1- مفهوم الإيمان

التصديق الجازم، والاعتراف التام بجميع ما أخبر الله عنه في القرآن ، وأمر بالإيمان به، والانقياد له ظاهرًا وباطنًا .

2- كلمة الإيمان

      في

  القرآن الكريم

وردت كلمة الإيمان وصيغها في القرآن الكريم ٨١١ مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد 342 مرة

قال الله تعالى:

﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾

البقرة : 9

– الفعل المضارع

ورد ١٧٥ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾

يونس:١٠٠

– فعل الأمر

ورد ١٩ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾

الأحقاف:١٧

– المصدر

ورد ٤٥ مرة

قال الله تعالى:

﴿ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾

المجادلة: ٢٢

– اسم فاعل

ورد ٢٣٠ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾

البقرة:٢٢١

وجاء الإيمان في الاستعمال القرآني على وجهين :

1- التصديق

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾

يوسف:١٧

وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا موصوفين بالصدق

2- الإسلام والتوحيد

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

البقرة:٦٢

﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾

المائدة:٥

ومن يجحد شرائع الإيمان فقد بطل عمله، وهو يوم القيامة من الخاسرين.

3- اقتران الإيمان

  بالعمل الصالح

اقترن الإيمان مع العمل الصالح في القرآن الكريم (٦٩) مرة . وهذا الاقتران يدل على ارتباطهما الوثيق وتلازمهما المستمر، فلا إيمان بدون عمل صالح يعبر عنه ويبرهن عليه، ولا قيمة للعمل الصالح بدون إيمان يقوم عليه ويركن إليه .

المقصود بالعمل الصالح ذلك العمل الجاري على وفق ما جاء به الدين، ويترتب على الإيمان والعمل الصلاح الفلاح في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾

القصص٦٧

فالإيمان بلا عمل لا قيمة له إطلاقاً ،هذا الإيمان الذي لا ينتج عنه استقامة والتزام ووقوف عند الحلال والحرام، هذا الإيمان الذي لا تجد له أثراً في السلوك هو إيمان إبليسي لا يقدم ولا يؤخر، ولا ينجي ولا يسعد .. فإبليس قد آمن

– آمن به رباً قال:

﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾

ص : 79

– آمن به خالقاً قال:

﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ  ﴾

ص : 12

– وآمن به عزيزاً قال:

﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾

صَ : 82

– وآمن بالدار الآخرة قال:

﴿ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ  ﴾

ص :79

ولكن إيمان بلا عمل .. ليس له قيمة إطلاقاً

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾

البقرة : 34

يجب أن يحملك إيمانك على طاعة الله

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾

الكهف : 110

لا يمكن أن تسمى مؤمناً إلا إذا حملك إيمانك على عمل صالح تتقرب به إلى الله تعالى  .

4- من ذكر القرآن الكريم

    في حقهم الإيمان

أ- المؤمن في حق الله تعالى

سمى الله تعالى نفسه الكريمة بالمؤمن

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

الحشر: ٢٣

من معاني المؤمن في حق الله تعالى:

1- شهادته سبحانه لنفسه بالتوحيد

سمى الله نفسه مؤمنًا؛ لأنه شهد بوحدانيته

قال الله تعالى:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ﴾

آل عمران: ١٨

2- الذي أمن عباده من ظلمه

المؤمن: الذي يؤمن خلقه من ظلمه

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ﴾

يونس : 44

أنه الذي أمن من عذابه من لا يستحقه

3- الذي صدق رسله عليهم السلام

المؤمن الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين، وصدق رسله بكل آية وبرهان، يدل على صدقهم وصحة ماجاؤا به .

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾

الحديد 25

ب – المؤمن في حق المخلوقين

سمى سبحانه وتعالى بعض عباده بالمؤمن

قال الله تعالى:

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾

السجدة: ١٨

ومعنى المؤمن إذا وصفنا به المخلوقين: هو الواثق بما يعتقده المستحكم الثقة .

وبمعرفة الإنسان المؤمن لمعاني هذا الاسم في حق الله يطمئن قلبه إلى ربه سبحانه وتعالى، وما وعده من سعادة في الدنيا ونعيم في الآخرة، ويوجب عليه أن يثق بما يعتقده.

