مفهوم الرّحم في القرآن الكريم

1- مفهوم الرّحم

الرحم اسم للذين يجتمعون مع المرء في النسب، سواءً أكان قريبًا أم بعيدًا، وسواءً أكانوا محارم أم غير محارم، ويدخل ضمنهم من يرتبط مع المرء بصلة المصاهرة أو الرضاع.

2- كلمة الرّحم

   في

القرآن الكريم

وردت كلمة (الرحم) في القرآن الكريم ١٢ مرة. والصيغ التي وردت هي:

– جمع تكسير

ورد ١٢ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾

النساء: ١

وجاءت الرحم في القرآن على وجهين:

الأول – القرابة

قال الله تعالى:

﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾

الأنفال: ٧٥

يعني: القرابات؛ لأنهم يجمعهم رحم واحد.

الثاني – رحم المرأة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ﴾

البقرة: ٢٢٨

يعني: الوليد في الرحم.

3- الكلمات ذات الصلة

     بكلمة الرّحم

– القرابة

القرابة هي العلاقة بين الأرحام بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ

النحل: 90

– النسب

هي القرابة الموروثة التي لا يد للإنسان فيها.

قال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: 54

– الصهر

الصهر هوالقرابة الحاصلة بسبب الزواج

قال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: 54

4- مكانة الرحم

   في الإسلام

تعاظمت مكانة الرحم في الإسلام لما قرن الله تقواه بتقوى الرحم

قال الله تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾

النساء: ١

المعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها .

وقد بين القرآن الكريم أن الإحسان إلى الأقارب والأرحام مما أخذ الله عليه العهد والميثاق على القيام به في الشرائع السابقة .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ ﴾

البقرة: ٨٣

فقد أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين، ويشمل ذلك جميع الأقارب، قربوا أو بعدوا، بأن يحسن إليهم بالقول والفعل، وأن لا يقطع برحمه بقوله أو فعله.

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾

محمد: ٢٢-٢٣

فلعلكم إن أعرضتم عن كتاب الله أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به وتسفكوا الدماء وتُقَطِّعوا أرحامكم. أولئك الذين أبعدهم الله من رحمته، فجعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ولا يبصرونه، فلم يتبينوا حجج الله مع كثرتها.

5- أنواع الرحم

    في

القرآن الكريم

إن الرحم في القرآن الكريم تتنوع إلى نوعين رئيسين ، وهما

أولًا – رحم عامة

وهي رابطة الدين بين المسلمين ، وهذه الرابطة تتعدى رابطة النسب واللون واللغة والوطن، فإذا كان بين الناس قرابة النسب والصهر، فإن بين المؤمنين قرابة الإيمان، فهي أوثق من قرابة النسب والصهر، وحسب المؤمنين أن الله وصف ما بينهم من مودة ورحمة بأنهم إخوة.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾

الحجرات: ١٠

والمراد بذلك: أخوة الإسلام لا أخوة النسب، فأخوة الإسلام توجب على المسلم حماية أخيه المسلم، والدفاع عنه، ونصرته، ومواساته، والإحسان إليه.

والأخوة الإسلامية من نعم الله تعالى، وهي كفيلة بإزالة العداوات والثارات والصراع بين القبائل والمجتمعات والدول .

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾

آل عمران: ١٠٣

فقد ذكرهم الله بعظيم النعمة عليهم في الإسلام؛ لأنهم كانوا في جاهليتهم يقتل بعضهم بعضًا، ويستبيح كل غالب منهم من غلبه، فلما جاء الله بالإسلام، فدخل فيه من دخل منهم، صاروا إخوانًا متحابين بجلال الله، متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى .

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾

الأنفال: ٦٢-٦٣

وعلى ركيزة الإيمان والتقوى أولًا والأخوة في الله، على منهج الله ثانيا بنيت المجتمعات الإسلامية

قال الله تعالى:

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾

آل عمران: ١٠٣

هذه الأخوة المعتصمة بحبل الله نعمة يمتن الله بها على الجماعة المسلمة الأولى ، وهو هنا يذكرهم هذه النعمة. يذكرهم كيف كانوا في الجاهلية أعداءً فألف الله بين قلوبهم بالإسلام، وما كان إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المتنافرة، وما كان إلا حبل الله الذي يعتصم به الجميع، فيصبحون بنعمة الله إخوانًا .

