1- مفهوم الأمة

الأمَّة هي كل جماعة يجمعهم أمر ما؛ إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد . وجمع هذا اللفظ أمم .

2- كلمة الأمة

        في

القرآن الكريم

وردت كلمة (الأمة) وصيغها في القرآن الكريم (٦٤) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– مفرد

ورد   ٥١ مرة

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

آل عمران:١١٠

– جمع

ورد   ١٣  مرة

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾

الأنعام:٣٨

وردت لفظة الأمة في آيات القرآن على ستة معاني هي …

1- الجماعة من الناس

هو الاستعمال الغالب في القرآن

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ )

القصص 23

( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ )

الأعراف 164

 ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ )

البقرة :141

 ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ )

آل عمران:104

وهذا المعنى ينطبق على عدد كبير من الآيات التي وردت فيها لفظة الأمة.

2- الطريقة المتبعة

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

 ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ )

الزخرف:22

أي: على طريقة ومنهج من الدين، نحن سائرون عليه، لا نحيد عنه.

3- الرجل المقتدى به في كل شي

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا )

إبراهيم:120

أي: كان إماماً وقدوة للناس، يهتدون بهديه، ويقتدون بنهجه.

4- الفترة من الزمن

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ )

يوسف:45

أي: بعد فترة من الزمن

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ )

هود :8

أي: إلى أجل معلوم.

5- الخلق عموماً

من إنسان وغيره

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ )

الأنعام :38

( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ )

الاعراف : 38

يعني: خلقاً مثلكم.

6- الجماعة المتفقة على دين واحد

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ )

الأنعام 108

( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم )

الحج 34

 ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )

البقرة:143

أي: المسلمين خاصة.

والذي ينبغي استحضاره في هذا السياق، أن اللفظ هنا ليس بحد ذاته هو الذي يحدد المعنى، وإنما يشاركه في ذلك السياق، فيتعاونان معاً لتوضيح المراد والمقصود من النص القرآني.

3- كلمات ذات صلة

   بكلمة الأمة

– الجمع

هو الجماعة من الناس

– الحزب

الجماعة المجتمعون على أمر من اعتقاد أو عمل، أو المتفقون عليه

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾

الروم: 32

– القوم

جماعة الرجال في الأصل دون النساء

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾

آل عمران : 147

– الثلة

الجماعة الكثيرة من الناس.

قال الله تعالى:

﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾

الواقعة: ٣٩-٤٠

وهم جماعة كثيرة من الأولين، وجماعة كثيرة من الآخرين.

4 – الأمة الأولى

أخبر الله تعالى أن الناس كانت أمة واحدة على دين واحد وملة واحدة ، وهو الإسلام ، واستمروا على ذلك فترة من الزمن فاختلفوا، فبعث الله الرسل مبشرين ومنذرين.

قال الله تعالى :

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾

البقرة: ٢١٣

﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ﴾

يونس: ١٩

إن الله عز وجل أخبر عباده أن الناس كانوا على دين واحد وملة واحدة، وكان الدين الذي كانوا عليه دين الحق، فاختلفوا في دينهم

5- سنن اللَّهُ في الأمم

1- التعدد

أخبرنا القرآن أن الامم متعددة فى الزمان والمكان وأرجع هذا التعدد الى مشيئة الله حتى يكف الجدل فى حكمته

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )

النحل: 93

 ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )

الشورى :8

فالتعدد بدأ نفاذا لكلمة سبقت من الله بأن تكون الامم متعددة وسيبقى قائما

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )

المائدة : 48

2- الاختلاف

أخبرنا القرآن أيضا أن الناس مختلفين في أديانهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم ؛ وذلك لمقتضى حكمته.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ )

البقرة : 213

كان الناس أمة واحدة على الإيمان فاختلفوا بأن آمن بعض وكفر بعض فبعث الله النبيين إليهم مبشِّرين من آمن بالجنة ومنذرين من كفر بالنار وأنزل معهم الكتب السماوية بالحق الذي اشتملت عليه؛ ليحكموا بما فيها بين الناس فيما اختلفوا فيه .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

 ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ )

هود: 118

( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ  )

يونس : 19

ولو شاء ربك لجعل الناس كلهم جماعة واحدة على دين واحد وهو دين الإسلام، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك، فلا يزال الناس مختلفين في أديانهم؛ وذلك مقتضى حكمته.

