1- مفهوم الضعف

الضعف فى القرآن الكريم هومطلقٌ شاملٌ لكافة أنواع الضعف ، فقد يكون في النفس، أوفي البدن، أوفي الحال ، وهو يدل على خلاف القوة ، وهو من فعل الله ، كما أن القوة من فعل الله .

قال الله تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

النساء: ٢٨

2- الضعف

     في

 الاستعمال القرآني

وردت كلمة الضعف وصيغها في القرآن الكريم (٣٠) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد 8 مرات

قال الله تعالى:

( ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ )

الحج:٧٣

– الفعل المضارع

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ﴾

القصص:٤

– اسم المفعول

ورد 5 مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾

الأنفال:٢٦

– اسم تفضيل

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ﴾

الجن:٢٤

– مصدر

ورد 4 مرات

قال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ﴾

الروم:٥٤

– صفة مشبهة

ورد  9 مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

النساء:٢٨

وجاء الضعف في القرآن الكريم بمعني ما هو خلاف القوة.

3- ألفاظ ذات الصلة

– الوهن

هـو الضعف سواء في العمل أو الأشياء .

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ﴾

مريم 4

– الاستكانة

تدل علي  الاستسلام والخضوع والذل و التظاهر بالعجز.

قال الله تعالى:

﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ﴾

آل عمران 112

4 – أنواع الضعف

يتحدث هذا العنوان عن أنواع الضعف عند الإنسان، وهو نوعان:

أولًا: الضعف الطبيعي

كل عباد الله ضعفاء ضعفًا ذاتيًا وهو ضعف طبيعي .

قال الله تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

النساء: ٢٨

لضعفه في نفسه، وضعف عزمه وهمته .

ثانيًا: ضعف طارئ

الضعف الطارئ هو الضعف الكسبي، أي ما يكتسبه العبد من أعمال وأقوال تدل على هذا الضعف.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾

النساء: ٩٧

5- جوانب الضعف

   في الإنسان

خلق الله الإنسان وخلق فيه صفات كثيرة، ذكرها سبحانه في قرآنه، من هذه الصفات أنّ خَلْقَهُ ضعيف .

قال الله تعالى:

 ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا )

النساء : 28

ولقد جبل الله الإنسان على الضعف

قال الله تعالى:

( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )

الروم: 54.

ففي الآية الكريمة يشير الحقّ سبحانه وتعالى إلى صفة الضعف التي تلازم الإنسان طوال حياته، في مقتبل العمر وفى خريف حياته. وسبحان الخالق العظيم جعل مشوار حياة الإنسان يبدأ بالضعف وينتهي به حتى وإن كان في ريعان شبابه وقمّة عنفوانه فهو ضعيف.

قال الله تعالى :

( وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً )

النساء 28

في الآية الكريمة حملها على إطلاقها ، لتشمل جميع جوانب الضعف ، وهي

1- الضعف النفسي

فالإنسان ضعيف النفس بسبب نوازع الخير والشر المخلوقة فيه ، إلى جانب الوساوس والأهواء التي تعرض له أيضا . وقد تحدث القرآن الكريم عن بعض الصفات البشرية الدالة على الضعف، ومنها:

أ- ظلوم كفار

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾

إبراهيم: ٣٤

هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالمٌ متجرئ على المعاصي، مقصر في حقوق ربه، كفار لنعم الله لا يشكرها ولا يعترف بها، إلا من هداه الله، فشكر نعمه، وعرف حق ربه، وقام به.

ب- جهول

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾

الأحزاب: ٧٢

وهذا دليل على كثرة الظلم والجهالة، لا ينفك الإنسان من التخلق منها رغم كل ما وصل إليه وما سيصل إليه من حضارة وتقدم.

ت – عجول

يُشكّل التسرع وعدم التفكير بشكلٍ منطقيّ وصحيح نقطة ضعفٍ تؤثر بشكلٍ كبير علي الإنسان وعلى قرارته والأحكام الصادرة عنه . لقد وصف القرآن الكريم الإنسان بأنه عجول.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾

الإسراء: ١١

العجلة هي التسرع والسبق إلى مخاطر الأمور من غير تفكير.

