1- مفهوم الاستطاعة

الاستطاعة هي إمكان الفعل والقدرة على تنفيذه .

قال اللّهِ تعالى:

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾

الرحمن : 33

يا معشر الجن والإنس، إن قَدَرْتم على النفاذ من أمر الله وحكمه هاربين من أطراف السموات والأرض فافعلوا، ولستم قادرين على ذلك إلا بقوة وحجة، وأمر من الله تعالى .

2- كلمة الاستطاعة

       في

   القرآن الكريم

وردت كلمة استطاع وصيغها في القرآن الكريم (٤٢) مرة . والصيغ التي وردت هي .

– الفعل الماضي

وردت ١٥ مرة

قال اللّهِ تعالى:

﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾

الكهف:٩٧

– الفعل المضارع

وردت ٢٧ مرة

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾

النساء:١٢٩

وردت الاستطاعة فى القرآن على ثلاثة أَوجهٍ:
1- بمعنى السّعة ِ والغِنى بالمال

قال اللّهِ تعالى:

﴿ْ لَواستطعنا لَخَرَجْنَا مَعَكُم ﴾

التوبة :٤2
﴿ً مَن ِ استطاع إِلَيْه ِ سَبِيلا ﴾

آلعمران:97
2- بمعنى القوة والطَّاقة

قال اللّهِ تعالى:

﴿َ وَ لَن تستطيعوا أَن تَعْدِلُوا ْ بَيْن النساء ﴾

النساء:129.
3- بمعنى القُدْرة والمُكْنة البدنيّة

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَ مَا استطاعواًلَه ُ نَقْبا ﴾

الكهف:79
﴿ْ إِن ِ استطعتم أَن تَنفُذُوا ﴾

الرحمن :23

وجاءت الاستطاعة في القرآن الكريم بمعني الإطاقة ووجود ما يصير به الفعل متأتيًا؛ سواء تعلق ذلك بالقدرة القلبية أو البدنية أو المالية أو غيرها من المعاني التي بها يتمكن الإنسان مما يريده من إحداث الفعل.

3- الكلمات ذات الصلة

     بكلمة الاستطاعة

– القدرة

هي الصفة التي تمكن الحي من الفعل وتركه بالإرادة

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ﴾

البقرة 236

على الغني قَدْر سَعَة رزقه، وعلى الفقير قَدْر ما يملكه،

– الوسع

الوسع ما يستطيع المرء فعله بلا مشقة

قال اللّهِ تعالى:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾

البقرة: ٢٨٦

فلا يطلب الله مِن عباده ما لا يطيقونه، فمن فعل خيرًا نال خيرًا، ومن فعل شرّاً نال شرّاً.

– الإطاقة

هي القدرة على الاحتمال.

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾

البقرة 184

وعلى الذين يتكلفون الصيام ويشقُّ عليهم مشقة غير محتملة كالشيخ الكبير، والمريض الذي لا يُرْجَى شفاؤه، فدية عن كل يوم يفطره، وهي طعام مسكين .

– العجز

القصور عن فعل الشيء وعدم القدرة  ، العجز هو نقيض الاستطاعة.

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾

فاطر 44

4 – الاستطاعة شرط

 التكليف  في الشرع

إن الله عليمٌ حكيم، لطيف خبير، يعلم طاقة النفس الإنسانية ومقدار تحملها ووسعها.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾

الملك: ١٤

ولقد كلفنا الشرع الحكيم بالعديد من التكاليف، والتكاليف التي فرضت علينا من أوامر ونواهٍ فقد جعل سبحانه وتعالى فينا القدرة والاستطاعة على فعلها.

قال اللّهِ تعالى:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

البقرة: 286

﴿ لا تكلف نفس إلا وسعها

البقرة 233

﴿ لا نكلف نفساً إلا وسعها

الأنعام 152

( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها )

الطلاق:7

ومن المعلوم أن الله عز وجل لا يكلف ما لا يطاق؛ لأن هناك من هو عاجز لا يقوى على أداء التكليف، فلا يكلف المقعد بأن يصلي قائمًا، ولا يكلف المريض بالصيام، ولا يكلف الأعمى بالجهاد والقتال، لخروج ذلك عن المقدور.

قال اللّهِ تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ

التغابن: ١٦

فأوجب التقوى بحسب الاستطاعة .

