1- مفهوم الذم

الذم هو أسلوب يستخدم في التعبير عن مساوئ شيء معين . و الذم خلاف المدح .

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾

الإسراء 22

2- الذم

     في

الاستعمال القرآني

وردت كلمة (ذ م) في القرآن الكريم (٣) مرات.

والصيغ التي وردت هي:

– اسم المفعول

ورد 3 مرات

قال الله تعالى:

﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾

الإسراء 18

وجاء الذم في الاستعمال القرآني بمعناه اللغوي الذي هو خلاف المدح.

3- أساليب الذم

      في

  القرآن الكريم

تتنوع أساليب الذم في  القرآن الكريم ، ومنها مايلي

أ – الذم بذكر الأعمال والصفات السيئة

فمن الأعمال السيئة عبادة غير الله وتطفيف الميزان والتخلف عن الجهاد ، و من الصفات الخلقية الذميمة الظلم والاعتداء والإثم والخيانة والكذب والعناد والغرور والاستكبار.

قال الله تعالى:

  ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾

الجاثية 7

ب – الذم بسوء العاقبة

من أساليب الذم في القرآن الكريم: الذم بسوء العاقبة.

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾

التوبة:٧٣

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾

إبراهيم:٢٨-٢٩

ذم الله تعالى الكفار والمنافقين بسوء عاقبتهم .

ج – إستخدام أفعال الذم

وأفعال الذم المستخدمة ، هي

1- بئس

تدل على الذم علی سبیل المبالغة

قال الله تعالى:

﴿ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ﴾

هود 98

2- ساء

هي فعل ذم

قال الله تعالى:

﴿ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا ﴾

الأعراف 177

3- ضعف

فعل ماض لإنشاء الذم

قال الله تعالى:

﴿ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

الحج 73

4- كبر-  كبرت

فعل ماض لإنشاء الذم

قال الله تعالى:

﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾

الصف 3

د – التشبيه و التمثيل و التخييل

قال الله تعالى:

( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )

الأعراف : ١٧٥ – ١٧٦

في هذه الآية مثّل الله تعالى حال ذلك الحبر اليهودي الذي آتاه الله العلم فبدل أن يستفيد منه و يعمل به تركه و انسلخ منه و اتبع هواه فلم يعد ينفع فيه وعظ أو نصح، فصار كالكلب اللاهث في جميع أحواله، و في هذا تشبيه للأعلى بالأدنى، و هو جيّد في باب الذمّ.

و – عدم حب الله

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾

الحديد 23

4- أسباب الذم

من أسباب الذم في القرآن الكريم: الأعمال السيئة، والصفات الخلقية القبيحة، ، وبيان ذلك من خلال النقاط الآتية:

أولًا: الأعمال السيئة

ذم القرآن الكريم الأعمال السيئة من عبادة غير الله وتطفيف الميزان والتخلف عن الجهاد وموالاة الكافرين وبيان ذلك كما يأتي:

١-   عبادة غير الله

من أسباب الذم التي ذكرها القرآن الكريم: عبادة غير الله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ . أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

الأنبياء 67

كيف تعبدون ما لا ينفع إذا عُبد، ولا يضرُّ إذا تُرك ؟ قبحًا لكم ولآلهتكم التي تعبدونها من دون الله تعالى، أفلا تعقلون فتدركون سوء ما أنتم عليه؟

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴾

الأنبياء 98

ذم الله تعالى الكفار بأفعالهم القبيحة وسوء العاقبة واستحقاقهم العذاب، في قوله إنكم – أيها الكفار – وما كنتم تعبدون من دون الله مَن رضي بعبادتكم إياه من الجن والإنس، وقود جهنم وحطبها، أنتم وهم فيها داخلون.

٢-  التطفيف في الميزان

من أسباب الذم في القرآن الكريم: التطفيف والخيانة في الكيل والوزن،

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾

المطففين:١-٣

في الآيات ذم التطفيف والخيانة في الكيل والوزن، فالعذابٌ الشديد للذين يبخسون المكيال والميزان، الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يوفون لأنفسهم، وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونًا يُنْقصون في المكيال والميزان  .

