1- مفهوم الإنسان

الإنسان هو اسم جنس لكائن حيّ مفكِّر قادر على الكلام المفصَّل والاستنباط والاستدلال العقليّ، يقع على الذَّكر والأنثى من بني آدم ، وهو مكون من مجموع الروح والجسد .

2- كلمة الإنسان

     في

القرآن الكريم 

وردت كلمة ﴿الإنسان﴾ وصيغها في القرآن الكريم  71 مرة ، والصيغ التي وردت هي:

– المفرد

قال الله تعالى :

﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

النساء ٢٨

– الجمع

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾

الأنعام 128

وجاء الإنسان في القرآن على ثلاثة أوجه :

1- آدم عليه السلام

قال الله تعالى :

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴾

المؤمنون:١٢

2- جنس بني آدم

قال الله تعالى :

﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَىٰ ﴾

النازعات:٣٥

3- أحد أبناء آدم بعينه

قال الله تعالى :

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ ﴾

العلق:٦

أريد به : أبو جهل

3- الغاية من خلق الإنسان

إن الله تعالى خلق المخلوقات، وأوجد الموجودات لغايةٍ يريدها، وحكمةٍ يعلمها ، ولم يخلقهم سدًى .

قال الله تعالى:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾

المؤمنون :١١٥

وقد أوضح الحق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم تلك الغاية وهي متمثلة في أمرين ، هما

1- تحقيق العبودية

لعل الغاية الأسمى التي خلق لأجلها الإنسان هي تحقيق العبودية لله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

الذاريات: ٥٦

إن الله خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه ومحبته والإخلاص له .

قال الله تعالى:

﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

الإسراء :٢٣

فهو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

الأنعام: ١٦٢

فالعبودية مفهومٌ شاملٌ لكل عملٍ إنساني صالحٍ يقصد به وجه الله في هذه الحياة.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

الأنبياء 25

وجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى خاتمهم- كانت دعوتهم أساسها تحقيق العبودية لله عز وجل.

وحقيقة العبادة هي استسلام القلب والجوارح لله حبًا وخضوعًا له، وخوفًا من عقابه، لا شريك له في شيءٍ من ذلك ألبته، فهو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه .

وتحقيق العبادة يقتضي أن يجعل الإنسان حياته وسائر أفعاله وتصرفاته وعلاقاته مع الناس وفق المناهج التي وضعتها الشريعة الإسلامية.

2- عمارة الأرض

ليست الغاية من الخلق محصورةً فقط على العبادة كما ظن كثيرٌ من الناس، ، ولكن الله عز وجل هيأ الإنسان لأمرٍ آخر لا يتعارض مع تحقيق العبودية، ألا وهو عمارة الأرض واستخلافه.

عن صالح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾

هود:٦١

الاستعمار هو طلب التعمير والسعي لتحقيق العمران ، والعمارة نقيض الخراب ، واستعمركم فِيهَا أي فوض إليكم عمارتَهَا .

قال الله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ﴾

الروم  :٩

وعمارة الأرض بجعلها عامرةً غير خلاءٍ وذلك بالبناء والغرس والزرع ، فلا بد للإنسان من أن يكتشف ويخترع من أجل تذليل العقبات التي تعترض طريقه، وتحول بينه وبين تحقيق ما يطمح إليه من سبل العيش الآمن والحياة الكريمة.

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾

الحج: ٤١

ولا يقصد أن تكون عمارة الأرض بالعلم المادي فقط ، فالله تعالى يربط بين عمارة الأرض و تحكيم شريعتة في أرضه .

قال الله تعالى:

﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

النحل:١١٢

فالبعد عن هذا الهدي السماوي يجلب فيما يجلب التعاسة والحروب، و الخراب .

4- خلق الإنسان

قال الله تعالى:

﴿ الرَّحْمَٰنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴾

الرحمن : 1- 3

يعد خلق الإنسان آيةً من آيات الله عز وجل العظيمة .