ثانيًا – الرحم الخاصة

أما الرحم الخاصة بين الأرحام والأقارب فهي في القرآن الكريم على ثلاثة أنواع:

1- قرابة النسب

إن قرابة النسب من أهم أنواع القرابة، فتعريف الشخص في المجتمع لا يكون إلا من خلال انتسابه إلى أبيه وجده وعائلته ؛ لذا كان اعتناء العرب قديمًا وحديثًا بأصالة النسب وعراقته كونهم يتعارفون به بين النا س ؛ وقد ذكر الله قرابة النسب في الأتي

قال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: ٥٤

ويترتب على قرابة النسب الكثير من الأحكام، والتي منها تحريم النكاح،

قال الله تعالى:

﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾

النساء: ٢٣

2- قرابة المصاهرة

إن قرابة المصاهرة ثاني أنواع القرابة، ولا تقل أهمية عن قرابة النسب، فقد قرنها الله تعالى بها

قال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: ٥٤

قرابة المصاهرة هي القرابة الحاصلة بسبب الزواج، وبالزواج تتقارب عائلتان لم يكن بينهما من قبل صلة، فتتعارفان وتتآلفان وتنشأ بينهما قرابة الصهر التي تعتبر هي أساس القرابة؛ حيث ينشأ من العلاقة الزوجية الأبناء الذين ينضمون إلى نسب الأب ويلتحقون بسلسلة قرابة النسب.

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾

النحل: ٧٢

أي: من جنسكم أزواجًا، جعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وحفدةً، وهم أولاد البنين تزوجونهم؛ فيحصل لكم بسببهم الأختان والأصهار.

والقرابة بالمصاهرة يحرم بها نكاح سبعة من المحرمات، ستة منها في الأيات التالية .

قال الله تعالى:

﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾

النساء: ٢٣

والسابعة في الأية التالية .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾

النساء: ٢٢

3- قرابة الرضاع

وقرابة الرضاع هي ثالث أنواع القرابة، ولها من الأهمية ما لقرابة النسب، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ويترتب على الرضاع بعض الأحكام مثل:

أ- تحريم النكاح

فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وذلك بالنظر إلى أقارب المرضع؛ لأنهم أقارب للرضيع، وأما أقارب الرضيع فلا قرابة بينهم وبين المرضع، والمحرمات من الرضاع سبع: الأم والأخت بنص القرآن، والبنت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت؛ لأن هؤلاء يحرمن من النسب .

قال الله تعالى:

﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾

النساء: ٢٣

ب – عدم ثبوت سائر الأحكام

لا يثبت بالرضاع أحكام النسب وأحكام النفقة والميراث وغيرها، فهما كالأجنبيين في هذه الأحكام.

وقد ثبتت حرمة الرضاع بالأتي:

أن يكون إرضاع الصبي في حال الصغر، وذلك إلى انتهاء سنتين من ولادته .

قال الله تعالى:

﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾

البقرة: ٢٣٣

﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾

لقمان: ١٤

6 – حقوق الرحم

     في

القرآن الكريم

إن حقوق الرحم تتنوع بين الحقوق الاجتماعية، والحقوق المالية، والحقوق الدعوية، وسيأتي بيان هذه الحقوق في النقاط الآتية:

أولًا- الحقوق الاجتماعية

تتمثل الحقوق الاجتماعية في صلة الرحم بالإحسان بالآتي :

1- صلة الرحم بالإحسان بالقول والفعل

من الحقوق الاجتماعية صلة الرحم بالإحسان بالقول والفعل، فقد أمر الله تعالى بالآتي :

– الإحسان إلى الوالدين

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾

النساء: ٣٦

أي: أحسنوا إليهم بالقول الكريم، والخطاب اللطيف، والفعل الجميل بطاعة أمرهما، واجتناب نهيهما، والإنفاق عليهما .

– الإحسان إلى الزوجة

يكون بالمعاشرة بالمعروف ، فقد ورد الأمر بذلك

قال الله تعالى:

﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

النساء: ١٩

أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله

– الإحسان إلى الأولاد

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ ﴾

النساء: ٣٦

وقد أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين، ويشمل ذلك جميع الأقارب، قربوا أو بعدوا، بأن يحسن إليهم بالقول والفعل.