5- أركان الإيمان في القرآن

جاء في القرآن الكريم أن الإيمان قد بني علي خمسة أركان ، هي الإيمان بالله تعالى و الإيمان باليوم الآخر و الإيمان بالملائكة و الإيمان بالكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله و الإيمان بالرسل والأنبياء .

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

البقرة: ١٧٧

﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾

النساء: ١٣٦

وسوف نتناول هذه الأركان فيما يلي:

أولًا: الإيمان بالله تعالى

هو التصديق الجازم، والإقرار الكامل، والاعتراف التام؛ بوجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واستحقاقه وحده العبادة، واطمئنان القلب بذلك اطمئناناً تُرى آثاره في سلوك الإنسان، والتزامه بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه. وهو تصديق محله القلب، فلا يعلم حقيقته إلا الله.

قَال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ )

النساء 136

ثانيًا – الآيمان بالْيَوْمِ الْآخِرِ

الآيمان بالْيَوْمِ الْآخِرِ هو الإيمان بكل ما أخبر الله تعالى عنه ، من إنتهاءهذه الحياة الدنيا بأكملها .. وإبِتداءحياة آخرى بكل ما فيها من بعث الخلائق وحشرهم وحسابهم ومجازتهم .

قَال الله تعالى:

( اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾

العنكبوت 36

ثالثًا- الإيمان بالملائكة

الإيمان بالملائكة هو الإيمان بكل ما أخبر الله تعالى عنهم ، بأن الملائكة خلق من خلق الله في عالم الغيب، خلقهم الله لعبادته، ولتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى في ملكه، وهم أصناف، كل صنف له عمل موكل به ويقوم به، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ومقرهم السماوات ما لم يرسلوا إلى جهة من الأرض ، ولا يعلم عددهم إلا الله.

رابعًا- الإيمان بالكتب

الإيمان بالكتب هو التصديق الجازم بأن كِلها منزل من عند الله تعالى علي رسله إلي عباده بالحق والهدي.. وإنها كِلام الله تعالى لا كِلام غيره والآيمان بكِل ما فيها من الشرائع وأنه كِان واجبا علي الآمم التي أنزلت إليهم .

قال اللهُ تعالى:

﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾

البقرة 136

خامسًا – الإيمان بالرسل والأنبياء

الإيمان بالرسل من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان العبد إلا به. فقد أمر سبحانه بالإيمان بهم، وقرن ذلك بالإيمان به ..

قَال الله تعالى:

﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾

النساء 171

والإِيمَانُ بِالرُّسُلِ مَعْنَاهُ اعْتِقَادُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاء

1- الإِيمَانُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ بَعَثَ فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا يَدعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَالْكُفْرِ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾

النحل 36

2- الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ الَّذِينَ ذُكِرَتْ لَنَا أَسْمَاؤُهُمْ فِي الْكِتَابِ

وَهُمْ: (آدَمُ، وَنْوحٌ، وَإِدْرِيسُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَإِسْحَاقُ، وَيَعْقُوبُ، وَدَاوُدُ، وَسُلَيْمَانُ، وَأَيُّوبُ، وَيُوسُفُ، وَمُوسَى، وَهَارُونُ، وَزَكَرِيَّا، وَيَحْيَى، وَعِيسَى، وَإِلْيَاسُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَالْيَسَعُ، وَيُونُسُ، وَهُودٌ، وَصَالِحٌ، وَلُوطٌ، وَشُعَيْبٌ، وَذُو الكِفْلِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٌ)، فهؤلَاء خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَبِيًّا وَرَسُولًا، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَجْمَعِينَ.

وَالْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ الَّذِينَ لَمْ تُذْكَرْ لَنَا أَسْمَاؤُهُمْ

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾

غافر: 78

يجب علينا أن نؤمن بجميع الرسل، و لا نفرق بين أحد منهم.

قَال الله تعالى:

﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾

البقرة : 136

3- الْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هُوَ آخِرُ الْأَنْبِياءِ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ؛

قَال الله تعالى:

﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾

الأحزاب 40

4- اعْتِقَادُ أَنَّهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَلَّغُوا جَمِيعَ مَا أَرْسَلَهُمُ اللهُ بِهِ، لَمْ يَكْتُمُوا حَرْفًا وَلَمْ يُغَيِّرُوهُ وَلَمْ يَزِيدُوا فِيهِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ حَرْفًا وَلَمْ يُنْقِصُوهُ

قَال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

النحل 35

يجب علينا الإيمان بأن الرسل والأنبياء عليهم السلام قاموا بتبليغ الرسالة حق القيام.