قال الله تعالى:

﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾

الإنسان: ١

﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴾

مريم: ٦٧

قبل عملية الخلق ، لم يكُن الإنسان شيئًا موجودًا ، فأوجده الله من العدم

قال الله تعالى:

﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾

نوح:  ١٤

أن عملية الخلق هذه قد مرت بمراحل عديدةٍ وأطوار مختلفة ، فطورا نطفة وطورا علقة إلى تمام خلق الإنسان .

وقد خلق الله عز وجل الإنسان على أربعة أوجهٍ:

1- خلق آدم عليه السلام

أخبر الحق سبحانه وتعالى عن خلق آدم عليه السلام في مواضع عديدة من القرآن الكريم، ومن خلال الآيات القرآنية الكريمة في خلق آدم عليه السلام يمكن أن نقول بأن خلق آدم عليه السلام مر في ثلاثة أطوارٍ رئيسةٍ هي:

الطور الأول: طور التخليق

ويتضمن أربع مراحل رئيسةٍ ، هي

1- التراب

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾

آل عمران: ٥٩

خلق الله آدم من تراب الأرض ، أي من نفس العناصر الموجودة في تراب الأرض .

2- من طينٍ

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴾

ص:٧١

﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ﴾

السجدة: ٧

والطين ناتج عن خلط التراب بالماء وبالإضافة إلي تراب الأرض لابد من الماء .

قال الله تعالى:

﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾

الأنبياء 30

أن الطين بالنسبة للإنسان الأول، وهو آدم عليه السلام ، كان: طينًا لازبًا. أي لزج يلتصق بعضه ببعض

قال الله تعالى:

﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴾

الصافات: ١١

من طين أسود متغيِّر لونه وريحه؛ مِن طول مكثه.

3- خلقه من حمأ مسنونٍ

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾

الحجر: ٢٦

ترك الله عزّ وجل الطين بعد أن مزج التراب والماء حتى صار حمأ مسنون، والحمأ عبارة عن طين أسود متغيّر.

4- خلقه من صلصالٍ كالفخار

والمراحل السابقة مجتمعة أدت إلى مرحلة الصلصال وهو عبارة عن طين يابس .

قال الله تعالى:

﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ﴾

الرحمن: ١٤

وهذا الصلصال يشبه الفخار إلا أنه ليس فخارًا؛ لأن الفخار مطبوخ بالنار بخلاف الصلصال، فهو طين يابس غير مطبوخ بالنار.

الطور الثاني: طور التصوير

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾

الأعراف: ١١

ويلاحظ من خلال هذه الآية الكريمة أن مرحلة التصوير تأتي بعد الخلق

الطور الثالث: طور نفخ الروح

بعد أن سوى الله عز وجل الإنسان الأول وصوره، وهو آدم عليه السلام أراد أن يبث فيه الحياة، نفخ فيه من روحه، فصار بشرًا حيًا.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾

الحجر:٢٨-٢٩

ثانيًا: خلق حواء

لما خلق الله عز وجل آدم عليه السلام خلق له زوجه حواء عليها السلام.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾

النساء: ١

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾

الأعراف: ١٨٩

تدل هذه الآيات على أن آدم عليه السلام قد خلق أولا، وأن حواء قد خلقت بعده .

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾

النحل: ٧٢

أن حواء خلقت من جنس خلق آدم عليه السلام أي: من نفس العناصر التي خلق منها آدم، فالله خلق حواء من نفس نوع آدم كما خلق لنا من أنفسنا أزوجا. و ذلك مثل الأتى

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾

آل عمران: ١٦٤

﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾

التوبة: ١٢٨

لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول منكم

ثالثًا: خلق عيسى عليه السلام

يعد خلق عيسى عليه السلام من أم بلا أب معجزةً دالةً على عظيم قدرة الله التي لا تحدها حدود ولا يقف أمامها مانع ليظهر للناس أنه عز وجل على كل شيءٍ قدير.

