1- مفهوم الشك

حالة نفسية يتردد معها الذهن بين افتراضين متناقضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك ، والشك نقيض اليقين .

2- الشك

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة الشك وصيغها في القرآن الكريم (١٥) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– المصدر

ورد ١٥ مرة

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا  بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ﴾

النمل:٦٦

وجاء الشك في القرآن بمعني التردد في أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، أو اعتدال النقيضين في النفس وتساويهما.

3- الألفاظ ذات الصلة

– الظن

الظن هو الميل إلى التصديق ولكن لا يصل لليقين التام ، أي حال بين اليقين والشك .

قال الله تعالى:

( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ )

فصلت23

ويجوز أن يقال: الظن قوة المعنى في النفس من غير بلوغ حال الثقة الثابتة

– الريب

الريب هو الشك مع التهمة ، فالشك سبب الريب، كأنه شك أولًا ، ثم أوقعه شكه في الريب .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾

الحج 7

– الوهم

ما يقع في الذِّهن من الخواطرالغيرواقعية .

– الوسوسة

هي حديث النفس، والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير.

قال الله تعالى:

﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا )

الاعراف:20

– المرية

الشك والجدل في أمور لا تضرّ ولا تنفع .

قال الله تعالى:

﴿ فَلاَ تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ )

هود 17

4- اقتران الشك بالريب

           في    

     القرآن الكريم

من المعروف أن الشك هو تردد الذهن بين أمرين، وأما الريب فهو ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺨﺒﻂ ﺑﺪﻭﻥ ﻃﻠﺐ ﺩﻟﻴﻞ ﺗﺮﺟﻴﺢ .. ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺫﻡ ﺍﻟﻤﺮﺗﺎﺏ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺮﺗﺎﺏ ﻳﺘﺬﺑﺬﺏ ﺑﺪﻭﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻞ ﻭﻳﺮﻓﺾ ﻗﺒﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ .. وقد جمعت بعض الآيات بين الشك والريب في سياقٍ واحد ، منها ..

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾

هود: ٦٢

بعد أن دعا صالح عليه السلام قومه لعبادة الله وحده، وذكرهم بقدرة الله عز وجل ونعمه عليهم، فيأتي الرد من قومه بأنه خاب رجاؤنا فيك، وصرت في رأينا رجلًا مختل التفكير، ولن نترك عبادة الأصنام التي كان يعبدها آباؤنا، وقالوا: إننا لفي شك كبير وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه، وهو شك موقع في التهمة وسوء الظن.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾

هود: ١١٠

فقوم موسى ترددوا وشكوا فيما جاءهم به موسى عليه السلام ، وفي نفس الوقت تبع هذا الشك التهمة لما جاءهم به.

قال الله تعالى:

﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ﴾

سبأ: ٥٤

تتحدث هذه الآية عن مصير المشركين وما يلاقونه يوم القيامة، وذلك لأنهم كانوا يشكون في أمر هذا الدين ، وفي نفس الوقت كانوا يتهمونه بتهم باطلة.

5- الإيمان والشك

الإيمان والشك خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيان بحال من الأحوال، والمؤمن كلما ارتقى في سلم الإيمان زاد بعدًا عن الشك، والعكس صحيح، والحديث عن الإيمان والشك يكون في النقاط الآتية:

أ- الشك نقيض الإيمان

من خلال تعريف كل من الإيمان والشك يتضح لنا أن معنى الإيمان على النقيض من معنى الشك، فالشك هو تردد بين نقيضين، أما الإيمان فهو تصديق جازم وإقرار كامل.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾

الحجرات: ١٥

فاشترط في الصدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا، أي: لم يشكوا، فأما المرتاب فهو من المنافقين

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾

التوبة: ٤٥

إنما يطلب الإذن للتخلف عن الجهاد الذين لا يصدِّقون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يعملون صالحًا، وشكَّتْ قلوبهم في صحة ما جئت به – أيها النبي- من الإسلام وشرائعه، فهم في شكهم يتحيَّرون.

