1- مفهوم الشهادة

الشهادة هي الإخبار عن أمرٍ حضره الشهود وشاهدوه، إما معاينةً كالأفعال نحو القتل والزنا، أو سماعًا كالعقود والإقرارات. فالشهادة إذن إخبارٌ عن ما وقع تحت المشاهدة .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

النور4

والشهادة تُقابل الغيب .

قال الله تعالى:

﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾

الرعد 9

الله عالم بما غاب عن الأبصار، وبما هو مشاهَد

2- الشهادة

     في

القرآن الكريم

وردت كلمة (شهد) وصيغها في القرآن الكريم(١٦٠) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد 19 مرة

قال الله تعالى:

( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )

البقرة:١٨٥

– الفعل المضارع

ورد 24مرة

قال الله تعالى:

﴿ لَٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ ﴾

النساء:١٦٦

– الفعل الأمر

ورد 10 مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾

المائدة:١١١

– اسم فاعل

ورد 21 مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ﴾

الأحقاف:١٠

– اسم مفعول

ورد 3 مرات

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾

هود:١٠٣

– مصدر

ورد 27 مرة

قال الله تعالى:

﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾

مريم:٣٧

– صيغة مبالغة

ورد 56 مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ ﴾

آل عمران:٩٨

وجاءت الشهادة في الاستعمال القرآني بمعني الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة.

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة شهيد

– الخبر

ما يعبر به عن واقعة معينة  ، ويكون بالصدق والكذب .

قال الله تعالى:

( فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ  )

القصص 29

– العلم

العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ . عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ﴾

التكوير13 – 14

– الإقرار

هو الاعتراف  بثبوت حق للغير على نفسه .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾

البقرة 84

4 – الشهادة في حق الله تعالى

1- الشهادة التامة لله تعالى

أكمل الشهادات شهادة الله عز وجل لنفسه أو لغيره .

قال الله تعالى:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ﴾

آل عمران:١٨

﴿ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ ﴾

آل عمران :٩٨

﴿ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾

الرعد :٤٣

﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾

الحج :١٧

ففي الآيات السابقة يؤكد الله تعالى أن الشهادة له وحده سبحانه، المحتوية على كل جانب من جوانب الشهادة.

2- الله عالم الغيب والشهادة

العالم الذي خلقه الله عز وجل ينقسـم إلى عالم الغيب وعالم الشهادة.

الغيب هو ما حجب الله علمه عن الناس، بعدم تمكينهم من أسباب العلم به، لكونه مما لا تدركه مشاعرهم الظاهرة ولا الباطنة؛ كعالم الآخرة .

والشهادة هي ما شهدوه وأبصروه وعاينوه، فكل شيء يقع تحت حواسنا الخمس أو تدركه حواسنا فهو عالم مشهود، كالمرئيات، والمسموعات،

قال الله تعالى:

﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾

الأنعام:٧٣

﴿ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

التوبة:٩٤

3- الشهادة على العباد برهم وفاجرهم

شهادة الله على العباد برهم وفاجرهم شهادة على صدق الانسان وتقواه، أو كذبه وفسقه، وهذا يجعلنا نزداد مراقبة للذات، ومحاسبة للنفس، والتزامًا بالقيم، كما يجعل القلب يفرق بين الصدق والكذب، وبين الحق والباطل، فيسهم هذا الوعي في معرفة الحقائق.

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾

المنافقون: 1

﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾

المجادلة: 6

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾

الأحزاب: 55

5- صورالشهادة

         في

   القرآن الكريم

تتنوع  صورالشهادة في القرآن الكريم ، ومنها

أولًا – شهادة الله تعالى

1- الله شاهد على أهل الأرض جميعهم

قال الله تعالى :

﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾

يونس:٦١

أنه تعالى شاهد على أهل الأرض جميعهم بما كان منهم، وبما يكون ولم يقع، وما هو كائن لم ينقطع، يحصي عليهم أعمالهم؛

2- شهادة الله على أهل النفاق

فقال الله تعالى:

﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾

المنافقون:١

إذا حضر مجلسك المنافقون – أيها الرسول- قالوا بألسنتهم، نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسول الله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أظهروه من شهادتهم لك، وحلفوا عليه بألسنتهم، وأضمروا الكفر به.

3- الشهادة على الوحي

قال الله تعالى:

﴿ لَٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾

النساء:١٦٦

إن يكفر بك اليهود وغيرهم -أيها الرسول- فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أَنْزَلَ عليه القرآن العظيم، أنزله بعلمه، وكذلك الملائكة يشهدون بصدق ما أوحي إليك، وشهادة الله وحدها كافية.