قال الله تعالى:

﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾

الأنبياء: ٣٧

فالعجلة في طبعه وتكوينه

ث- يؤوس قنوط

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾

فصلت: ٤٩

هذه هي طبيعة الإنسان إن أصابه فقر وشدة فهو يؤوس من رحمة الله، قنوط بسوء الظن بربه.

ج –  هلوع

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴾

المعارج :  ١٩

إن الإنسان جُبِلَ على الجزع وشدة الحرص، إذا أصابه المكروه والعسر فهو كثير الجزع والأسى .

ح – ضعف أمام الشهوات

فالإنسان يميل بفطرته إلى حب الشهوات

قال الله تعالى:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾

آل عمران: ١٤

ففي الإنسان هذا الميل إلى هذه الشهوات، وهو جزء من تكوينه الأصيل،

2- الضعف البدني

ضعيفًا في نشأته

قال الله تعالـى:

( مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ. مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ )

عبس: 18-19

وكذلك المرض في أوهن أشكاله ومسبّباته يقهر الإنسان ويوهن صحته ويحدّ من نشاطه .

قال الله تعالـى:

﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾

المزمل 20

وهو ضعيف البدن أيضا بسبب ما يعرض له من الآفات والأسقام ، فيصبح عاجزًا لا يقوى على رعاية نفسه.

قال الله تعالـى:

﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

الأنبياء: 83

3- الضعف العقلي

وهو كذلك ضعيف العقل بسبب قدراته المحدودة ومحفوف بآفتين ، هما:

أ – العجزعن إدراك الأشكال النهائية لأكثر حقائق الكون دفعةً واحدةً؛ وذلك لأنّ الحقائق لا تبيّن للإنسان كلّ أبعادها وأطوارها إلاّ بشكلٍ تدريجيٍّ.

قال الله تعالـى:

 ( وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا )

الإسراء : 85

ب – عدم الجزم بشيءٍ مقطوعٍ ممّا سيحصل في المستقبل، مهما كان إدراك الإنسان للظروف والعوامل والمؤثرات التي تُحيط به؛ فهو لا يعلم ماذا سيحدث بعد شهرٍ أو بعد يومٍ أو بعد ساعةٍ .

قال الله تعالـى:

( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا )

لقمان:34

4- الضعف العاطفي

وهو أيضاً ضعيفٌ في الجوانب العاطفية فيتأثّر سريعاً بما حوله، فأي شيء يجري له يؤثّر على عاطفته

– فيُبكيه

قال الله تعالى :

﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾

الإسراء 109

ويقع هؤلاء ساجدين على وجوههم، يبكون تأثرًا بمواعظ القرآن

– يُضحكه

قال الله تعالى :

﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ ﴾

هود 71

وامرأة إبراهيم -سارة- كانت قائمة من وراء الستر تسمع الكلام، فضحكت تعجبًا مما سمعت

– يُخوّفه

قال الله تعالى :

﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

التوبة 28

وإن خفتم فقرًا ، فإن الله سيعوضكم عنها، ويكفيكم من فضله .

– يُفرحه

قال الله تعالى :

﴿ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ﴾

الشورى 48

وإنَّا إذا أعطينا الإنسان منا رحمة مِن غنى وسَعَة في المال وغير ذلك، فَرِح وسُرَّ،

– يُحزنه

– عن يعقوب عليه السلام

قال الله تعالى :

﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾

يوسف 84

وابيضَّتْ عيناه، بذهاب سوادهما مِن شدة الحزن فهو مغموم مكروب لا يظهر كربه.

قال الله تعالى :

﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ ﴾

النجم 43

وأنه سبحانه وتعالى أضحك مَن شاء في الدنيا بأن سرَّه، وأبكى من شاء بأن غَمَّه.

6 – الحكمة من خلق

  الله الإنسان ضعيفا

الضعف في الإنسان وسيلةٌ وليس هدفًا، وسيلةٌ لدفع الإنسان إلى باب الله، وسيلةٌ لإقباله على الله، ولو أنّ الإنسان خُلِقَ قويًّا لاستغنى بقوته عن الله، فشقي باستغنائه عنه .