5- أنواع الاستطاعة

        في

   القرآن الكريم

الاستطاعة أنواع  ، ومن تلك الأنواع الأتي

أولًا: الاستطاعة القلبية

إن الذي يتحكم فيما يحققه الإنسان، ومدى إقباله على الشيء أو إدباره منه شيء واحد وهو الاستطاعة القلبية، وهي الاستطاعة النابعة من الذات فإن بها يتميز الناس في سلوكهم ، خصوصًا في بعض الأمور، مثل

1- الجهاد

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ ﴾

الأنفال: ٦٠

الجهاد يحتاج إلى الاستعداد النفسي، فالجهاد والموت في سبيل الله، وترك الأهل والدنيا بملذاتها، يحتاج إلى قدرة كبيرة لفعل ذلك، وهذه القدرة متباينة من شخص لآخر؛ فكلٌ حسب طاقته وقدرته القلبية.

2- التقوى

قال اللّهِ تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التغابن: ١٦

تقوى الله من الأمور التي تحتاج إلى استطاعة قلبية لتحقيقها على أرض الواقع، وهذه الاستطاعة ليس لها حد معين، فلكل شخص حده الذي يستطيع الإتيان به .

3- العدل

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾

النساء: ١٢٩

الحديث في هذه الآية عن زواج التعدد فقد نفى الله عز وجل الاستطاعة في العدل من قبل الرجل، فلابد أن يميل قلبه لواحدة دون الأخرى ، فعدم الاستطاعة المقصود بها هنا العجز القلبي، وشيء طبيعي جدًا أن الإنسان لا يسأل عن هذا العجز القلبي؛ لأن التسوية في المحبة وميل القلب ليست بمقدور الإنسان .

4- الصبر

والاستطاعة القلبية مطلوبة من الداعية إلى الله عز وجل في معترك الحياة الدعوية، حيث يجب أن تكون له قدرة على الصبر على مشاق الدعوة وصعوباتها وألا يستسلم بسهولة ويأتي منها قدر استطاعته.

– شعب عليه السلام يقول لقومه

قال اللّهِ تعالى:

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ  ﴾

هود: ٨٨

أي: بقدر طاقته، إبلاغهم وإنذارهم، فهو عليه السلام ليس قادرًا على إجبارهم على الطاعة ولا يريد إلا فعل الصلاح ما استطاع فهو بشر وله حد لطاقته وتحمله مشاق هذه الدعوة العظيمة.

– الحق

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ  لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا . أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا . انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴾

الفرقان: 7- 9

وقال المشركون: ما لهذا الذي يزعم أنه رسول الله (يعنون محمدًا صلى الله عليه وسلم) يأكل الطعام مثلنا، ويمشي في الأسواق لطلب الرزق؟ فهلا أرسل الله معه مَلَكًا يشهد على صدقه، أو يهبط عليه من السماء كنز من مال، أو تكون له حديقة عظيمة يأكل من ثمرها، وقال هؤلاء الظالمون المكذبون: ما تتبعون أيها المؤمنون إلا رجلا به سحر غلب على عقله. انظر – أيها الرسول – كيف قال المكذبون في حقك تلك الأقوال العجيبة التي تشبه – لغرابتها- الأمثال؛ ليتوصلوا إلى تكذيبك؟ فبَعُدوا بذلك عن الحق، فلا يجدون سبيلا إليه؛ ليصححوا ما قالوه فيك من الكذب والافتراء.

ثانيًا: الاستطاعة البدنية

هي سلامة الجسد عن الآفات المانعة من التكليف ، وهي مشترطةٌ في وجوب الواجبات البدنية، كوجوب الطهارة، وأداء الصلاة على الوجه الأكمل، وفي الصوم، وفي الحج، وفي النذر البدني كالصلاة والصوم، وفي الكفارات البدنية كالصيام، وفي النكاح، وفي الحضانة، وفي الجهاد‏.

1- الاستطاعة  في الحج

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾

آل عمران: ٩٧

أن الاستطاعة هنا استطاعة مالية واستطاعة بدنية.

2- الاستطاعة  في الصوم

والصوم يحتاج الى استطاعة بدنية كي يستطيع الإنسان الاستمرار بالصيام دون أن يكون هناك مشقة أو ضرر يمسه، فإن الله عز وجل لا يكلف نفسًا إلا وسعها، والصيام استطاعة بدنية محضة.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا  ﴾

المجادلة:3- 4

أي: من لم يستطع صوم الشهرين الذي هو استطاعة بدنية لعذر من الأعذار فليطعم ستين مسكينًا.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾

البقرة: ١٨3-   184

يجب على من أفطر في رمضان ولم يقدر على القضاء، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أن يطعم مكان كل يوم مسكينًا مدًا من غالب قوت أهل البلد.

