مفهوم الحرية  في القرآن الكريم

1- مفهوم الحرية

الحرية هي إمكانية الفرد دون أي جبر أو شرط أو ضغط خارجي على اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة.

2- كلمة الحرية

     في

القرآن الكريم

وردت كلمة (حرر) في القرآن الكريم ٧ مرات. والصيغ التي وردت هي:

– المصدر

ورد ٥ مرات

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾

النساء :٩٢

– الصفة المشبهة

وردت مرة واحدة

قَال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ ﴾

البقرة:١٧٨

– اسم المفعول

ورد مرة واحدة

قَال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ﴾

آل عمران:٣٥

وجاءت الحرية في القرآن الكريم  بمعني الخلوص من الشوائب، والقدرة على التصرف بملء الإرادة والاختيار .

3- الكلمات ذات الصلة

      بكلمة الحرية

– العبودية

العبودية خلاف الحرية ، وتعنى الطاعة والخضوع المطلق للغير.

قَال الله تعالى:

﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾

مريم: 93

– الإكراه

حمل الغيرِ على أن يفعل ما لا يرضاه، ولا يختار مباشرته، لو ترك ونفسه.

قَال الله تعالى:

﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ﴾

النحل : 106

– الإرادة

قدرة الشخص بالسيطرة على تصرفاته واندفاعاته ، وذلك بضبط النفس حيث يتمكّن الشخص من التحكم في سلوكه .

قَال الله تعالى:

( وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ )

التوبة : 46

4 – الحرية التكوينية

    طبيعة  للإنسان

المقصود بالحرية التكوينية هو أن الإنسان موجود حر بالخليقة وبالتكوين .

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ﴾

الحج : 18

نجد في الآية أن ما في السموات ومَن في الأرض خاضعًا منقادًا لله تعالى ليس لهم مَن أمرهم شيئا ، أما الإنسان فأنه يفعل ما يشاء بحرية تامة ، فماذا  وراء تلك الحرية ؟

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ  ﴾

الأحزاب : 72

فالأمانة في الآية هي الحرية ، ويترتب الثواب على أدائها والعقاب على تضيعها ، والمخلوقات غير الإنسان ليست لها هذه الحرية، فهي مسيّرة بقوانينَ ثابتةٍ لا تملِك الخروج عليها، ولا تتحقق بها الطاعة والمعصية.

قَال الله تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا  فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا  ﴾

الروم : 30

و الإنسان جعل الله تعالى في خلقته التي فطره عليها هي الدين ، وهو ما يترتب الثواب على أدائه والعقاب على تضييعه  ، ولذلك

قَال الله تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾

القيامة : 14

ولذلك أرسل الله تعالى الرسل ، وان كلا من الرسل جميعًا ما هوالا مذكّر  ، مهمته محض التذكير بتلك الفطره التي خلق الله تعالى الإنسان عليها

قَال الله تعالى:

 ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلاً )

المزمل : 19

( كلا انه تذكرة . فمن شاء ذكره )

المدثر: 54- 55

( ان هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا )

الانسان: 29

( فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى . سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى . وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى )

الاعلى: 9- 11

 ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ . لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)

الغاشية: 21- 22

( نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )

ق:  45

( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )

الذاريات : 55

5 – الإنسان والحرية

        في

   القرآن الكريم

من القيم العظيمة التي جاء الإسلام لترسيخها, والعمل على إشاعتها واستفادة الخلق جميعهم منها الحرية. ومن الآيات التي وردت في القرآن الكريم، ويمكن الاستدلال بها على الحرية في المفهوم الإسلامي، يمكن تقسيم الحرية فيها إلى عدة أنوا ع , وهي ما يلي

أولا – حرية الاعتقاد

الآيات التي تدل على حرية الاعتقاد وأن الناس لا يجبرون على اعتناق أي عقيدة ، ولا يُكرهون على اتخاذ الدين ، هي آيات عديدة أبرزها .

قَال الله تعالى:

﴿ لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾

البقرة: ٢٥٦

﴿ وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَميعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنين ﴾

‏يونس: ٩٩

﴿ قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ آتاني‏ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُون َ﴾

هود: ٢٨

﴿ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ لَكُمْ دينُكُمْ وَ لِيَ دينِ ﴾

الكافرون: 1 ـ ٦

﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي . فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ فالْخاسِرينَ الَّذينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْليهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبين ﴾

الزمر: 14- 15

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

الكهف : ٢٩

وعلى الرغم من أن القرآن يعلن أنه قد أنجز مهمته في تبيين الصواب والخطأ حتى تجلى للناس طريق الرشد وطريق الغيّ فإن الاكراه على سلوك أي من الطريقين ممنوع.

