مفهوم الإهلاك في القرآن الكريم

1- مفهوم الإهلاك

الإهلاك هوالاستئصال والأخذ والإبادة.

قال الله تعالى:

﴿ وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾

الكهف: ٥٩

2- كلمة الإهلاك

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة (هلك) وصيغها في القرآن الكريم (٥٨) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد ٣٧ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ﴾

الحجر: ٤

– الفعل المضارع

ورد ١٤ مرة

قال الله تعالى:

  ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴾

المرسلات: ١٦

– اسم الفاعل

ورد ٦ مرات

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ﴾

الأنعام: ١٣١

– اسم المفعول

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ﴾

المؤمنون: ٤٨

وجاء الإهلاك في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه:

الأول: الموت

قال الله تعالى:

 ﴿ وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾

الإسراء: ٥٨

أي: مميتوها.

الثاني: الفساد

قال الله تعالى:

 ﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا ﴾

البلد: ٦

أفسدت مالًا كثيرًا.

الثالث: العذاب

قال الله تعالى:

  ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾

الكهف: ٥٩

أي: عذبناهم.

3- كلمات ذات الصلة

    بكلمة الإهلاك

– العذاب

كل مؤلم للنفس إذا كان جزاء على سوء .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾

المؤمنون: ٧٦

– الموت

مفارقة الروح للجسد .

قال الله تعالى:

﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾

الواقعة :60

– الاستئصال

هو الاقتلاع من الأصل .

– التدمير

هو استئصال الهلاك.

قال الله تعالى:

﴿ فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا ﴾

الفرقان: ٣٦

– القصم

كسر الشيء حتى أهلكه  .

قال الله تعالى:

﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾

الانبياء: ١١

– الأخذ

هو الإهلاك والاستئصال.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾

الحج: ٤٨

وأخذ الله الظالم: أهلكه.

4- خصائص السنن الإلهية

            في

    إهلاك الظالمين 

هناك سنن كونية ثابتة في هذا الكون، والذي جعل هذه السنن ثابتة هو الله العزيز الحكيم. إن بعض الأقوام أتوا بأسباب العذاب فأهلكهم الله بأفعالهم وأعمالهم طبقا لتلك السنن التي من  خصائصها الأتي :

أ- سنن الله لا تُحابِي أحدًا

إن سنةَ الله لا تُحابِي أحدًا، وليس لفردٍ ولا لمُجتمعٍ حصانةٌ ذاتيةٌ، وحين تُقصِّرُ أمةٌ في توقِّي أسباب المصائب العامة فإن عليها أن تتقبَّل نتيجةَ التقصير، والسعيدُ من اتَّعَظَ بغيره  ..

قال الله تعالى:

( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ  مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )

النساء: 123

ب – الإنذار والتذكير

فمن سنته تعالى في عباده أنه لا يعذب أحدا منهم إلا إذا ذكرهم وأنذرهم فإذا أعرضوا عما أمروا به ونسوا ما ذكروا به جاءهم عذاب الله ..

قال الله تعالى:

 ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )

الإسراء : 15

 ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ .  ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ )

الشعراء: 208 – 209

ت – الاستدراج

أن الله إذا رأي من أمةٌ انحرافا عن دينه ونسيانا لشرعه وما أنزل إليهم فتح لهم وقتئذ في وجوهم أسباب الرزق والترف وأغرق عليهم النعم ووسع عليهم في حياتهم حتى إذا فرحوا بما واطمأنوا إليها ومالوا إلى التمتع بها أخذهم الله مفاجأة من حيث لا يشعرون.

قال الله تعالى:

( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )

الأنعام : 44 – 45

ث- يأخذهم بالمحن لعلهم يرجعون

وقد يأخذهم بالمحن والشدائد والبأساء والضراء والفتن لعلهم يرجعون ..

قال الله تعالى:

 ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ .  فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

الأنعام :  42 -43

 ( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )

الأعراف :130

 ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )

المؤمنون :76

ولكنهم أبوا إلا الجحود والكفران

ج – الإهلاك يقع فجأة

قال تعالى:

﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾

الأعراف: ٤

وكثير من القرى أهلكنا أهلها بسبب مخالفة رسلنا وتكذيبهم، فأعقبهم ذلك خزي الدنيا موصولا بذلِّ الآخرة، فجاءهم عذابنا مرة وهم نائمون ليلا ومرة وهم نائمون نهارًا.