2- حق التربية لذوي الأرحام

إن حق التربية لذوي الأرحام حق كامل يشمل تربية النفس، وتكون من خلال الآتي:

أ-غرس عقيدة التوحيد في نفوس ذوي الأرحام

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾

لقمان: ١٣

ب – التربية على مراقبة الله تعالى في كافة الأحوال والأعمال .

قال الله تعالى:

﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾

لقمان: ١٦

وفي هذه الآية يكشف لقمان لابنه عن علم الله، وبسطة سلطانه، حتى يعبده عن علم به، ومعرفة بما ينبغي له من كمال وجلال.

ت – التربية على أداء العبادات

قال الله تعالى:

﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾

لقمان: ١٧

والتربية على العبادة يشمل كل ما يحبه الله ويرضاه: من الأقوال، والأعمال الباطنة والظاهرة .

ج – التربية الأخلاقية

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ . وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾

لقمان: ١٨-١٩

ثانيًا – الحقوق المالية

إن الحقوق المالية المترتبة على الرحم والقرابة تتمثل في الآتي:

1- الميراث

يترتب على القرابة أحكام شرعية نص عليها القرآن الكريم ، ومن هذه الأحكام: الميراث، فالأقارب يجمعهم أصل واحد، ويلتزمون بحقوق وواجبات، ويتعاونون فيما بينهم في تحمل النفقات؛ لذا كانوا أحق بمال قريبهم بعد موته، مع اختلاف نصيب كل قريب بحسب درجة القرابة بينه وبين الميت. ، وقد بين الله تعالى حق الميراث

قال الله تعالى:

﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾

النساء: ٧

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ  فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ١١

﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ  وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾

النساء: ١٢

2- النفقة

أوجبت الشريعة الإسلامية على المسلم القادر أن ينفق على أقاربه الذين تلزمه نفقتهم كالزوجة والأولاد والوالدين، وأن يوفر لهم ما يكفيهم من طعام وكسوة وسكنى، وحق النفقة بسبب القرابة يكون واجبًا لبعض الأقارب، ويكون غير واجب لبعضهم، وسيتم توضيح ذلك في الفقرات الآتية:

أ- نفقة الأقارب الواجبة

تكون نفقة الأقارب الواجبة على القريب الموسر للزوجة والأولاد والآباء كما يأتي:

1- نفقة الزوجة

نفقة الزوجة وكسوتها وطعامها وسكناها واجبة على زوجها لقاء احتباسها في بيت زوجها ومشاطرته تربية الأبناء ورعايتهم، فإنها تستحق كل ما تحتاج من نفقات سواءً أكانت غنيةً أم فقيرةً، وكذلك تستحق الزوجة المطلقة النفقة، إذا كانت مطلقة في حال حملها أو رضاعها لأولادها أو كونها في العدة .

قال الله تعالى:

﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَۚ ﴾

البقرة: ٢٣٣

﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ. لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾

الطلاق: ٦-٧

والنفقة من حقوق الزوجة، وبسببها يكتسب الزوج حق القوامة عليها

قال الله تعالى:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾

النساء: ٣٤

2- نفقة الوالدين

يجب على المسلم الموسر نفقة الوالدين، ولو كانا كافرين وبرهما وخدمتهما وزيارتهما إلا أن يخاف أن يجلباه إلى الكفر، ويدل على ذلك

قال الله تعالى:

﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ ﴾

البقرة: ٢١٥

وقد أوجب النفقة للوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال، سواءً أكان الوالدان مسلمين أو كافرين .

3- نفقة الأولاد

يجب على الوالد الموسر النفقة على أولاده الصغار؛ لأن الأولاد جزء منه، فالإنفاق عليهم كالإنفاق على نفسه، وإحيائهم كإحياء نفسه، ونفقة الأولاد واجبة .

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾

الطلاق: ٦

﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

البقرة: ٢٣٣

وفي الآيتين دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لعجزه وضعفه؛ فجعل الله تعالى ذلك على يدي أبيه؛ لقرابته منه وشفقته عليه.

4- نفقة باقي الأقارب

أما نفقة باقي الأقارب ، تجب للأقارب العاجزين عن الكسب إذا كان القريب موسرًا ، فتجب ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ لكل قريب وارث من الأصول والفروع والحواشي، كالإخوة والأعمام وأبنائهم، ﻭدليل ذلك

قال الله تعالى:

﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ﴾

البقرة: ٢٣٣

وقد استدل بذلك على وجوب نفقة الأقارب بعضهم على بعض

3- الوصية

الوصية مشروعة في وجوه الخير المتعددة، ولكنها تستحب للأقارب غير الوارثين؛ لأن الوصية لهم لون من ألوان البر والإحسان الذي أمر الله به لذوي القربى؛ لأن ذلك نوع من أنواع التكافل والتعاضد ومدعاة للتآلف

قال الله تعالى:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾

البقرة: ١٨٠

اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين والأقربين

4- الصدقة

من حقوق الرحم المالية الصدقة لهم والمواساة بالمال.