ب – نفي الشك عن أمور العقيدة

المتأمل للقرآن الكريم يلاحظ أن الله سبحانه وتعالى يؤكد على المسائل العقدية الكبرى التي يجب الإيمان واليقين بها بقوله: لا ريب فيه .

1- عن القرآن

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾

البقرة: ٢

﴿ وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

يونس: ٣٧

2-عن قيام الساعة

قال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾

آل عمران: ٩

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾

آل عمران: ٢٥

فهذه الآيات تؤكد على أهمية اليقين، وذم الشك والريب والتردد في أمور الدين والعقيدة ومسائل الإيمان، وأن نكون فيها جازمين ثابتين غير متزعزعين ولامتشككين.

6- من صور الشك

           في

    القرآن الكريم

تعددت وتنوعت صور الشك من قبل المشركين ، وهذا ما سنتعرف عليه من خلال النقاط الآتية:

1- الشك في الله جل جلاله

أن الله تعالى عاب على المشركين شكهم في ربوبيته وألوهيته

قال الله تعالى:

﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾

إبراهيم: ١٠

﴿ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ . لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ . بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴾

الدخان: ٧-٩

في هذه الآيات يخبر الله عز وجل بأنه رب السموات والأرض وما بينهما من سائر المخلوقات، وخالقها ومالكها وما فيها، بعد إثبات الربوبية لله أثبت الوحدانية، فهو الإله الواحد الذي لا إله غيره، وأثبت القدرة فهو المحيي والمميت، يحيي ما يشاء، ويميت ما يشاء، ثم أكد الربوبية على البشر بالذات، فهو ربكم أيها المخاطبون ورب آبائكم وأجدادكم الأولين، ومدبر شئونهم، فهو المستحق للعبادة، دون غيره من الآلهة المزعومة.

2- الشك في الكتب السماوية

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾

الشورى: ١٤

وما تفرَّق المشركون بالله في أديانهم فصاروا شيعًا وأحزابًا إلا مِن بعد ما جاءهم العلم وقامت الحجة عليهم، وما حملهم على ذلك إلا البغي والعناد، ولولا كلمة سبقت من ربك -أيها الرسول- بتأخير العذاب عنهم إلى أجل مسمى وهو يوم القيامة، لقضي بينهم بتعجيل عذاب الكافرين منهم. وإن الذين أورثوا التوراة والإنجيل من بعد هؤلاء المختلفين في الحق لفي شك من الدين والإيمان موقعٍ في الريبة والاختلاف المذموم.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

يونس: ٣٧

وما كان يتهيَّأ لأحد أن يأتي بهذا القرآن مِن عند غير الله، لأنه لا يقدر على ذلك أحد من الخلق، ولكن الله أنزله مصدِّقا للكتب التي أنزلها على أنبيائه؛ لأن دين الله واحد، وفي هذا القرآن بيان وتفصيل لما شرعه الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا شك في أن هذا القرآن موحىً من رب العالمين.

3- الشك في الرسل ورسالاتهم

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ . قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾

هود: ٦١-٦٢

وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة، هو الذي بدأ خَلْقكم من الأرض بخلق أبيكم آدم منها، وجعلكم عُمَّارا لها، فاسألوه أن يغفر لكم ذنوبكم، وارجعوا إليه بالتوبة النصوح. إن ربي قريب لمن أخلص له العبادة، ورغب إليه في التوبة، مجيب له إذا دعاه. قالت ثمود لنبيِّهم صالح: لقد كنا نرجو أن تكون فينا سيدًا مطاعًا قبل هذا القول الذي قلته لنا، أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا؟ وإننا لفي شكٍّ مريب مِن دعوتك لنا إلى عبادة الله وحده.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾

هود: ١١٠

ولقد آتينا موسى الكتاب وهو التوراة، فاختلف فيه قومه، فآمن به جماعة وكفر به آخرون كما فعل قومك بالقرآن. ولولا كلمة سبقت من ربك بأنه لا يعجل لخلقه العذاب، لحلَّ بهم في دنياهم قضاء الله بإهلاك المكذِّبين ونجاة المؤمنين. وإن الكفار من اليهود لفي شك من التوراة مريب.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ﴾

غافر: ٣٤

ولقد أرسل الله إليكم النبيَّ الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام من قبل موسى، بالدلائل الواضحة على صدقه، وأمركم بعبادة الله وحده لا شريك له، فما زلتم مرتابين مما جاءكم به في حياته، حتى إذا مات ازداد شككم وشرككم، وقلتم: إن الله لن يرسل من بعده رسولا، مثل ذلك الضلال يُضِلُّ الله كل متجاوز للحق، شاكٍّ في وحدانية الله تعالى، فلا يوفقه إلى الهدى والرشاد.

