1- مفهوم الإنابة

الإنابة هي الرجوع إلى الله بعد إكتشاف أنه إرتكب الذنب ، ومعنى الرجوع إلى الله هو التوبة بعد العصيان وإخلاص العمل

قال الله تعالى:

 (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ )

الروم: 31

أي راجعين إلى ما أمر به، غير خارجين عن شيء من أمره .

2- كلمة الإنابة

      في 

   القرآن الكريم

وردت كلمة (الإنابة) وصيغها في القرآن الكريم (18) مرة . والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد 6 مرات

قال الله تعالى:

( إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ )

الرعد: 27

– الفعل المضارع

ورد 4 مرات

قال الله تعالى:

 ( يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ )

الشورى: 13

– إسم مفِعول

ورد 7 مرات

قال الله تعالى:

 (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾

ق :٣٣

– فعل أمر

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴾

الزمر:54

أنّ كلمة الإنابة في القرآن الكريم ذكرت بالمعاني الأتية  ، منها

1- الرجوع إلى الصواب عن منكر ارتكبه

قال الله تعالى:

﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾

ص: 24

وأيقن داود أننا فتنَّاه بهذه الخصومة، فاستغفر ربه، وسجد تقربًا لله، ورجع إليه وتاب.

2- مقبل على طاعة الله

قال الله تعالى:

﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾

ق: 8

خلق الله السموات والأرض وما فيهما من الآيات العظيمة عبرة يُتبصر بها مِن عمى الجهل، وذكرى لكل عبد خاضع خائف وَجِل، رجّاع إلى طاعة الله عز وجل.

3- الأمر بها

وقد أمر الله تعالى بها في كتابه

قال الله تعالى:

 ( وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ )

الزمر: 54

وارجعوا إلى ربكم- أيها الناس- بالطاعة والتوبة، واخضعوا له من قبل أن يقع بكم عقابه .

– وأثنى الله تعالى على إبراهيم عليه السلام

قال الله تعالى:

( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) 

هود: 75

إن إبراهيم كثير الحلم لا يحب المعاجلة بالعقاب، كثير التضرع إلى الله والدعاء له، تائب يرجع إلى الله في أموره كلها.

4 – أنواع الإنابة

تنقسم الإنابة في القرآن الكريم إلي قسمين ،هما

1- إنابة لربوبيته

وهي إنابة المخلوقات كلها يشترك فيها المؤمن والكافر، والبر والفاجر.

قال الله تعالى:

 ( وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ )

الروم: 33

فهذا عام في حق كل داع أصابه ضر كما هو الواقع. وهذه الإنابة لا تستلزم الإسلام، بل تجامع الشرك والكفر.

قال الله تعالى:

(  وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ 0 لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ  فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )

الروم:33- 34

فهذا حالهم بعد إنابتهم

قال الله تعالى:

( وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ )

الزمر: 8

2- إنابة أوليائه

وهي إنابة لإلهيته إنابة عبودية ومحبة، وهي تتضمن محبته، والخضوع له، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه.

قال الله تعالى:

( رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )

الممتحنة: 4

ربنا عليك اعتمدنا، وإليك رجعنا بالتوبة، وإليك المرجع يوم القيامة.

– عن إبراهيم عليه السلام

قال الله تعالى:

( ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )

الشوري: 10

ذلكم الله ربي وربكم، عليه وحده توكلت في أموري، وإليه أرجع في جميع شؤوني.

5- فضل الإنابة

إن الله عز وجل أمرنا بالإنابة إليه في كل أمورنا، والإقبال عليه في جميع أوقاتنا، فالإنابة منزلة عظيمة، نالها الأنبياء والمرسلون، وقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين بالاقتداء بالأنبياء والمرسلين في إنابتهم إلى الله رب العالمين. وللإنابة العديد من الفضائل، منها

1- الهدي

قال الله تعالى:

( قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ )

الرعد: 27

قل لهم: إن الله يضل مَن يشاء من المعاندين عن الهداية ولا تنفعه المعجزات، ويهدي إلى دينه الحق مَن رجع إليه وطلب رضوانه.

قال الله تعالى:

( اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ )

الشوري: 13

الله يصطفي للتوحيد مَن يشاء مِن خلقه، ويوفِّق للعمل بطاعته مَن يرجع إليه.

2- البشرى

قال الله تعالى:

( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ  )

الزمر: 17

والذين اجتنبوا طاعة الشيطان وعبادة غير الله، وتابوا إلى الله بعبادته وإخلاص الدين له، لهم البشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن والتوفيق من الله، وفي الآخرة رضوان الله والنعيم الدائم في الجنة.

3- الجنة

قال الله تعالى:

( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ 0 هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ )

ق: 31-32

وقُرِّبت الجنة للمتقين مكانًا غير بعيد منهم، فهم يشاهدونها زيادة في المسرَّة لهم. يقال لهم: هذا الذي كنتم توعدون به – أيها المتقون – لكل تائب مِن ذنوبه، حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه، من الفرائض والطاعات، مَن خاف الله في الدنيا ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه.

4- خشية الله

قال الله تعالى:

( مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ )

ق: 33

يقال لهم: هذا الذي كنتم توعدون به – أيها المتقون – لكل تائب مِن ذنوبه، حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه، من الفرائض والطاعات، مَن خاف الله في الدنيا ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه.

Share This