6- ثمرات الإيمان في الدنيا والآخرة

جعل الله تعالى للإيمان ثمرات في الدنيا والآخرة؛ لتحفيز العباد على الثبات عليه، وتجديده باستمرار وزيادته بالطاعات، وسوف نتناول هذه الثمرات في المطالب الآتية:

أولًا: جزاء الإيمان في الدنيا

1- الاستخلاف والتمكين في الأرض.

أخبر سبحانه وتعالى أنه وعد بالنصر الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة، بأن يورثهم أرض المشركين، ويجعلهم خلفاء فيها.

قال الله تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾

النور: ٥٥

وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يستخلفهم في الأرض- كما استخلف المؤمنين الصالحين قبلهم- ليحققوا النهج الذي أراده الله، ويقرروا العدل الذي أراده الله، ويسيروا بالبشرية خطوات في طريق الكمال المقدر لها يوم أنشأها الله..

2- الخيرية بين البشرية

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾

البينة: ٧

إن الذين آمنوا بالله وعبدوا الله مخلصين له الدين، وأطاعوا الله فيما أمر ونهى ، أولئك هم خير الخلق.

3- البركات من السماء و الأرض

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

الأعراف: ٩٦

ولو أنَّ أهل القرى صدَّقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه، لوسعنا عليهم الخير ويسرناه لهم من كل جانب

4- الحياة الطيبة

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل: ٩٧

أخبر سبحانه وتعالى أنه من عمل عملًا صالحًا ذكرًا كان أم أنثى، وهو مؤمن بالله ورسوله، فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة، ولو كان قليل المال، ولنجزينهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما عملوا في الدنيا .

5- عدم الحرمان من ثواب العمل

أخبر سبحانه وتعالى أنه يجازي أهل الإيمان والعمل الصالح بالأجر الجزيل غير المقطوع، وهذا الأجر يكون بأحسن ما عملوا، ويكون وافيًا تامًّا.

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾

الأنبياء: ٩٤

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾

فصلت: ٨

هذا هو قانون العمل والجزاء، لا جحود ولا كفران للعمل الصالح متى قام على قاعدة الإيمان، وهو مكتوب عند الله لا يضيع منه شيء ولا يغيب. بل وعدهم سبحانه بتوفية أجورهم والزيادة من فضله .

قال تعالى:

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

النساء: ١٧٣

6- الأمن من الخوف والحزن

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

البقرة: ٢٧٧

وعد سبحانه وتعالى أن الذين آمنوا  وعملوا الأعمال الصالحة، وأدوا الصلاة وأخرجوا زكاة أموالهم، لهم ثواب عظيم خاص بهم عند ربهم ورازقهم، ولا يلحقهم خوف في آخرتهم، ولا حزن على ما فاتهم من حظوظ دنياهم .

7- الأمان من الظلم

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾

طه: ١١٢

ومن يعمل صالحات الأعمال وهو مؤمن بربه، فلا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته، ولا أن يهضم من حسناته، ولا يخاف أن يظلم فيزاد من ذنب غيره، ولا يخاف أن يؤاخذ بما لم يعمل، ولا ينتقص من عمله الصالح، ولا يخاف أن لا يجزى بعمله، ولا أن ينقص من حقه .

8- المحبة في قلوب العباد

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ﴾

مريم: ٩٦

إن الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات وَفْق شرعه، سيجعل لهم الرحمن محبة ومودة في قلوب عباده.

9- الهداية إلى الصراط المستقيم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾

يونس: ٩

إن الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم إلى طريق الجنة ويوفقهم إلى العمل الموصل إليه .

10- صلاح البال

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ  كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾

محمد: ٢

والذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وصدقوا بالكتاب الذي أنزل الله على محمد، محا الله عنهم بفعلهم ذلك سيئ ما عملوا من الأعمال، فلم يؤاخذهم به، ولم يعاقبهم عليه، وأصلح بالهم ، ومتى صلح البال، استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام.