قال الله تعالى:

﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ  إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾

آل عمران: ٤٧

﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾

آل عمران: ٥٩

المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق، وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم، وهي(كن) ، فكان، وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾

النساء: ١٧١

رابعًا: خلق سائر بني آدم

بعد أن خلق الحق سبحانه وتعالى الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام ، وخلق منه زوجه حواء عليها السلام بين لنا في كتابه العزيز أطوار خلق ذرية آدم ؛ إظهارًا لعظمته سبحانه وتعالى وقدرته ، وقد دلت نصوص القرآن الكريم على أن الإنسان يخلق على أطوارٍ أومراحل متتاليةٍ ، أي مرحلةٍ من بعد أخري.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾

نوح: ١٤

﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ﴾

الزمر: ٦

ومن خلال تتبع الآيات القرآنية المتعلقة بأطوار خلق الإنسان، نجد أن القرآن الكريم حدد أطوار خلق الإنسان الأساسية في الآتي

1- النطفة

يتكون من ماء المرأة وماء الرجل؛ أي يختلط ماء الرجل بماء المرأة بعد عملية الجماع فيصبح الماءان نطفة واحدة .

قال الله تعالى:

(خَلَقَ الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ )

النحل: 4

2- العلقة

قال الله تعالى:

 ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى )

القيامة : 38

﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾

العلق : 2

العلق جمع علقة وهي القطعة اليسيرة من الدم الغليظ .

3- المضغة

هي قطعة صغيرة من اللحم بقدر ما يمضغ في الفم، والعلقة تمر في مرحلتين

– المضغة غير المخلقة

تمتد من الأسبوع الثالث إلى الأسبوع الرابع، ولا يوجد أي تمايز لأيّ جهاز أو عضو.

– المضغة المخلقة

تمتد من نهاية الأسبوع الرابع إلى نهاية الشهر الثالث، وتمر بعدد من التغيرات المدهشة والدقيقة، كما تنمو وتتطور الخلايا فيها من أجل أن يكون الإنسان في أحسن تقويم.

قال الله تعالى:

( ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ )

الحج: ٥

4- العظام

تتحول قطعة اللحم إلى هيكل عظمي

قال الله تعالى:

 ( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا )

المؤمنون: 14

5- كساء العظام باللحم

قال الله تعالى:

تلتفّ حول العظام العضلات واللحم كأنها كساء.

قال الله تعالى:

﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ﴾

المؤمنون: ١٤

6- الخلق الآخر

بمعنى نفخ الروح، وهذه النفخة تكون بعد مرحلة العلقة، أي خلال الأربعة أشهر.

قال الله تعالى:

﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾

المؤمنون: ١٤

6- الإنسان بين الإيمان والكفر

خلق الله عز وجل الإنسان وسواه بيده، ونفخ فيه من روحه، وكرمه وفضله على كثيرٍ من المخلوقات.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾

الإسراء: ٧٠

وقد خلق الله الناس علي الفطرة وهي الإيمان به

قال الله تعالى :

﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

الروم: ٣٠

وأودع الله تعالى في الإنسان استعدادات وقدرات للتمييز بين الخير والشر وبين الهدى والضلال .

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾

الإنسان: ٣

والإنسان حرٌ في اختيار نوع الطريق الذي يسلكه في الحياة الدنيا، فإما أن يختار طريق الحق والاستقامة أو أن يختار طريق الغواية والضلال .

قال الله تعالى :

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

الكهف: ٢٩

وبين الله تعالى للإنسان أن نتيجة اختياره وثمرة عمله ستعود عليه، ومن نوع ما عمل.

قال الله تعالى :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

الشمس: ٩ – ١٠

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ  ﴾

التين: ٤- 6

وبين الله تعالى أن الإنسان مسئول عن عمله لا يؤخذ واحد بوزر آخر،

قال الله تعالى :

( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )

الطور 21

( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِى عُنُقِهِ )

الإسراء 13

ويلاحظ أن القرآن الكريم في فرق بين مصير الإنسان المؤمنٍ والإنسان الكافرٍ .

