مفهوم البنوة في القرآن الكريم

1- مفهوم البنوة

البُنُوَّةُ  هي العَلاقَةُ التي بَيْنَ الوَلَدِ وأبِيهِ في النَّسَبِ، ويَنْبَنِي عَلَيْها التَّوارُثُ بَيْنَهُما، ويَنْتُجُ عَنْها مَوانِعُ الزَّواجِ، كَما تَتَرَتَّبُ عَلَيْها حُقُوقٌ وَواجِباتٌ. والمُرادُ بِالنَّسَبِ: القَرَابَةُ التِّي سَبَبُهَا الوِلادَةُ.

2- صيغ البنوة

       في

  القرآن الكريم 

وردت صيغ مادة «بنو» الدالة على بنوة الأبناء في القرآن الكريم   ١٦٢مرة . والصيغ التي وردت هي:

– المفرد

ورد  ٤٠ مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ ﴾

هود :٤٢

– المثنى

ورد مرتين

قال الله تعالى :

﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ﴾

المائدة :٢٧

– الجمع

ورد ١٢٠  مرة

قال الله تعالى :

﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ﴾

الصافات:١٤٩

وجاءت مادة (بنو) في القرآن الكريم بمعني الشيء يتولد عن الشيء، كابن الإنسان وغيره.

قال الله تعالى :

﴿ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾

النساء:٢٣

أي  : وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم.

3- الكلمات  ذات الصلة

    بكلمة البنوة

– الولد

الولد  هو كل ما ولد، ويطلق على الذكر والأنثى ، وجمعه: أولادٌ .

قال الله تعالى :

﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾

آل عمران : 47

– الطفل

الطفل هو المولود منذ أن يولد إلى أن يميز ؛ يقال هو طفلٌ، والأنثى طفلة.

قال الله تعالى :

﴿ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ﴾

الحج : 5

– الصبي

الصبي يطلق على الإنسان منذ أن يميز إلى أن يبلغ الحلم.

قال الله تعالى :

﴿ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾

مريم : 12

– الغلام

يقع هذا الاسم على الصبي من حين يولد على اختلاف حالاته إلى أن يبلغ

قال الله تعالى :

﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾

مريم : 7

4 – تقديس الله تعالى عن الولد

أو البنت، أو ما قام مقامهما 

إن الإنسان الذي ألحد في ذات الله تعالى وصفاته ونسب إليه سبحانه من بشريته الفقيرة يقع بين غلوين: إما تأليه الإنسان أو جنس ما، وإما أنسنة الصفات الإلهية بغية محو المسافة والفارق بين المخلوق والخالق.

أ – ليس لله ولد

قال الله تعالى:

﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾

الإسراء: 111

﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

يونس: 68

 ﴿  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾

الإخلاص :1- 4

ب – مزاعم بعض أهل الكتاب

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾

المائدة: 18

وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل لهم -أيها الرسول-: فَلأيِّ شيء يعذِّبكم بذنوبكم؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم، فالله لا يحب إلا من أطاعه، وقل لهم: بل أنتم خلقٌ مثلُ سائر بني آدم، إن أحسنتُم جوزيتم بإحسانكم خيرا، وإن أسَأْتُم جوزيتم بإساءتكم شرًّا، فالله يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وهو مالك الملك، يُصَرِّفه كما يشاء، وإليه المرجع، فيحكم بين عباده، ويجازي كلا بما يستحق.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾

التوبة : 30

إن كلًّا من اليهود والنصارى مشركون، فاليهود أشركوا بالله لما ادعوا أن عُزيرًا ابنُ الله، والنصارى أشركوا به لما ادعوا أن المسيح عيسى ابنُ الله، ذلك القول الذي افتروه قالوه بأفواههم دون إقامة برهان عليه، وهم يشابهون في هذا القول قول المشركين من قبلهم الذين قالوا: إن الملائكة بناتُ الله، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، أهلكهم الله، كيف يُصْرَفون عن الحق البيِّن إلى الباطل .

 5- البنوة بين الفتنة والنعمة

1- إن الأولاد هبة من الله

الأولاد هبة من الله للإنسان ، ولكي نعرف قيمة هذه النعمة لننظر فيمن حرمها ممن ابتلاه الله بالعقم كيف يبذل المستحيل لعله أن يظفر ولو بطفل واحد ليملأ عليه دنياه بهجة وسرورًا.

قال الله تعالى:

﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾

الشورى:٤٩-٥٠

أن من أعظم نعم الله على الإنسان في هذه الحياة نعمة الأولاد، فهم منحة إلهية، وهبة ربانية، يختص الله بها من يشـاء من عباده ولو كان فقيرا، ويمنعها عمن يشاء من خلقه ولو كان غنيًا .