ثانيا – الحرية الشخصية

تعتبر الحرية الشخصيّة مطلباً فطرياً طبيعيّاً من مطالب الإنسان، والتي خلقه الله عزّ وجل وفطره عليها، فحاجتُه لها عندما يفتقدُها تفوقُ حاجتَه للطعام والشراب، وقد أقرَّها الدينُ الإسلاميُّ كحقّ مكتسب لكلّ إنسان على وجه الأرض، إذ أعطاه الله عزّ وجل كامل الحرية اختيار دينه وعقيدته، كما اختيار تصرفاته وتعبيره عن آرائه .

والحرية في المفهوم الإسلامي لا تنفكّ عن الالتزام ولا تفارقها المسؤولية، بل يصح أن يقال : لا اختيار بلا مسؤولية، ولا مسؤولية بلا اختيار، أي بلا حرية . وهذا يقال أيضاً حتى في الفضائل الأخلاقية، فإنها تحتاج في تحقق فضيلتها إلى إرادة واختيار، فالتقوى، والصدق، والعفّة، والأمانة، وأمثالها لا تعدّ فضيلة إلا إذا اختارها الإنسان بنفسه من غير إجبار أو إكراه  ، ومن الآيات التي تدل على ذلك أي على أنه حر ومسؤول ،  مايأتي:

قَال الله تعالى:

﴿ مَنِ اهْتَدى‏ فَإِنَّما يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ ﴾

الإسراء : ١٥

﴿ وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى‏ فَإِنَّما يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرين ﴾‏

النمل : ٩٢

﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى‏ نَفْسي‏ وَ إِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحي‏ إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَميعٌ قَريب ﴾

‏سبأ : ٥٠

﴿ قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفيظ ﴾

الأنعام : ١٠٤

﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَميعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُون َ﴾

المائدة : ١٠٥

﴿ قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى‏ فَإِنَّما يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكيلٍ ﴾

يونس : 108

﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ في‏ شِقاقٍ فَسَيَكْفيكَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّميعُ الْعَليم ﴾

‏البقرة : ١٣٧

 ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ وَ قُلْ لِلَّذينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْأُمِّيِّينَ أَ أَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ اللَّهُ بَصيرٌ بِالْعِباد ﴾

آل عمران: ٢٠

﴿ قُلْ أَ تُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَ هُوَ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ وَ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾ ‏

البقرة: ١٣٩

﴿ إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذيراً لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهينَةَ ﴾

المدثر: 35 ـ ٣٨

﴿  إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ﴾

الإسراء: ٧

﴿ قُلْ أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبينُ ﴾

النور: ٥٤

ثالثا – حرية الفكروالتعبير

حرية التفكير هو مفهوم ينص على حرية الفرد في أن يكون له آراء أو تصورات مستقلة عن آراء الآخرين حول موضوع معين. و تعد حرية الفكر تمهيد وأساس للحريات الأخرى، ومن ثم ترتبط ارتباطا وثيقًا بها، بما في ذلك حرية الدين وحرية الكلام وحرية التعبير .

أن ممارسة حرية الفكر ليس لها من سبيل إلا الحوار العقلي بين الناس. ولقد علّم الله الخالقُ نفسُه الناسَ كيف يكون الحوار بينه وبين مخلوقاته ومنذ الأزل ، على الرغم من أنه في غنى عن ذلك، ويكفيه أن يكون له الأمر وعليهم الطاعة. وقد سبقت الإشارة إلى حواره سبحانه مع

– ابراهيم عليه السلام

ذلك بلوغًا لليقين ، فقبل منه الحوار وآتاه سُؤْله

قَال الله تعالى:

( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

البقرة :260

ولم يشجب القرآن في هذا الباب موقفًا كما شجب موقف رفض الحوار والاصرار على عدم ممارسته .

قَال الله تعالى:

( وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ )

الجاثية: 7-9

أن للحوار أصول ، فمن أهم أصول الحوار أن لا يكون هناك شروط مسبقة ولا التزام بافكار جامدة لا تقبل المناقشة مهما كان ايمان المرء بهذه الأفكار ويقينه بأنها هي الصواب دون سواها. ، واحترام حق الآخر في الرأي المخالف  .