4- الشهادة على وحدانية الله

قال الله تعالى:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

آل عمران:١٨

شهادة الله تعالى على توحيده عبارة عن أنه خلق الدلائل الدالة على توحيده، وجاءت شهادة الملائكة وأولي العلم عبارة عن إقرارهم بذلك.

ثانيًا – الشهادة في حقوق العباد

1- مشروعية الشهادة

الشهادة مشروعة بنص القرآن الكريم إذ بها تحفظ الحقوق وتصان، وقد حثَّ عليها .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾

البقرة : 283

( وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ )

البقرة:282

( وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا )

البقرة: 282

2- شروط الشهادة

– العدالة

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾

النساء:135

أي: اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك، وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه، وإن كان مضرة عليك، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه

قال الله تعالى:

( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ )

الطلاق: 2

3- أنواع الشهادات

الحقوق التي يراد اثباتها بالشهادة نوعان: حق الله سبحانه وتعالى وحق العباد.

أولا – حقوق الله سبحانه وتعالى

أ – الشهادة في الحدود

حدود الله هى محارمه التي نهى عن ارتكابها وانتهاكها،

قال الله تعالى:

﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾

البقرة:١٨٧

سميت بذلك؛ لأنها تمنع من الإقدام على الوقوع فيها وقد جاء في القرآن حدود لجرائم محددة تسمى جرائم الحدود، وهذه الجرائم هي:.

1- الشهادة على الزنا

جريمة الزنا تثبت بالشهادة أو الإقرار أو الحمل، و أن عدد الشهود في هذه الجريمة المنكرة أربعة شهود عدول.

قال الله تعالى :

﴿ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴾

النساء:١٥

واللاتي يزنين من نسائكم، فاستشهدوا -أيها الولاة والقضاة- عليهن أربعة رجال عدول من المسلمين، فإن شهدوا عليهن بذلك فاحبسوهن في البيوت حتى تنتهي حياتهن بالموت، أو يجعل الله لهن طريقًا للخلاص من ذلك.

2- الشهادة على رمى المحصنات

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

النور:٤

والذين يتهمون بالفاحشة أنفسًا عفيفة من النساء والرجال مِن دون أن يشهد معهم أربعة شهود عدول، فاجلدوهم بالسوط ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا، وأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.

3- الشهادة على الزوجة بالزنى

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ . وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ . وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ. وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾

النور:٦- 9

والذين يرمون زوجاتهم بالزنى، ولم يكن لهم شهداء على اتهامهم لهنَّ إلا أنفسهم، فعلى الواحد منهم أن يشهد أمام القاضي أربع مرات بقوله: أشهد بالله أني صادق فيما رميتها به من الزنى، ويزيد في الشهادة الخامسة الدعوة على نفسه باستحقاقه لعنة الله إن كان كاذبًا في قوله. وبشهادته تستوجب الزوجة عقوبة الزنى، ولا يدفع عنها هذه العقوبة إلا أن تشهد في مقابل شهادته أربع شهادات بالله إنه لكاذب في اتهامه لها بالزنى، وتزيد في الشهادة الخامسة الدعوة على نفسها باستحقاقها غضب الله، إن كان زوجها صادقًا فى اتهامه لها، وفي هذه الحال يفرق بينهما.

4- الشهادة على رمي المحصنات

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

النور:٤

والذين يتهمون بالفاحشة أنفسًا عفيفة من النساء والرجال مِن دون أن يشهد معهم أربعة شهود عدول، فاجلدوهم بالسوط ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا، وأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.

ثانيا- حق العباد

أ – الشهادة في الحقوق

الحقوق مجموعة من القواعد والنصوص التشريعية التي تنظم حياة الناس من حيث الأشخاص والأموال على سبيل الإلزام هو اختصاص يقرره الشرع أو السلطة الحاكمة.

1- الإشهاد على البيع

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا  وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ  وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

البقرة:٢٨٢

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ  ﴾

البقرة:٢٨٣

وإن كنتم مسافرين  وتداينتم ولم تجدوا مَن يكتب لكم فادفعوا إلى صاحب الحق شيئًا يكون عنده ضمانًا لحقِّه إلى أن يردَّ المدينُ ما عليه من دين، فإن وثق بعضكم ببعض فلا حرج في ترك الكتابة والإشهاد والرهن، ويبقى الدَّين أمانة في ذمَّة المدين، عليه أداؤه، وعليه أن يراقب الله فلا يخون صاحبه. فإن أنكر المدين ما عليه من دين، وكان هناك مَن حضر وشهد، فعليه أن يظهر شهادته، ومن أخفى هذه الشهادة فهو صاحب قلب غادر فاجر. والله المُطَّلِع على السرائر، المحيط علمه بكل أموركم، سيحاسبكم على ذلك.