2- إن الأولاد نعمة عظيمة

أن النفس الإنسانية مفطورة على حبهم وطلبهم، وقد ذكر سبحانه الأولاد في سياق ذكر النعم .

قال الله تعالى:

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾

نوح : ١٠-١٢

﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾

النحل:  72

3- حب الأبناء فطرة

والفطرة تُعِدّ الوجدان الإنساني لاشتهاء الولد قبل مجيئه ويظهر اشتداد ذلك كلما تأخر أو استُبعد إمكانه، ومنه يتضح عظم البشارة الربانية بالولد إذا وهب على هذه الحال

– عن دعاء زكريا عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾

مريم: 2- 7

4- الأولاد زينة الحياة الدنيا

قال الله تعالى:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

الكهف:٤٦

الأموال والأولاد جَمال وقوة في هذه الدنيا الفانية .

5- الأولاد زينة ممزوجة بالفتنة

قال الله تعالى:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾

آل عمران:١٤

يخبر تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ ، منها حب البنين .

قال الله تعالى:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾

الكهف:٤٦

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾

الحديد:٢٠

أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا ولكنهما ليستا قيمة؛ فما يجوز أن يوزن بهما الناس ولا أن يقدروا على أساسهما في الحياة؛ إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات

6- البنوة فتنة

ورد التحذير من فتنة الأبناء في أكثر من موضع من القرآن الكريم منها

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

التغابن :١٥

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

الأنفال:٢٨

الفتنة معناها اختبار وامتحان، وقد يمر الإنسان بالفتنة وينجح؛ كأن يكون عنده الأموال والأولاد، وهم فتنة بالفعل فلا يغره المال؛ بل إنه استعمله في الخير، والأولاد لم يصيبوه بالغرور بل علمهم حمل منهج الله، وجعلهم ينشؤون على النماذج السلوكية الصحيحة في الدين .

7- صفة الولد النافعً لأبويه

في الدنيا والآخرة

إن سنة الأنبياء والفضلاء الدعاء بطلب الولد الذي يتصف بالصلاح في الأعمال والأقوال .

– عن زكريا عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾

آل عمران:٣٨

عندما رأى زكريا ما أكرم الله به مريم مِن رزقه وفضله توجه إلى ربه قائلا يا ربِّ أعطني من عندك ولدًا صالحًا مباركًا، إنك سميع الدعاء لمن دعاك.

قال الله تعالى:

﴿ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا

مريم: ٦

يرث نبوَّتي ونبوة آل يعقوب، واجعل هذا الولد مرضيًا منك ومن عبادك.

– عن إبراهيم عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾

الصافات:١٠٠

وقال إبراهيم: رب أعطني ولدًا صالحًا.

– عن المؤمنون

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾

الفرقان:٧٤

والذين يسألون الله تعالى قائلين: ربنا هب لنا مِن أزواجنا وذريَّاتنا ما تَقَرُّ به أعيننا، وفيه أنسنا وسرورنا، واجعلنا قدوة يُقتدى بنا في الخير.

والولد إذا كان بهذه الصفة كان نفعًا لأبويه في الدنيا والآخرة، وخرج من حد العداوة والفتنة إلى حد المسرة والنعمة.

8- الأولاد أحيانا  مصدر للشقاء

والعذاب في الدنيا قبل الآخرة

هناك من الناس من يعذب بماله وولده في الدنيا قبل الآخرة، وتتحول عنده الأمور التي يحبها الناس ويحرصون على تكثيرها من كونها مصدر نعمة وسعادة إلى أن تكون مصدر نقمة وشقاء وعذاب.

قال الله تعالى  :

﴿ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾

التوبة:٨٥

نجد الكثير من الناس المتمسكين بالدين والمسائل الأخلاقية والإنسانية لا يراعون الحق والدين بالنسبة للمسائل المتعلقة بمصلحة أبنائهم، فكأن ستارًا يلقى على أفكارهم فينسون كل الأمور ويصير حبهم لأبنائهم سببًا ليحلوا الحرام ويحرموا الحلال .

9- تحول الأبناء إلى

أعداءً أحيانا

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾

التغابن:١٤

ربما يكون من الأولاد من هو عدو للإنسان ، لأنهم  يحملوهم على المعاصي الموبقة كالبخل عن الانفاق في أوجة الخير واكتساب المال من غير طريق حله ، لتوفير مطالب الأولاد والأزواج ،، وربما أطاعوهم في بعض ذلك شفقة عليهم وحبًا لهم، فأمرهم الله بالحذر منهم.