فها هو القرآن يدعو إلى الاقبال على الحوار بهذه الروح بل يشجع على الاقبال على الحوار بالانطلاق من التسليم الجدلي بأن الخصم قد يكون هو على حق. فبعد مناقشة طويلة في الادلة على وحدانية الله

قَال الله تعالى:

( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ . قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ . قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ )

سبأ: 24- 26

أما عدة الحوار فهي العقل والمنطق والعلم والحجة والبرهان. فما أكثر ما يرد في القرآن .

قَال الله تعالى:

( قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )

البقرة : 111

( وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ  )

المؤمنون : 117

ولا فائدة من محاورة الجاهل المحاور بغير علم .

قَال الله تعالى:

( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)

لقمان :20

( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)

الحج : 8

 ( هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )

آل عمران : 66

وكثيرًا ما ترد في القرآن كلمة ( سلطان ) في معرض الحديث على الجدال، واعتبار ( السلطان ) شرطًا للحوار لا يستقيم بغيره. و معنى سلطان في الأصل هو الحجة والبرهان المستمدان من العقل والعلم .

قَال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ )  

غافر: 56

وكذلك اللين والحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، والكلمة الطيبة هي في القرآن من عدة الحوار السليم

قَال الله تعالى:

 ( اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي . اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )

طه :42- 44

( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) 

النحل:  125

وللحوار أيضًا آدابه إلى جانب أصوله وعدته. وقمة هذه الآداب عدم الضيق بالحوار، ووجوب الصبر على القول المخالف، والاعراض عن اللغو .

قَال الله تعالى:

( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ )

النمل : 70

( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ . وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ )

الشعراء :  214 – 216

( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )

فاطر : 8

( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ . إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ . وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ )

النمل :  79- 81

( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ )

الروم : 60

( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ . أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ )

القصص : 51- 55

رابعا – الحرية التشريعية

ليس التشريع  في الإسلام محصوراً في الحدود والعقوبات كما يتصور بعض الناس أو يصوّرون. إن التشريع في الإسلام ينظم العلاقة بين الإنسان وربه، وبين الإنسان وأسرته، وبين الإنسان ومجتمعه ، وبين الحاكم والمحكوم، وبين الأغنياء والفقراء، وبين الدولة الإسلامية وغيرها في حالة السلم وحالة الحرب. ونجد تلك التشريعات في القرآن الكريم ، أي من الله تعالى ، فهوأعلم بخَلْقه وشؤونهم، وهو الذي خَلَقهم وأتقن خَلْقَهُمْ وأحسنه؟ وهو اللطيف بعباده، الخبير بهم وبأعمالهم.

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾

الملك : 14

والتحريم والتحليل حقُّ الله تعالى وحده

قَال الله تعالى:

﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾

الأنعام: 119

﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾

النحل : 116

وقَد نهي عن تحريم ما أحلّ الله لهم

قَال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ﴾

المائدة : 87

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ﴾

التحريم: 1

و أما عن العقوبات  ، فأن الله تعالى قد جعل لكل أمة شريعة  و طريقة واضحة يعملون بها ، ولو شاء الله لجعل تلك الشرائع واحدة  ولكنها نزلت مناسبة  لمن إنزلت في شأنهم .

قَال الله تعالى:

﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾

المائدة : 48

والإنسان حرٌّ في اختياره لتك التشريعات بالرفض أو القبول ، ثم عليه تقع مسؤولية هذا الاختيار، ويتحمّل جميع تبعات قراراته . والمحاسبة من قبل الله تعالى يوم القيامة للخلْق ستكون على أساس ما منحهم من القدرة على الاختيار بين الفعل والترك، وهذا ما يصطلح عليه بالحرية التشريعية، وبالتالي فإن الناس مسؤولون عن أفعالهم، ومحاسبون عما يصدر عنهم، فتكون الحرية هي الأساس في اختيار الإنسان، والاختيار هو السبب في المسؤولية والجزاء .

6 – ضوابط ومعايير

  الحرية في الإسلام

على الرغم من أن القرآن يعلن أنه قد أنجز مهمته في تبيين الصواب والخطأ حتى تجلى للناس طريق الرشد وطريق الغيّ فإن الاكراه على سلوك أي من الطريقين ممنوع .

قَال الله تعالى:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾

البقرة : 256

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾

الإنسان: 3

ولذلك هناك ضوابط ومعايير للحرية في الإسلام  تتلخص في مايلي :

1- أحترام طبيعة الاختلاف

في الرأي بين البشر

أن الاختلاف في الرأي وفي العقيدة هو طبيعة البشر التي لا تبديل لها، بل ان الله خلقهم لكي يتباين منهم الرأي وتختلف منهم العقائد. فقد ورد عدة مرات في القرآن تأكيد أن إرادة الخالق هي أن لا يكون الناس أمة واحدة .