٣. التخلف عن الجهاد

من أسباب الذم التي ذكرها القرآن الكريم: التخلف عن الجهاد.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ . رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾

التوبة:٨٦-٨٧

يذم الله تعالى المتخلفين عن الجهاد في سبيله إذا أنزل سورة تأمر به، مع القدرة عليه، ووجود السعة والطول، وقالوا: اتركنا مع القاعدين العاجزين عن الخروج. رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار، وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، وختم الله على قلوبهم؛ بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم.

٤ – موالاة الكافرين

من أسباب الذم التي ذكرها القرآن الكريم: موالاة الكافرين.

قال الله تعالى :

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

المجادلة 14 – 15

ألم تر إلى المنافقين الذين اتخذوا اليهود أصدقاء ووالوهم؟ والمنافقون في الحقيقة ليسوا من المسلمين ولا من اليهود، ويحلفون كذبًا أنهم مسلمون، وأنك رسول الله، وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما حلفوا عليه. أعدَّ الله لهؤلاء المنافقين عذابًا بالغ الشدة والألم، إنهم ساء ما كانوا يعملون من النفاق والحلف على الكذب.

ثانيًا: الصفات الخلقية المذمومة في القرآن

ذم القرآن الكريم الصفات الخلقية الذميمة، كالظلم والاعتداء والإثم والخيانة والكذب والعناد والغرور والاستكبار وبيان ذلك كما يأتي:

١ – الظلم

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الظلم.

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

لقمان 11

﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام:٢١

﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

الجمعة 5

الظلم يقال في مجاوزة الحد ، ويقال فيما يكثر ويقل من التجاوز، ولذا يستعمل في الذنب الصغير والكبير.

ثم ذم الظلم بسوء العاقبة

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾

غافر 52

٢ -الاعتداء

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الاعتداء.

قال الله تعالى:

﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

الأعراف 55

ادعوا -أيها المؤمنون- ربكم متذللين له خفية وسرًّا، وليكن الدعاء بخشوع وبُعْدٍ عن الرياء. إن الله تعالى لا يحب المتجاوزين حدود شرعه، وأعظم التجاوز الشرك بالله، كدعاء غير الله من الأموات والأوثان، ونحو ذلك.

3- الإثم

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الإثم.

قال الله تعالى:

﴿ وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  ﴾

المائدة:٦٢

ذم الله تعالى في الآيات كثيرًا من اليهود لأنهم كانوا يبادرون إلى المعاصي من قول الكذب والزور، والاعتداء على أحكام الله، وأكْل أموال الناس بالباطل، لقد ساء عملهم واعتداؤهم.

٤ – الخيانة

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الخيانة.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾

الأنفال 58

إن الله لا يحب الخائنين في عهودهم الناقضين للعهد والميثاق.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾

النساء:١٠٧

إن الله -سبحانه- لا يحب مَن عَظُمَتْ خيانته، وكثر ذنبه.

– العُجْب

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: العُجْب.

( وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً  كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا )

الإسراء: 37-38

ولا تمش في الأرض مختالا متكبرا؛ فإنك لن تخرق الأرض بالمشي عليها و لن تبلغ الجبال طولًا خيلاء عجبا . ذلك يكره الله ، ولا يرضاه لعباده.

قال الله تعالى:

 ( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )

لقمان: 18

ولا تُمِلْ وجهك عن الناس إذا كلَّمتهم أو كلموك؛ احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم، ولا تمش في الأرض بين الناس مختالا متبخترًا، إن الله لا يحب كل متكبر متباه في نفسه وهيئته وقوله.

٥-  الكذب

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الكذب.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

المجادلة:١٤-١٥

يذم الله تعالى هؤلاء المنافقين بجملة من الصفات القبيحة، التي على رأسها تعمدهم الكذب، وإصرارهم عليه، فيحلفون كذبًا أنهم مسلمون، وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما حلفوا عليه. أعدَّ الله لهؤلاء المنافقين عذابًا بالغ الشدة والألم، إنهم ساء ما كانوا يعملون من النفاق والحلف على الكذب.

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

يونس:١٧

أي: لا أحد أشد ظلمًا عند الله، وأجدر بعقابه وغضبه، ممن افترى عليه الكذب، بأن نسب إليه سبحانه ما هو بريء منه، أو كذب بآياته وحججه التي أنزلها لتأييد رسله ، فأظلم الظالمين من يجرؤ على ركوب هذا المركب المهلك فيتقول على الله، ويفتري الأحاديث عليه.