فمعنى يطيقونه يتحملونه بمشقة كبيرة إما لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه.

3- الاستطاعة  في القتال

قال الله تعالى:

﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

البقرة: ٢٤٩

حين طلب بنو اسرائيل من نبيهم ملكًا يقاتلون تحت إمرته، بعث الله عز وجل لهم طالوت، وسار بهم بجانب النهر طلب منهم ألا يشربوا منه، باستثناء غرفة باليد، أطاعه عدد وعصيه الأغلب؛ لأن الطاقة الجسدية لديهم لم تتحمل الجوع والعطش والتعب، فكانوا فريقين فريق تحمل واستطاع تنفيذ الأمر، وفريق لم يستطع، ولما جاوز طالوت النهر وتركه هو والذين آمنوا معه، وهم القليل الذي نفذ أمره، وصدق إيمانهم بربهم، ونظروا إلى كثرة عدوهم وهم قليلون فأوجس بعضهم خيفة، وقالوا: لا قدرة لنا على محاربتهم، فضلًا عن غلبتهم.

ثالثًا: الاستطاعة المالية

الاستطاعة المالية هي قدرة الشخص في القيام بأداء الواجبات المالية، مثل الزكاة، ، والهدي في الحج، والنفقة، ، والكفارات المالية  ، والإنفاق في سبيل الله .

1- الاستطاعة المالية في الحج

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾

آل عمران:97

الحج هو فرضٌ واجبٌ لله على من استطاع من أهل التكليف السبيل إلى حج بيته الحرام، و الاستطاعة هنا بالإضافة إلى الاستطاعة البدنية الاستطاعة المالية، فتشمل المال والراحلة والطريق، حتى يتمكن المسلم من أداء فريضة الحج .

2- الاستطاعة المالية في مقدار الإنفاق عليهم

قال الله تعالى:

﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ  وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ﴾

البقرة: ٢٣٣

فقد أوجب الله عز وجل على والد الرضيع أن ينفق على والدته أو مرضعته من غير تقتير ولا إسراف، في حدود استطاعته وعلى قدر حاله من سعة أو ضيق.

قال الله تعالى:

﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ . لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ  وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾

الطلاق: ٦ – ٧

يتحدث عز وجل في هذه الآية عن قضية إرضاع الطفل من أمه بعد الطلاق وطلبها للأجرة، فتحث الآية الكريمة الزوج على النفقة على الزوجة والأولاد على قدر ما آتاه الله من المال، فقد علم -سبحانه- تفاوت أحوال خلقه بالغنى والفقر، وأن منهم الموسع والمقتر وبين ذلك، فأمر كلًا أن ينفق على من لزمته نفقته من زوجته وولده على قدر ميسرته لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها فإنه تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها

3- الاستطاعة المالية في الإنفاق في سبيل الله

وقد علل المنافقون عدم خروجهم للقتال مع رسول الله عز وجل بعدم الاستطاعة المالية.

قال الله تعالى:

﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ  وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾

التوبة: ٤٢

تخلف المنافقون عن القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة تبوك وكانت حججهم واهية ضعيفة، حيث عللوا عدم الخروج بعدم وجود الإمكانات المادية للقتال، والله عز وجل يعلم نفاقهم، وبيَن كذبهم بأنه إن كانت الشقة قريبة، والمغانم دانية، أخذوا مكانهم في صفوف المسلمين من أجل عرض فان في الدنيا وما تذرعوا بعدم وجود المال.

قال الله تعالى:

 ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾

الأنفال:٦٠

إن النصر على أعداء الله يحتاج إلى إعداد جيش قوي بعدده وعدته، أخذًا بالأسباب، وهذا الإعداد يحتاج إلى قوة مالية؛ لكي يتمكن الجيش من شراء المعدات اللازمة لتكوين أي جيش .

4- الاستطاعة المالية في الصدقة

قال الله تعالى:

﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا  وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾

البقرة: ٢٧٣

اجعلوا صدقاتكم لفقراء المسلمين الذين لا يستطيعون السفر؛ طلبًا للرزق لاشتغالهم بالجهاد في سبيل الله، يظنهم مَن لا يعرفهم غير محتاجين إلى الصدقة؛ لتعففهم عن السؤال، تعرفهم بعلاماتهم وآثار الحاجة فيهم، لا يسألون الناس بالكُليَّة، وإن سألوا اضطرارًا لم يُلِحُّوا في السؤال. وما تنفقوا مِن مال في سبيل الله فلا يخفى على الله شيء منه، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمَّه يوم القيامة.