قال الله تعالى :

 ( إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى. أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى )

العلق : 6 – 7

خلق الله تعالى الإنسان ضعيفا لحكم ومنها

1- جعل الضعف لدفع الإنسان للسعى

هذا الضعف ينتج عنه حاجة الإنسان للأشياء ، وهذه الحاجة تدفعه للحركة والسعي ، فهو يحتاج للطعام والشراب والمسكن والملبس ….الخ ، فهذا كله يدفعه للعمل لجلب ما يحتاج إليه وينفعه، وليدفع عن نفسه ما يضره، فجعل الله هذه الحركة في الكون لتدور عجلة الحياة ، فلو كان الإنسان قويا مستغنيا ما تحرك ولا سعى.

2- جعل الضعف للافتقار

إلى الله واللجوء إليه

خُلِق الإنسان ضعيفاً ليكون قوياً بالله ، وخُلق فقيراً ليكون غنياً بالله ، فمن شعر بضعفه و افتقاره تولاه الله و أيده .

– فعند المعصية

فإذا بلَغ ضعفه أنه وقع في معصية فتح الله له باب التوبة ، وباب المغفرة .

قال الله تعالى :

﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾

سورة الزمر : 53

– فعند المرض

إذا مرضنا وأصابتنا الفيروسات والميكروبات والآفات نلجأ إليه؛ فالشفاء بيده والعافية من عنده .

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾

الشعراء: 80

– فعند الشدة

فإذا أصابنا الهم والغم نلجأ إليه؛ فلا فارج للهمِّ إلا هو

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَـانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِ ﴾

يونس ١٢

– فعند الحاجة

فإذا افتقرنا نلجأ إليه ؛ فهو الغني

قال الله تعالى :

﴿ أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾

النمل: 62

ولا ننسي فى كل حال ، أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، فهذا هو الحل الوحيد للتغلب على ضعفنا ونقصنا

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ  ﴾

فاطر: 15

3- جعل الضعف لعدم التكبر

لأن المؤمن إذا عرف قوة الله تواضعَ، فلا يجتمع كبر مع معرفة قوة الله عزَّ وجلَّ، فكلما تمت معرفتك بقوة الله تلاشت قدراتك أمام قوَّته، فأصبحت متواضعاً، ومن يتواضع لله يزيده الله قوةً إلى قوَّته، أما إذا وضعه الله في مكانٍ قوي واعتدَّ بقوَّته فالله عزَّ وجلَّ يجعله مثلاً في الضعف ليتَّعِظ العباد به، ويجعله عبرة لغيره.

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴾

سورة العلق : 6-7

وحينما ينسى الإنسان ضعفه يتكبر ويتعالى على الخلق بما أعطاه الله ، فليعلم كل طاغية أن المصير إلى الله، فيجازي كلَّ إنسان بعمله.

– قارون

لما وهبه الله ما وهبه من الكنوز بغى وأفسد في الأرض

قال الله تعالى :

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ . قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي ﴾

القصص 77- 78

وكان المصير كما بينه القرآن الكريم ، هو

قال الله تعالى :

﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾

القصص 81

– فرعون الذي طغا وبين

قال الله تعالى :

﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ . فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾

القصص 39- 40

في عز قوته غرق هو وجنوده لا نفعهم ولانفعوه!!!!

فالإنسان حينما يدرك ضعفه وقدرة الله عليه يتواضع ويخبت إلى ربه أما حينما ينسى ذلك يطغى ويفسد في الأرض فيهلكه الله .

4- جعل التكليف في حدود الاستطاعة

جاءت التكاليف الشرعية متوافقة مع الطبيعة التكوينية للإنسان: فالذي خلق الإنسان أعلم بقدراته وضعفه .

قال الله تعالى :

﴿ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾

الملك: 14

فالتكليف الشرعي يقع ضمن الوسع والإمكان البشري،

قال الله تعالى :

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾

سورة البقرة : 286

﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾

المائدة: ٦

لأن الإنسان خُلق ضعيفاً كلَّفه وفق هذا الضعف ، وخفف عنه في حالات ضعفٍ استثنائية

قال الله تعالى :

( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا )

الأنفال66

وفوق هذا وذاك فإذا زلَّت قدمه ، وغلبته شهوته ، وضعفت مقاومته فتح له أبواب المغفرة والتوبة ، والرحمة والتوفيق .