٦-  العناد

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: العناد.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾

الأعراف:١٣٢-١٣٣

وقال قوم فرعون لموسى: أي آية تأتِنا بها، ودلالة وحجة أقمتها لتصرفنا عما نحن عليه من دين فرعون، فما نحن لك بمصدِّقين. فأرسلنا عليهم سيلا جارفًا أغرق الزروع والثمار، وأرسلنا الجراد، فأكل زروعهم وثمارهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم، وأرسلنا القُمَّل الذي يفسد الثمار ويقضي على الحيوان والنبات، وأرسلنا الضفادع فملأت آنيتهم وأطعمتهم ومضاجعهم، وأرسلنا أيضًا الدم فصارت أنهارهم وآبارهم دمًا، ولم يجدوا ماء صالحًا للشرب، هذه آيات من آيات الله لا يقدر عليها غيره، مفرقات بعضها عن بعض، ومع كل هذا ترفَّع قوم فرعون، فاستكبروا عن الإيمان بالله، وكانوا قومًا يعملون بما ينهى الله عنه من المعاصي والفسق عتوًّا وتمردًا.

٧- الغرور

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الغرور.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾

النساء:٤٩

انظر واعجب من الذين يدعون أنهم أزكياء بررة عند الله، مع ما هم عليه من الكفر وعظيم الذنب، زعمًا منهم أن الله يكفر لهم ذنوبهم التي عملوها، والله لا يغفر لكافر شيئًا من كفره ومعاصيه.

8- الاستكبار

من الأخلاق الموجبة لذم الله تعالى لها: الاستكبار.

قال الله تعالى:

﴿ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾

الزمر:٧٢

ذم الله تعالى المتكبرين بسوء العاقبة . فقيل للمتكبرين بئس المصير وبئس المقيل لكم، بسبب تكبركم في الدنيا، وإبائكم عن اتباع الحق، فهو الذي صيركم إلى ما أنتم فيه، فبئس الحال وبئس المآل.

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ  كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾

غافر:٣٥

الذين يخاصمون في آيات الله وحججه لدفعها من غير أن يكون لديهم حجة مقبولة، كَبُر ذلك الجدال مقتًا عند الله وعند الذين آمنوا، كما خَتَم بالضلال وحَجَبَ عن الهدى قلوب هؤلاء المخاصمين، يختم الله على قلب كل مستكبر عن توحيد الله وطاعته، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.

5- نماذج مذمومة

       في

   القرآن الكريم

لقد ذم القرآن الكريم الذين خالفوا ما شرعه الله من أمور دينهم ودنياهم سواءً كانوا أفردًا أو أممًا أو مللًا، وبيان ذلك في النقاط الآتية:

أولًا: أفراد ذمها الله تعالى

ذم القرآن الكريم أفرادًا؛ كالشيطان والنمرود وفرعون وهامان وقارون ويأجوج ومأجوج وامرأة لوط وامرأة نوح، وبيان ذلك كما يأتي:

١ – الشيطان

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

النور:٢١

وحذرت الآية المؤمنين من الشيطان وخطر اتباعه، وأن يستجيبوا له فيما يدعوهم إليه، فإن دعوته لا تكون إلا إلى شر.

٢ – النمرود

ذم القرآن الكريم النمرود بن كنعان الذي غره ملكه وسلطانه.

قال تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

البقرة: ٢٥٨

بينت الآية الصفات الذميمة التي حملت هذا الذي جادل إبراهيم عليه السلام في توحيد الله تعالى وربوبيته؛ لأن الله أعطاه المُلْك فتجبَّر وسأل إبراهيمَ: مَن ربُّك؟ فقال عليه السلام: ربي الذي يحيي الخلائق فتحيا، ويسلبها الحياة فتموت، فهو المتفرد بالإحياء والإماتة، قال: أنا أحيي وأميت، أي أقتل مَن أردتُ قَتْلَه، وأستبقي مَن أردت استبقاءه، فقال له إبراهيم: إن الله الذي أعبده يأتي بالشمس من المشرق، فهل تستطيع تغيير هذه السُّنَّة الإلهية بأن تجعلها تأتي من المغرب؛ فتحيَّر هذا الكافر وانقطعت حجته، شأنه شأن الظالمين لا يهديهم الله إلى الحق والصواب.

