مفهوم التبيين في القرآن الكريم

1- مفهوم التبيين

– مُبِينٌ

أي وَاضِحٌ وظاهر؛ لاَ لبس ولا خفاء فيه .

قال اللهُ تعالى :

﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾

يوسف: 1

– التبيين

تعني الكشف عن شيء وإعلامه أي إظهاره ، و هو ضد الكتمان .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾

آل عمران: 187

واذكر – أيها الرسول- إذ أخذ الله العهد الموثق على الذين آتاهم الله الكتاب من اليهود والنصارى، فلليهود التوراة وللنصارى الإنجيل؛ ليعملوا بهما، ويبينوا للناس ما فيهما، ولا يكتموا ذلك ولا يخفوه .

– البينات

هي الدلالات الواضحة ‏ والمعجزات الباهرة .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَىٰ ﴾

غافر :50

2- كلمة التبيين

        في

  القرآن الكريم

وردت كلمة (مبين) في القرآن الكريم 204 مرة . والصيغ التي وردت كالآتي:

– مبين

وردت125  مرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

البقرة : 208

– المبين

وردت 22 مرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

التغابن : 12

– البينات

وردت 34 مرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾

البقرة : 87

– تبين

وردت 23 مرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾

آل عمران: 187

جاءت كلمة (مبين) في القرآن الكريم وصفا لأمور منها ما يلي:

1- الشيطان (عدو﴾

قال اللهُ تعالى :

( وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ  ﴾
البقرة : 168

2- الضلال

قال اللهُ تعالى :

( وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

آل عمران : 164

3- الإثم

قال اللهُ تعالى :

( فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾

النساء :20

4- السلطان

قال اللهُ تعالى :

( وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾

النساء :91

5- الكفار (عدو)

قال اللهُ تعالى :

 ( إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾

النساء :101

6- الخسران

قال اللهُ تعالى :

( وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾

النساء :119

7- النور

قال اللهُ تعالى :

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾

النساء :174

8- الكتاب (القرآن ﴾

قال اللهُ تعالى :

( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾

المائدة : 15

9-  البلاغ

قال اللهُ تعالى :

(  فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

المائدة :92

10- السحر

قال اللهُ تعالى :

(  فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ  ﴾

المائدة :110

11- الفوز

قال اللهُ تعالى :

( مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ  ﴾

الانعام : 16

12- الكتاب (العلم ﴾

قال اللهُ تعالى :

( وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾

الانعام :59

13- الثعبان

قال اللهُ تعالى :

( فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾

الاعراف: 107

14- النذير

قال اللهُ تعالى :

( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾

الاعراف :184

15- الساحر

قال اللهُ تعالى :

( قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾

يونس: 2

16- الشهاب

قال اللهُ تعالى :

( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ  ﴾

الحجر: 18

17-  الإمام

قال اللهُ تعالى :

( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾

يس: 12

18- الخصيم

قال اللهُ تعالى :

( خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ  ﴾

النحل: 4

19- اللسان العربي

قال اللهُ تعالى :

(  لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ  ﴾

النحل: 103

20- الإفك

قال اللهُ تعالى :

( وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾

النور: 12

21- الحق

قال اللهُ تعالى :

( وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾

النور: 25

22- الفضل

قال اللهُ تعالى :

( وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴾

النمل: 16

23- الغوي

قال اللهُ تعالى :

( قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ﴾

القصص: 18

24- البلاء

قال اللهُ تعالى :

( إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾

الصافات: 106

25- المحسن والظالم

قال اللهُ تعالى :

( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾

الصافات : 113

26- الإنسان الكفور

قال اللهُ تعالى :

( وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ﴾

الزخرف: 15

27- الرسول

قال اللهُ تعالى :

( بَلْ مَتَّعْتُ هَٰؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ ﴾

الزخرف : 29

28- الدخان

قال اللهُ تعالى :

( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ﴾

الدخان : 10

29 – الفتح

قال اللهُ تعالى :

( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾
الفتح : 1

30- الأفق

قال اللهُ تعالى :

( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ  ﴾

التكوير: 23

3- الكلمات ذات صلة

    بكلمة مبين

– الحُكْم

هو القولُ بالحِلِّ والحُرمة ونحوِهما

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾

آل عمران :  55

فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر الدين .