11- الانشغال بالأولاد عن الآخرة

، والاستعداد لها

فالتفريط في الصالحات، والحرص على المال والأولاد والمحبة الشديدة لهما تدفع إلى الوقوع في المحرمات، والتحاسد والتباغض، والتقاتل على الدنيا وأموالها.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

المنافقون:٩

أن الاشتغال بالأولاد والشفقة عليهم وتدبير شؤونهم وقضاء الأوقات في التأنس بهم من شأنه أن ينسي عن تذكر أمر الله ونهيه في أوقات كثيرة فالشغل بالأموال والأولاد  أكثر من الشغل بغيرهما.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾

سبأ:٣٧

وليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا قربى، وترفع درجاتكم، لكن مَن آمن بالله وعمل صالحًا فهؤلاء لهم ثواب الضعف من الحسنات، فالحسنة بعشر أمثالها إلى ما يشاء الله من الزيادة، وهم في أعالي الجنة آمنون من العذاب والموت والأحزان.

12- الأولاد قد تكون استدراج

وإملاء للكافرين ليزدادوا إثمًا

كما تكون الأموال والأولاد استدراج وإملاء للكافرين ليزدادوا إثمًا.

قال الله تعالى:

﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ . نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

المؤمنون:٥٥ – ٥٦

أيظن هؤلاء الكفار أن ما نمدُّهم به من أموال وأولاد في الدنيا هو تعجيلُ خيرٍ لهم يستحقونه؟ إنما نعجل لهم الخير فتنة لهم واستدراجًا، ولكنهم لا يُحِسُّون بذلك.

وذلك لأنهم استخدموا أموالهم وأولادهم لأجل الطغيان والاستكبار عن الحق .

قال الله تعالى:

﴿ أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ . إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾

القلم:١٤- 15

ومن أجل أنه كان صاحب مال وبنين طغى وتكبر عن الحق، فإذا قرأ عليه أحد آيات القرآن كذَّب بها، وقال: هذا أباطيل الأولين وخرافاتهم

– عن قوم نوح

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا ﴾

نوح:٢١

والمعنى: واتبعوا أهل الأموال والأولاد التي لم تزدهم تلك الأموال والأولاد إلا خسارًا؛ لأنهم استعملوها في تأييد الكفر والفساد فزادتهم خسارًا إذ لو لم تكن لهم أموال ولا أولاد لكانوا أقل ارتكابًا للفساد.

12- زيادة البنين قد تكون

مثوبة على الطاعة

قال الله تعالى:

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾

نوح :10- 12

إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا، ويكثرْ أموالكم وأولادكم، ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها، ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم.

6 – واجبات و حقوق الأبناء

          فى

     القرآن الكريم

أمر الله سبحانه وتعالى الأبناء ببر الآباء وهي واجبات عليهم  ، كذلك بين حقوق الأبناء على الآباء ، وسوف نبين ذلك في مايلي :

أولا- حقوق الأبناء

الأولاد أمانة ومسؤولية عند الوالدين، كلفهما الله بحفظها ورعايتها، وأوصاهما بتربيتهم تربية صالحة في دينهم ودنياهم، وهم أولى الناس بالبر وأحقهم بالمعروف، والأبوان مسؤولان بين يدي الله عن تربية أبنائهم ، وقد رتب الإسلام للأبناء حقوقًا من قبل الآباء، ومن تلك الحقوق ما يلي :

أولًا – حقوق مادية

1- حق الحياة

إن الله قد جعل للطفل حقوقا مادية منذ بدء تكوينه في بطن أمه, فحافظ عليه من الاعتداء، واحتفظ له بحقه في الحياة، فحرم إجهاض الأم الحامل لولدها، وأبعدها عن المشقة الجسدية والنفسية التي قد تؤثر على الجنين لكي لا يتعرض للسقوط، لدرجة أنه أسقط عنها بعض التكاليف الشرعية حال حملها مثل الصيام إذا خافت على نفسها وولدها، بل حذر الخالق في كتابه العزيز من قتل الأولاد لأي سبب من الأسباب .

قال الله تعالى:

 ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا )

الإسراء: 31

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾

الأنعام :١٥١

والإجهاض من أنواع قتل الولد ، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى النبي أن يبايع النساء على الأ تى

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

الممتحنة: ١٢

وكذلك ، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها: بأيِّ ذنب كان دفنها؟

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ . بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾

التكوير:٨-٩

2- حق رضاعة الطفل

قال الله تعالى:

﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾

البقرة:٢٣٣

ومنه إحضار مرضعة إذا لم ترض الأم المطلقة أن ترضع طفلها.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ ﴾

الطلاق:٦

والتشاور مع الأمهات فى عملية الفطام، أي: الفصال التى يحكمها ألا تقل عن عامين.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾

البقرة:٢٣٣

3- حق الإنفاق عليهم

أن النفقة حق واجب أقرته الشريعة الإسلامية للطفل على والديه مادام الطفل صغيرا لا يستطيع الكسب وليس له مورد ليعيش منه. حتى يبلغ سن الرشد إن كان ذكرا و حتى تتزوج إن كانت أنثى.

