1- مفهوم الحذر

الحذر هو التيقظ والتأهب، وأخذ الحيطة والاحتراس من الضرر.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾

التغابن 14

يا أيها الذين آمنوا ، إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعته، فكونوا منهم على حذر، ولا تطيعوهم.

2- كلمة الحذر

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة (الحذر) وصيغها في القرآن الكريم ٢١  مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل المضارع

ورد ٨ مرات

قال الله تعالى:

﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾

التوبة: ٦٤

– الفعل الأمر

ورد ٦ مرات

قال الله تعالى:

﴿ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾

المائدة: ٤١

– مصدر سماعي

ورد ٥ مرات

قال الله تعالى:

﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾

البقرة: ١٩

– اسم الفاعل

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾

الشعراء: ٥٦

– اسم المفعول

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾

الإسراء:٥٧

وجاء الحذر في القرآن على ثلاثة أوجه:

1- الخوف

قال الله تعالى:

﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾

آل عمران: ٢٨

يعني: يخوّفكم عقابه.

2- الامتناع

قال الله تعالى:

﴿ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾

المائدة: ٤١

يعني: فامتنعوا.

3- الكتمان

قال الله تعالى:

﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾

التوبة: ٦٤

يعني: ما تكتمون.

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة الحذر

– الخوف

الخوف هو فزع القلب من مكروه يناله أو من محبوب يفوته

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾

هود: 103

– الاحتراز

الاحتراز هو التحفظ من الشيء الموجود .

– الأمن

الأمن هو طمأنينة النفس وعدم توقع مكروه في الزمان الآتي، وهو ضد الخوف .

قال الله تعالى:

﴿ أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

يوسف: 107

4- أنواع الحذر

    في

القرآن الكريم

ينقسم الحذر في القرآن الكريم إلى نوعين ، وهما

أولًا – الحذر المحمود

الحذر المحمود هو الذي يرضاه الله تعالى ، وهو ما كان معتدلًا بين الإفراط والتفريط ؛ لأنه الحذر الذي ترجى ثماره ، ويسعد صاحبه في آخرته. ومن الحذر المحمود ، مايلى

1- الحذر من الله وعقابه

قال الله تعالى:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ  ﴾

البقرة: ٢٣٥

أي: اعلموا أيها الناس أن الله تعالى يعلم ما يجول في نفوسكم من خير أو شر، وما تهجس به خطرات قلوبكم من مقاصد واتجاهات؛ فاحذروا أن تقصدوا ما هو شر، أو تفعلوا ما هو منكر، واعلموا أنه تعالى غفور لمن تاب وعمل صالحًا، حليم لا يعاجل الناس بالعقوبة، ولا يؤاخذهم إلا بما كسبوا.

قال الله تعالى:

﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾

آل عمران: ٢٨

ويحذركم الله نفسه، فاتقوه وخافوه. وإلى الله وحده رجوع الخلائق للحساب والجزاء.

وقد مدح الله تعالى المؤمن الحذر من عذابه ونقمته

قال الله تعالى:

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ٩

2- الحذر من العدو

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾

النساء: ٧١

يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين. وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم .

وقد كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على حذر من أعدائهم .

– عن موسى عليه السلام

فهذا موسى عليه السلام لما قتل قبطيًّا؛ أصبح خائفًا حذرًا من جنود فرعون

قال الله تعالى:

﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾

القصص: ٢١

أي: فخرج موسى من مدينة فرعون خائفًا على نفسه يتلفّت، ويترقب متابعة أحد له .

– عن لوط عليه السلام

فقد استجاب لوط عليه السلام لأمر الله، لما أمره

قال الله تعالى:

﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾

الحجر: ٦٥

فكان الأمر للوط أن يسير بقومه في الليل قبل الصبح، وأن يكون هو في مؤخرتهم يتفقدهم، ولا يدع أحدًا منهم يتخلف، أو يتلكأ، أو يتلفت إلى الديار على عادة المهاجرين الذين يتنازعهم الشوق إلى ما خلفوا من ديارهم؛ فيتلفتون إليها ويتلكأون.

والخلاصة هي أن الحذر المحمود أمر يحبه الله ويرضاه، ويصب في مصلحة العبد الدينية والدنيوية؛ ولذلك أمر الله به وحض عليه.

