مفهوم الترغيب في القرآن الكريم

1- مفهوم الترغيب

الترغيب هو وعد من الله سبحانه و تعالى لعباده فيه تحبيب وإغراء بمصلحة، أو لذة أو متعة عاجلـة أو آجلة ، مقابل القيام بعمل صالح أو ترك عمل سيء؛ طاعة لله سبحانه وتعالى.

2- كلمة الترغيب

        في

   القرآن الكريم

وردت كلمة (رغب) في القرآن الكريم (5) مرات والصيغ التي وردت هي:

– الفعل المضارع

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ ﴾

النساء:١٢٧

– فعل الأمر

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾

الشرح:٨

– المصدر

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ﴾

الأنبياء:٩٠

– اسم الفاعل

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ

التوبة:٥٩

وجاء الترغيب في القرآن الكريم بمعني كل ما يشوّق المدعو إلى الاستجابة وقبول الحق، والثبات عليه .

3- الكلمات ذات الصلة

   بكلمة الترغيب

– الإرادة

الإرادة هي تصميم واعٍ على أداء فعل معين، ويستلزم هدفاً ووسائل لتحقيق هذا الهدف .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

هود: 107

– الوعد

الوعد هو التزام باحترام عَهد والتقيُّد به بأمانة .

قال الله تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾

التوبة: 72

– الحث

التحريض على الشيء، والحمل على فعله بتأكيد وإسراع

– الترهيب

وعيد وتهديد من الله سبحانه و تعالى بعقوبة عاجلة أو آجلة؛ لتخويف العباد من اقتراف الذنوب والمعاصي، أو التهاون في أداء الفرائض التي أمر الله بها.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾

النحل: 51

4- أساليب عرض الترغيب

            في

  القرآن الكريم

إنّ المتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أنّ أسلوب الترغيب جاء على ثلاثة أنواع:

أولًا: الجمع بين الترغيب والترهيب في آية واحدة

جاء هذا الأسلوب في آيات كثيرة من  القرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

الأنعام: ١٦٥

( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ )

الرعد:6

ثانيًا: الجمع بين الترغيب والترهيب في آيتين منفصلتين متتابعتين

قال الله تعالى:

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾

الحجر: ٤٩- ٥٠

فقد اشتملت الآية الأولى على الترغيب في رحمة الله ومغفرته ، وجاءت الثانية على الترهيب من انتقام الله وبطشه.

ثالثًا: الجمع بين الترغيب والترهيب في مقطع قرآني

وهذا الأسلوب يأتي ضمن مجموعة من الآيات تشتمل على الترغيب والترهيب، فقد رهّب سبحانه وتعالى من حال الكافرين وهم يساقون جماعات إلى جهنم، ورغّب بحال المتقين، وهم يدخلون الغرفات وبالثواب الذي أعده الله للفائزين بالجنة.

قال الله تعالى:

﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ . قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ . وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ . وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾

الزمر: ٧١- ٧4

5- مجالات الترغيب

            في

    القرآن الكريم

القرآن الكريم حافل بالآيات القرآنية المتضمنة للترغيب ومجالاته المتعددة، ، وسوف نتحدث عن كل مجال من هذه المجالات.

أولًا – الترغيب في الإيمان

الإيمان بالله أول واجب على الإنسان، وقد رغّب القرآن الكريم بالإيمان في كثير من الآيات، ومن صور الترغيب ما يأتي:

1- نيل رضا الله سبحانه وتعالى

قال الله تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

التوبة: ٧٢

2- تحصيل الأجر العظيم

قال الله تعالى:

﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

آل عمران: ١٧٩

فإن الله أمـر بالإيمـان بـه سبحانه وتعالى، ووعـد علـى ذلـك الأجـر العظيـم في الآخرة.

3- الهداية والثبات في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى:

﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾

التغابن: ١١

بيـّن الله عز و جل أن من أصابتـه مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فآمن بالله عز وجل وبما كتب له فصبر واحتسب؛ كانت له الهداية القلبية، في جميع أحواله وأقواله وأفعاله وفي علمه وعمله .