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ﴾

البقرة: ١٧٧

﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾

الإسراء: ٢٦

﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الروم: ٣٨

وقد حضّ سبحانه على صلة القرابة وبر الأقارب والإحسان إليهم، وإيتاء حقوقهم من البر والصلة.

ثالثًا – حقوق دعوية

يجب على المسلم أن يخص أقاربه بالدعوة إلى الله تعالى والنصح والإرشاد كونه يتحمل المسؤلية تجاههم، بل إن تلك الدعوة والنصح والإرشاد من حقوق القرابة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾

الشعراء: ٢١٤

فقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الأقربين من عشيرته إلى الدين الإسلامي

قال الله تعالى:

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾

طه: ١٣٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾

التحريم: ٦

ومن خلال هذه النصوص يتبين أن من حقوق القريب على قريبه دعوته إلى الإيمان والتقوى والاستقامة بما يقيه من النار يوم القيامة، كما يجب على القريب نصح وإرشاد قريبه للخير والصلاح الديني والدنيوي.

7- قطيعة الرحم وعاقبته

أولًا- قطيعة الرحم

إن قطيعة الرحم من الكبائر العظيمة التي توجب لعنة الله تعالى .

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾

محمد: ٢٢-٢٣

وقطيعة الرحم تكون: بالإساءة إلى الرحم، وتكون بترك الإحسان؛ والرحم على وجهين:

أ – الرحم العامة

رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة وترك مضارتهم، والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة، كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم، وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم .

ب – الرحم الخاصة

وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، وتكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع هو إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة .

ثانيًا: عاقبة قطيعة الرحم

توجب قطيعة الرحم عددًا من العقوبات والعواقب يمكن بيانها في الآتي:

– اللعنة من الله

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾

محمد: ٢٢-٢٣

والمعنى: أن هؤلاء الذين يفسدون ويقطعون الأرحام لعنهم الله، فأبعدهم من رحمته .

2- الخسران في الدنيا والآخرة

رتب الله تعالى على نقض العهود وقطيعة الرحم و الفساد في الأرض الخسارة في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

البقرة: ٢٧

8- حقوق الرحم من غير المسلمين

إن الرحم من غير المسلمين إما أن يكونوا مسالمين وإما أن يكونوا محاربين، ولكل نوع من هؤلاء الرحم حقوق يمكن بيانها في النقاط الآتية:

أولًا – حقوق الرحم المسالمين من غير المسلمين

رخص الله سبحانه في صلة الرحم المسالمين من غير المسلمين الذين لم يقاتلوا المؤمنين، ولم يخرجوا من ديارهم بالإحسان والبر، والقسط إليهم، والعدل معهم .

قال الله تعالى:

﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾

الممتحنة: ٨

لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم .

وقد أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين الكافرين

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾

لقمان: ١٥

أي: صاحبها في الدنيا بالبر والصلة، والعشرة الجميلة وهو المعروف من غير أن تطيعهما في معصيتي.

ثانيًا – حقوق الرحم المحاربين

أما حقوق الرحم المحاربين فهو بمعادتهم ومقاطعتهم وهجرهم، وهذا هو صلة الرحم بهم .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

الممتحنة: ٩

والمعنى: إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم بالعداوة فقاتلوكم، وأخرجوكم، وعاونوا على إخراجكم، ينهاكم الله عز وجل عن موالاتهم، ويأمركم بمعاداتهم، ثم أكد الوعيد على موالاتهم .

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾

المجادلة: ٢٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

التوبة: ٢٣

وقد نهى الله تعالى المؤمنين  عن موالاة الكفار به وإن كانوا آباء أو أبناء  إن اختاروا الكفر على الإيمان ، وتوعد على ذلك.

قال الله تعالى:

﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾

التوبة: ١١٣

وقد أمر الله تعالى بقطع موالاة الكفار حيهم وميتهم، فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز.

Share This