قال الله تعالى :

( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا )

النساء110

فإذا أصل التكليف راعي ضعف الأنسان ،وفي الضعف الاستثنائي هناك أحكامٌ استثنائية ، إذا غلبته نفسه ، وضعفت مقاومته ، فتح له أبواب المغفرة والتوبة ، فأصل التكليف ، واستثناء التكليف ، والدعوة إلى التوبة هذه كلها تُراعي أن الإنسان خُلِقَ ضعيفاً .

5- جعل الدعاء لمساعدة

الأنسان في لحظات الضعف

والدعاء فى القرآن الكريم وهو عبادة من أفضل العبادات التي يحبها الله خالصةً له ولا يجوز أن يصرفها العبد إلى غيره ، قد راعي ضعف الأنسان .

قال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا ﴾

البقرة 286

ربنا ولا تُحَمِّلْنَا ما لا نستطيعه من التكاليف والمصائب، وامح ذنوبنا، واستر عيوبنا، وأحسن إلينا، أنت مالك أمرنا ومدبره .

7- رعاية الضعفاء والمحتاجين

لقد كفل دين الإسلام جميع الحقوق لأتباعه عامة، وللضعفاء منهم خاصة، فأوجب وحث على رعاية هذه الحقوق

1- رعاية حقوق الأطفال

لما كانت مرحلة الطفولة من المراحل المهمة والأساسية في بناء شخصية الفرد إيجابًا أو سلبًا، وفقًا لما يلاقيه من اهتمام جاء الإسلام ليقرر أن لهؤلاء الأطفال حقوقًا وواجبات لابد من رعايتها والاهتمام بها، ولا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها. فمنها

– حقه قبل ولادته

لأن الدور الأكبر في رعاية وتنشئة الطفل تنشئة سليمة يتمثل في دور الوالدين، فقد حرص الإسلام على أن تنشأ الأسرة في الأساس بزوج تقي وزوجة صالحة.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾

البقرة 221

– إتمام الرضاعة

والرضاعة عملية لها أثرها البعيد في التكوين الجسدي والانفعالي والاجتماعي في حياة الإنسان وليدًا ثم طفلًا،

قال الله تعالى:

﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾

البقرة: ٢٣٣

كان على الأم أن ترضع طفلها حولين كاملين، وجعل ذلك حقًا من حقوق الطفل.

– التربية الصالحة

بما تشتمل عليه من تأديب وتعليم حتى لا يقع فريسة الضلال.

قال الله تعالى:

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ﴾

طه 132

– تقوي الأباء لله

قال الله تعالى:

﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ ﴾

النساء 9

ولْيَخَفِ الذين لو ماتوا وتركوا من خلفهم أبناء صغارًا ضعافًا خافوا عليهم الظلم والضياع، فليتقوا الله .

2- رعاية اليتيم

وقد تعرضت الآيات في القرآن الكريم لبيان حقوق اليتيم ومن تدبرها وجدها توصي بالمعاملة الحسنة والرفق به

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ ﴾

النساء:٣٦

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾

البقرة: ٢٢٠

﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾

الإنسان:٨

﴿ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾

البقرة:٢١٥

وقد ذم الله تعالى أولئك الذين يهينون اليتيم ولا يكرمونه،

قال الله تعالى:

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ . وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾

الماعون:١-٣

3- رعاية حقوق النساء

إن من استقرأ كتاب الله تعالى يدرك مقاصد الإسلام في رعايته للمرأة، وعنايته واهتمامه بكافة قضاياها وعامة شئونها، وفي تقديمه الحلول الصحيحة، والمعالجات الناجحة لكافة مشاكلها الحياتية والفكرية والنفسية أن المرأة بين يدي الإسلام قسيمة الرجل، لها ما لها من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها،

قال الله تعالى:

﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

البقرة : ٢٢٨

ومن أعظم حقوقها على زوجها: المعاشرة بالمعروف

قال الله تعالى:

﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

النساء :١٩

﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾

البقرة 229

إمساك المرأة بالمعروف، وحسن العشرة بعد مراجعتها، أو تخلية سبيلها مع حسن معاملتها بأداء حقوقها، وألا يذكرها مطلقها بسوء.