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا . وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾

الإسراء: ٧١ – ٧٢

ومن رحمة الله بعباده، أنه لم يتركهم دون عون لهم في صراعهم المستمر طول وجودهم في هذه الحياة، بل أنار أمامهم الطريق وتعهدهم في أطوار حياتهم بالرسالات التي بينت لهم ما تتطلبه الحياة الصالحة في كل عصر.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾

فاطر: ٢٤

وقد تلقى الناس رسالة الرسل الهادية المرشدة ما بين مهتد مؤمن، وما بين ضالٍ قد حقت عليه الضلالة.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾

النحل: ٣٦

﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

البقرة: ٣8 – ٣٩

7- صفات الإنسان

وصف الحق سبحانه وتعالى الإنسان بصفاتٍ عديدةٍ في القرآن الكريم، وهذه الصفات بعضها فطريٌ ، وبعضها الآخر مكتسبٌ، و سنتناول تفصيل تلك الصفات ، في مايلي .

أولًا: صفاتٌ فطرية

١-  الضعف

وصف الله عز وجل الإنسان بأنه مخلوقٌ ضعيفٌ

قال الله تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )

النساء: ٢٨

أي خلقه الله والضعف ملازمٌ له، وليس الضعف المذكور هو الضعف البدني فقط، بل يشمل الضعف النفسي، وضعف العزيمة والإرادة، وضعف القدرة على الضبط الدائم تجاه دوافع نفسه وغرائزه وشهواته وأهوائه.

٢ – العجلة

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا )

الإسراء: ١١

﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ )

الأنبياء: ٣٧

والعجل هو العجلة والتسرع والسبق إلى مخاطر الأمور من غير تفكيرٍ، ومعنى أنه خلق من عجل، المبالغة في عجلته .

٣ – الجدل

وصف الله عز وجل الإنسان بأنه أكثر شيءٍ جدلًا،

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا )

الكهف: ٥٤

أي: وكان الإنسان بحسب جبلته، أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل.

٤-  التقتير

وصف الله عز وجل الإنسان بأنه قتورٌ في أصل فطرته،

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا )

الإسراء: ١٠٠

ومن شأن الإنسان أنه بخيل بما في يده إلا مَن عصم الله بالإيمان.

٥ – الهلع

وصف الحق سبحانه وتعالى الإنسان بأنه خلق هلوعًا

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾

المعارج: ١٩

إن الإنسان جُبِلَ على الجزع وقلة الصبر ، إذا أصابه المكروه والعسر فهو كثير الجزع والأسى، وإذا أصابه الخير واليسر فهو كثير المنع والإمساك،

٧-  الظلم والجهل

وصف الإنسان بالظلم وبالجهل

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )

الأحزاب: ٧٢

إنا عرضنا الأمانة -التي ائتمن الله عليها المكلَّفين من امتثال الأوامر واجتناب النواهي- على السموات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وخفن أن لا يقمن بأدائها، وحملها الإنسان والتزم بها على ضعفه، إنه كان شديد الظلم والجهل لنفسه.

٨ – الطغيان

بين الحق سبحانه وتعالى أن الإنسان من طبيعته الطغيان والتمرد متى رأى نفسه في غنًى

قال الله تعالى:

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ  ﴾

العلق: ٦ – ٧

حقًا إن الإنسان ليتجاوز حدود الله إذا أبطره الغنى،

٩ – الكنود

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ  ﴾

العاديات: ٦

أي: أنه لا يعطي شيئًا مما أنعم الله به عليه، ولا يرأف بعباده كما رأف به؛ فهو كافر بنعمته، مجانف لما يقضي به العقل والشرع

١٠ – الفرح

وقد وصف الإنسان في القرآن الكريم بالفرح على سبيل الذم للدلالة على من استخفته النعمة فأبطرته

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾

القصص: ٧٦

إذ قال له قومه: لا تبطر فرحًا بما أنت فيه من المال، إن الله لا يحب مِن خلقه البَطِرين الذين لا يشكرون لله تعالى ما أعطاهم.