٣ – فرعون

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴾

يونس 83

وإن فرعون لَجبار مستكبر في الأرض، وإنه لمن المتجاوزين الحد في الكفر والفساد.

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ﴾

هود 97

فأطاعوه، وخالفوا أمر موسى، وليس في أمر فرعون رشد ولا هدى، وإنما هو جهل وضلال وكفر وعناد.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ ﴾

طه :٧٩

ذم القرآن الكريم فرعون عن إضلاله قومه عن دين الهدى.

قال الله تعالى:

﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ﴾

طه 78

وذم الله تعالى فرعون بسوء العاقبة

٤-  هامان

قال الله تعالى:

﴿ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ﴾

العنكبوت:٣٩

ذمت الآية هامان في الاقتران الجماعي، حيث اقترن ذكره مع شخصيات مذمومة، وخص تعالى هامان بالذكر تنبيهًا على مكانه من الكفر، ولكونه أشهر رجال فرعون، وكان وزيره المدبر لمكائده، المعين له على ظلمه وبطشه.

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ﴾

غافر 36

وقال فرعون مكذِّبًا لموسى في دعوته إلى الإقرار برب العالمين والتسليم له: يا هامان ابْنِ لي بنًاء عظيمًا؛ لعلي أبلغ أبواب السماوات وما يوصلني إليها، فأنظر إلى إله موسى بنفسي .

٥ – قارون

ذم القرآن الكريم قارون، بطغيان المال والتكبر، والتمرد على أمر الله.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾

القصص:٧٦

بينت الآية الصفات الذميمة لقارون وسوء عاقبته، إنه كان من قوم موسى – عليه الصلاة والسلام – فتجاوز حدَّه في الكِبْر والتجبر عليهم كما يصنع طغاة المال في كثير من الأحيان ، وآتينا قارون من كنوز الأموال شيئًا عظيمًا، حتى إنَّ مفاتحه لَيثقل حملها على العدد الكثير من الأقوياء، إذ قال له قومه: لا تبطر فرحًا بما أنت فيه من المال، إن الله لا يحب مِن خلقه البَطِرين الذين لا يشكرون لله تعالى ما أعطاهم.

٦-  امرأة لوط

ذم القرآن الكريم امرأة لوط عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴾

الصافات:١٣٣-١٣٥

بينت الآية الصفات الذميمة لامرأة لوط عليه السلام بسوء عاقبتها القبيحة. فهي كانت من الضالين، الذين لم يستجيبوا لدعوته، وكانت تفشي أسرار زوجها، فأهلكها الله فيمن أهلك من قوم لوط، وقد ضربها الله سبحانه وتعالى مثلًا لنبتة السوء تنبت في الأرض الطيبة.

٧ – امرأة نوح

ذم القرآن الكريم امرأة نوح عليه السلام.

قال الله تعالى:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾

التحريم :١٠

بينت الآية الصفات الذميمة لامرأة نوح عليه السلام، فبين أنها خائنة، لم توافقه على الإيمان و لم تصدقه في الرسالة، ، وأنها من أهل النار، وأنها واقعة فيما أصاب قومها من الهلاك، واقترانها بشخصية مذمومة مثلها، وسوء عاقبتها.

ثانيًا: الأمم المذمومة في القرآن الكريم

ذم القرآن الكريم أممًا كعاد وثمود وقوم فرعون وقوم نوح وقوم لوط، وبيان ذلك كما يأتي:

١-  قوم عاد

ذم القرآن الكريم قوم عاد.

قال الله تعالى :

﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴾

هود: ٥٩-٦٠

بينت الآية الصفات الذميمة لقوم عاد عليه السلام، فبينت أنهم جحدوا آيات ربهم، وعصوا رسله، واتبعوا أمر رؤسائهم الطغاة، وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة من الله وسخطًا منه يوم القيامة. ألا إن عادًا جحدوا ربهم وكذَّبوا رسله. ألا بُعْدًا عن الأنظار والأفكار وهلاكًا لعاد قوم هود؛ بسبب شركهم وكفرهم نعمة ربهم.

