1- مفهوم الطاعة

الطاعة  هي الانقياد والامتثال باتباع الأمر واجتناب النهي .

2- الطاعة

       في

الاستعمال القرآني

وردت كلمة (طاعة) وصيغها في القرآن الكريم (٧٣) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

وردت ١٤ مرة

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾

النساء:٨٠

– الفعل المضارع

وردت ٢٩ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾

الكهف:٢٨

– فعل الأمر

وردت ٢١ مرة

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾

آل عمران:٣٢

– المصدر

وردت  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ ﴾

محمد:٢١

– اسم الفاعل

وردت  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾

فصلت:١١

– اسم المفعول

وردت  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ . مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾

التكوير:٢٠-٢١

وجاءت الطاعة في الاستعمال القرآني بمعني الانقياد، لكن أكثر ما يقال في الائتمار فيما أمر.

3- الأمربالطاعة

و النهي عن المعصية

تنوعت أساليب القرآن في الحث على الطاعة، فتارة تأتي

أ- بصيغة الأمر

ويشمل ذلك استخدام اللفظ نفسه .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾

آل عمران: ٣٢

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

آل عمران: ١٣٢

لأن كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل . وقال تعالى على لسان أكثر من رسول لقومه:

– عن نوح علية السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٠٨

– عن هود علية السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٢٦

– عن صالح علية السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٤٤

– عن لوط علية السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٦٣

– عن شعيب علية السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٧٩

– عن عيسى علية السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

آل عمران: ٥٠

أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله .

وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس ، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ب – أسلوب النهي عن الإعراض والتولي

تأكدت معاني الآيات الآمرة بطاعة الله ورسوله بذكر الآيات الناهية عن المعصية، والإعراض والتولي أيضًا، وهذا كله ضد الطاعة، وهذا النهي يأتي أحيانًا مذكورًا مع أوامر الطاعة؛ وذلك لتأكيد المعنى، والتحذير من المخالفة، ومثال ذلك

قال الله تعالى:

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا  فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

المائدة: ٩٢

وامتثلوا -أيها المسلمون- طاعة الله وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما تفعلون وتتركون، واتقوا الله وراقبوه في ذلك، فإن أعرضتم عن الامتثال فعملتم ما نهيتم عنه، فاعلموا أنما على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾

آل عمران: ٣٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾

الأنفال: ٢٠

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

النور: ٥٤

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ  ﴾

محمد: ٣٣

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

التغابن: ١٢

وجاءت آيات أخرى تتوعد العصاة بالعذاب والخسران، وفي هذا نهي ضمني عن معصية الله ورسوله؛ لأنه طريق هلاك وضلال،

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾

الجن: ٢٣

﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾

النساء: ١٤

الآيات جاءت عامة لتشمل كل معصية لله ورسوله في شتى الحدود والأوامر.

وبين الله عز وجل أيضًا أن أوامره وأوامر نبيه من الأمور التي لا اختيار للمسلم فيها، بل يقبلها وينقاد إليها؛ لأن فيها مصلحة العبد في الدنيا والآخرة، حتى وإن جهل الحكمة من هذه الأوامر،

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾

الأحزاب: ٣٦

ولا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة إذا حكم الله ورسوله فيهم حُكمًا أن يخالفوه، بأن يختاروا غير الذي قضى فيهم. ومن يعص الله ورسوله فقد بَعُدَ عن طريق الصواب بُعْدًا ظاهرًا.

قال الله تعالى:

﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾

النساء: ٦٥

4- الثناء على المطيعين

من أثنى الله تعالى عليهم في كتابه المطيعون، فلقد وردت آيات عديدة في كتاب الله عز وجل تثني عليهم وتمدحهم، وتنعتهم بأحسن الصفات،

1- وصفهم بالإيمان

قال الله تعالى:

﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا  غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾

البقرة: ٢٨٥

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ  إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  ﴾

التوبة: ٧١

1- وصفهم بالفائزين

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾

النور: ٥٢

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

الأحزاب: ٧١

ومن يطع الله ورسوله فيما أمر ونهى فقد فاز برضا الله عنهم يوم القيامة، وأمنهم من عذابه.

– وصفهم بالمفلحين

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

النور: ٥١

– وصفهم بالخيرية والصواب

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ﴾

النساء: ٤٦

5- بيان عاقبة المطيعين

عني القرآن الكريم بالترغيب والترهيب، والثواب والعقاب كأسلوب مهمٍ من أساليب التربية ، مما يزيد من دافع الطاعة عند المؤمن ، والرهبة عند الكافر . والثواب والعقاب يكون عاجل ، في

أ – الدنيا

ففي الدنيا ينال المطيعون

1- الهداية

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا  وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

النور: ٥٤

وهذا نراه جليًا في حال هؤلاء الذين زينوا ظاهرهم وتعاملاتهم بطاعة الله ورسوله، وعمروا أسرارهم بمراقبة ربهم؛ فتراهم من أكثر الناس توفيقًا وسدادًا، وإصابة للحق، على اختلاف الأحوال والوقائع.