4- حقوق الوالدين ومراعاتهن عند الكبر

قد كثرت وصايا القرآن الكريم بالأبوين كليهما إن وجدا، أو بأحدهما إن بقى منفردًا وفارقه الآخر

قال الله تعالى:

﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾

الإسراء:٢٣

وأَمَر ربك – أيها الإنسان- وألزم وأوجب أن يفرد سبحانه وتعالى وحده بالعبادة، وأمر بالإحسان إلى الأب والأم، وبخاصة حالةُ الشيخوخة، فلا تضجر ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما، ولا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما -دائما- قولا لينًا لطيفًا.

5- الفقراء والمساكين وغيرهم من المحتاجين

الفقراء والمساكين ومن شابههم من المحتاجين كالسائل وابن السبيل والغارمين طائفة من الناس ينبغي العناية بهم واحترامهم ورعايتهم، وفرض الله عز وجل الزكاة وفاء بحاجات المحتاجين

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة: ٦٠

﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾

البقرة: ٢١٥

6- الضعفاء لأسباب بدنية

لا شك أن منزلة ذوي الاحتياجات الخاصة من مبادئ الإسلام وينبغي النظر لما بهم على أنه قدر الله عز وجل المكتوب في الأزل لا راد له إلا هو. ولذلك نهي الله عن الأتي ..

أ – النهي عن السخرية منهم

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ ﴾

الحجرات : ١١

ب – و صفة بما يكره

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾

الحجرات : ١١

أن مناداة صاحب الاحتياجات الخاصة بها من أكره الأشياء إلى قلبه.

ج – تخفيف التكاليف الشرعية

وخفف الشارع الحكيم عليهم من بعض التكاليف الشرعية بما يوافق حالهم ويناسب ضعفهم ويتماشى مع إعاقتهم أو إصابتهم .

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾

الفتح: ١٧

فالأعمى والأعرج معهما عذر دائم هو العجز المستمر عن تكاليف الخروج والجهاد، والمريض معه عذر موقوت بمرضه حتى يبرأ.

8 – الاستضعاف

المستضعَف هو من وقع تحت ضغط متسلّطين أو ظروف معيَّنة، أو ما شابه بهدف إضعافه، وقد يجتمع ذلك مع قوّته تارة، ومع ضعفه أُخرى.

وإستعمل القرآن الكريم مصطلحًا مقابلاً للاستضعاف هو الاستكبار الذي يعني محاولة التكبُّر على الآخر وجعله ضعيفًا أمامه. ومن الآيات التي ورد فيها المصطلحان

فقال الله تعالى:

﴿ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾

الأعراف 75

– أنواع المستضعفين

1- المستضعفين الغير معذورين

وأما المستضعف الغير معذور  فهو الانسان الذي اختار ان يكون ضعيفا بمحض ارادته و قبل استضعاف غيره له مع امتلاكه لكل عوامل القوة واسبابها.

عن عاقبة الاستضعاف فى الآخرة يقول جل وعلا عن حوار المستضعفين مع سادتهم المستكبرين وهم معا فى النار

فقال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ . قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ﴾

سبأ 31- 32

هؤلاء السادة  يعلنون الحقيقة في وجوههم: لستم مستضعفين، بل أن السبب الذي منعكم من اتباع الهدى أنكم مجرمون، فلا تدَّعوا البراءة، ولا تتمسحوا بالطهارة، فلستم كذلك!

2- أصحاب استضعاف حقيقي

المستضعف حقيقي هو الذي فُرض عليه الضعف نتيجة ضروف قاهرة وقوة غاشمة قيّدت طاقته المادية ومنعتها من الانطلاق ولكن الروح المعنوية لا تزال متوقدة تنتظر الفرصة للانطلاق والتحرر من قيودها.

فقال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا . إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ﴾

النساء:٩٧- ٩٨

وقد استثنى الله عز وجل أولئك من الوعيد لأنهم أصحاب استضعاف حقيقي، فعذر من ذاك المصير العجزة من الرجال والنساء والصغار الذين لا يقدرون على دفع القهر والظلم عنهم، ولا يعرفون طريقًا يخلصهم مما هم فيه من المعاناة.هؤلاء هم المستضعفون فعلاً حسب طبيعة عجزهم من الرجال والنساء والولدان.

Share This