٢ – ثمود

ذم القرآن الكريم قوم ثمود

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

فصلت: ١٧

في الآية الكريمة ذم ثمود قوم صالح عليه السلام بسوء العاقبة وصفاتهم الذميمة. فقد بينَّ لهم سبيل الحق وطريق الرشد، وكان العقاب مناسبًا للجرم؛ لأنهم اختاروا الضلال الذي هو مثل العمى على الهدى، والكفر على الإيمان فأهلكتهم صاعقة العذاب المهين؛ بسبب ما كانوا يقترفون من الآثام بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله.

٣ – قوم فرعون

ذم القرآن الكريم قوم فرعون

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ . إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ . يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ  وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ . وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ﴾

هود:٩٦-٩٩

ولقد أرسلنا موسى بأدلتنا على توحيدنا وحجة تبين لمن عاينها وتأملها -بقلب صحيح- أنها تدل على وحدانية الله، وكَذِبِ كلِّ من ادَّعى الربوبية دونه سبحانه وتعالى. أرسلنا موسى إلى فرعون وأكابر أتباعه وأشراف قومه، فكفر فرعون وأمر قومه أن يتبعوه، فأطاعوه، وخالفوا أمر موسى، وليس في أمر فرعون رشد ولا هدى، وإنما هو جهل وضلال وكفر وعناد. يَقْدُم فرعون قومه يوم القيامة حتى يدخلهم النار، وقبُح المدخل الذي يدخلونه. وأتبعهم الله في هذه الدنيا مع العذاب الذي عجَّله لهم فيها من الغرق في البحر لعنةً، ويوم القيامة كذلك لعنة أخرى بإدخالهم النار، وبئس ما اجتمع لهم وترادَف عليهم من عذاب الله، ولعنة الدنيا والآخرة.

٤- قوم نوح

ذم القرآن الكريم قوم نوح عليه السلام.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾

الذاريات:٤٦

وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء، إنهم كانوا قومًا مخالفين لأمر الله، خارجين عن طاعته.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ ﴾

النجم:٥٢

ذمهم الله تعالى بالظلم والطغيان لطول دعوة نوح إياهم وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب، وهم الباقون بالظلم والمتقدمون فيه، وأما أطغى فلأنهم سمعوا المواعظ وطال عليهم الأمد ولم يرتدعوا.

٥ – قوم لوط

ذم القرآن الكريم قوم لوط عليه السلام.

قال الله تعالى:

﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ . أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾

العنكبوت: ٢٨-٢٩

واذكر لوطًا حين قال لقومه: إنكم لتأتون الفعلة القبيحة، ما تَقَدَّمكم بفعلها أحد من العالمين، أإنكم لتأتون الرجال الذين خلقهم الله ليأتوا النساء، ولا حامل لكم على ذلك إلا مجرد الشهوة الخبيثة القذرة، ولا ذم أعظم منه، لأنه وصف لهم بالبهيمية، وأنه لا داعي لهم من جهة العقل ألبتة كطلب النسل ونحوه ، وتقطعون على المسافرين طرقهم بفعلكم الخبيث، وتأتون في مجالسكم الأعمال المنكرة كالسخرية من الناس، وإيذائهم بما لا يليق من الأقوال والأفعال؟ وفي هذا إعلام بأنه لا يجوز أن يجتمع الناس على المنكر مما نهى الله ورسوله عنه. فلم يكن جواب قوم لوط له إلا أن قالوا: جئنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين فيما تقول، والمنجزين لما تَعِد.

6- قوم شعيبً

ذم القرآن الكريم قوم شعيبً عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ . وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾

وأرسلنا إلى “مدين” أخاهم شعيبًا، فقال: يا قوم اعبدوا الله وحده، ليس لكم مِن إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة، ولا تنقصوا الناس حقوقهم في مكاييلهم وموازينهم، إني أراكم في سَعَة عيش، وإني أخاف عليكم -بسبب إنقاص المكيال والميزان- عذاب يوم يحيط بكم. ويا قوم أتمُّوا المكيال والميزان بالعدل، ولا تُنْقِصوا الناس حقهم في عموم أشيائهم، ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي الله ونشر الفساد.