– الإخبار

الإخبارهي الأعلام بما يحتمل الصدق والكذب .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴾

الكهف : 68

وكيف لك الصبر على ما سأفعله من أمور لم تحط أي لم تخبر حقيقته ؟

– القضاء

هو احكام الشي واتمامة والفراغ منه .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾

يوسف : 41

وضح الأمر الذي فيه تستفتيان وفُرغ منه .

– التفصيل

التفصيل هو الشرح والتوضيح والتفسير‏.

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾

الأنعام : 97

قد بينا الحجج وميزنا الأدلة، وأحكمناها لقوم يفهمون مواقع الحجج ومواضع العبر.

4- القرآن الكريم

الْكتاب الْمُبِينِ

القرآن الكريم نزل تبيانا لكل شيء يحتاج إليه الإنسان  ، وكتاب مُبِينِ آي واضح يظهر الحق من الباطل وضوح يناسب عقل كل إنسان وذكائه وعلمه وعصره.

1- كتاب مُبِينِ

الْكتاب الْمُبِينِ  هوَ القرآن  ، وَ هوَ بِينِ فِي نَفْسِهِ، مُبَيِّنٌ لِمَا يحتاج  إِلَيْهِ النَّاسُ لِهِدَايَتِهِمْ . وَلِشِدَّةِ بَيَانِهِ وَتَبْيِينِهِ وُصِفَ بِأَنَّهُ نُورٌ؛ لِأَنَّ النورَ يُرَى فِي الظُّلُمَاتِ، وَيُرِي السَّائِرَ فِيهَا طَرِيقَهُ .

قال اللهُ تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾

النساء : 174

﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾

النحل: 89

﴿ طسم . تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾

القصص: 1-2

﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾

يوسف: 1

﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ﴾

الحجر: 1

﴿ طسم . تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾

الشعراء: 1- 2

﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ﴾

النمل: 1

﴿ حم. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾

الزُّخْرُفِ : 1-2

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾

يس: 69

وقد نَزَّلْنا عليك القرآن توضيحًا لكل أمر يحتاج إلى بيان، كأحكام الحلال والحرام، والثواب والعقاب، وغير ذلك، وليكون هداية من الضلال، ورحمة لمن صدَّق وعمل به، وبشارة طيبة للمؤمنين بحسن مصيرهم.

2- الْكتاب المفصل

القرآن الكريم مفصل من الحكيم الخبير

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ﴾

الأنعام : 114

﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾

هود: 1

﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

الأعراف: 52

﴿ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

يونس : 24

﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾

فصلت: 3

فهل الكتاب المفصل من لدن الحكيم الخبير المتعالي يحتاج إلى تفصيل بشري ؟؟ فالجواب متروك لمن كان في هذه الدنيا أبصر.

3- الآيَاتٍ البَيِّنَاتٍ

آيات القرآن بينات واضحات قاطعات يريح المؤمن في كثير من المسائل التي يقع فيها الجدل بين الناس، فيحسم المؤمن رأيه فيها بآيات القرآن، واعتماد ما فيه ؛ لأنه حق لا باطل فيه، وبيّن لا غموض فيه، ويقين لا شك فيه، فوجب الرجوع للقرآن في كل شيء، والصدور عن آياته البينات .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾

النور: 34

﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

النور: 46

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ ﴾

الحج : 16

﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

الحديد : 9

﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾

الأحقاف : 7

﴿ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

الطَّلَاقِ : 11

فهل الآيات البينات من الله تعالى تحتاج إلى تبيين بشري حتى يفهم المراد ؟؟

4- تكفل الله تعالى ببيان آياته

وقد تكفل الله تعالى ببيان آياته، وجعل منها محكمة ومفصلة لكي لا يعبد النّاس غيره . فآيات الله لا تحتاج إلى التبيين، لأنها مبيّنة من الله تعالى.