ح – الانتقام من المجرمين والظالمين خاصة

وجرت سنة الله في هذا الكون أن لا يعذب إلا الظالمين ولا ينتقم إلا من المجرمين والمفسدين

قال الله تعالى:

 ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ )

الأنعام :47

 ( وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )

يوسف : 110

( فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا )

الروم : 47

 ( إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ )

السجدة: 22

( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )

الأعراف : 165

خ – الاستئصال والإبادة والاستبدال

ومن سنة الله تعالى الكونية التي يسلكها مع عباده المنحرفين انه يهلكهم ويبيدهم ويستأصلهم ويستبدل بهم قوما آخرين

قال الله تعالى:

 ( وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ )

الأنعام  : 133

 ( يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )

محمد : 38

والاستبدال ليس خاص بالكافرين بل إذا أعرض من المسلمين عن دين الله استبدل غيرهم

قال الله تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ  )

المائدة : 54

د – لا يهلك الله القرى وأهلها مصلحون

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾

هود: ١١٧

وما كان ربك -أيها الرسول- ليهلك قرية من القرى وأهلها مصلحون في الأرض، مجتنبون للفساد والظلم، وإنما يهلكهم بسبب ظلمهم وفسادهم.

ذ – الإهلاك له أجل مقدر

قال تعالى:

﴿ وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾

الكهف: ٥٩

وتلك القرى القريبة منكم – كقرى قوم هود وصالح ولوط وشعيب- أهلكناها حين ظلم أهلها بالكفر، وجعلنا لهلاكهم ميقاتًا وأجلا حين بلغوه جاءهم العذاب فأهلكهم الله به.

ر- لا يقبل الإيمان حين وقوع الإهلاك

قال الله تعالى:

﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾

ص: ٣

كثيرًا من الأمم أهلكناها قبل هؤلاء المشركين، فاستغاثوا حين جاءهم العذاب ونادوا بالتوبة، وليس الوقت وقت قَبول توبة، ولا وقت فرار وخلاص مما أصابهم.

ز- عدم رجوع المهلكين للدنيا للاستدراك

قال الله تعالى:

﴿ وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾

الأنبياء: ٩٥

وممتنع على أهل القرى التي أهلكناها بسبب كفرهم وظلمهم، رجوعهم إلى الدنيا قبل يوم القيامة؛ ليستدركوا ما فرطوا فيه.

5- أسباب هلاك الأمم

إن الله – سبحانه وتعالى – عندما أهلك بعض الأقوام والأمم قبلنا، لم يهلكهم إلا لأسباب وأمور فعلوها، كانوا قد حُذّروا منها، فبعد أن تمادوا كان لابد من هلاكهم ، فالله تعالى ، كما أنه غفور رحيم، لكنه – عز وجل – أيضاً شديد العقاب.

أ – هلاك الأمم بظلمها

كما ازداد الظلم على الضعفاء والمساكين من الناس، وغاب العدل، وصار القوي يأكل الضعيف، والغني يظلم الفقير، ورب المال يجور على الأجير، ويأكل حقه ، فعند ذلك تتحقق سنة الله في هلاكها ..

قال الله تعالى:

 ( وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ )

الأنبياء :11

 ( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا )

الحج : 45

( وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا )

الكهف: 59

( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ )

القصص : 59

ب-  كثرة الفساد في الأرض

الإكثار من الفساد وهو ضد الصلاح والإصلاح ، والفساد في الأرض تخريبها عن الوجه الذي أراده الله لها ، في كل النواحي الدينية والعقدية والأخلاقية والسلوكية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون ﴾

الروم: 41

﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ  وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ . وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾

هود :116- 117

﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾

النحل: 88

﴿ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ .  الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ .  فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ .  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾

الفجر: 10- 12

 ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا )

الإسراء: 16

أمرنا مترفيها بطاعة الله وتوحيده، وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوا به، ففسقوا وخرجوا عن طاعة أمر ربهم، وعصوه، وكذبوا رسله، فحق عليها القول، أي وجب عليها الوعيد، فدمرناها تدميراً،

ج – ضياع الحقوق

من أسباب هلاك الأمم ضياع الحقوق بين الناس من ظهور الغش في الموازين ، في المواصفات ، منع حق الله، وحق عباده، ونقض العهود والمواثيق

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ  وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ.  وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ  وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ  ﴾

هود: 84 – 85

د – أنكار آيات الله الواضحة

فعاجلهم بالعقوبة بسبب تكذيبهم وعنادهم. والله شديد العقاب لمن كفر به وكذَّب رسله.