4- الشك في اليوم الآخر

الكفار كانوا جميعا في الدنيا في شك مغرق في الريبة في أمر إثبات البعث والجزاء في الآخرة.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾

الإسراء: ٤٩

﴿ قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾

المؤمنون: ٨٢

﴿ وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾

الرعد: ٥

﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾

ق: ٣

الله الذي لا معبود بحق سواه، كتب على نفسه أنه ليبعثنكم من قبوركم وليحشرنكم إلى الحساب في يوم القيامة الذي لا شك في حصوله ووقوعه، فقررت الآية أن يوم الحساب آت لا شك فيه مهما أنكره الملحدون.

قال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾

النساء: ٨٧

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾

آل عمران: ٢٥

﴿ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا ﴾

الكهف: ٢١

أي: أن القيامة آتية لا ريب فيها، ولا شك في حصولها.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

غافر: ٥٩

﴿ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

الجاثية: ٢٦

5- الشك في الوعد والوعيد

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾

الأعراف: ٧٠

أجئتنا يا هود لأجل أن نعبد الله وحده، ونترك ما كان يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام ؟! إن هذا لن يكون منا أبدًا ، فأتنا بما تعدنا به من العذاب إن كنت من الصادقين فيما تخبر به، فهم استعجلوا العذاب ؛ لأنهم كانوا يشكوا في وقوعه.

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾

الأحقاف: ٢٢

﴿ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾

هود: ٣٢

أي: لقد سئمنا مجادلتك لنا ومللناها، فأتنا بالعذاب الذي تتوعدنا به، إن كنت من الصادقين في دعواك النبوة، وفي وعيدك لنا بعقاب الله، فإننا مصرون على عبادة آلهتنا، وكارهون لما تدعونا إليه.

7- أسباب الشك

الأسباب التي توقع الإنسان في الشك كثيرة ومتنوعة، ومن أهمها:

1- الكفر

الشك في الله عز وجل وفي اليوم الآخر وغيرها من صور الشك من أبرز أسبابها الكفر.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾

إبراهيم: ٩

ألم يأتكم – يا أمَّة محمد- خبر الأمم التي سبقتكم، قوم نوح وقوم هود وقوم صالح، والأمم التي بعدهم، لا يحصي عددهم إلا الله، جاءتهم رسلهم بالبراهين الواضحات، وبالمعجزات الظاهرات، الدالة على صدقه فيما يبلغه عن ربه ، فعضُّوا أيديهم غيظًا واستنكافًا عن قَبول الإيمان، وقالوا لرسلهم: إنا لا نصدِّق بما جئتمونا به، وإنا لفي شكٍّ مما تدعوننا إليه من الإيمان والتوحيد موجب للريبة.

2- النفاق

النفاق من أبرز الأسباب المؤدية للشك.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾

التوبة: ٤٥

إنما يطلب الإذن للتخلف عن الجهاد الذين لا يصدِّقون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يعملون صالحًا، وشكَّتْ قلوبهم في صحة ما جئت به -أيها النبي- من الإسلام وشرائعه، فهم في شكهم يتحيَّرون.

قال الله تعالى:

﴿ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة: ١١٠

لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم، إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو موتهم، أو بندمهم غاية الندم، وتوبتهم إلى ربهم، وخوفهم منه غاية الخوف. والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا في بنائهم، حكيم في تدبير أمور خلقه.