ثانيًا – الحذر المذموم

الحذر أمر محمود، لكن إذا خرج عن هدفه المشروع كان مذمومًا، وهذا النوع من الحذر لا يجوز؛ وذلك لأنه مدعاة لترك العمل.

1- الحذر من قوة العدو

فانهزام المسلم من ساحة المعركة؛ خوفًا على نفسه من القتل، وحذرًا من جبروت الأعداء حذر مذموم؛ لأنه جبن وضعف وهوان؛ ولذلك ذم الله تعالى الذين خرجوا من ديارهم على كثرتهم حذرًا من الموت، ويقصدون بهذا الخروج السلامة من الموت، ولكن لا يغني حذر عن قدر .

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ  إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾

البقرة: ٢٤٣

ألم تعلم – أيها الرسول- قصة الذين فرُّوا من أرضهم ديارهم التي ألفوها واستوطنوها ، وهم ألوف كثيرة؛ خشية الموت من الطاعون أو القتال، فقال لهم الله: موتوا، فماتوا دفعة واحدة عقوبة على فرارهم من قدر الله، ثم أحياهم الله تعالى بعد مدة؛ ليستوفوا آجالهم، وليتعظوا ويتوبوا؟ إن الله لذو فضل عظيم على الناس بنعمه الكثيرة، ولكن أكثر الناس لا يشكرون فضل الله عليهم.

5- مجالات المحذور منه

        في

   القرآن الكريم

إن الكلام عن مجالات المحذور منه في القرآن الكريم يتطلب بيان الحذر من الله تعالى ونقمته، وعذابه، والحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، والحذر من فتنة الإعراض والصد عن الصراط المستقيم، والحذر من الموت، والحذر من كيد الشيطان والكافرين والمنافقين، والحذر من طاعة الأزواج والأولاد فيما يغضب الله سبحانه ، وتفصيل هذه الأمور فيما يأتي:

أولًا- الحذر من الله تعالى

حذر الله عباده المؤمنين من عذابه ونقمته في مواضع من كتابه العزيز، وهدد المخالفين المتواطئين على مصلحة الأمة ومصيرها.

قال الله تعالى:

﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾

آل عمران: ٢٨

ويحذركم الله نفسه، فاتقوه وخافوه. وإلى الله وحده رجوع الخلائق للحساب والجزاء.

قال الله تعالى:

﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾

آل عمران: ٣٠

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾

البقرة: ٢٣٥

فالله سبحانه وتعالى مطلع على كل شيء، مجاز على كل شيء؛ فليحذره أولئك الذين يدبرون السوء.

ثانيًا – الحذر من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

النور: ٦٣

أمر الله سبحانه أن يبجّـل نبيه صلى الله عليه وسلم ويعظّـم، فلا يدعى باسمه بأن يقال: يا محمد، ولكن يقال: يا نبي الله، يا رسول الله، ولا يقاس دعاؤه كدعاء بعضنا بعضًا في جواز الإعراض والتساهل في الإجابة، والانصراف من مجلسه بغير إذن، فإن المبادرة إلى إجابته صلى الله عليه وسلم واجبة، والرجوع عن مجلسه بغير إذن محرم، ثم حذر سبحانه وتوعد المخالفين لتلك الأوامر والآداب.

ثالثًا- الحذر من العذاب

من صفات المؤمن التقي الحذر من عذاب الله وغضبه؛ فالله تعالى يعلم كل شيء، ولا تخفى عليه خافية، وقد أخبرنا ربنا سبحانه أن عذابه هو الذي يجب أن يحذر، فلا يبلغه أي عذاب .

قال الله تعالى:

﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا. أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾

الإسراء: ٥٦-٥٧

قل – أيها الرسول- لمشركي قومك: إن هذه المعبودات التي تنادونها لكشف الضرِّ عنكم لا تملك ذلك، ولا تقدر على تحويله عنكم إلى غيركم، ولا تقدر على تحويله من حال إلى حال، فالقادر على ذلك هو الله وحده. أولئك الذين يدعوهم المشركون من الأنبياء والصالحين والملائكة مع الله، يتنافسون في القرب من ربهم بما يقدرون عليه من الأعمال الصالحة، ويأمُلون رحمته ويخافون عذابه، إن عذاب ربك هو ما ينبغي أن يحذره العباد، ويخافوا منه.