2- الإشهاد على الدين

أمر الله تعالى بتوثيق الديون، والإشهاد على ذلك، جاء ذلك في آية الدين التي هي أكبر آية في القرآن الكريم.

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

البقرة:٢٨٢

ذكرت الآية الدعوة إلى الإشهاد على الدين، لحفظ الحقوق ومنع الخلاف، ويجب على الشاهد قبل تحمل الشهادة، أن يعاين المشهود عليه حتى تكون شهادته في موطنها وعلى وجهها، ويلزم أن يكون آخذ الدين حاضرًا حتى يعرف الشاهد أنه قد أخذ الدين وأقر به، لأن آخذ القرض هو الذي يتحمله ويلزمه رده.

3- الإشهاد على دفع مال اليتيم

قال الله تعالى:

﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ  وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ  وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾

النساء :٦

والآية الكريمة أمرٌ من الله تعالى لمن يتولى أمر الأيتام، يقتضي الإشهاد عند دفع المال إلى اليتيم الذي علم منه البلوغ والرشد، ويكون الإشهاد بأنهم قبضوها وتسلموها ممن تولى أمرهم، دفعًا للتهمة، وابتعادًا عن الخصومة.

4- الإشهاد على الوصية

الإسلام أوجب بألزام أصحاب الأموال قبل تشريع الميراث بالوصية للوالدين والأقربين .

قال الله تعالى:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾

البقرة:١٨٠

فرض الله عليكم إذا حضر أحدكم علامات الموت ومقدماته -إن ترك مالا- الوصية بجزء من ماله للوالدين والأقربين مع مراعاة العدل؛ فلا يدع الفقير ويوصي للغني، ولا يتجاوز الثلث، وذلك حق ثابت يعمل به أهل التقوى الذين يخافون الله.

لإثبات الوصية الكتابة مع الشهادة، هو أن يطلع الموصي الشهود على ما في الكتابة، فإن لم يطلعهم على ما في كتابه، لم تنعقد وصيته.

5- الإشهاد على الطلاق

وضع الإسلام الحلول للإشكالات التي تتعرض لها الأسرة المسلمة، ومن ذلك أباح فسخ عقد النكاح بتشريع الطلاق، واشترط وجوب الإشهاد في الطلاق.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا .  فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾

الطلاق ١-٢

إن الأمر بالإشهاد في هذه الآية عائد على الطلاق والرجعة معًا،

6 – الشهادة يوم القيامة

أعد الله تعالى شهودًا على ابن ادم يوم الدين، ليشهدوا على كل صغيرة وكبيرة فعلها، فيشهد رب العزة، وتشهد الرسل، والملائكة، وتشهد نفس ابن آدم وأعضاؤه، وتشهد الأرض وما عليها، فلا يملك عصاة الجن والإنس يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلا الاستسلام والاعتراف، هذه بعض الشهادات.

1- الشهادة على النفس

قال الله تعالى:

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾

الأنعام 130

أيها المشركون من الجن والإنس، ألم يأتكم رسل من جملتكم ، يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر والنهي وبيان الخير والشر، ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء المشركون من الإنس والجن: شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك، وأنذرونا لقاء يومنا هذا، فكذبناهم، وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام.

2- شهادة رب العزة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾

الحج 17

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾

النساء 33

﴿ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾

النساء 166

3- شهادة الملائكة

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ﴾

النساء 166

﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾

ق 21

وجاءت كل نفس معها مَلَكان، أحدهما يسوقها إلى المحشر، والآخر يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير وشر.

4- شهاد نفس ابن آدم

والانسان بطبعه كفور وهو شاهد على ذلك ويعترف به.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ . وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾

العاديات:٦-٧

إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود، وإنه بجحوده ذلك لمقر.

5- شهادة جوارح

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النور:٢٤

﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

يس:٦٥

﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾

فصلت:٢٢

﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾

فصلت:٢١

وقد صور الله تعالى ذلك بأن ألسنتهم تشهد عليهم بما اخترصوا فيه، وأرجلهم تشهد بما سعوا فيه بالباطل، وأفسدوا به الناس، وأيديهم تشهد بما بطشوا، وما فعلوا من آثام، وشهادتهم منصبة على ما كانوا يعملون.