-7 يأجوج ومأجوج

ذم الله تعالى يأجوج ومأجوج بأفعالهم القبيحة

قال الله تعالى:

﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا  . قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾

الكهف:٩٣-٩4

يقول تعالى مخبرًا عن ذي القرنين ، حتى إذا وصل إلى ما بين الجبلين الحاجزين لما وراءهما، وجد من دونهما قومًا، لا يكادون يعرفون كلام غيرهم. فقال مترجموهم: إن يأجوج ومأجوج يفسدون أرضنا بالقتل والتخريب وأخذ الأقوات وسائر ضروب الإفساد، فهل تحب أن نجعل لك جعلًا من أموالنا، فتجعل بيننا وبينهم حاجزًا يمنعهم من الوصول إلينا؟ .

ثالثًا: الملل المذمومة في القرآن الكريم

ذم القرآن الكريم مللًا كالكفر والشرك والنفاق وأهل الكتاب، وبيان ذلك كما يأتي:

١- الكافرين

ذم القرآن الكريم الكفر

قال الله تعالى:

﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة:١٧١

وصفة الذين كفروا في تقليدهم لآبائهم ورؤسائهم، وإخلادهم إلى ما هم عليه من الضلال، وعدم تأملهم فيما يلقى إليهم من الأدلة، مثل البهائم التي ينعق عليها الراعي، ويسوقها إلى المرعى، ويدعوها إلى الماء، ويزجرها عن الحمى، فتستجيب دعوته وتنزجر بزجره، وهي لا تعقل مما يقول شيئًا، ولا تفهم له معنى، وإنما تسمع أصواتًا تقبل لسماع بعضها وتدبر لسماع بعض آخر بالتعود، ولا تعقل سببًا للإقبال والإدبار، ثم بالغ في ذمهم وتقريعهم فقال إنهم يتصامون عن سماع الحق، فكأنهم صم، ولا يستجيبون لما يدعون إليه، فكأنهم خرس، ولا ينظرون في آياته تعالى في الآفاق وفي أنفسهم، فكأنهم عمي، لا يعقلون لعملهم مبدأ ولا غاية، بل ينقادون لغيرهم كما هو شأن الحيوان، ومن ثم اتبعوا من لا يعقلون ولا يهتدون.

قال الله تعالى:

  ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾

التغابن 10

والذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وكذَّبوا بدلائل ربوبيته وبراهين ألوهيته التي أرسل بها رسله، أولئك أهل النار ماكثين فيها أبدًا، وساء المرجع الذي صاروا إليه، وهو جهنم.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

الأنفال :٥٥

وذم القرآن الكريم الكافرين بأنهم شر ما دب على الأرض.وقد لقبهم بالدواب وهو اللفظ الذي غلب استعماله في ذوات الأربع،

قال الله تعالى:

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾

الفرقان:٤٤

وفي وصفه سبحانه لهم بأنهم شر الدواب زيادة توبيخ لهم، لأنهم ليسوا دواب فحسب، بل هم شرها وأخسها.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾

محمد:١٢

ومثل الذين كفروا في أكلهم وتمتعهم بالدنيا، كمثل الأنعام من البهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف دون غيره، ونار جهنم مسكن لهم ومأوى.

٢ – المشركون

ذم القرآن الكريم الشرك بأنه ظلم عظيم

قال الله تعالى:

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾

لقمان:١٣

واذكر موعظة لقمان لابنه، حين أمره أن يعبد الله وحده، ونهاه عن الشرك، وبين له أنه ظلم عظيم أما كونه ظلمًا، فلما فيه من وضع الشيء في غير موضعه، وأما أنه عظيم، فلما فيه من التسوية بين من لا نعمة إلا منه، وهو سبحانه وتعالى، ومن لا نعمة لها، وهي الأصنام والأوثان.

قال الله تعالى:

﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ  وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  ﴾

الشورى: ٢١

وذم الله تعالى المشركين في القرآن على اتباع ما شرع لهم شركاؤهم من الدين ما لم يأذن به الله من عبادة غيره وفعل ما لم يشرعه من الدين. ولولا قضاء الله وقدره بإمهالهم، وأن لا يعجل لهم العذاب في الدنيا، لقضي بينهم بتعجيل العذاب لهم. وإن المشركين لهم يوم القيامة عذاب مؤلم موجع.