قال الله تعالى:

﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾

البقرة:٢٣٣

4- حق الميراث

وقد شرع الله عز وجل في ذلك نظامًا فريدًا، يحفظ لكل ذي قرابة حقه دون نقص أو زيادة.

قال الله تعالى:

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

النساء: 11

يوصيكم الله ويأمركم في شأن أولادكم: إذا مات أحد منكم وترك أولادًا: ذكورًا وإناثًا، فميراثه كله لهم: للذكر مثل نصيب الأنثيين، إذا لم يكن هناك وارث غيرهم.

ثانيًا- حقوق معنوية

1- الزواج المحرم

– منع الإسلام الزواج من زوجات الأبناء

قال الله تعالى:

﴿ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾

النساء:٢٣

حرَّم الله عليكم أن تنكحوا زوجات أبنائكم الذين من أصلابكم، ومن أُلحق بهم مِن أبنائكم من الرضاع، وهذا التحريم يكون بالعقد عليها، دخل الابن بها أم لم يدخل .

– منع الإسلام الزواج من زوجات الأب

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾

النساء : 22

ولا تتزوجوا مَن تزوجه آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف منكم ومضى في الجاهلية فلا مؤاخذة فيه. إن زواج الأبناء من زوجات آبائهم أمر قبيح يفحش ويعظم قبحه، وبغيض يمقت الله فاعله، وبئس طريقًا ومنهجًا ما كنتم تفعلونه في جاهليتكم.

2- حق النسب

ومن حق الطفل أن ينتسب إلى أبيه وأمه لما يترتب على ذلك من جملة حقوق شرعية كالنفقة والرضاع والحضانة والإرث وغيرها. وقد أثبت الإسلام حق انتساب الطفل لأبويه حفاظا له من الذل والضياع والعار, وأبطل دعاوى الجاهلية في إفساد النسب, وأقر البنوة الشرعية ، لذلك أمر الله تعالى بالأتى :

أ- بالزواج وتحريم السفاح

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾

المائدة : 5

وأَحَلَّ لكم – أيها المؤمنون- نكاح المحصنات، وهُنَّ الحرائر من النساء المؤمنات، العفيفات عن الزنى، وكذلك نكاحَ الحرائر العفيفات من اليهود والنصارى إذا أعطيتموهُنَّ مهورهن، وكنتم أعِفَّاء غير مرتكبين للزنى، ولا متخذي عشيقات .

ب – تحريم التبني

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾

الأحزاب:٤

وما جعل الله الأولاد المتَبَنَّيْنَ أبناء في الشرع، بل إن التبني لا حقيقة له .

قال الله تعالى:

﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ﴾

الأحزاب:٥

انسبوا أدعياءكم لآبائهم، هو أعدل وأقوم عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم الحقيقيين فادعوهم إذًا بأخوَّة الدين التي تجمعكم بهم، فإنهم إخوانكم في الدين ومواليكم فيه .

3- حق صلة الأرحام

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ ﴾

النساء:٣٦

قرر القرآن اريم استمرار صلة الأرحام بالبر والزيارة والتعهد والرعاية وذلك بالأحسان إلى الوالدين، وإدُّاء حقوقهما، وحقوق الأقربين .

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾

محمد:٢٢

أن الأولاد متميزون عن غيرهم من ذوي القربى الذين عبر عنهم بالأرحام، فليس شيء مثل ما بين والد وما ولد.

4- حق التربية

قد حمّل الحق سبحانه و تعالى الآباء مسؤولية أبنائهم

قال الله تعالى:

( ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )

التحريم: 6

وإن من أعظم الأعمال التربية الصحيحة للأبناء، لأنهم استمرار للمرء، وله صدقة جارية لا تنقطع.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾

لقمان:١٣

واذكر – أيها الرسول- نصيحة لقمان لابنه حين قال له واعظًا: يا بنيَّ لا تشرك بالله فتظلم نفسك؛ إن الشرك لأعظم الكبائر وأبشعها.

قال الله تعالى:

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾

طه : 132

وَأْمُرْ – أيها النبي – أهلك بالصلاة، واصطبر على أدائها، لا نسألك مالا، نحن نرزقك ونعطيك. والعاقبة الصالحة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى.