3- الجهل

قال الله تعالى:

﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴾

النساء: ١٥٧

الجهل هو أحد أسباب الوقوع في الشك، وهذا ما حدث لبني إسرائيل بعدما وقعت حادثة رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، فالذين اختلفوا في شأن عيسى من أهل الكتاب لفي شك دائم من حقيقة أمره، فهم في حيرة وتردد، ليس عندهم علم ثابت قطعي في شأنه، أو في شأن قتله، ولكنهم لا يتبعون فيما يقولونه عنه إلا الظن الذي لا تثبت به حجة. ولا يقوم عليه برهان، وهذا الشك أساسه الجهل الذي وقع منهم، حين قالوا : إنه ابن الله، وادعوا أن في عيسى عنصرًا إلهيا مع العنصر الإنساني، وأن الذي ولدته مريم هو العنصر الإنساني، ثم أفاض عليه بعد ذلك العنصر الإلهي، فالشك هنا أساسه وسببه جهل بني إسرائيل بما حدث لعيسى عليه السلام.

4- الكبر

يصرح المشركون أن السبب الحقيقي الذي حال بين المشركون وبين الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو الحقد والحسد والكبر، وإنكار أن يختص الله تعالى رسوله من بينهم بالرسالة .

قال الله تعالى:

﴿ أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ﴾

ص: ٨

والاستفهام للإنكار والنفي، أي: كيف يدعي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قد أنزل عليه القرآن من بيننا، ونحن السادة الأغنياء العظماء، وهو دوننا في ذلك؟ إننا ننكر وننفي دعواه النبوة من بيننا.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا. وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾

الكهف: ٣4 -٣6

وكان لصاحب الحديقتين ثمر وأموال أخرى، فقال لصاحبه المؤمن، وهو يحاوره في الحديث، والغرور يملؤه: أنا أكثر منك مالا وأعز أنصارًا وأعوانًا. ودخل حديقته، وهو ظالم لنفسه بالكفر بالبعث، وشكه في قيام الساعة، فأعجبته ثمارها وقال: ما أعتقد أن تَهْلِك هذه الحديقة مدى الحياة، وما أعتقد أن القيامة واقعة، وإن فُرِضَ وقوعها -كما تزعم أيها المؤمن- ورُجعتُ إلى ربي لأجدنَّ عنده أفضل من هذه الحديقة مرجعًا ومردًا؛ لكرامتي ومنزلتي عنده.

5- وسوسة الشيطان

يبين الحق عز وجل أن إغواء الشيطان ووسوسته من الأسباب التي أدت الشك.

قال الله تعالى :

﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ  وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾

سبأ:٢٠-٢١

ولقد ظن إبليس ظنًا غير يقين أنه سيضل بني آدم، وأنهم سيطيعونه في معصية الله، فصدَّق ظنه عليهم، فأطاعوه وعصوا ربهم إلا فريقًا من المؤمنين بالله، فإنهم ثبتوا على طاعة الله. وما كان لإبليس على هؤلاء الكفار مِن قهر على الكفر، ولكن حكمة الله اقتضت تسويله لبني آدم؛ ليظهر ما علمه سبحانه في الأزل؛ لنميز مَن يصدِّق بالبعث والثواب والعقاب ممن هو في شك من ذلك. وربك على كل شيء حفيظ، يحفظه ويجازي عليه.

8- علاج الشك

أهم الوسائل التي تعين المسلم على الثبات على الإيمان، وبالتالي تبعده عن الشك ، هي ..

1- الإقبال على القرآن الكريم.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا . وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾

الفرقان: ٣٢ -٣٣

وقال الذين كفروا: هلا أنزل القرآن على محمد جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور! قال الله سبحانه وتعالى: كذلك أنزلناه مفرقًا؛ لنقوِّي به قلبك وتزداد به طمأنينة، فتعيه وتحمله، وبيَّنَّاه في تثبت ومُهْلَة. ولا يأتيك – أيها الرسول – المشركون بحجة أو شبهة إلا جئناك بالجواب الحق وبأحسن بيان له.

2- التزام شرع الله عز وجل والعمل الصالح.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾

النساء: ٦٦

ولو أنهم استجابوا لما يُنصحون به لكان ذلك نافعًا لهم، وأقوى لإيمانهم، ولأعطيناهم من عندنا ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ولكان أشد تثبيتًا لهم على الحق والصواب، وأمنع لهم من الشك والضلال .