قَال الله تعالى:

( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ )  

هود: 118- 119

 ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ )

يونس: 99

 ( لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ )

الحج:  67

( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ) 

المائدة: 48

وإذا كان الأمر كذلك فإن أحدًا من البشر غير مخوّلٍ محاسبة الآخرين على عقائدهم حتى لو كانوا مجوسًا أو مشركين. إن الله وحده هو الذي يحكم بين الناس يوم الحساب، ويفصل بينهم في ما كانوا فيه يختلفون .

قَال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )

الحج : 17

( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ )

الأنعام :  57

بل إن الناس ممنوعون وإن آمنوا وعملوا الصالحات، من أن يُزَكُّوا أنفسهم استعلاءً على الآخرين:

قَال الله تعالى:

( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى . الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )

النجم : 31 – 32

2- إقتران الحرية

بالمسؤولية

أن حق الاختيار الحر مقترن اقترانًا لا انفصام له بالمسؤولية الشخصية التي تقع على صاحب هذا الاختيار دون سواه . ولعل أوّل إشارة إلى الرقابة الذاتية في التاريخ بل أوّل تقرير لها إنما جاء في الآية التالية .

قَال الله تعالى:

( بَلِ الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) 

القيامة: 14- 15

صحيح أن هناك أيضًا الرقابة الالهية

قَال الله تعالى:

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )

ق:  16- 18

ولكنها رقابة غير قمعية لا تلغي حرية الاختيار لدى الانسان، ولا هي تلغي رقابة الضمير، وانما هي لاجراء الحساب يوم الحساب .

قَال الله تعالى:

( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ . وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ . لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ )  

ق: 20 – 22

وما ورد معنى حق الاختيار الحر الا واتبع على الفور بمعنى المسؤولية. فإذ يخيّر الله الناس بين الايمان والكفر يحذرهم من سوء العاقبة إن هم أساؤوا الاختيار.

قَال الله تعالى:

( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )

الزمر: 7

( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا )

الكهف: 29

( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )

الزخرف : 44

( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ . مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ . وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ )

الصافات: 22- 24

( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )

النور: 54

 ( قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ )

هود: 35

وفي تحمل المسؤولية لا شفاعة حتى شفاعة الآباء. فما أغنى استرحام نوح لابنه عنه شيئًا .

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ )

لقمان : 33

( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )

الطور: 21

( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )

المدثر: 38

3- التحرر من كل أغلال

المواقف السابقة

رفض التقليد الأعمى في الرأي من غير اعتماد العقل ولو كان التقليد يستند إلى تراث الآباء والأجداد. وفي هذا المبدأ أرفع درجة من درجات الدعوة إلى حرية الفكر وتحرير الانسان من أغلال المواقف السابقة التي يرسف في قيودها الانسان وتعمي البصيرة والبصر بغلالة من قدسية الماضي عن رؤية الحق والنور ، وفي تسفيه إتباع الآباء اتباعًا أعمى

قَال الله تعالى:

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) 

لقمان : 21

( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ . وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ . قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ. فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )

الزخرف : 22- 25

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ )

المائدة : 104

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ )

البقرة : 170

وعلى الرغم من سمو مقام الوالدين في القرآن الكريم، فإن دعوتهما أولادهما إلى غير الحق يجب أن تكون مرفوضة منهم، لأن التقليد الأعمى مرفوض .

قَال الله تعالى:

( وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

لقمان : 14- 15

( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )

الطور: 21

4 – الحرية لجميع الخلق

على السواء

أن الحرية لا تتجزأ، فهي لجميع الخلق على السواء، دون تمييز أو تفريق . ليست حكرًا للأغنياء ولا لذوي السلطان ولا لفئة دون فئة. لا طبقية ولا تصنيف بين الناس في الحرية ، بل مساواة كاملة في هذا الحق الاساسي من حقوق الانسان. ولا ينتقص من هذا الحق أن يكون ممارسوه من المستضعفين أو من ( الأرذلين)  أي من الطبقات الدنيا في المجتمع، أي من غير المترفين .