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴾

الأنعام: 6

﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ  كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ  وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾

آل عمران: 11

و- انتشارُ الفواحِش

ومن أعظمِ أسباب العقوبات العامة: انتشارُ الفواحِش والزنا، وأسباب الفُسوق المُؤدِّية إليها .

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾

الإسراء: 16

﴿ إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ. وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

العنكبوت: 34- 35

6 – أمثلة عن الإهلاك

           في

    القرآن  الكريم

قص القرآن الكريم نماذج من القرى المهلكة، ثم عقب بعدها

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴾

هود : ١٠٠

وذكر اللهُ تعالى مُبيِّناً أنواعَ العذاب والهلاك التي حاقت ببعض الأمم .

قال اللَّهِ تعالى:

( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

العنكبوت :40

وقد أجمل الله تعالى تلك القرى المهلكة

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ . وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ. وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾

ق : ١٢ – ١٤

أ- قوم نوح

أرسلَ اللهُ تعالى نوحاً إلى قومه ليُنذرهم ويُبيِّنَ لهم ما أراده الله تعالى منهم ويدعوهم إلى عبادة الله وحده

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ، أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ  إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ )

هود :25- 26

أنَّ أكثرية قوم نوح قد تعالوا على آيات الله ورفضوا القبول بها وتحدَّوا رسولَ الله طالبين منه أن يأتيهم بعذاب الله إن كان صادقاً فيما يقول.

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ . فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ  .وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ  ﴾

الشعراء: 117-122

2- قوم هود

اختارَ اللهُ تعالى هوداً عليه السَّلام لتبليغ آياته إلى قوم عاد الذين استُخلفوا في الأرض من بعد قوم نوح، فدعا هودُ قومَه إلى عبادة الله وحده وإلى لباس التقوى، وناقشَهم واحتملَ كلماتهم القاسية وتكذيبهم

قال اللَّهِ تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ  . قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ . أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً  فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴾

الأعراف: 65- 69

لم يستجب قومُ عاد لرسولهم، بل استمروا في تكذيبه والاستعلاء عليه، وغرَّتهم القوَّةُ التي كانوا يتمتعون بها

قال اللَّهِ تعالى:

( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً  أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً  وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ )

فصلت: 15

استحقَّ قومُ عاد لعنة الله في الدُّنيا والآخرة

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  .وَتِلْكَ عَادٌ  جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ . وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ  أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ  أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ )

هود :58-60

3- قوم صالح

دعا صالحُ عليه السلام قومَه إلى عبادة الله وحده، لكنَّهم واجهوا دعوته بالتمسك بما كان يعبده آباؤهم وبالاستخفاف بصالح عليه السَّلام وبدعوته، وطالبوه بأن يأتي بمعجزة تُبيِّنُ صدقه

قال اللَّهِ تعالى:

 ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ.  فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ . وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )

الشعراء : 141- 154

استجابَ اللهُ تعالى لطلبهم وأرسل إليهم الناقةَ آيةً

قال اللَّهِ تعالى:

( قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ، وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ )

الشعراء: 155- 156

استجابَ لرسالة الله فئةٌ قليلة من قوم صالح عليه السَّلام، أمَّا البقية منهم فقد قتلوا الناقة واستحقوا بذلك الهلاك الإلهي

قال اللَّهِ تعالى:

 ( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ، فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ )

الأعراف :77- 79

4- قوم لوط

بعثَ اللهُ تعالى لوطاً إلى قومٍ كان ينتشر فيما بينهم الشذوذُ الجنسي، ويصفُ اللهُ أفعال أولئك القوم بأنَّها كانت غيرَ مسبوقةٍ في التَّاريخ

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ )

العنكبوت : 28- 29

لقد استنكر لوط عليه السَّلام على قومه فعلَهم القبيح ذلك ودعاهم إلى العودة إلى رشدهم ونصحهم نصيحة الأخ المحب لأخيه

قال اللَّهِ تعالى:

( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ  إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ . وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم  بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ  )

الشعراء :161- 166

كان ردُّ قوم لوط هو تهديده بإخراجه من قريته

قال اللَّهِ تعالى:

( قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ )

الشعراء: 167

أنَّ قوم لوطٍ اختاروا الاستمرار في غيِّهم ولم يعيروا أهميَّةً لنداء الله، بل راحوا يهددون لوط عليه السَّلام ويتحدون الله، فوقعَ بهم العذابُ الإلهيُّ الذي أهلكهم جميعاً .