4- الرفعة والعلو في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى:

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾

المجادلة: ١١

فإن الله يكرم المؤمن بالثواب في الآخرة، والكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم.

5- التمكين في الأرض والأمن

قال الله تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾

النور: ٥٥

إن الله وعـد مـن آمن به سبحانه و تعالى وعمل الأعمال الصالحات، بالاستخلاف في الأرض -أي: يجعلهم خلفاء فيها، ويثبت لهم دينهم ويظهره على جميع الأديان، ويذهب عنهم أسباب الخوف بحيث لا يخشون إلا الله سبحانه وتعالى

6- الحياة الطيبة

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل٩٧

إن الله وعد من آمن به سبحانه و تعالى وعمل صالحًا، أن يحييه حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمل في الدار الآخرة، واختلف في تفسير الحياة الطيبة: قيل: الرزق الطيب الحلال، وقيل: القناعة، وقيل: السعادة، وقيل: توفيقه إلى الطاعات، والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله .

7- ولاية الله للمؤمنين

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

آل عمران: ٦٨

إنَّ أحق الناس بإبراهيم وأخصهم به، الذين آمنوا به وصدقوا برسالته واتبعوه على دينه، وهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا به. والله وليُّ المؤمنين به المتبعين شرعه.

8- دخول الجنة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾

الحج: ٢٣

أكد الله سبحانه و تعالى لأولئك الذين آمنوا به، وصدّقوا بما جاء به، أن يدخلهم جنات وليس جنة واحدة، وفي ذلك ترغيب للمؤمن لتحصيلها .

ثانيًا: الترغيب في الأعمال الصالحة

الأعمال الصالحة في القرآن الكريم كثيرة، ومن أهم الأعمال الصالحة التي لابد للمسلم أن يحرص عليها: العبادات، كالصلاة والزكاة والحج والصيام؛ لذلك نجد القرآن الكريم حافلًا بالآيات المرغبة بهذه العبادات ومن أهم هذه العبادات:

أ – الترغيب في الصلاة

الصلاة هي صلة بين العبد وربه ؛ لذلـك نجـد أن الله سبحانه وتعالى قـد أمرنـا بإقامتهـا فـي كثير من الآيات؛ وذلك لأهميتهـا وعظـم منزلتهـا، وأمرنـا بالاستعانـة بهـا فـي كـل الأمور

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾

البقرة: ١٥٣

﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

البقرة: ٤٥

ولقد رغّب القرآن في الصلاة، ومن صور ترغيبه ما يأتي:

1- أنها سبب للانتهاء عن المعاصي

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

العنكبوت: ٤٥

فالصلاة سياج للمؤمن من كل منكر

2- تجلب الرزق

حيـث إن المحافظة على الصلاة من أعظم الأسباب لتحصيل الرزق

قال الله تعالى:

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾

طه: ١٣٢

فهذا الارتباط في الآيـة بيـن الصـلاة والرزق لدليـل على أن إقامة الصلاة، وأمر الأهل بها، باب عظيم من أبواب الرزق.

3- تكفير السيئات ودخول الجنات

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾

المائدة: ١٢

لما أخذ الله الميثاق على بني إسرائيل، أمرهم بإقامة الصلاة، فبيّن لهم ثواب تلك العبادة، بأنها سبب لتكفير السيئات ودخول الجنة

4- تحصيل الرحمة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

النور: ٥٦

يأمر الله سبحانه وتعالى عباده بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وبطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كي يرحمهـم وينجيهـم من عذابـه يوم القيامة، فالصلاة سبب لتحصيل الرحمة من الله سبحانه و تعالى.

5- ذمّ الله المتخلفين عنهـا

وتوعّدهم بالوعيد الشديد

قال الله تعالى:

﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾

الماعون: ٤-٥

أي: مضيّعون لها، تاركون لوقتها، مفوّتون لأركانها وهم المنافقون .