5- الاستطاعة المالية في الزوج

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ﴾

النساء :25

ومن لم يستطع منكم – أيها الرجال – لقلة ماله أن يتزوج الحرائر من النساء جاز له نكاح الإماء المملوكات لغيركم، إن كن مؤمنات فيما يظهر لكم .

6- الاستطاعة المالية على الهجرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا . إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا . فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾

النساء : 97 – 99

إن الذين توفَّاهم الملائكة وهم ظالمون لأنفسهم بترك الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، تقول لهم الملائكة حال قبض أرواحهم توبيخًا لهم: على أي حال كنتم؟ وبأي شيء تميزتم عن المشركين؟ فيجيبون معتذرين: كنا ضعفاء لا حول لنا ولا قوة نرد بها عن أنفسنا، فتقول لهم الملائكة توبيخًا لهم: ألم تكن بلاد الله واسعة فتخرجوا إليها لتأمنوا على دينكم وأنفسكم من الإذلال والقهر؟! فأولئك الذين لم يهاجروا مثواهم الذي يستقرون فيه هو النار، وساءت مرجعًا ومآبًا لهم.

6- الاستطاعة المنفية

         في

     القرآن الكريم

نفي القرآن الكريم الاستطاعة ، عن الأتي

أولا – عما يعبد من دون الله

هناك من البشر من ظلم نفسه باتخاذه آلهة من دون الله ، فهم إما يعبدون جمادات يحتار العقل في إمكانية عبادتها، وإما يعبدون مخلوقات خلقها الله عز وجل، مخلوقات ضعيفة لا تستطيع الأتي

1- لا تستطيع لنفسها نفعًا ولا ضرًا

هي ضعيفة تحتاج إلى من يقوم على أمورها

قال الله تعالى:

﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾

الفرقان: ٣

2- لا تستطيع أن تخلق شيئًا وهي تُخلَق

يبين الله هنا مدى عجز ما يعبدون من دون الله، فهذه الآلهة لا تخلق شيئًا وهي تُخلَق، فكيف يكون إلهًا وهو مصنوع لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا؟ فهم عاجزون عن الخلق والتدبير ولا يعلمون شيئًا عن كيفية الخلق وتدبير أمور العباد.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾

النحل: ٢٠

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ﴾

فاطر: ٤٠

قل – أيها الرسول- للمشركين: أخبروني أيَّ شيء خَلَق شركاؤكم من الأرض، أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركًا مع الله في خلق السماوات .

3- لا يستطيعون إجابه الدعاء

قال الله تعالى:

﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ  وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ﴾

الرعد: ١٤

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ  فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾

الأعراف: ١٩٤

ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع إجابتهم، ولا يقدر على نفعهم

– لا تستطيع نفعًا ولا ضرًا لكم

أن الله هو الإله الواحد القادر، الذي بيده ملكوت كل شيء وغيره من المعبودات لا تضر ولا تنفع، ولا تستطيع فعل أي شيء.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾

المائدة: ٧٦

﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴾

الإسراء: ٥٦

– لا تستطيع نفعًا ولا ضرًا لكم

قال الله تعالى:

﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

يونس: ١٨

– لا تستطيع لكم نصرا

ولا يستطيعون لمن جعلهم شركاء نصرًا إن طلبه منهم ولا لأنفسهم أيضًا،

قال الله تعالى:

﴿ أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ . وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ﴾

الأعراف: ١٩١- ١٩2

– لا تستطيع أن ترزقًهم

قال الله تعالى:

﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾

النحل: ٧٣

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾

العنكبوت:١٧

فالذين تعبدون أيها السفهاء من دون الله لا يملكون لكم رزقًا، لا يقدرون أن يرزقوكم أبدًا، فاطلبوا الرزق من الله واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون

ثانيا – الاستطاعة المنفية عن الكفار

الاستطاعة المنفية هنا هي الاستطاعة التي يمنحها الله لمن يشاء، وهي التي تحصل بالتوفيق والهداية الخاصة، وهي منفية عن الكفار، و المراد نفي حقيقة القدرة لديهم علي الهدي  وذلك بسبب بغيهم وتمردهم على الله عز وجل ، لا نفي الأسباب والالات .