قال الله تعالى:

﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾

إبراهيم : ٢٧

يثبِّت الله الذين آمنوا بالقول الحق الراسخ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وما جاء به من الدين الحق يثبتهم الله به في الحياة الدنيا، وعند مماتهم بالخاتمة الحسنة، ويضل الله الظالمين عن الصواب في الدنيا والآخرة، ويفعل الله ما يشاء من توفيق أهل الإيمان وخِذْلان أهل الكفر والطغيان.

3- تدبر قصص الأنبياء

ذكرنا سابقًا كيف قابلت الأقوام أنبياءهم بالكفر والجحود والشك فيهم وفي رسالتهم، فتدبر هذه القصص من الوسائل الفعالة على الثبات على الإيمان، فيبين سبحانه أهم الفوائد التي تعود على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلينا من وراء إخباره بأحوال الأنبياء السابقين مع أقوامهم.

قال الله تعالى :

﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾

هود: ١٢٠

أي: وكل نبأ من أنباء الرسل الكرام السابقين نقصه عليك -أيها الرسول الكريم- وعلى أمتك، فالمقصود به تثبيت قلبك، وتقوية يقينك، وتسلية نفسك ونفوس أصحابك عما لحقكم من أذى في سبيل تبليغ دعوة الحق إلى الناس.

4- سؤال أهل العلم

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

النحل : ٤٣

وما أرسلنا في السابقين قبلك -أيها الرسول- إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة، نوحي إليهم، فإن كنتم في شك – يا مشركي قريش- لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة، يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا، إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر. والآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين في العلم.

أن الرجوع إلى أهل العلم وسؤالهم عن الأمور التي ربما يعتريها الشك، هو السبيل الوحيد للابتعاد عن الشك وما يترتب عليه من عواقب وخيمة.

9- عاقبة الشك 

الشك له عواقب وخيمة تعود على صاحبة في الدنيا والآخرة، سنتعرف هنا على أهم العواقب التي تنتج عن الشك.

1- الانغماس في الضلالة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ﴾

غافر: ٣٤

ولقد أرسل الله إليكم النبيَّ يوسف عليه السلام من قبل موسى، بالدلائل الواضحة على صدقه، وأمركم بعبادة الله وحده لا شريك له، فما زلتم مرتابين مما جاءكم به في حياته، حتى إذا مات ازداد شككم وشرككم، وقلتم: إن الله لن يرسل من بعده رسولا، مثل ذلك الضلال يُضِلُّ الله كل متجاوز للحق، شاكٍّ في وحدانية الله تعالى، فلا يوفقه إلى الهدى والرشاد.

2- الوقوع في الاختلاف

من عواقب الشك، الوقوع في الاختلاف لا سيما حول ما أنزل الله عز وجل، كما حدث الاختلاف حول التوراة التي أنزلها الله عز وجل على موسى عليه السلام.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾

فصلت : ٤٥

أي: ولقد آتينا نبينا موسى عليه السلام كتابه التوراة ليكون هداية ونورًا لقومه، فاختلفوا في شأن هذا الكتاب، فمنهم من آمن به، ومنهم من صد عنه. ولولا كلمة سبقت من ربك بتأجيل العذاب عن قومك لفُصِل بينهم بإهلاك الكافرين في الحال، وإن المشركين لفي شك من القرآن شديد الريبة.

3- العذاب في الآخرة

عواقب الشك لا تقتصر على الدنيا فقط بل إنها تمتد للآخرة، فمن عواقب الشك في الآخرة العذاب والفناء والهلاك،

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ﴾

النمل: ٦٦

لا يعلم أحد في السموات ولا في الأرض ما استأثر الله بعلمه من المغيَّبات، ولا يدرون متى هم مبعوثون مِن قبورهم عند قيام الساعة؟ بل تكامل علمهم في الآخرة، فأيقنوا بالدار الآخرة، وما فيها مِن أهوال حين عاينوها، وقد كانوا في الدنيا في شك منها، بل عميت عنها بصائرهم.

 

Share This