنه مخير بين أن يحكم بما أنزل الله، أو يحكم بغيره، أو أن الحكم بغير ما أنزل الله جائز، فهذا يعتبر طاغوتًا وهو كافر بالله عز وجل .

3- البغي والفساد

قَال الله تعالى:

( الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )

النساء: 76

الذين صدَقُوا في إيمانهم اعتقادًا وعملا يجاهدون في سبيل نصرة الحق وأهله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل البغي والفساد في الأرض، فقاتلوا أيها المؤمنون أهل الكفر والشرك الذين يتولَّون الشيطان، ويطيعون أمره، إن تدبير الشيطان لأوليائه كان ضعيفًا.

4- التقليدً الأعمى للآباءَ

الطاغوت تتوارثه الأجيال جيل بعد جيل ثم يصير دينا ارضيا يتداينون به من يؤمنون به ، وما وجدوا عليه آباءَهم الأموات من أقاويلَ وسلوكياتٍ ورثوها عنهم سماها الله (الطاغـوت) .

قَال الله تعالى:

( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ )

المائدة: 60

10- جزاءَ من يتجنب عباده الطاغوت

1- البشرى من الله

قَال الله تعالى:

 ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ )

الزمر: 17

والذين اجتنبوا طاعة الشيطان وعبادة غير الله، وتابوا إلى الله بعبادته وإخلاص الدين له، لهم البشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن والتوفيق من الله، وفي الآخرة رضوان الله والنعيم الدائم في الجنة. فبشِّر – أيها النبي- عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أرشده.

 

Share This