قال اللَّهِ تعالى:

( قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ . قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ . رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ . فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ . ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ )

الشعراء: 167- 174

5- قوم شعيب

بعثَ اللهُ شعيبَ رسولاً إلى قومه ليبلغهم آياته وليدعوهم إلى فضائل الأخلاق، كما ذكَّرهم بنعم الله عليهم وحذَّرهم من نهايةٍ مُشابهةٍ لنهاية الأقوام التي أُهلكت من قبلهم

قال اللَّهِ تعالى:

( وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا  قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ  فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا  ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا  وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ  وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ .وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا  وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ )

الأعراف: 85- 87

كانت ردَّة فعل قوم شعيب عنيفةً فراحوا يُهددونه برجمه تارةً وبإخراجه مع من آمن برسالته من قريتهم تارةً أخرى

قال اللَّهِ تعالى:

 ( قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا )

الأعراف: 88

( قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا  وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ  وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ )

هود :91

وكان العذاب ينتظرُ المُكذبين بآيات الله، أي أنَّ سيرة الأقوام التي أهلكها اللهُ من قبلهم تعودُ من جديدٍ لتتكرر في قصة شعيب مع قومه .

قال اللَّهِ تعالى:

( وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ . فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ . وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ  وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ )

العنكبوت: 36- 38

6- فرعون وأنصاره

أرسلَ اللهُ تعالى موسى وأخاه هارون إلى الطاغية فرعون لتبليغه رسالة الله التي تتضمن الإنذار والتبشير

قال اللَّهِ تعالى:

( اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي . اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ.  فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ.  قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ . قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ . فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ  قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ  وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ. إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى )

طه :42- 48

وقد أيَّدَ اللهُ تعالى موسى وهارون بالمعجزات التي تؤكد أنَّهما رسولا الله، لكنَّ فرعون وأنصاره كانا يُصرِّان على القول بأنَّ تلك المعجزات ليست سوى سحراً قام به موسى ليخدعهم به،

قال اللَّهِ تعالى:

( وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ، قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ، فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ  )

طه :56- 57

لقد استيقنَ فرعونُ وأنصارُه من صدق موسى عليه السَّلام في دعوته، لكنَّ العلوَّ والاستكبارَ منعهم من التسليم لرسالة الله

قال اللَّهِ تعالى:

( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا  فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ )

النَّمل: 14

كانت نهاية فرعون وأنصاره غرقاً في البحر

قال اللَّهِ تعالى:

( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا  حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً  وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ  )

يونس: 90- 92

7- وسائل الإهلاك

     في

القرآن الكريم

أن عذاب الله وعقابه للأمم ليس بنوع واحد ولا لون معين، فجنود الله لا حصر لها ..

قال الله تعالى:

 ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ )

المدثر: 31

ولنذكر بعضا منها… فقد كان الهلاك في الأمم السابقة بالوسائل التالية ..

قال الله تعالى:

 ( فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون )

العنكبوت :40

أن عذاب الله وعقابه للأمم ليس بنوع واحد ولا لون معين، بل جرت سنة الله – تعالى – في تنويعه على ألوان مختلفة متنوعة، فقد يكون الهلاك بالأتي :

أ- الغرق

وكان البحر جندا لله في هلاك فرعون وجنوده

قال الله تعالى:

( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ )

الذريات :40

ب – الريح

قال الله تعالى:

( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ )

الحاقة  : 6- 7

( وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ )

الذريات :41

وكانت الريح جند الله في هزيمة الأحزاب

قال الله تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً )

الأحزاب :9

ت – الصيحة

قال الله تعالى:

 ( وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ . كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ )

هود:  67- 68

وأخذت الصيحة القوية ثمود الظالمين، فأصبحوا في ديارهم موتى هامدين ساقطين على وجوههم لا حِرَاك لهم.

وكانت الصيحة جند الله في هلاك ثمود .

ج – الإمطار بالحجارة

قال الله تعالى:

 ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ . مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ )

هود:  82- 83

 ( لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ . مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ )

الذريات: 33 – 34

وكانت الإمطار بالحجارة جند الله في هلاك قوم لوط .

ح – الظلة (السحب)

قال الله تعالى:

( فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )

الشعراء : 189

فأظلتهم سحابة، وجدوا لها بردًا ونسيمًا، فلما اجتمعوا تحتها، التهبت عليهم نارًا فأحرقتهم، فكان هلاكهم جميعًا في يوم شديد الهول.