١١ – الفخر

قد وصف الإنسان في القرآن الكريم بالفخر والمباهاة ؛ للدلالة على شدة التكبر والتعاظم عند الإنسان الجاحد

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾

هود: ١٠

ولئن بسطنا للإنسان في دنياه ووسَّعنا عليه في رزقه بعد ضيق من العيش، ليقولَنَّ عند ذلك: ذهب الضيق عني وزالت الشدائد، إنه لبَطِر بالنعم، مبالغ في الفخر والتعالي على الناس.

ثانيًا: صفاتٌ مكتسبةٌ

١ – الكفر

من أبرز وأكثر صفات الإنسان المكتسبة التي وردت في القرآن الكريم، صفة الكفر

قال الله تعالى:

﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾

عبس: ١٧

لُعِنَ الإنسان الكافر وعُذِّب، ما أشدَّ كفره بربه!!

٢ – الفجور

وصف الإنسان في القرآن الكريم بصفة الفجور

قال الله تعالى:

﴿ بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ﴾

القيامة: ٥

يريد أن يبقى على الفجور فيما يستقبل من أيام عمره، راكبًا رأسه لا ينزع عنها ولا يتوب .

٣ – المخاصمة

قال الله تعالى:

﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ﴾

النحل: ٤

خَلَق الإنسان من ماء مهين فإذا به يَقْوى ويغترُّ، فيصبح شديد الخصومة والجدال لربه في إنكار البعث، وغير ذلك

٤ – اليأس

وصف القرآن الكريم الإنسان باليأس الشديد إذا أصابه شرٌ أو ضررٌ أو سلبت منه نعمة .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا ﴾

الإسراء: ٨٣

وإذا أصابته شدة مِن فقر أو مرض ، فإنه يصير يئوسًا ؛ لأنه  لا يرجو ما عند الله الذي يعطي ويمنع ويعز ويذل.

٥ – القنوط

قال الله تعالى:

﴿ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾

فصلت: ٤٩

لا يملُّ الإنسان من دعاء ربه طالبًا الخير الدنيوي، وإن أصابه فقر وشدة فهو يؤوس من رحمة الله، قنوط بسوء الظن بربه. و الفرق بين اليأس والقنوط ؛هوأن اليأس من صفة القلب، وهو قطع الرجاء من رحمة الله تعالى، والقنوط من صفة البدن، بأن يظهر أثر اليأس في بدنه، فيتضاءل ويحزن وينكسر ويتذلل.

6-  حب الخير الدنيوي

قالَ اللهِ تَعَالَى:

 ( لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ)

فصلت 49

لا يملُّ الإنسان من دعاء ربه طالبًا الخير الدنيوي من المال والصحة وغيرهما

7- العناء

قالَ اللهِ تَعَالَى:

( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ )

البلد 4

لقد خلقنا الإنسان في شدة وعناء من مكابدة الدنيا

8 – الإنسان والشيطان

بين لنا القرآن الكريم في آياتٍ كثيرةٍ  أن علاقة الشيطان بالإنسان علاقة عداوة .

قالَ اللهِ تَعَالَى:

﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

الأنعام: ١٤٢

﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

يوسف: ٥

( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا )

فاطر: ٦

ويرجع تاريخ تلك العداوة إلى اليوم الذي نفخ الله في آدم الروح، وأمر الملائكة بالسجود لآدم، فسجدوا جميعًا إلا إبليس أبى أن يسجد لآدم عليه السلام.

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ﴾

البقرة: ٣٤

فكان الاستعلاء والاستكبار من قبل إبليس ردًا على الأمر الإلهي بالسجود، إذ يعتقد بأفضليته وخيريته على آدم

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾

الأعراف: ١٢

والحسد على تكريم الله إياه

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

الإسراء: ٦٢

فكان جزاؤه أن عامله الحق سبحانه وتعالى بنقيض قصده، حيث كان قصده التعاظم والتكبر، فأخرجه الله صاغرًا حقيرًا ذليلًا