قَال الله تعالى:

 ( قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ . قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ . وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ . إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُّبِينٌ )

الشعراء : 111- 115

( وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ . قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ  .وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ . وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ . وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ )

هود :27- 31

5- لا يجوز إساءة

استعمال الحرية

أنه لا يجوز إساءة استعمال الحرية فإن للحرية حدودًا لا يجوز تخطيها. وقد بين القرآن هذه الحدود وشدد عليها في مواضع متعددة. فالحرية لا تعني افتراء الكذب على الله وعلى الناس. والحرية ليست حرية لبس الحق بالباطل أو حرية كتمان الحق، ولا تحريف الكلام عن مواضعه بعد أن يعقله الانسان. والحرية لا تعني النجوى بالاثم والعدوان .

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )

المجادلة :9

والحرية لا تعني قول الزور

قَال الله تعالى:

( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ )

الحج : 30

والحرية لا تعني حرية شتم الآخرين

قَال الله تعالى:

( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ )

الأنعام: 108

والحرية لا تعني إساءة الظن بالناس ولا أن يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ  )

الحجرات:  11- 12

والحرية لا تعني ترويج الشائعات الكاذبة على مثال حديث الإفك

قَال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) 

النور: 11

والحرية لا تعني الانفعال بنبأ الفاسق قبل التثبت من صحته

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) 

الحجرات: 6

وانما قول الحق هو شرط الحرية. انه الأمانة التي عرضها الله على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الانسان .

قَال الله تعالى:

( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً )

الأحزاب :72

تلك هي أمانة القول السديد الذي به تصلح الأعمال وتغفر الذنوب .

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا .  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )

الأحزاب :70 – 71

6 – حق الإنسان في

الدفاع عن حريتة

أن حق الحرية للإنسان ليس من غير ثمن باهظ . وكل اختيار حر لا يمكن أن يثبت لصاحبه من غير اختبار عظيم . وهو ما يعّبر عنه القرآن الكريم بالفتنة أو البلاء، أي محاولة صرف الانسان أو تحويله عن دينه أو معتقده أو فكره أو رأيه بالترغيب أو الترهيب أو الخداع أو الممالأة.

قَال الله تعالى:

( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )

الأنبياء : 35

( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )

الكهف :  7

( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ )

محمد : 31

فالفتنة هي قدر المؤمن. وما من سلاح له في وجهها إلا الصبر والثبات على الايمان والتضحية حتى الاستشهاد تشبثًا بحرية الاختيار .

قَال الله تعالى:

( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )

العنكبوت : 2 – 3

( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ . وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ) 

العنكبوت :10- 11

وأن على الانسان أن يدافع عن حق الحرية بكل الوسائل حتى القتال. على أن القرآن لم يشرع القتال دفاعًا عن الحرية إلا في المرحلة الأخيرة من الدعوة، مؤثرًا تعليم أتباعه اعتماد كل الوسائل السلمية تجنبًا للعنف حتى ولو كان اللجوء إلى العنف المادي اضطرارًا لغاية الدفاع. وقد كان القتال ممنوعًا على المسلمين حتى انزلت آية الاذن به .

قَال الله تعالى:

﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾

الحج : 39

بل ان القرآن كان يحض المسلمين على أن يبروا خصومهم إن هم لم يعتدوا عليهم أو يقاتلوهم في دينهم

قَال الله تعالى:

( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) 

الممتحنة : 8 -9

7- لا يتم إنتفاع مادي

من وراء الحرية

أن ممارسة الاختيار الحر لا يجوز أن يُعَلَّق على شرط الانتفاع المادي أو حساب الربح والخسارة أو على الخوف من الارهاب. فالخضوع للمادة عبودية تعطل الحرية. وحين يقع الاقتناع برأي لا يجوز أن يَحُول دون اعتناقه حائل أو ذريعة من ارتزاق أو استضعاف .

ومن أدلة القرآن الكريم الدالة على ذلك ما أوجبه الله تعالى في كتابه من ضرورة الهجرة من الأماكن التي يستذل فيها المسلم ويحال فيها بينه وبين ممارسة طاعته لربه إلى أجواء من الحرية خالية من ظلم واضطهاد الآخرين.

قَال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا . إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً . فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) 

النساء:  97- 99

وكما أن الحرية حق لك، فإن من حقها عليك أن تصونها. وصيانتها لسواك واجب كما هي صيانتها لنفسك. وإذا أنت لم تصن حريتك وحقك في الحرية، حتى لو اقتضى الأمر هجرة موطنك نفسه مؤقتًا – على جليل قدر الوطن في حياة الانسان – إلى موطن آخر لا تضييق فيه على الحريات فإنك ظالم لنفسك ولا عذر لك في أنك مستضعف أو غير ذي طول .

Share This