ثانيا – واجبات الأبناء

1- الإحسان إلى الآباء

أوصى الله تعالى بالآباء خيرًا، وأوجب لهم على أبنائهم حقوقًا، منها معنوية؛ كتوقيرهما، والتلطف في مخاطبتهما، وعدم التأفف منهما، وأخرى مادية ؛ كالنفقة بالمعروف على الموسر.

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾

الإسراء:٢٣

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾

الأحقاف:١٥

أن يحسن إليهما، وأن يتطلع، بعمقٍ وانفتاح وإنسانيةٍ، إلى الجهد الذي بذلاه في تربيته، بما لم يبذله أحدٌ معه، ولم يقدمه إليه إنسانٌ، ولا سيما الأم التي تتحمل الجهد الجسدي الشاق في حمله وولادته ورضاعه

2- الدعاء للآباء

قال الله تعالى:

﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾

الإسراء: 24

واطلب من ربك أن يرحمهما برحمته الواسعة أحياءً وأمواتًا، كما صبرا على تربيتك طفلا ضعيف الحول والقوة.

3- الأستغفار للآباء

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾

مريم:   47

قال إبراهيم لأبيه: سلام عليك مني فلا ينالك مني ما تكره، وسوف أدعو الله لك بالهداية والمغفرة. إن ربي كان رحيمًا رؤوفًا بحالي يجيبني إذا دعوته.

7- البنوة في اليوم الآخر

في اليوم الآخر لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة.

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

الشعراء : 88 – 89

فنجد في اليوم الآخر الأتي :

أ- لا روابط بينهم

أن روابط الدنيا المعتادة والتي غرست في دواخل النفوس واعتادتها الناس تنفرط وتزول آثارها بمجرد نفخة البدء

قال الله تعالى:

( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ )

المؤمنون: 101

فإذا كان يوم القيامة، ونفخ المَلَك المكلَّف في “القرن”، وبُعِثَ الناس من قبورهم، فلا تَفاخُرَ بالأنساب حينئذ كما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يسأل أحد أحدًا.

قال الله تعالى:

 ( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ )

الحج: 2

يوم ترون قيام الساعة تنسى الوالدةُ رضيعَها الذي ألقمته ثديها؛ لِمَا نزل بها من الكرب .

ب – كل مشغول بأمرة

قال الله تعالى:

( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ . يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )

عبس: 34- 37

فإذا جاءت صيحة يوم القيامة التي تصمُّ مِن هولها الأسماع، يوم يفرُّ المرء لهول ذلك اليوم من أخيه، وأمه وأبيه، وزوجه وبنيه. لكل واحد منهم يومئذٍ أمر يشغله ويمنعه من الانشغال بغيره.

قال الله تعالى:

( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ  .وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ . وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا )

المعارج: 11- 14

يتمنى الكافر لو يفدي نفسه من عذاب يوم القيامة بأبنائه، وزوجه وأخيه، وعشيرته التي تضمه وينتمي إليها في القرابة، وبجميع مَن في الأرض مِنَ البشر وغيرهم  .

ت – لا الأرحام تنفع ولا الأولاد

قال الله تعالى:

( لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

الممتحنة : 3

 ( لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون )

المجادلة: 17

 ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ )

آل عمران: 10

فبعد أن كان الولد يقال فيه (عسى أن ينفعنا)، وكانت القربى فيها مودة: (إلا المودة في القربى)، نجد اليوم أنه لا الأرحام تنفع ولا الأولاد ما لم ينفع النفس إيمانها وعملها.

ج – بقاء الصلة بين الصالحون وذرياتهم

وفي المقابل فإن بقاء الصلة بين الصالحون وذرياتهم في اليوم الآخر هو من بشاراته سبحانه للمؤمنين جزاء وفاقا .

قال الله تعالى:

( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ )

الرعد: 23

تلك العاقبة هي جنات عدن يقيمون فيها لا يزولون عنها، ومعهم الصالحون من الآباء والزوجات والذريات من الذكور والإنات، وتدخل الملائكة عليهم من كل باب؛ لتهنئتهم بدخول الجنة.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾

الطور:٢١

يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك .

د – عن دعاء الملائكة لمن

صلح من الآباء والأولاد

قال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

غافر:٨

ربنا وأدخل المؤمنين جنات عدن التي وعدتهم، ومَن صلح بالإيمان والعمل الصالح من آبائهم وأزواجهم وأولادهم. إنك أنت العزيز القاهر لكل شيء، الحكيم في تدبيره وصنعه.

 

 

Share This