٣-  المنافقون

ذم القرآن الكريم المنافقين

قال الله تعالى:

﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ  ﴾

التوبة:٦٧-٦٨

المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة، ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، نسوا الله فلا يذكرونه، فنسيهم من رحمته، فلم يوفقهم إلى خير. إن المنافقين هم الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله. وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار بأن مصيرهم إلى نار جهنم خالدين فيها أبدًا، هي كافيتهم؛ عقابًا على كفرهم بالله، وطردهم الله مِن رحمته، ولهم عذاب دائم.

ومن صفات المنافقين الذميمة الجامعة للخصال الرذيلة الكذب والخداع

قال الله تعالى:

﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾

المنافقون:١

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

النساء:١٤٢

٤- الكفرة من أهل الكتاب

ذم القرآن الكريم أهل الكتاب الكفرة،

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا  أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾

البينة :٦

يذم الله تعالى الكفرة من أهل الكتاب المخالفين لكتب الله، بسوء العاقبة، ثم وصفهم بأنهم شر الخليقة على الإطلاق، لإصرارهم على الكفر والإشراك مع علمهم بالحق .

قال الله تعالى :

﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ. قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ  وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾

آل عمران:٩٨-٩٩

وذمهم الله تعالى على كفرهم وتضليل المؤمنين وصدهم عن دينهم.

6- ذم في غير موضعه

نقل القرآن الكريم ذم الكفار للملائكة والأنبياء والمرسلين والكتب السماوية والمؤمنين، وبيان ذلك من خلال النقاط الآتية:

1- ذم المشركين للملائكة

يخبر تعالى عن ذم المشركين للملائكة،

قال الله تعالى:

﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾

الزخرف:١٩

يخبر الله تعالى أن الكفار افتروا على الملائكة أنهم إناث، زاعمين أنهم بنات الله، ثم توعدهم سبحانه بسوء المصير بسبب افترائهم الكذب،

2- ذم المشركين للأنبياء والمرسلين

يخبر تعالى أن الكفار ذموا الأنبياء والمرسلين.

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾

الشعراء 27

إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون، يتكلم كلامًا لا يُعْقَل !

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ﴾

الفرقان: ٨

وقال هؤلاء الظالمون المكذبون: ما تتبعون أيها المؤمنون إلا رجلا به سحر غلب على عقله.

3- ذم المشركين للكتب السماوية

يخبر تعالى أن الكفار ذموا الكتب السماوية.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا . وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾

الفرقان:٤-5

وقال الكافرون بالله: ما هذا القرآن إلا كذب وبهتان اختلقه محمد، وأعانه على ذلك أناس آخرون، فقد ارتكبوا ظلمًا فظيعًا، وأتوا زورًا شنيعًا؛ فالقرآن ليس مما يمكن لبشر أن يختلقه. وقالوا عن القرآن: هو أحاديث الأولين المسطرة في كتبهم، استنسخها محمد، فهي تُقْرَأ عليه صباحًا ومساء.

4- ذم المشركين للمؤمنين

يخبر تعالى أن الكفار ذموا المؤمنين.

قال الله تعالى:

﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾

هود:٢٧

فقال رؤساء الكفر من قومه: إنك لست بمَلَك ولكنك بشر، فكيف أُوحي إليك مِن دوننا؟ وما نراك اتبعك إلا الذين هم أسافلنا وإنما اتبعوك من غير تفكر ولا رويَّة، وما نرى لكم علينا من فضل في رزق ولا مال لـمَّا دخلتم في دينكم هذا، بل نعتقد أنكم كاذبون فيما تدَّعون.

7- مقاصد الذم في القرآن

إن مقاصد الذم في القرآن الكريم هو الحرص على الحفاظ على الكليات الخمس الضرورية: (الدين والعقل والنفس والمال والنسل)، وصيانتها من كل ما يفسدها ويدمرها، وبيان ذلك كما يأتي:

1- الذم لحفظ الدين

ومن مقاصد الذم في القرآن الكريم هو تطهير المجتمع الإسلامي من العقائد الفاسدة الموروثة، والحفاظ على العقيدة الصحيحة، والتي هي سبب الفوز والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى:

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ  ﴾

الأنعام:١٤٨

سيقول الذين أشركوا: لو أراد الله أن لا نشرك -نحن وآباؤنا- وأن لا نحرم شيئًا مِن دونه ما فعلنا ذلك، وردَّ الله عليهم ببيان أن هذه الشبهة قد أثارها الكفار مِن قبلهم، وكذَّبوا بها دعوة رسلهم، واستمَرُّوا على ذلك، حتى نزل بهم عذاب الله. قل لهم -أيها الرسول-: هل عندكم -فيما حرَّمتم من الأنعام والحرث، وفيما زعمتم من أن الله قد شاء لكم الكفر، ورضيه منكم وأحبه لكم- من علم صحيح فتظهروه لنا؟ إن تتبعون في أمور هذا الدين إلا مجرد الظن، وإن أنتم إلا تكذبون.