11- النجاة من الخسران

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

العصر: ٢-٣

إن الإنسان لفي خسارة وهلاك إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران: الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم وتواصوا بالحق: وهو أداء الطاعات، وترك المحرمات وتواصوا بالصبر، أي: على المصائب والأقدار وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر.

12- الإخراج من الظلمات إلى النور

قال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

البقرة: ٢٥٧

يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام، فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير.

١٣- مجازاة المؤمنين بأحسن ما كان يعملون

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل: ٩٧

مَن عمل عملا صالحًا ذكرًا كان أم أنثى، وهو مؤمن بالله ورسوله، فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة، ولو كان قليل المال، ولنجزينَّهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما عملوا في الدنيا.

ثانيًا: جزاء الإيمان في الآخرة

أخبر سبحانه وتعالى أن لأهل الإيمان والعمل الصالح الثواب العظيم في الآخرة و الذي منه:

١- تكفير السيئات وتبديلها حسنات

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

العنكبوت: ٧

والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنمحونَّ عنهم خطيئاتهم، ولنثيبنَّهم على أعمالهم الصالحة أحسن ما كانوا يعملون.

قال الله تعالى:

﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾

الفرقان: ٧٠

لكن مَن تاب مِن هذه الذنوب توبة نصوحًا وآمن إيمانًا جازمًا مقرونًا بالعمل الصالح، فأولئك يمحو الله عنهم سيئاتهم ويجعل مكانها حسنات.

٢- المغفرة

قال الله تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

المائدة: ٩

وعد الله أهل الإيمان والعمل الصالح أن يغفر لهم ذنوبهم، وأن يثيبهم على ذلك الجنة .

٣- الجنة و نعيمها

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾

الكهف: ١٠٧

وعد الله أهل الإيمان والعمل الصالح أن لهم أعلى الجنة وأفضلها منزلًا،

قال الله تعالى:

﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾

البقرة: ٢٥

وقد بشر الله أهل الإيمان والعمل الصالح بالجنة وما فيها من أنواع النعيم .

7- زيادة الإيمان ونقصانه

ورد في كتاب الله تعالى آيات أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بفعل الطاعات وينقص بارتكاب المحرمات.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾

المدثر: ٣١

﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾

آل عمران: 173

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

الأنفال: ٢

﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾

الأحزاب: ٢٢

﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾

الكهف: ١٣

في هذه الآيات دليل على أن الإيمان، يزيد وينقص، فيزيد بفعل الطاعة وينقص بضدها، وأنه ينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه وينميه، وأن أولى ما يحصل به ذلك تدبر كتاب الله تعالى والتأمل لمعانيه.

8- وصف القرآن الكريم لحال

أكثر الناس بأنهم لا يؤمنون

هناك ثلاثة عشرة آية في القرآن الكريم وردت الإشارة فيها بأن أكثر الناس لا يؤمنون، ومنها:

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾

يوسف:103

﴿ المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ﴾

الرعد:1

﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

الشعراء :139

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ﴾

غافر :59

9- صفات المؤمنون

     في

  القرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ 0 الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ 0 أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا  لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾

الأنفال 2-4

إنما المؤمنون بالله حقًا هم الذين إذا ذُكِر الله فزعت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آيات القرآن زادتهم إيمانًا مع إيمانهم، لتدبرهم لمعانيه وعلى الله تعالى يتوكلون، فلا يرجون غيره، ولا يرهبون سواه. الذين يداومون على أداء الصلوات المفروضة في أوقاتها، ومما رزقناهم من الأموال ينفقون فيما أمرناهم به. هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال هم المؤمنون حقًا ظاهرًا وباطنًا بما أنزل الله عليهم، لهم منازل عالية عند الله، وعفو عن ذنوبهم، ورزق كريم، وهو الجنة.

10- اختبارًالمؤمنون

قال الله تعالى:

﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾

آل عمران 179

ما كان الله ليَدَعَكم أيها المؤمنون على ما أنتم عليه من التباس المؤمن منكم بالمنافق حتى يَمِيزَ الخبيث من الطيب، فيُعرف المنافق من المؤمن الصادق

Share This