قال اللّهِ تعالى:

﴿ أُولَٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ  يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ﴾

هود: ٢٠

﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا . الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴾

الكهف: ١٠٠ – ١٠١

وعدم الاستطاعة هنا ليس بظلم لهم بل هي قمة العدل ، فالعبد إذا سارع إلى الكفر، وتكذيب الرسل – عليهم السلام- وإلى ما يغضب الله عاقبه بأن زاده ضلالًا فوق ضلاله، وظلامًا على ظلامه، وجاءه هذا الطبع بسبب كفره وبغيه وتمرده على الله عز وجل.

7- أدوات الاستطاعة

إن الله عز وجل عندما كلفنا بالتكاليف الشرعية كلفنا بما نطيق، وجعل فينا القدرة على الإتيان بها، وأعطانا أدوات هذه الاستطاعة فمن ملكها لا عذر له، ومن سلبها الله منه لحكمة من الله لا يؤاخذ، ومن هذه الأدوات

أولًا: الجوارح

جوارح الإنسان هي أعضاء الجسم ، وهذه الجوارح قد يكسب منها المرء إما خيرًا أو شرًا . وهي التي بها نقوم بالعبادات كالصلاة والحج

قال اللّهِ تعالى:

﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

النحل : 78

وهي التي ستنطق حينما تسكت الألسنة عن النطق.

قال اللّهِ تعالى:

﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النور : 24

وهذه الجوارح نعمة من الله كي يستطيع الإنسان أداء التكاليف المناطة به على أكمل وجه، فيجب أن تكون الجوارح مستعملة فيما يرضاه الله عز وجل، وأن يكون الإنسان مسئولًا عما اكتسب بجوارحه هو، لا عما اكتسبه غيره.

قال الله تعالى:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾

البقرة: ٢٨٦

واتقوا الله ما استطعتم بعمل الجوارح والأعضاء قدر الطاقات التي منحها الله لكم

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التغابن: ١٦

إنها استطاعة بخصوص الآتي

– الحج

الذي نص القرآن على وجوبه على المستطيع

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾

آل عمران: ٩٧

– أداء الصلاة والذكر

قال الله تعالى:

﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾

العنكبوت: 45

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾

المؤمنون : 9

– الجهاد

قال الله تعالى:

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾

الحج: ٧٨

– الصيام

قال الله تعالى:

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

البقرة: ١٨٥

و من كانت لديه أدوات الاستطاعة ولم يقم بالتكاليف التي أمره الله عز وجل دون عذر أنه لا يكون مؤمنًا، فمن كان يعتقد بقلبه ويقر بلسانه ولكنه لا يعمل بجوارحه، وعطل الأعمال كلها من غير عذر فهذا ليس بمؤمن؛ لأن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، لا يحصل الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور، فمن ترك واحدًا منها فإنه لا يكون مؤمنًا.

ثانيًا: النعم

النعم التي أنعم الله بها علينا كي نستطيع أداء فرائضه من مال وصحة ووقت. وإن الله عليمٌ حكيم، لطيف خبير، يعلم طاقة النفس الإنسانية ومقدار تحملها ووسعها.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾

الملك: ١٤

ولذلك أوجب عليها التكاليف الشرعية، وهو يعلم أنه بمقدور هذه النفس الالتزام بها، وهو يعلم أنها كلها ضمن (وسعها) وطاقتها .

قال الله تعالى:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾

البقرة: ٢٨٦

لذا كان من الواجب على من ملك أدوات الاستطاعة أن يكون منصاعًا لأوامر الله عز وجل دون تردد.

قال الله تعالى:

  ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾

الضحى: 11

فعلى المرء استغلال هذه النعم في طاعة الله ما استطاع

قال الله تعالى:

﴿ وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾

النحل :114

لذا علينا استخدام نعم الله عز وجل في الطاعات وفي القربات وفي المعرفة، وفي الطاعة، وفي الأعمال الصالحة، والوقت والقوة في خدمة عباد الله و في معرفة الله، وأداء زكاة المال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

1- الحج

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾

آل عمران: 97

2- الإنفاق

قال الله تعالى:

﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾

الطلاق:٧

﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾

آل عمران: 92

﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾

البقرة :272

وما تبذلوا من مال يَعُدْ عليكم نَفْعُه من الله .

Share This