ب – الترغيب في الزكاة

الزكاة فريضة من فرائض الإسلام ؛ لذلك نجد القرآن الكريم حثّ على فعلها، وأدائهـا فـي كثيـر من الآيات، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله، حيث قرنت الزكاة بالصلاة في اثنتين وثمانين آية، وفي ذلك دلالة على مكانتها عند الله سبحانه وتعالى .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾

البقرة: ٤٣

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾

البينة: ٥

وقد رغّب الله سبحانه وتعالى في أداء الزكاة ، ومن صور ترغيبه ما يأتي:

1- الزكاة تطهر صاحبها من الشّح

وتحرّره من عبوديّة المال

وهذان مرضان من أخطر الأمراض النّفسية التي ينحطّ معها الإنسان ويشقى .

قال الله تعالى:

﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الحشر: ٩

2- الزّكاة تزكية للنفس

قال الله تعالى:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾

التوبة: ١٠٣

3- كما أنّها تزكية للمال نفسه ونماءٌ له

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾

سبأ: ٣٩

4- الزكاة تقرّب الفوارق بين طبقات الناس

حيث إنّ الإسلام يقر التفاوت في الأرزاق؛ لأنّه نتيجة للتّفاوت في المواهب والطّاقات، ولكنه يرفض أن يصير الناس طبقتين، إحداهما: تعيش في النعيم، والأخرى: في الجحيم، ويحرص على أن يشارك الفقراء الأغنياء في النعيم، كما يحرص على أن يملّكهم ما يسدّ حاجاتهم، والزّكاة إحدى الوسائل التي يستعملها الإسلام لبلوغ هذه الغاية، لذلك جعلها لأصناف معينة من الناس

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة: ٦٠

5- الزكاة تنجي العبد من الاتصاف بخصال المنافقين

قال الله تعالى:

﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

التوبة: ٦٧

ت – الترغيب في الصيام

الصيام عبادة من أعظم العبادات ، وقربة من أشرف القربات، وطاعة مباركة، لها آثارها العظيمة والكثيرة العاجلة والآجلة، فالنصوص في فضل الصيام كثيرة، وكلها تحثّ عليه وترغّب فيه، وتبيّن ما للصائم من الثواب عند الله يوم القيامة، فمن ثمرات الصيام ما يأتي:

1- تحصيل التقوى

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

البقرة: ١٨٣

يخبر تعالى بما منّ به على عباده؛ حيث فرض عليهم الصيام، كما فرضه على الأمم السابقة؛ لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق، و فيه تنشيط لهذه الأمة، بأن تنافس غيرها في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى فعل الخيرات.

2- الصيام من أسباب استجابة الدعاء

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

البقرة: ١٨٦

3- المغفرة والأجر والعظيم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾

الأحزاب: ٣٥

ث – الترغيب في الحج

قد رغّب القرآن الكريم في هذه العبادة؛ لأنها تحقق أهدافًا وغايات عظيمة، ونذكر منها على سبيل المثال ما يأتي:

1- الحج تعويد للنفس على

الطاعة والامتثال لأمر الله

فرض الحج في العمر مرة على كل مسلم ومسلمة لمن استطاع ذلك، ومن ينكر فرضية الحج فقد كفر.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾

البقرة: ١٩٦

﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾

آل عمران: ٩٧

يعني: أنه حق واجب لله في رقاب الناس لا ينفكون عن أدائه، والخروج عن عهدته لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا .

2- الحج تزويد للقلوب بالإيمان والتقوى

من منافع الحج الروحية التزود بالتقوى

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

الحج: ٣٢

ولقد ورد في تفسير هذه الآيات أن من أهم مقاصد أداء مناسك الحج هو استشعار التقوى والتزود منها .

3- تحصيل المنافع الدنيوية والأخروية

قال الله تعالى:

﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾

الحج: ٢٧- ٢٨

أن للناس في الحج منافع في الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات .

ثالثًا: الترغيب في الأخلاق الحسنة

رغّب القرآن الكريم بالأخلاق الحسنة، والأخلاق الحسنة في القرآن الكريم كثيرة، وسوف نتعرف على بعض هذه الأخلاق كخلق الصبر والرحمة والصدق في القرآن الكريم، وبيان ذلك فيما يأتي:

أ – الترغيب في الصبر

ترجع عناية القرآن البالغة بالصبر لما له من قيمة كبيرة، وأثر في الحياتين الدنيا والأخرى، ولقـد رغّب القرآن الكريم في الصبر في العديد من الآيات القرآنية، وبيان ذلك فيما يلي:

1- الصبر سبب في تحصيل الفلاح

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ٢٠٠

حض المؤمنين على ما يوصلهم إلى الفلاح وهو: الفوز والسعادة والنجاح، وأن الطريـق الموصل إلى ذلك لزوم الصبر، الذي هو حبس النفس على ما تكرهه، من ترك المعاصي، ومن الصبر على المصائب، وعلى الأوامر الثقيلة على النفوس، فأمرهم بالصبر على جميع ذلك

2- ظفر الصابرين بمعية الله

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

البقرة: ١٥٣

فيها أعظم ترغيب لعباده سبحانه إلى لزوم الصبر على ما ينوب من الخطوب، فمن كان الله معه لم يخش من الأهوال؛ وإن كانت كالجبال .

3- الصبر سبب في تحقيق النصر

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾

الأنعام : 34

ولقد كذَّب الكفارُ رسلا من قبلك أرسلهم الله تعالى إلى أممهم وأوذوا في سبيله، فصبروا على ذلك ومضوا في دعوتهم وجهادهم حتى أتاهم نصر الله.

4- فوز الصابرين بمحبة الله

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾

آل عمران: ١٤٦

فالله يحب هؤلاء الصابرين؛ لأنهم استجابوا لأمره وطاعته .

5- فوز الصابرين بالمغفرة والأجر الكبير

قال الله تعالى:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾

هود: ١١

بيّن الله سبحانه و تعالى ثواب أولئك الصابرين وهو: الفوز بجنات النعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.

6- نجاة الصابرين من الخسران والهلاك

قال الله تعالى:

﴿ وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

العصر: ١-٣

إن كل إنسان لفي نوع من الخسران؛ لما يغلب عليه من الأهواء والشهوات، إلا الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات، وأقاموا على الطاعات، وأوصى بعضهم بعضًا بالتمسك بالحق اعتقادًا وقولًا وعملًا، وأوصى بعضهم بعضًا بالصبر على المشاق التي تعتـرض لهم، فهؤلاء ناجون من الخسران، مفلحون في الدنيا والآخرة .

ب – الترغيب في أسباب تحصيل الرحمة

الرحمة خلق من الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، وأمرنا بالاتصاف بها، وحث القرآن الكريم على تحصيل هذا الخلق؛ لما له من آثار طيبة تنعكس على حياة المسلم. ومن أسباب تحصيل الرحمة في القرآن الكريم:

1- الصبر على المصائب

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾

البقرة: ١٥٦-١٥٧

أخبر الله سبحانه و تعالى أن المؤمن إذا سلّم لأمر الله تعالى، وصبر على مصيبته، كتب الله تعالى له ثلاث خصال، الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى.

2- القتال في سبيل الله

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

آل عمران: ١٥٧

ذكر ترغيبًا وترهيبًا، فجعل الموت في سبيل الله والموت في غير سبيل الله، إذا أعقبتهما المغفرة خيرًا من الحياة وما يجمعون فيها

3- الاستماع والإنصات للقرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الأعراف: ٢٠٤

هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب اللّه يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصـات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه، وأما الاستماع له، فهـو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب اللّه؛ فإنه ينال خيرًا كثيرًا وعلمًا غزيرًا، وإيمانًا مستمرًّا متجددًا، وهدىً متزايدًا، وبصيرةً في دينه؛ ولهذا رتّب اللّه حصول الرحمة عليهما .