قال اللهُ تعالى :

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾

البقرة : 187

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾

البقرة : 219

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

النور : 59

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

المائدة : 89

﴿ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾

البقرة : 221

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة : 242

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾

آل عمران : 103

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾

البقرة : 159

( لَا تُحَرِّكْ بِه۪ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه. اِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْاٰنَهُ. فَاِذَا قَرَاْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْاٰنَهُ. ثُمَّ اِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ )

القيامة : 16-19

( الَر . كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ )

هود: 1-2

5- نسبة التبيين إلى

الأنبياء والرسل

يقتصر دور الرسول (ص) في تبليغ الرسالة (القرآن) لِلنَّاسِ .

قال الله تعالى :

﴿ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

النور: 54

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾

المائدة: 67

أي يا محمد أنزلنا إليك الذكر أي القرآن لتظهره للناس كافة ولا تكتمه, فذلك هو جوهر التبليغ المبين فإن لم تفعل فما بلغت رسالته .

ونسبة التبيين إلى الأنبياء والرسل المقصود منها بيانهم ما في كتاب الله، أي إظهارهم لما في الكتاب.

قال الله تعالى :

( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )

النحل: 44

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم ما كتم أهل الكتاب وما اختلفوا فيه.

قال الله تعالى:

 ( يَاۤ اَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاۤءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثيرٍ قَدْ جَاۤءَكُمْ مِنَ اللّٰهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبينٌ  )

المائدة : 15

من الآية الكريمة يتضح أن التبيين هو ضد الكتمان

قال الله تعالى:

( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )

النحل : 64

فالقرآن مبين و التبليغ مبين كذلك, الشيء الذي يدل على أن الرسول ص يبلغ هذه الرسالة للناس كماهي لأنه لا يوجد تبيين فوق تبيين الله جل وعلاه.

فنبي الله محمد بصفته بشر و الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لا شك أنه كان نصوح الناس وواعظهم وكان أيضا متدبر ومجتهد, لكن كل ذلك لا يعتبر وحيا بقدر ما يعتبر سيرة ذاتية أو تاريخ فهو فهم بشري ليس ملزما لأحد, فلو أراد الرسول ص تفسير القرآن الكريم على طريقته لأمر الناس أن يكتبوا فهمه للقرآن الكريم ويدونوه كما دونوا القرآن ويصلنا كما وصلنا القرآن الكريم, إلا أنه لنجابته صلى الله عليه وسلم وفطنته الكبيرة ترك ذلك الأمر مرهونا للناس كل على حسب عصره, فالفرق بين النص المقدس وغيره من النصوص هو أن المقدس صالح وشامل لكل زمان ومكان, فكل إنسان حسب عصره مطالب بفهم آيات الذكر الحكيم وذلك حسب درجة نضجه الفكري والحضاري و حمولته المعرفية والعلمية.

5-  المطلوب من النّاس

    لفهم القرآن الكريم

المطلوب من النّاس كما أخبر به القرآن الكريم هو تدبر آياته فقط

قال الله تعالى:

( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )

ص: 29

فالتدبر هو اعمال العقل والتفكير بعمق في الآيات سواء الآيات القرآنية أو آيات الله في الأفاق وهذه ميزة خص الله تعالى بها أولي الألباب وأصحاب البصائر النيرة .

