1- مفهوم البهتان

البهتان هوأن تفتري على إنسان بأمر ما هو لم يصنعه ولم يفعله، وربما لم يخطر في باله، ممّا يجعل المفترى عليه مبهوتاً متحيّراً لدى سماعة ما نُسب إليه كذباً . والبهتان هو الشائعات الآن .

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾

الاحزاب: 58

والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بقول أو فعل من غير ذنب عملوه، فقد ارتكبوا أفحش الكذب والزور، وأتوا ذنبًا ظاهر القبح يستحقون به العذاب في الآخرة.

2- كلمة البهتان

        في

  القرآن الكريم

وردت كلمة البهتان وصيغها في القرآن الكريم (6) مرات. والصيغ التي وردت هي:

– الإسم

ورد 6 مرات

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾

الأحزاب: 58

ومن معاني البهتان التي وردت في القرآن الكريم ما يلي ..

– الإيذاء بلا ذنب

ينسب الإنسانُ ما ارتكب من خطيئة أو إثم إلى شخصٍ آخر

قال اللَّهِ تعالى:

  ﴿ ومَن يَكسِبْ خَطيئةً أو إثماً ثُمّ يَرْمِ بهِ بَريئاً فَقَد احتَملَ بُهتاناً وإثماً مُبيناً )

النساء: 112

– التشهير

القول على شخص ما لم يفعله

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ والذينَ يُؤذونَ المؤمنين والمؤمناتِ بغيرِ ما اكتَسَبوا فقدِ احتَمَلوا بُهتاناً وإثماً مُبيناً )

الأحزاب: 58

– الخوض في الأعراض

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ . وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾

النور: 15-16

– الحرام

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾

النساء: 20

– الزّنا

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ )

الممتحنة: 12

3- الكلمات ذات الصلة

     بكلمة البهتان

– الاغتياب

الاغتياب هو ذكر غائب بسوء، بما يَغمُّه لو سمعه، حتى وإن كان الشَّيء موجوداً فيه

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا )

الحجرات:12

– الافتراء

الافتراء هو الكذب في حقِّ الغير بما لا يرتضيه

قال اللَّهِ تعالى:

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا )

الفرقان: 4

– الإفك

الإفك هو الإخْبارِعن الغير بما ليس به

قال اللَّهِ تعالى:

( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )

المائدة : 75

4- ذم البهتان

  والنهي عنه

ورد في القرآن الكريم النهي و ذم البهتان ، ومن ذلك

– عن من يفتري على المؤمنين والمؤمنات

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾

الأحزاب : 58

والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بقول أو فعل من غير ذنب عملوه، فقد ارتكبوا أفحش الكذب والزور، وأتوا ذنبًا ظاهر القبح يستحقون به العذاب في الآخرة.

– عن من يفتري على الأنبياء

قال الله تعالى :

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴾

الفرقان: 4

وقال الكافرون بالله: ما هذا القرآن إلا كذب وبهتان اختلقه محمد، وأعانه على ذلك أناس آخرون، فقد ارتكبوا ظلمًا فظيعًا، وأتوا زورًا شنيعًا؛ فالقرآن ليس مما يمكن لبشر أن يختلقه.

5- أنواع البهتان

يأتي البهتان في القرآن الكريم بأنواع مختلفه ، منها

1- البهتان على الله

ان اشد البهتان هو البهتان على الله تعالى

قال الله تعالى :

( ومَنْ أظلَمُ مِمَنْ إفْتَرى على اللهِ الكَذِبَ )

الصف: 1

مثل من ينكر عدالة ألله او حكمته أو الذين يتخذون لله شريكا .

وقد جاء تهديد شديد ووعيد بالنار لأولئك، بل ان البهتان على الله من لوازم الكفر.

قال الله تعالى :

 ( إنما يَفتَري الكَذِبَ الذينَ لا يؤمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وأُولئِكَ هُم الكاذِبُون )

النحل: 2

2- البهتان على الرسل

وفي حكم البهتان على الله البهتان على الرسل كمن يتهمهم بالسحر والجنون والشعر والكذب .

قال الله تعالى :

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ . إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾

غافر: 23-24

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴾

الصافات: 35-36

3- البهتان على الناس

اتهام الناس على قسمين

أ- القول بدون علم

بأن ينسب عيباً لشخص دون ان يثبت ذلك العيب، ولا يقين له به ، بل ينسبه اليه لمجرد سوء الظن.