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾

الأعراف: ١٣

لكن إبليس طلب الأمهال فلا يعجل الله تعالى بموته إلى يوم البعث

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾

الأعراف: ١٤

فأجابه الله إلى طلبه

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾

الأعراف: ١٥

ذكر إبليس ما يريد عمله من ذلك الإمهال وهو إضلال الناس، والكيد لهم

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾

الأعراف: ١٦ – ١٧

زاد حقده على آدم أن يسكن الجنة التي طرد منها بسببه

قال الله تعالى :

﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

الأعراف: 19

فعقد العزم على إغواء أبينا آدم، فجاءه وزوجه بطريق الوسوسة

قال الله تعالى :

﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾

الأعراف: ٢٠

بل أقسم على إضلال آدم وذريته، كما أخبر القرآن الكريم على لسانه

قال الله تعالى :

﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾

الأعراف: ٢1

لكن الشيطان ليس له سلطانٌ على إرادة الإنسان، إلا من سلم قيادة نفسه له وتبعه مختارًا لنفسه طريق الغواية .

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾

الحجر: ٤٢

ومن أجل ذلك فإن الشيطان سيعلن هذه الحقيقة يوم القيامة للذين استجابوا لوساوسه في الدنيا.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

إبراهيم: ٢٢

ولذلك وصف الله كيد الشيطان في الإضلال بالكيدٌ الضعيفٌ

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾

النساء: ٧٦

9 – نداءاتٌ ووصايا للإنسان

جاءت النداءات والوصايا من الله عز وجل للإنسان في القرآن الكريم كي ترشد الإنسان إلى الطريق القويم ليفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة .

أولًا: نداءات الله للإنسان

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ . الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾

الانفطار: ٦ – ٨

النداء هنا للتنبيه، فقد خاطب الله عز وجل الإنسان قائًلا : يا أيها الإنسان المنكر للبعث، ما الذي جعلك تغتَرُّ بربك الجواد كثير الخير الحقيق بالشكر والطاعة، أليس هو الذي خلقك فسوَّى خلقك فعَدَلك، وركَّبك لأداء وظائفك، في أيِّ صورة شاءها خلقك؟، فما داعي الغرور إذًا؟!.

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ . فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا . وَيَنْقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا . وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ . فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا . وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا . إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا . إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ . بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾

الانشقاق: ٦ – ١٥

يا أيها الإنسان إنك ساعٍ إلى الله، وعامل أعمالا من خير أو شر، ثم تلاقي الله يوم القيامة، فيجازيك بعملك بفضله أو عدله. فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه، وهو مؤمن بربه، فسوف يحاسب حسابًا سهلا ويرجع إلى أهله في الجنة مسرورًا. وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره، وهو الكافر بالله، فسوف يدعو بالهلاك والثبور، ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا، لا يفكر في العواقب، إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله، إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.

ويلاحظ أن النداء قد جاء في الأيتين بعد الحديث عن أهوال القيامة وبداية اللقاء الأخروي، وتذكيره بأمره وبمصيره الذي هو صائر إليه، وهذا يدل على الرعاية الحانية للإنسان كي يتنبه قبل فوات الأوان .

ثانيًا: وصايا الله للإنسان

الوصية هي التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنًا بوعظٍ ، ومن وصايا الله تعالى للإنسان ما يلي :

1- الوصية بتقوي الله

قال الله تعالى :

﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾

النساء: ١٣١

2- الوصية بالإحسان إلى الوالدين

قال الله تعالى :

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾

العنكبوت: ٨

3- الوصية في استحقاق الميراث

قال الله تعالى :

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

النساء: ١٢

4- الوصية بأتباع الطريق المستقيم

قال الله تعالى :

﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ  وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ  وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

الأنعام : 151- 153

والوصية شأنها في نفس من تربى على الإيمان أعمق وأبعد أثرًا، لاسيما حينما تكون من صاحب نعمة، ومن صاحب الأمر والتدبير وموجد الخلق أجمعين، فهي تحمل معنى الأمر وتحمل معنى الالتزام.

 

Share This