رابعًا – الحذر من الفتن

أعظم فتنة قد تصيب العبد: فتنة الإعراض والصد عن الصراط المستقيم، ولقد حذر الله نبيه صلى الله عليه وسلم من هذه الفتنة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾

المائدة: ٤٩

وفي هذه الآية تحذير شديد من اتباع أهواء الناس خشية الإضلال عن الحق، ووجوب الحكم في كل القضايا بما أنزل الله، ولا يجوز الاحتكام إلى أية شريعة، أو قانون غير الوحي الإلهي، المتمثل في القرآن الكريم.

خامسًا – الحذر من الموت

حذر الله سبحانه وخوف من الموت كثيرًا؛ لكي يبتعد الإنسان عن المعاصي، ويقترب من الطاعات .

– حذر المنافقين من الموت

ذكر الله تعالى حال المنافقين ومن أي شيء يحذرون

قال الله تعالى:

﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾

البقرة: ١٩

فمثّل الله تعالى بهذا المثل مدى الاضطراب والحيرة الذي يعيشه المنافقون، بسبب اختلاف المواقف، والخوف والحذر من تعرضهم للموت والهلاك؛ بانكشاف أمرهم وافتضاح حالهم.

– حذر الجبناء من الموت

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾

البقرة: ٢٤٣

هذا هو الخوف والحذر الذي يولده الجبن في أنفس الجبناء، فيخيل إليهم أن الفرار من القتال هو الواقي من الموت، وما هو إلا وسيلة تدنـي إليه، فهو يمكن العدو من الرقاب، ويحفزه إلى الفتك بهم، استهانة بأمرهم.

سادسًا – الحذر من العدو

أمر الله سبحانه بأخذ الحذر من غدر العدو في ميدان القتال

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾

النساء: ٧١-٧٣

يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم ، وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم، ويستدفع مكرهم وقوتهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾

النساء: ١٠٢

وهذه الآية الكريمة تدل دلالة صريحة قاطعة على وجوب أخذ الحذر، بل وتبين للمسلمين كيفية الحذر مما يدل على أهميته، فالأمر بأخذ الأسلحة، والأمر بأن يكون بعض المسلمين وراء المصلين يحمونهم من العدو، وتقسيم المسلمين إلى طائفتين، طائفة تصلي، وطائفة تحرس، والأمر بأخذ الحذر، وبيان أن الكفار يرغبون أن يترك المسلمون الحذر وأخذ أسبابه حتى يستأصلوا المسلمين مرة واحدة، كل ذلك دليل على وجوب الحيطة والتحرز، وأخذ الحذر من المكروه المتوقع.

سابعًا – الحذر من الشيطان

بين الله عز وجل عداوة الشيطان وحذر منه

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

فاطر: ٦

وأخبرنا أن الشيطان لنا عدو، وأمرنا أن نتخذه عدوًّا وأنه يدعو أتباعه؛ ليكونوا من أهل النار .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ﴾

المائدة: ٩1

ومن أعظم مداخل الشيطان على العباد إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين.

ثامنًا – الحذر من المنافقين

ذكر الله من أوصاف المنافقين ما به يعرفون، لكي يحذر العباد منهم، ويكونوا منهم على بصيرة

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾

المنافقون: ٤

وفي هذه الآيات تحذير من الاغترار بالمظاهر كحسن الهندام وفصاحة اللسان، فالحكم على الناس لا يكون بالأشكال والهيئات والمناظر، وإنما يكون بالحقائق المدركة، والأفعال الواقعة، والأقوال الصادقة، وقد كان المنافقون حسان الهيئة، فصيحي اللسان، ولكنهم أشباح بلا أرواح، وصور بلا معان.

تاسعًا – الحذر من طاعة الأزواج والأولاد فيما يغضب الله

حب المسلم لأهله وولده قد يدفعة إلي عمل ما يغضب الله تعالى ؛ ليوفر لهم الراحة والطمأنينة في زعمهم ، وقد يستجيب لهم فيكون فعلهم هذا فعل الأعداء، والعدو يستحق الحذر والإفلات من مكيدته.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

التغابن: ١٤-١٥

وهذا التنبيه والتحذير من الأزواج والأولاد يشير إلى حقيقة عميقة في الحياة البشرية، فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة ملهاة عن ذكر الله، وقد يكونون دافعًا للتقصير في تبعات الإيمان، فيبخل ويجبن؛ ليوفر لهم الأمن والقرار، أو المتاع والمال، فيكونون بهذا عدوًّا له؛ لأنهم صدوه عن الخير، وهذا هو دافع التحذير من الله تعالى للمؤمنين؛ لإثارة اليقظة في قلوبهم، والحذر من تسلل هذه المشاعر، ثم كرر هذا التحذير في صورة أخرى من فتنة الأموال والأولاد.