2- الأجر الحسن

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ﴾

الفتح: ١٦

أن الأجر الحسن المذكور في الآية هو: الغنيمة والنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة.

3 – الرحمة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

النور: ٥٦

رجاء أن يرحمكم الله.

وهذه الرحمة عامة تشمل الدنيا قبل الآخرة، فهي أيضًا من الثواب العاجل والآجل.

ب – الآخرة

فالثمرة أعظم وأكبر؛ لأن هذا ثواب باقٍ لا يحول ولا يزول، ومن هذا الثواب المذكور

1 – الأجر الكامل

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ﴾

الحجرات: ١٤

وإن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئًا

2 – الجنة

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾

الفتح: ١٧

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا  وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

النساء: ١٣

3 – الدرجات الرفيعة في الجنة

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ﴾

النساء: ٦٩

6 – أنواع الطاعة

بين القرآن الكريم أنواع الطاعة المطلوبة ، وفيما يأتي بيان لها

1- الطاعة المطلقة

أ – الطاعة لله ولرسوله

طاعة الله عز وجل طاعة مطلقة، فكل أوامر الله عز وجل يجب تنفيذها بقدر الاستطاعة، بدون قيد أو شرط أو تردد؛ لأنها أهم أنواع الطاعات، وأصل كل الطاعات، أمر الله بها عباده، ورتب على هذا الأمر الثواب العظيم لمن أطاع، والعقاب الأليم لمن عصى، وجعل الطاعة سمة من سمات المؤمنين لا تنفك عنهم كما مر بنا آنفًا.

وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك طاعة مطلقة؛ لأنه مبلغ عن الله، وطاعته طاعة لله عز وجل .

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ  وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾

النساء: ٨٠

، وكذلك كل الرسل عليهم السلام.

قال الله تعالى:

﴿ أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾

النساء: ٦٤

وكل رسول بعث إلى قومه أمرهم بطاعته؛ وذلك لأن فيها هدايتهم وفلاحهم؛ ولأنها طاعة لله عز وجل في الأصل.

– قول نوح عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٠6-١٠٨

– وقول هود عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

  ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٢4-١2٦

– وقول صالح عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٤2-١44

– وقول لوط عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٦1- 163

– وقول شعيب عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الشعراء: ١٧7- 179

– وقول عيسى عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

﴿ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾

الزخرف: ٦٣

– وقال تعالى عن هارون عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ﴾

طه: ٩٠

فعلى المؤمنين الطاعة في شتى مجالات حياتهم، فيما ورد عن الشارع فيه أمر أو نهي، ليس فقط في أداء عباداتهم، بل حتى في تجاراتهم، في تعاملاتهم، في حال حربهم وسلمهم، في نشاطهم وكسلهم، وأن يعلنوا انقيادهم وإذعانهم لما أمروا به.

2- الطاعة المقيدة

طاعة الله عز وجل ورسوله طاعة مطلقة، وهناك طاعات أخرى دل عليها الكتاب العزيز، خاصة بأصناف معينة من الناس، إلا أن هذا النوع من الطاعة ليس مطلقًا كسابقه، بل هي مقيدة بقيد مهم، ألا وهو: الطاعة في المعروف . ومن أنواع هذه الطاعات المقيدة ما يلي:

أ- طاعة أولياء الأمور

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾

النساء: ٥٩

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله

ب-  طاعة الوالدين

قال الله تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ﴾

العنكبوت: ٨

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا  وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾

لقمان: ١٥

والإحسان للوالدين في كل حال إلا في حال الإشراك،

3- الطاعة المنهي عنها

الله عز وجل هو الخالق لهذا الكون، وهو الأعلم بما يصلح عباده، وما يفسدهم، وما ينفعهم وما يضرهم؛ ولذا فقد حذرهم تبارك وتعالى مما فيه ضرر أو هلاك أو شقاء لهم، وبين لهم العواقب، وقص عليهم القصص، كل ذلك حتى يمتثلوا أمره، ويحذروا مما حذرهم منه.

أ- طاعة الشيطان

ومما حذر الله منه عباده: أن يتبعوا الشيطان ، أو خطواته، أو يتخذوه وليًا من دون الله؛ لأنه في الأصل عدو لهم، وعداوته قديمة منذ خلق أبيهم آدم عليه السلام، يوم رفض السجود له، وأعلن عن حسده وبغضه، ونيته في إفساد ذريته.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا . قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

الإسراء: ٦١-٦٢

ويقسم إبليس على ما ينتويه من شر للعباد،

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾

ص: ٨٢-٨٣

ويبين خطته وطريقه الذي سيسلكه، فقال لربه

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ  وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾

الأعراف: ١٦-١٧

﴿ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا . وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾

النساء: ١١٨-١١٩

وبين الله عز وجل لنا أن له أعوانًا من بني الإنس، يستخدمهم أيضًا لإغواء الناس وإضلالهم

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾

الأنعام: ١١٢

﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾

الأنعام: ١٢١

ولهذا وصفه الله عز وجل بأنه عدو ظاهر، لا تخفى عداوته، وأمرنا أن نعتبره كذلك؛ فلا ننقاد له؛ ولا نتبع خطواته .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾

فاطر: ٦

﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

الأنعام: ١٤٢

﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

الأعراف: ٢٢

وحتى يكون العباد على حذر أكبر من ذلك العدو بين الله عز وجل لهم عاقبة اتباعه في الدنيا والآخرة.