والسؤال المطروح هو كيف نتدبر القرآن الكريم, وماهي معايير هذا التدبر ؟

وسوف نستعرض هنا بعض الأساسيات التي يقوم عليها الفهم السليم للقرآن الكريم، ومنها:

أولا – الدخول إلى القرآن

بدون تعصب

يجب الدخول إلى القرآن الكريم بعيون الباحث المتجرد, وأن تكون على استعداد كامل لتقبل النتائج مهما كانت مخالفة للسائد أو الأكثرية أو الإبائية و قول فلان و الإجماع هنا ليس هو الفصل.. فالتاريخ أثبت أكثر من مرة أن الناس سبق وأن أجمعوا على الباطل.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾

يونس: 36

﴿ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

المائدة: 103

﴿ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾

البقرة: 170

ثانيا – فهم القرآن بالقرآن

فلن تفهم كلام الله إلا بكلام الله فمن أصدق من الله حديثا ؟ فالقرآن الكريم مُبِينٍ بذاته ، وقد أنزله الله كاشفًا وتِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ، وما دام القرآن الكريم ينطق بعضه ببعض، ويشهّد بعضه لبعض، ويفسِّر بعضه بعضًا، فيمكن الرجوع له ليفسّر نفسه، والرجوع إلى آيات أخرى فيه تسهّل علينا عملية التدبّر، وربط آياته ببعضها، واستخراج معاني بعضها من الآخر، وإضاءة جوانب فيها.

والعلاقة بين الاطلاع على الآيات الأخرى وعمق التدبّر وسعته علاقة طردية، فكلما زاد اطلاعنا على القرآن الكريم كان تدبّرنا أعمق وأوسع وأدقّ. فمثلا

قال الله تعالى:

 ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )

الفاتحة : 6

قد يجول ببالنا أن نعرف: ما هو (الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)؟ ؛ فنجد آية أخرى تجيب على ذلك .

قال الله تعالى:

 ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

الأنعام : 153

أي أنّ الصراط المستقيم هو صراط الله . وكذلك نقرأ

قال الله تعالى:

( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ )

الفاتحة : 7

ونسأل القرآن الكريم: هل لك أن تبيّن لنا مقصودك من (الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ)؟، من هم الذين أنعم الله عليهم؟ فيجيبنا القرآن

قال الله تعالى:

( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا )

النساء: 69

فمن خلال الجمع بين هذه الآيات أصبح المعنى جليًا وواضحًا، فالذين أنعم الله عليهم هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون ومَن تبعهم، وطريقهم طريق ثالث يباين طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين.

وبهذه الطريقة يمكن أن نسأل أيضًا:

– من المقصود بـ (المغضوب عليهم)؟

– من المقصود بـ (الضالين)؟

ثالثا – عدم جعل القرآن عضيين ( مقسم)

أي تنتقي منه ما يدعم طرحك وتترك ما يخالف هواك وتكون من المقسمين الذين قال القرآن فيهم ما يلي .

قال الله تعالى:

 ( كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ . الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ . فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

الحجر 90 -93

كما أنزله الله على الذين قسَّموا القرآن، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه .

رابعا – معاجم اللغة العربية

الألفاظ في أي اللغة تتطورمع الوقت ، كما أن الاحتكاك والتداخل مع اللغات الأخرى تحت أي ظرف يولد مفردات جديدة لم تكن في أصل اللغة، ويكاد أن يكون هناك جزم بأنه لا توجد لغة حية الآن إلا وقد استعارت مفردات من لغات أخرى.

ترجع أهمية المعاجم إلى أنها تحمل العديد من ألفاظ اللغة ومعانيها، ولذلك عندما  يصعب علينا معرفة لفظ قرآني نستطيع الرجوع إلى تلك المعاجم لمعرفته. فمثلا

قال الله تعالى:

( مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ )

الحشر: 5

هل ترانا نستطيع التدبّر في هذه الآية الشريفة إذا لم نعرف معنى كلمة (لينة)؟!

بالطبع: كلا..

فماذا تعني هذه الكلمة؟!

حينما نعود إلى كتب المعاجم نجد أنّ اللينة هي: النخل .

خامسا- عدم الترادف

ليس في ألفاظ القران الكريم ترادف. فكلمة ( خلق ) مثلا تختلف عن كلمة ( جعْل )  ولا بد أن نعرف الفرق.