4- الإصلاح بين الناس

قال اللّه تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الحجرات: ١٠

ت – الترغيب في الصدق

الصدق خلق إسلامي عظيم يدل على إيمان صاحبه بالله، وعلى طهارة قلبه، وسمو أخلاقه، ولما كان الصدق من أشرف السمات الأخلاقية، وأكثرها فضيلة وتكاملًا للنفس الإنسانية؛ كان من البديهـي تركيز القرآن الكريم على هذا الخلق، ولقد أمرنا القرآن بالتزامه مرارًا وتكرارًا.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

التوبة: ١١٩

ومن ثمرات الصدق في القرآن ما يأتي:

1- تحقيق التقوى

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾

الزمر: ٣٣

هذا إخبار بفريق الفائزين من عباد الله وهم الصادقون في كل ما يخبرون به، والمصدّقون بما أوجب الله تعالى التصديق به .

2- المغفرة والأجر العظيم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾

الأحزاب: ٣٥

أي: مغفرة لذنوبهم التي أذنبوها، وأجرًا عظيمًا على طاعاتهم التي فعلوها، ووصف الأجر بالعظم للدلالة على أنه بالغ غاية المبالغ

3- الفوز بدخول الجنة

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

المائدة: ١١9

هذا الذي أعطاهم الله من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها مرضيًّا عنهم وراضين عن ربهم، وهو الظفر العظيم .

وهكذا نجد أن القرآن الكريم اهتم بالأخلاق الحسنة اهتمامًا بالغًا؛ لما لها من آثار إيجابية على سلوك المسلم في حياته، وبما يناله من الأجر العظيم يوم القيامة.

رابعًا: الترغيب في الثواب

الثواب هو ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله ، فيسمى الجزاء ثوابًا، وجعل الله تعالى الجزاء من جنس العمل .

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾

الزلزلة: ٧- 8

يطلق الثواب على المكافأة ، بمعنى ما يرجع إليهم من جزاء أعمالهم، ولفظ الثواب قد اختص في العرف بالجزاء الأخروي على الأعمال الصالحة من العقائد الحقة، والأعمال البدنية والمالية.

6- صور الترغيب

      في

القرآن الكريم

ذكر القرآن الكريم صور وطرقًا عديدة تحفّز المؤمن على حصول المنفعة والأجر العظيم في الدنيا، وترغّب المؤمن بصور النعيم الذي أعده الله له في الآخرة، فمن طريقة القرآن الكريم وأساليبه ترغيب المؤمن بملذات ومنافع دنيوية، وأيضًا بملذت أخروية، وكل ذلك حتى يكون المؤمن على طاعة مستمرة لربه، وبذلك يحصل الفوز في الدنيا والآخرة.

أولًا: الترغيب بملذات دنيوية

رغّب القرآن بملذات دنيوية كثيرة، ومن هذه الملذات ما يأتي:

1- الحياة الطيبة

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل: ٩٧

والحياة الطيبة تكون في الدنيا؛ بالراحة والرزق الطيب الحلال والقناعة والسعادة.

2- الأمن والهداية في الدنيا

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

الأنعام٨٢

الأمن من المخاوف والعذاب والشقاء، والهداية إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقًا .

3- حلول الخيرات والبركات

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

الأعراف٩٦

4- الإمداد بالأموال و البنين

قال الله تعالى:

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾

نوح:١٠-١٢

فمن أساليب القرآن في ترغيبه للمؤمنين ترغيبهم بالأعمال الصالحة في الدنيا كالاستغفار الذي هو سبب للمتاع والإمداد بالأموال والبنين في الدنيا، يخبر الله سبحانه وتعالى عن نوح في دعوته لقومه من ترغيبه إياهم بالتوبة والاستغفار.