6- شهادة الرسل على الأمم

قال الله تعالى:

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾

النساء:٤١

يقول تعالى مخبرًا عن هول يوم القيامة وشدة أمره وشأنه: فكيف يكون الأمر والحال يوم القيامة وحين يجيء من كل أمة بشهيد، يعني: الأنبياء عليهم السلام؟

قال الله تعالى :

﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾

الزمر:٦٩

﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

النحل:٨٩

وهكذا كان عيسى عليه السلام شهيدًا على بني إسرائيل مادام بينهم

قال الله تعالى:

﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾

المائدة:١١٧

والله جعل في كل أمة نبيًا شهيدًا، يبعث يوم القيامة ليشهد عليهم ولا يحق للمشهـود عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ولا يقبل عتابهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾

النحل:٨٤

الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد على أمته.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾

الأحزاب:٤٥

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾

الفتح:٨

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾

النساء:٤١

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ﴾

المزمل :١٥

بين تعالى أنه يبعثه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شاهدًا على أمته، وأنه مبشر للمؤمنين ومنذر للكافرين.

قال الله تعالى:

﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ . وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾

القصص:٧٤-٧٥

ويوم ينادي الله هؤلاء المشركين، فيقول لهم: أين شركائي الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركائي؟ ونزعنا من كل أمة من الأمم المكذبة شهيدا – وهو نبيُّهم -، يشهد على ما جرى في الدنيا من شركهم وتكذيبهم لرسلهم، فقلنا لتلك الأمم التي كذبت رسلها وما جاءت به من عند الله: هاتوا حجتكم على ما أشركتم مع الله، فعلموا حينئذ أن الحجة البالغة لله عليهم، وأن الحق لله، وذهب عنهم ما كانوا يفترون على ربهم، فلم ينفعهم ذلك، بل ضرَّهم وأوردهم نار جهنم.

7- شهادة المؤمنين على الأمم

والأمم لما تكذب رسلها وتقول كل أمة: ما جاءنا من نذير، فتأتي هذه الأمة: أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتشهد للرسل عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه، تشهد لهم بالبلاغ .

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾

البقرة:١٤٣

وكما هديناكم – أيها المسلمون- إلى الطريق الصحيح في الدين، جعلناكم أمة خيارًا عدولا لتشهدوا على الأمم في الآخرة أن رسلهم بلَّغتهم رسالات ربهم، ويكون الرسول في الآخرة كذلك شهيدًا عليكم أنَّه بلَّغكم رسالة ربه.

قال الله تعالى:

﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾

الأعراف:٦

فلنسألن الأمم ماذا عملوا فيما جاءت به الرسل وماذا أجبتم رسلنا إليكم ، ويسأل الرسل هل بلغوا ما أرسلوا به وعمَّا أجابتهم به أممهم.

7 – عقوبة كتم الشهادة وتزويرها

شهادة الزور هي الكذب المتعمد في الشهادة لإبطال الحق، وكذلك كتمان الشهادة هي لإبطال الحق.

أولًا: عقوبة كتم الشهادة

كتمان شهادة الحق أي لا يشهد بها إذا دعي لها .

1- يعاقب معاقبة الظالمين

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ ﴾

البقرة:١٤٠

ولا أحد أظلم منكم حين تخفون شهادة ثابتة عندكم من الله تعالى، وتدَّعون خلافها افتراء على الله ، وله عقاب الظالمين ، فيكون من أهل النار وملازميها.

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ).

الشورى: 42

2- يعاقب معاقبة الآثمين

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾

البقرة:٢٨٣

وكذلك كل من يكتم الشهادة على حقوق الناس المفروضة فهم آثم ، وله عقاب الآثمين ، فيكون من أهل النار وملازميها .

قال الله تعالى:

﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾

المائدة 29

ثانيًا :عقوبة شهادة الزور

تعتبر شهادة الزور من أكبر الكبائر، وأعظم الذنوب . فهي سبب في أكل أموال الناس بالباطل، وسبب لإضاعة الحقوق، وسبب لإضلال الحكام والقضاة ليحكموا بغير الحق، فيجب اجتنابها. ويكفي للدلالة على فظاعتها وخطورتها أن رب العزة سبحانه قرن النهي عنها بالنهي عن عبادة الأوثان في محكم القرآن.

قال الله تعالى:

﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾

الحج:٣٠

وشاهد الزور خوان أثيم، وله عند الله العذاب الأليم.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾

النساء:١٠٧

كما جاء المدح لمجتنبيها،

– في صفات عباد الرحمن

 ﴿ وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾

الفرقان:72

Share This