قال الله تعالى :

﴿  وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾

الأحزاب 58

أي: ينسبون إليهم ما هم براءٌ منه لم يعملوه ولم يفعلوه

ب – القول بدون علم

واحيانا يكون إفتراءاً بأن يعلم ان ذلك العيب غير موجود في الشخص المتهم، والعمل الذي يتهمه به لم يصدر منه، ولكن ينسبه اليه عنادا .

قال الله تعالى :

﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ﴾

النساء: 156

يعني أنهم رموها بالزنى، ورموها وابنَها بالعظائم.

والأقبح من ذلك ان يكون ذلك العيب موجودا في المتهِم ـ بالكسر ـ ولكنه دفعا للشبهة عن نفسه ـ يتهم غيره به ويرمي بعيوبه على شخص طاهر منها. وهذا القسم من أسوأ أنواع البهتان على عباد الله .

قال الله تعالى :

 ( ومَن يَكْسِبْ خَطيئَةً أوإثماً ثُمَّ يَرْم بِهِ بَريئاً فَقَدْ إحتَمَلَ بُهْتاناً وإثْماً مُبيناً )

النساء: 112

6- جزاء البهتان

إن إيذاء المؤمنين والمؤمنات، من الأبرياء والبريئات، عاقبته خطيرة في الدنيا والآخرة .

1- العذاب في الآخرة

قال الله تعالى:

( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا )

الأحزاب:  58

والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بقول أو فعل من غير ذنب عملوه، فقد ارتكبوا أفحش الكذب والزور، وأتوا ذنبًا ظاهر القبح يستحقون به العذاب في الآخرة.

2- الطرد من رحمة الله

قال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

النور: 23

إن الذين يقذفون بالزنى العفيفات الغافلات المؤمنات اللاتي لم يخطر ذلك بقلوبهن، مطرودون من رحمة الله في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم في نار جهنم.

3- عظم ذنبه عند الله تعالى

قال الله تعالى:

( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ )

النــور: 15

حين تتلقفون الإفك وتتناقلونه بأفواهكم، وهو قول باطل، وليس عندكم به علم، وهما محظوران: التكلم بالباطل، والقول بلا علم، وتظنون ذلك شيئًا هيِّنًا، وهو عند الله عظيم.

4- حملَ وزرذلك يوم القيامة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾

العنكبوت : 13

وليحملَنَّ هؤلاء المشركون أوزار أنفسهم وآثامها، وأوزار مَن أضلوا وصدُّوا عن سبيل الله مع أوزارهم، دون أن ينقص من أوزار تابعيهم شيء، وليُسألُنَّ يوم القيامة عما كانوا يختلقونه من الأكاذيب.

7-  أسباب البهتان

للبهتان أسباب متعددة  ، منها

1- الخلاف في الرأي

اختلاف الأمم الماضين قبلنا، وأنهم تفرقوا واختلفوا، فتفرقت بهم الطرق، حتى صار بهم الاختلاف إلى الافتراء على الله عزَّ وجلَّ، والكذب عليه والتحريف لكتابه، والتعطيل لأحكامه، والتعدي لحدوده.

قال الله تعالى:

( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

البقرة : 213

2-  التعصب

إن الناظر في القرآن ليرى أنَّ معارضات الكفار لجميع الأنبياء والرسل إنما هي بدافع التعصب لدين الآباء والعادات والتقاليد

قال الله تعالى:

( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ )

الزخرف: 23- 24

3- النفس خبيثة

أعلمنا تعالى أنَّ السبب الذي أخرجهم إلى الفرقة بعد الألفة، والاختلاف بعد الائتلاف، هو شدة الحسد من بعضهم لبعض، وبغي بعضهم على بعض، فأخرجهم ذلك إلى الجحود بالحق بعد معرفته، وردهم البيان الواضح بعد صحته.

قال الله تعالى:

( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ )

الشورى: 14

4- استمراء الكذب والغيبة والنَّمِيمَة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾

النور: 19

إن الذين يحبون شيوع الفاحشة في المسلمين من قَذْف بالزنى أو أي قول سيِّئ لهم عذاب أليم في الدنيا ، من البلايا الدنيوية، ولهم في الآخرة عذاب النار إن لم يتوبوا .

– كثرة الكلام بلا فائدة

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾

لقمان: 6

ومن الناس مَن يشتري لَهْو الحديث – وهو كل ما يُلهي عن طاعة الله ويصد عن مرضاته- ليضلَّ الناس عن طريق الهدى إلى طريق الهوى، ويتخذ آيات الله سخرية، أولئك لهم عذاب يهينهم ويخزيهم.

 

Share This