ثانيًا: الترغيب بملذات الآخرة

أعد الله سبحانه و تعالى لعباده المؤمنين في الجنة ملذات وصورًا من النعيم؛ وذلك ليرغب المؤمن بالأجر والثواب الذي أعده الله له في الآخرة، ولقد جاءت الآيات القرآنية، لتصف لنا هذا النعيم، الذي أعده سبحانه وتعالى لمن أطاعه، وتظهر عظمة هذا النعيم في الآتى

قال الله تعالى:

﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

السجدة: ١٧

فمهمـا طال نعيـم الدنيـا فهـو زائـل لا محالة، أما نعيـم الآخرة فهو سرمدي دائم، لا يكتنـف صاحبه سـقم ولا ألـم ولا ملـل. وقد وصف الله تبارك وتعالى هذا النعيم .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ . فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ . كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ . يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ. لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾

الدخان: ٥١ – ٥٦

وسنتحدث عن بعض ملذات الآخرة وصور النعيم الذي أعده الله لعباده، كدرجات الجنة وغرفها، وطعام أهلها وشـرابهم، وكل ذلك شحذًا للهمم، وإيقاظًا للغافلين، المتمسكين بنعيم الدنيا الزائل، وبيان ذلك فيما يأتي:

1- الترغيب في درجات الجنة

لقد رغّب القرآن الكريم في الجنة ودرجاتها، وبيّن أن الناس في الجنة يتفاضلون، كما يتفاضلون في الدنيا، كل بحسب إيمانه وعمله، وابتعاده عن المعاصي.

قال الله تعالى:

﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾

الإسراء: ٢١

وبيّن الله سبحانه و تعالى أن الذي يفوز بالدرجات العلى في الجنة .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ ﴾

طه: ٧٥

2- الترغيب في ثمار الجنة وطعام أهلها

قال الله تعالى:

﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

البقرة: ٢٥

أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشّر المؤمنين المستقيمين بما رزقهم من جنات تجري من تحتها الأنهار، كما أخبر عنهم بأنهم إذا قدّم لهم أنواع الثمار المختلفة .

3- الترغيب في شراب الجنة

أكرم الله سبحانه وتعالى أهل الجنة إلى جانب الطعام الكثير، بأنواع من الشراب اللذيذ، من ماءٍ ولبنٍ وخمرٍ وعسل.

قال الله تعالى:

﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ﴾

محمد: ١٥

ومن خلال ما سبق تبين لنا أن الله سبحانه وتعالى استخدم أساليب كثيرة ترغّب المؤمن بالثواب العظيم والأجر الكبير الذي أعدّه الله لعباده، سواء في الدنيا أو الآخرة، وهذا يدل على كرم الله لعباده المؤمنين الموحدين.

7- أثر الترغيب في سلوك المرء

إنّ المتأمل في القرآن الكريم أمرًا أو نهيًا أو قصصًا عن الأمم الماضية، يجد أن من أهم مقاصده وغاياته العظمى ، الأتي

1- الارتقاء بالنفس والنهوض بها

المسلم إذا تدبر كتاب الله وما اشتملت آياته من الترغيب التي لا تكاد سورة تخلو منه، وعمل بما في هذه الآيات، فاجتنب طريق الضالين المفسدين والمنافقين، واتبع طريق أولياء الله المتقين، فإن نفسه تسمو، وهمته تعلو، وتتطلع إلى معالي الأمور ومكارم الأخلاق، وتعزف عن سفساف الأمور ورذائل الأخلاق، وينعكس ذلك على سلوكه وأخلاقه، ويكون ذلك سببًا لتزكية نفسه والرقي بها إلى مكارم الأخلاق؛ حتى يصير من أفضل الناس سلوكًا .

وقد أقسم الخالقُ سبحانه أقسامًا سبعة في مطلع سورة الشمس على أن المفلحَ مَن زكَّى نفسه والخاسرَ من دسَّاها

قال الله تعالى:

﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا . وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا . وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا .وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا . وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا . وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا . وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾

الشمس: 1-10

وتزكية النفس  تتم للذين اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى، واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم، علمًا وعملًا فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾

فصلت: ٣٠

 

Share This