وكانت الظلة جند الله في هلاك قوم شعيب .

د – الرجفة

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ .  فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾

العنكبوت: 36- 37

وكانت الرجفة ﴿ الزلزلة الشديدة ﴾ جند الله في هلاك قوم مدين .

ر – الطير الأبابيل

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ .  أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ .  وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ . تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ  . فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴾

الفيل :1- 5

وكانت الطير الأبابيل جند الله في هلاك أصحاب أبرهة ملك اليمن وجيشه .

س – الصاعقة

قال الله تعالى:

( وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ. فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ . فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ )

الذريات : 43- 45

ش – القحط والمجاعات ونقص الثمرات

قال الله تعالى:

( وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ )

الأعراف: 168

( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ )

الأنعام: 42

فالسيئات تعم كل ما يسوء الإنسان والبأساء: الفقر والشدة والجوع والقحط والضراء: الآفات ومنها الأمراض

قال الله تعالى:

 ( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ )

الأعراف: 130

( فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ )

النحل: 112

ص – الخسف

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ .  فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾

القصص: 80-81

ض – المسخ

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ ﴾

يس 67

ولو شئنا لَغَيَّرنا خلقهم وأقعدناهم في أماكنهم، فلا يستطيعون أن يَمْضوا أمامهم، ولا يرجعوا وراءهم.

  8 – الحكمة من الإهلاك

لا تنفك الحكمة عن أفعال الله عز وجل وأقضيته، وأحكامه. ومن ذلك الإهلاك، فلا تخلو حالةٌ من حالات الإهلاك التي قدرها الله تعالى من حِكَم.

ومن تلك الحِكَم:

أولًا – إظهار العدل الإلهي بين العباد

ومن حكم الإهلاك أنها تبرز العدل الإلهي بين عباده تعالى، ومن صور ذلك العدل

أ – أن الله تعالى لم يهلك أحدًا ظلمًا

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾

القصص: ٥٩

وهذا بيان لعدله وتقدسه عن الظلم، حيث أخبر بأنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الهلاك بظلمهم .

ب – أن الله تعالى لم يترك

حجة لمعتذر عند إهلاكه

فالعدل الإلهي اقتضى ألا يكون هلاك وعقاب في الدنيا إلا بعد بيان الحجة وإقامة البرهان.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ . فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾

الأعراف: 4- ٥

فالله تعالى لا يأخذ ظلمًا، ولذا القرى التي دمرها لم تكن عندهم دعوى يعتذرون بها.

ت – أن الله تعالى يعاقب العاصي،

فيهلكه، ويثيب الطائع فينجيه

فالعدل الإلهي بين العباد يقتضي التفاوت بين الأمم، فيهلك الله الظالمين، وينعم على الطائعين .

قال الله تعالى:

﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ  إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ . وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾

هود: ٦٦ – ٦٧

فقد اقتضى العدل الإلهي ورحمة الله إنجاء صالح عليه السلام ومن آمن معه، وإهلاك قبيلة ثمود .

ثانيا- الاعتبار بمصير المهلكين

قال الله تعالى:

﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ ﴾

طه: ١٢٨

أفلم يدل قومك – أيها الرسول – على طريق الرشاد كثرة مَن أهلكنا من الأمم المكذبة قبلهم وهم يمشون في ديارهم، ويرون آثار هلاكهم؟ إن في كثرة تلك الأمم وآثار عذابهم لَعبرًا وعظاتٍ لأهل العقول الواعية.

ثالثا – تطهير الأرض من المجرمين

لخطورة الإجرام على الأرض فقد أكد القرآن الكريم أن الله تعالى قد أهلك أممًا بسبب إجرامها ؛ تطهيرًا للأرض منهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾

يونس: ١٣

أي: مثل ذلك الجزاء وهو الاستئصال الكلي لكل مجرم.

رابعا- استخلاف المصلحين

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴾

الأنعام: ٦

أي: أن الأمم إذا هلكت بسبب فسادها، جاء جيل يصلح أمرها، ويزيل أسباب الفساد، ويجدد المتخرب، وهو الجيل الذي ينشئه الله على آثار المفسدين .

خامسا – نصر الأنبياء والصالحين

واستخلافهم بعد الإهلاك

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ. يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾

غافر: ٥١- 52

أي: أننا ننصر رسلنا وأتباعهم الذين يؤمنون بهم، في الحياة الدنيا وننتقم لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبي .

Share This