أن الخلق يراد به الإنشاء والإيجاد

قال الله تعالى:

 ( خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ )

الأنعام : 2

أما الجعل هو خلقٌ لوظيفة الأشياء

قال الله تعالى:

 ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا )

نوح: 19

الله خلق الأرض ووظيفتها أنه جعلها بساطاً

و كلمة ( الغمام ) مثلا تختلف عن كلمة (  سحاب ) ولا بد أن نعرف الفرق.

الغمام يراد به ما يحجب الشمس أو ما يشبه الظل دون الإشعار بنزول الماء .

قال الله تعالى:

 ( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ )

البقرة : 57

أما السحاب فهو بخار الماء المتكاثف في طبقات الجو العليا .

قال الله تعالى:

( حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ )

الأعراف : 57

سادسا – معرفة  السياق في القران الكريم

أن السياق في القران الكريم هو الذي يحدد المعنى حتى لو كانت الكلمة هي نفس الكلمة وتنتمى إلى نفس الجذر , فمثلا

من تتبع كلمة (الدِّين) في القرآن الكريم يجد لها معاني كثيرة يحددها السياق. فأحيانا يُراد بها

1- الطاعة

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ﴾

النحل:  52

وله وحده العبادة والطاعة والإخلاص دائمًا

2- الطريقة والمِلَّة

قَال الله تعالى:

( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )

الكافرون :6

العقيدة التي يدين بها قوم من الأقوام، وإن كانت باطلة

3- الحكم

قَال الله تعالى:

( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )

الأنفال : 39

4- القانون

قَال الله تعالى:

( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ )

يوسف : 76

وما كان له أن يأخذ أخاه في حكم ملك مصر لأن جزاءه عنده الاسترقاق .

5- العقيدة

قَال الله تعالى:

( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ )

الشورى :13

6- الجزاء

قَال الله تعالى:

( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )

الفاتحة : 4

أي: مالك يوم الجزاء والحساب.

قَال الله تعالى:

( وإن الدين لواقع )

الذاريات : 6

الجزاء بعد الحساب

7- الإسلام خاصة

قَال الله تعالى:

( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ )

آل عمران:83

( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ )

التوبة :33

8- الطريق

قَال الله تعالى:

( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )

التوبة : 122

فالآية تعلم المؤمنون أن يرسلوا فرق استطلاعية لتتفقد الطريق قبل أن تتحرك الفرق العسكرية.

9- العقيدة

قَال الله تعالى:

( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )

البقرة : 256

فكلمة الدين هنا تعني العقيدة أو المعتقد

سابعا – أهمية أدوات التعريف فى القرآن

يستخدم القرآن الكريم كثيرا من أدوات التعريف مثل ” ال” أو الأسماء الموصولة مثل ” الذين” وضمير الغائب مثل “هم”  فى آخر الكلمات، وكل هذه الأدوات تخصص المعنى في مجموعة بعينها من الناس. فعلى سبيل المثال، حين يستخدم القرآن تعبير “الكافرين” أو”المشركين” فهو يتحدث عن مجموعة بعينها وهم كفار مكة ومشركوها الذين بدأوا العدوان على المسلمين الأوائل، وليس عن كل من كفر أو من أشرك.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾

الفرقان : 32

﴿ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾

يونس : 2

﴿ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ﴾

الشورى : 13

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾

الأنعام :148

ثامنا –  العبرة من القصص القرآني

حين نقرأ قصص القرآن علينا أن نقرأ ما وراء الكلمات لنفهم العبرة من القصة. فالقصة فى القرآن ليست بهدف سرد أحداث تاريخية، ولكن لأخذ العبرة منها .