2- الذم للحفاظ على العقل

ومن مقاصد الذم في القرآن الكريم: الحفاظ على العقل، فقد ذم القرآن الكريم كل ما كان ضارًا بالأفراد في عقولهم، وإنما أتى على ذم من قدم ذكره من الشخصيات والأمم المكذبة لعدولهم عن النظر السديد، اعتمادًا على الأهواء والتقليد، ونبذًا للعقل والإنصاف

قال الله تعالى:

 ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ )

البقرة170

والآية تندد بهؤلاء الذين ألغوا عقولهم فقلّدوا آباءهم في العقائد الباطلة التي لا زمام لها ولا خطام، ولا أصل ولا فصل.

3- الذم للحفاظ على النفس

ومن مقاصد الذم: الحفاظ على النفس وصيانتها من الاعتداء عليها،

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

الأنعام:١٥١

والحفاظ على النفس يشيع في المجتمع الأمن والسلام ويقضي على كل مظاهر العنف، ويحفظ التعايش مع جميع المجتمعات والأمم والشعوب.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾

الأنعام:١٥١

وشمل الذم في القرآن الكريم كل ما كان يعمله أهل الجاهلية، فكانت الجاهلية تقتل أولادها خشية كثرة العيلة، ودخول الفقر عليهم إذا كثروا

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ 

النساء 29

ولا تقتلوا أنفسكم بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها أيّا كان في الدنيا بأن يقتل بعضكم بعضًا أو الآخرة بارتكاب محارم الله ومعاصيه،  إن الله كان بكم رحيمًا في كل ما أمركم به، ونهاكم عنه.

4- الذم للحفاظ على المال

ومن مقاصد الذم: الحفاظ على الأموال، فقد ذم القرآن الكريم كل ما كان ضارًا بالأفراد في أموالهم، وقد نهى الإسلام عن المعاملات، التي قامت على أكل المال بالباطل، كالربا والميسر والغش ، وغيرها مما ينطوي على الظلم، وتحريم تطفيف المكيال والميزان، ووجوب الصدق والبيان، وتحريم الكذب والخيانة. وأشير لذلك في

قال الله تعالى:

﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾

المطففين:١-٦

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾

البقرة 276

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

المائدة  90

5- الذم للحفاظ على النسل

ومن مقاصد الذم في القرآن الكريم: الحفاظ على النسل والعرض، فقد ذم القرآن الكريم كل ما كان ضارًا بالأفراد في أنفسهم وأعراضهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾

الأعراف:٨٠-٨١

والإسراف الذي يدمغهم به لوط هو الإسراف في تجاوز منهج الله الممثل في الفطرة السوية، لأداء دورهم في امتداد البشرية ونمو الحياة، فإذا هم يريقونها ويبعثرونها في غير موضع الإخصاب، فهي مجرد «شهوة» شاذة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾

الإسراء:٣٢

ولا تقربوا الزنى ودواعيه؛ كي لا تقعوا فيه، إنه كان فعلا بالغ القبح، وبئس الطريق طريقه. و جعل الإسلام عقوبة هذه الجرائم هي أقسى العقوبات، لأنه يريد حماية مجتمعه من عوامل الدمار

8- وأخيراعن ذم الإنسان

في حديث القرآن الكريم عن الإنسان ، ويعني به نوع الإنسان، هناك جانب لافت للغاية يستحق التأمل والنظر، وهو ذلك الجانب الذي يتصل بتوجيه النقد والذم للإنسان، والتعريف به من خلال ربطه بمجموعة من الصفات السلبية، والشديدة السلبية.

قال الله تعالى:

( وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )

الأحزاب : 72

( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )

النساء: 28

( إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )

إبراهيم: 34

( وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا )

الإسراء: 11

( وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا )

الكهف:54

﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾

عبس 17

Share This