– في الدنيا

– يضل العباد عن طريق الحق، ويوقعهم في الشرك والضلال.

قال الله تعالى:

﴿ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾

النساء: ٦٠

بل إن الشيطان قد يعيد الإنسان إلى الضلال والكفر مرة أخرى، بعد أن تبين له طريق الحق والهدى والرشاد، ويزين هذا الباطل لأتباعه،

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ ﴾

محمد:٢٥

إن الذين رجعوا القهقرى على أعقابهم كفارًا بالله من بعد ما تبين لهم الحق وقصد السبيل، فعرفوا واضح الحجة، ثم آثروا الضلال على الهدى عنادًا لأمر الله تعالى؛ الشيطان زين لهم ارتدادهم على أدبارهم، من بعد ما تبين لهم الهدى .

– يوقع أتباعه في الفواحش والموبقات، والبدع والمنكرات، ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ  فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾

المائدة: 90 -٩١

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ  إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

البقرة: ١٦٨-١٦٩

أي: إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة، وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه، وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر، وكل مبتدع أيضًا

قال الله تعالى:

﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

المجادلة: ١٩

– يوقع العداوة بين المسلمين، ويثير الفتن والشكوك والحروب والنزاعات بينهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾

الإسراء: ٥٣

– في الآخرة:

فعاقبة اتباعه: الخسران المبين، والعذاب الأليم، ودخول جهنم وبئس المصير.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا  إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

فاطر: ٦

﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا . يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا . أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾

النساء: ١١٩-١٢١

﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾

الحشر: ١٦-١٧

فكان عقبى أمر الشيطان والإنسان الذي أطاعه فكفر بالله أنهما خالدان في النار، ماكثان فيها أبدًا .

ب – طاعة أهل الباطل والضلال

هناك صنف من الناس في تلك الحياة أبى إلا أن يعيش متبوعًا، يترك عقله وناصيته بيد غيره، يحركه كيفما شاء، ويوجهه أينما أراد، ويا ليته فعل ذلك مع أقوام مهتدين راشدين، يأخذون بيده لطريق الحق والنجاة لكانت العاقبة أنفع له وأنجح، لكنه فعل ذلك مع أقوام ظالمين ضالين، ضلوا وأضلوا؛ فكانت عاقبة اتباعهم الخسران، والعذاب الأليم.

أ – عاقبة اتباع أهل الباطل

وتزداد حسرة هؤلاء المتبعين حينما يجتمعون بأسيادهم وكبرائهم في النار، فيرون أنهم لا يغنون عنهم من عذاب الله شيئًا، بل يرون من اتبعوهم يتبرؤون منهم، وعندها: يعضون أصابع الندم على ما قدموه في حياتهم من ولاء وطاعة لهم، ويودون أن لو عادوا إلى الدنيا ليتبرؤوا من كبرائهم كما تبرؤوا منهم في الآخرة، وحينما ييأسون من هذه الأماني؛ يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يضاعف العذاب لمن كانوا سببًا في غوايتهم وضلالهم. هذه المواقف والمشاعر نقلها لنا القرآن الكريم في غير موضع وآية ، منها

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ . إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ . وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا  كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾

البقرة: ١٦٥-١٦٧

﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾

إبراهيم: ٢١

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا . خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا . يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا . وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا . رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾

الأحزاب: ٦٦-٦٨

﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا . يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾

الفرقان: ٢٧-٢٩

والتمني هنا كناية عن التندم على ما فات، وكذلك نحو: يا حسرتنا، أي: أن الحسرة غير مجدية، وقد علموا يومئذٍ أن ما كان يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم هو تبليغ عن مراد الله منهم، وأنهم إذ عصوه فقد عصوا الله تعالى، فتمنوا يومئذٍ أن لا يكونوا عصوا الرسول المبلغ عن الله تعالى.

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا  حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِنْ لَا تَعْلَمُونَ. وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾

الأعراف: ٣٨- 39

﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ . قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾

غافر: ٤٧-٤٨

ب – التحذير من طاعتهم

حذر الله نبيه وأصحابه والمؤمنين من طاعتهم، أو الانقياد إليهم؛ وذلك في غير آية من كتابه الكريم .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾

الكهف: ٢٨

﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾

الفرقان: ٥٢

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾

الأحزاب: ١

﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾

الأحزاب: ٤٨

﴿ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

القلم: ٨

﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾

القلم: ١٠

﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾

الإنسان: ٢٤

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾

آل عمران: ١٠٠

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾

آل عمران: ١٤٩

﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾

الأنعام: ١١٦

وبين الله عز وجل لهم أن عاقبة اتباع هؤلاء وأمثالهم، ستئول بهم إلى كفر وضلال وخسران .

 

Share This