قال الله تعالى:

( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ )

يوسف: 111

فعلى سبيل المثال، حين نقرأ قصة فرعون نتعلم منها أن أبشع جريمة تغضب الله عز وجل هي استضعاف الأقليات الدينية والعرقية، فكما رأينا في القصة كان السبب الرئيسى لغضب الله على فرعون أنه استضعف بنى إسرائيل كما ذكر القرآن

قال الله تعالى:

 ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ  )

القصص: 4

تاسعا- إستيعاب المجاز اللغوي

يستخدم القرآن الكريم كثيرا من التعبيرات المجازية مثل

قال الله تعالى:

 ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ  )

الفتح: 10

( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُوالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )

الرحمن: 27

( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ )

الحاقة: 17

( وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ )

الزمر: 67

( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ )

البقرة : 255

وعلينا فهم هذه الآيات بصورة مجازية وليس بصورة حرفية، ذلك لأن الله مُنَزه أن يكون له يد أو عين أو وجه مثلنا، أو أن يجلس على عرش مثل البشر. وعن تنزيه الله سبحانه عن مشابهة الخلق:

قال الله تعالى:

( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )

الشورى :11

عاشرا – إدراك المدلول اللغوى للكلمات

التأمل في مدلول الكلمات المستخدمه فى القرآن هو أمر فى غاية الأهمية. فعلى سبيل المثال، حين نقرأ كلمة مسلم أوإسلام أومسلمين يأتي على أذهاننا فوراً فقط الشخص الذي ينفذ الأركان الخمسة للديانة الإسلامية.

والتأمل أكثر في عمق الكلمات ومدلولاتها اللغوية يوضح أيضاً، كما جاء في المعجم العربي ﴿ القاموس المحيط ﴾ ، أن المشتقات اللغوية من كلمة ﴿ سلم ﴾تشمل الكلمات التالية: ﴿ مسالم وسلام وإسلام ﴾. وتبعاً لهذا المدلول اللغوي، فإن المسلم الحقيقي هو من يصنع السلام فى الأرض ، فلا يفسد ولايريق الدماء ظلما وعدوانًا فيها .

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾

البقرة: 30

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾

البقرة: 84

الحادي عشر – أهمِّيّة أسباب النّزول في فهم القرآن

ومن العناصر المعتمدة في تفسير القرآن وبيان معانيه ومقاصده ودلالاته، هو أسباب نزول الآية.. فإنّ بعض الآيات نزلت لأسباب وحوادث وأسئلة من المجتمع المعاصر للنّبيّ (ص)، فكانت بياناً للحكم أو الموقف الذي نزلت بسببه.. ونزلت معظم آيات القرآن ابتداءً وبياناً للدِّين ومناهجه ورسالته في الحياة من غير أن يكون لها سبب نزول.. وأنّ معرفة سبب النّزول تدلّنا على معرفة المقصود القرآني.

فبعض الآيات نزلت تتحدّث عن مواقف بعض المشركين أو المنافقين، أو المؤمنين والمجاهدين، أو تتحدّث عن أزواج النبي وأهل بيته (ع)، ولم تُسمِّ أشخاص الحادثة، غير أنّها سمّت النبي (ص) ولم تُسمِّ نساءه أو أهل بيته، ونزلت فيها آيات تتحدّث عن تلك الحادثة وتُبيِّن الحكم فيها.. مثل:

قال الله تعالى:

( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ . إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ )

التحريم : 3-4

الثاني عشر – العمل فى ضوء المبادئ العامة فى القرآن

للقرآن مبادئ عامة واضحة وجلية، وهناك بعض المواقف الخاصة، لكن علينا فهم القرآن من خلال مبادئه العامة لأن المواقف الخاصة لها ظروفها التاريخية التي تحكمها. ومن مبادئ القرآن العامة التي علينا فهم آيات الله من خلالها ما يلي:

– التعارف مع الشعوب والحضارات الآخرى

قال الله تعالى:

 ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  )

الحجرات: 13

– العيش فى سلام مع الآخرين

قال الله تعالى:

( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً )

البقرة :208

– عدم السخرية من غيرنا من الشعوب أو الأفراد

قال الله تعالى:

( لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ )

الحجرات: 11

– الالتزام بقيم العدل والإحسان في معاملة الناس

قال الله تعالى:

( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ )

النحل: 90

– الإنفاق ومساعدة المحتاج

قال الله تعالى:

( فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ )

الروم: 38

– عدم إكراه أحد على أداء شعائر الدين

قال الله تعالى:

( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )

البقرة: 256

– حرية العقيدة

قال الله تعالى:

( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)

الكهف: 29

– إطعام المسكين والمحتاجين

قال الله تعالى:

 ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا )

الإنسان: 8

– أن يختار الإنسان أجمل التعبيرات حين يخاطب الآخرين

قال الله تعالى:

( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )

البقرة: 83

– الصفح عن الناس

قال الله تعالى:

( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ )

الحجر: 85

الثالث عشر – الله وحده هو صاحب الحق في حساب البشر

حين يذكر الله عز وجل أنه مالك يوم الدين وأنه هو وحده صاحب الحق فى حساب البشر .

قال الله تعالى:

( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم )

الغاشية :25-26

وحينما يقول لنبيه الكريم

قال الله تعالى:

( وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ )

المؤمنون : 117

فعلينا أن نتعلم من ذلك أن حق حساب البشر هو حق مطلق لله وحده لا ينازعه فيه أحد وأن أي محاولات من البعض لإصدار الأحكام على البشر ونعتهم بصفات مثل الكفر والشرك والفجور والزندقة وغيرها من التعبيرات هو منازعة لله فى حقه فى حساب خلقه.

الرابع عشر – القرآن هو المقياس للسنّة النبويّة

فكما نعلم أنّ السنة النبوية عُرِّضت للدّسِّ ووضع الأحاديث المكذوبة ونسبتها إلى رسول الله (ص)، وبعبارة أخرى، فقد كذّب كثير من الرواة على رسول الله (ص)، بل كذّبوا عليه (ص) في حياته الشريفة، فحذّر من ذلك بقوله:

( أيّها الناس! قد كثرت عليَّ الكذّابة، فَمَنْ كذب عليَّ مُتعمِّداً، فليتبوّأ مقعده من النار)

ضرورة عرض الحديث المنسوب إلى الرسول (ص) على القرآن.. فإن عارضَ القرآن، فهو حديث باطل ومردود، وإن وافقهُ فهو صحيح يجب تصديقه والعمل به. وهكذا يتّضح أنّ القرآن هو مقياس لصحّة الحديث، وأحد حماة الشّريعة من التحريف.

هذا ما يجب أن يكون عليه الأمر, إلا أنه لإختلاف ألوان الناس ومايحركهم عادة من عصبيات وأفهام وكثرة إنتشار أصحاب عقليات السائد في المجتمع فلن يكون الناس كلهم سواء في الفهم والتدبر, وهذا بحد ذاته ليس مشكلا عندما نختلف, فحتى العلوم التجريبية والنظريات العلمية الحديثة فيها إختلافات كبيرة بين المناصرين والمعارضين وهذا قانون الله في الكون

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾

هود: 118

ومادام المسلم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ويمارس شعائر عباداته  وأن لا يفرق بين أحد من رسله فلا يحق لأي كان ان يخرجه من دائرة الايمان أو الإسلام أو أن يصادر حريته في التفكير والتدبر مهما كان مختلفا معه, فالله أعلم بسرائر النّاس  وما تخفي الصدور والله من وراء القصد.

قال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾

الحج : 69

﴿ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ 

النحل: 92

6- التبين

هو التأني والتريّث والبحث عن صحة الخبر، وعدم العجلة في نقله أو بناء الحكم عليه قبل تيقن صحته.

قال اللَّه تعالى:

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ﴾

الحجرات: 6

فلقد أمر اللَّه سبحانه وتعالى بالتثبت والتبين حتى في مقام جهاد الأعداء وردّ كيدهم، إذ لا يجوز في ديننا أن يعتدى على نفس بشرية بريئة، حتى ولو كانت لغير مسلم، فما بالك إذا كان صاحبها مسلما

قال اللَّه تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾

النساء: 94

 

 

 

Share This