6 – نماذج قرآنية من الحذرين

أولًا: حذر المؤمنين

غاية الدعوة إلى الله التبشير بهذا الدين، وتبليغ أحكامه، وتخويف الناس عن ارتكاب ما نهى الله عنه، بطريقة وأسلوب يورث الحذر منه سبحانه وتعالى ويحقق الخشية المطلوبة؛ فأمر الله المؤمنين بالتفقه في الدين؛ ليتم الإنذار من خلاله، ويتحقق الحذر من بطش الله وعذابه

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ

التوبة: ١٢٢

وما كان ينبغي للمؤمنين أن يخرجوا جميعًا لقتال عدوِّهم، كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا جميعًا، فهلا خرج من كل فرقة جماعة تحصل بهم الكفاية والمقصود؛ وذلك ليتفقه النافرون في دين الله وما أنزل على رسوله، وينذروا قومهم بما تعلموه عند رجوعهم إليهم، لعلهم يحذرون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

ثانيًا – حذر المنافقين

إحساس المنافقين بنفاقهم جعلهم يحذرون من نزول آيات قرآنية تتلى في حقهم، وتكشف أمرهم، وتهتك سترهم، وتعلن للملأ حقيقة أمرهم، وقد وقع ما كانوا يتخوفون منه .

قال الله تعالى:

﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ

التوبة: ٦٤

والحقيقة أن المنافقين يعرفون حقيقة أمرهم، فهم غير مؤمنين بالله والرسول، وهم شاكون مرتابون في الوحي، قلقون مضطربون، والشك والقلق يدعوهم على الحذر والخوف؛ يخاف المنافقون، ويتحرزون أن تنزل على المؤمنين سورة تكشف أحوالهم، وتفضح أسرارهم، وتبين نفاقهم،و تنبىء المؤمنين بما في قلوب المنافقين، وتخبرهم بحقيقة وضعهم، فيفتضح أمرهم، وتنكشف أسرارهم.

ثالثًا – حذر اليهود

شارك المنافقون اليهود في البعد من اللجوء إلى الأحكام بما أنزل الله، وكان همهم تخفيف العقوبة عن أنفسهم وليس إنزال القصاص على أنفسهم

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

المائدة: ٤١

يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك من المنافقين الذين أظهروا الإسلام وقلوبهم خالية منه، فإني ناصرك عليهم. ولا يحزنك تسرُّع اليهود إلى إنكار نبوتك، فإنهم قوم يستمعون للكذب، ويقبلون ما يَفْتَريه أحبارُهم، ويستجيبون لقوم آخرين لا يحضرون مجلسك، وهؤلاء الآخرون يُبَدِّلون كلام الله من بعد ما عَقَلوه، ويقولون: إن جاءكم من محمد ما يوافق الذي بدَّلناه وحرَّفناه من أحكام التوراة فاعملوا به، وإن جاءكم منه ما يخالفه فاحذروا قبوله، والعمل به. ومن يشأ الله ضلالته فلن تستطيع -أيها الرسول- دَفْعَ ذلك عنه، ولا تقدر على هدايته. وإنَّ هؤلاء المنافقين واليهود لم يُرِدِ الله أن يطهِّر قلوبهم من دنس الكفر، لهم الذلُّ والفضيحة في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم.

رابعا- حذر فرعون وهامان وجنودهما

كان فرعون وهامان قد أخبروا أن هلاكهم على يد رجل من بني إسرائيل، فكانوا من ذلك على وجل منهم؛ ولذلك كان فرعون يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، فأرى الله فرعون وهامان وجنودهما، من بني إسرائيل على يد موسى بن عمران نبيه، ما كانوا يحذرونه منهم من هلاكهم وخراب منازلهم ودورهم .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ

القصص: ٤- ٦

أراد فرعون بحوله وقوته أن ينجو من موسى، فما نفعه ذلك مع قدر الملك العظيم الذي لا يخالف أمره القدري، بل نفذ حكمه، وجرى قلمه في القدم بأن يكون إهلاك فرعون على يديه، بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده، وقتلت بسببه ألوفًا من الولدان، إنما منشؤه ومرباه على فراشك، وفي دارك، وغذاؤه من طعامك، وأنت تربيه وتدللـه وتتفداه، وحتفك، وهلاكك وهلاك جنودك على يديه؛ لتعلم أن رب السموات العلا هو القادر الغالب العظيم، العزيز القوي الشديد المحال، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ . فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ . إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ . وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ . وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ

الشعراء: ٥٢ – ٥٦

ولما ظهر أمر موسى عليه السلام ، وانتشرت دعوته؛ زاد خوف فرعون وحذره من خروج بني إسرائيل مع موسى، وعدم سيطرته عليهم، ولما أوحى الله تعالى إلى موسى أن يسير ليلًا باتجاه البحر مع قومه، ففعل موسى، وخرج ببني إسرائيل، فلما أصبح فرعون وقومه، وعلم بما صنع بنو إسرائيل؛ غاظه ذلك، وأرسل في مدائن مصر من يجمعوا الجند لملاحقة بني إسرائيل، أعلن التعبئة الكاملة من أجل تدمير هذه القوة المتنامية وإرجاعهم عبيدًا له، وتعذيبهم أشد العذاب

7 – ثمرات الحذر المحمود

ذكر الله تعالى في القرآن الكريم ثمرات الحذر المحمود ، ومنها

1- النجاة من الفتن

لقد أطلع الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على الكثير من الفتن التي ستواجه هذه الأمة؛ ولا سبيل للتخلص من الفتن إلا بالحذر من مخالفة أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال الله تعالى:

﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

النــور: ٦٣

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

المائدة: ٩٢

2- فعل الطاعات والابتعاد عن المنهيات

الحذر من الله تعالى يحرك دواعي الخوف الكامنة في أعماق النفوس، ويجعل من نفس العبد رقيبًا على نفسه؛ فيمنعها من ارتكاب المحرمات، ويلتزم بأوامر الله تعالى ونهيه ؛ في وصف عباده الحذرين الخائفين .

قال الله تعالى:

﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾

السجدة: ١٦

أن هؤلاء المؤمنين الصادقين، تتنحى وترتفع أجسامهم، عن أماكن نومهم، وراحتهم، حالة كونهم يدعون ربهم بإخلاص وإنابة؛ خوفًا من سخطه عليهم، وطمعًا في رضاه عنهم.

قال الله تعالى:

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ  إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ٩

أي: أذلك الكافر أحسن حالًا ومآلًا، أم المؤمن بالله، الذي هو مطيع خاشع يصلي الله في ساعات الليل، وخشوعه مستمر حال سجوده وحال قيامه، يخاف الآخرة، ويرجو رحمة ربه، فيجمع بين الخوف والرجاء، وتلك هي العبادة الكاملة، التي يفوز بها صاحبها؟!

3- الاستعداد لمواجهة العدو

من أهم ثمار الحذر، وأوسعها تأثيرًا على المسلمين: الاستعداد لملاقاة الأعداء، وإعداد العدة من أجل ملاقاتهم، وكلما زادت التجهيزات، وأعداد الجنود؛ قلت خسائر المسلمين.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾

النساء: ٧١

يأمر الله عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد، وتكثير العدد بالنفير في سبيله

قال الله تعالى:

﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾

النساء: ١٠٢

وقد بين الله تعالى علة الأمر بأخذ الحذر والسلاح حتى في الصلاة

4 – تحقيق المغفرة والرحمة والفوز بالجنة

من ثمار الحذر المحمود تحقيق المغفرة والرحمة، وذلك أن الأخذ بالأسباب والحذر من العواقب يحقق مغفرة الله ورحمته بالعباد، والله سبحانه وتعالى واسع المغفرة.

قال الله تعالى:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾

البقرة: ٢٣٥

واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فخافوه، واعلموا أن الله غفور لمن تاب من ذنوبه، حليم على عباده لا يعجل عليهم بالعقوبة.

ومما يدل على تحقيق المغفرة والرحمة لمن اتقى وحذر من عذاب الله

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ . قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

آل عمران: ٢٨-٣١

وفي هذه الآيات يحذر الله الناس عقابه الصارم إن خالفوا، ويبين أنه رءوف بالعباد إن أطاعوا والتزموا الأوامر واجتنبوا النواهي.

Share This