3- التمايز

اختلفت أعمال الأمم وتنافسوا و تَخاصُمُوا وتحزَّبوا و تفرقوا في ما بينهم بين عدّة أحزاب

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ )

الاعراف : 168

( مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ )

المائدة :66

( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ )

البقرة : 134

( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ)

آل عمران : 104

( وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ )

الاعراف : 159

( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ )

الاعراف : 181

( وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ )

العنكبوت : 18

4- الأجل المعلوم

ومابين البداية والنهاية تتابع الامم المتعددة على آجال الزمان . لكل أمة أجل معلوم .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً )

الاعراف:34

 ( كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ )

الرعد : 30

( لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً )

يونس: 49

 ( مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ )

الحجر:5

( مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ )

المؤمنون:43

لا تتجاوز أمة أجلها فتزيد عليه، ولا تتقدم عليه، فتنقص منه.

5- إرسال الرسل

اقتضت حكمة الله تعالى في الأمم قبل هذه الأمة أن يرسل في كل أمة نذيرًا، وهذه سنة الله مع الأمم.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾

فاطر: ٢٤

ثم أخبر الله تعالى أن كل أمة انقسمت مع رسولها إلى قسمين.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾

النحل: ٣٦

6- تعدد الرسالات

– تعددت بتعدد الرسل

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ )

النحل : 36

( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ )

يونس 47

– تعددت بتعدد الكتب السماوية

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا )

الجاثية : 28

– تعددت بتعدد الشريعة والمنهجً

ذكر الله جل وعلا في كتابه الكريم أنه جعل لكل أهل ملة من الأمم شريعة ومنهجًا واضحًا.

قال الله تعالى:

( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا )

المائدة: ٤٨

– تعددت بتعدد المناسك

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ )

الحج: 67

﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا ﴾

الحج: ٣٤

فلكل زمان ما يليق به من الشرائع التي تناسب من فيه في تلك الحقبة.

7- نهاية الأمم

ذكر الله تعالى في كتابه الكريم ما حل بالأمم السابقة من العذاب بسبب تكذيبهم رسلهم، وكفرانهم نعمه جل وعلا، وهذه من سنن الله الثابتة في هلاك الظالمين.

وقد ذكر الله جل وعلا نوعين من العذاب، حيث

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾

الإسراء: ٥٨

فهذه الآية بينت نوعين من العذاب:

1- الهلاك، ويقصد به الفناء والاستئصال

قال الله تعالى:

﴿ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾

غافر: ٥

2- العذاب الشديد، ويقصد به القتل بالسيف أو الزلازل أو الأمراض أو الخوف أو غير ذلك

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾

الأنعام: ٤٢

8- أختلاف المصير

فاذا جاءت الاخرة فانهم ذو مصير مختلف.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

الجاثية : 27- 28

( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )

النحل:63

( وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )

هود: 48

( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ )

النمل: 83

ويوم نجمع يوم الحشر من كل أمة جماعة، ممن يكذب بأدلتنا وحججنا، يُحْبَس أولهم على آخرهم؛ ليجتمعوا كلهم، ثم يساقون إلى الحساب.

6 – المظاهر التي تميز

    الأمَّة المسلمة

ويتكلم القرآن الكريم على المظاهر التي تميز الأمَّة المسلمة من غيرها، وهي مظاهر سلوكية، ومعنوية. من قبيل ..

أ ـ الايمان بكل الرسالات

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )

البقرة 136

ب – الإيمان الذى يؤيده العمل الصالح

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )

آل عمران :110

أنتم خير الأمم وأنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل .

ج ـ الوسطية

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )

البقرة 143

وكما هديناكم -أيها المسلمون- إلى الطريق الصحيح في الدين، جعلناكم أمة خيارًا عدولا لتشهدوا على الأمم في الآخرة أن رسلهم بلَّغتهم رسالات ربهم، ويكون الرسول في الآخرة كذلك شهيدًا عليكم أنَّه بلَّغكم رسالة ربه .

7- الأمم يوم القيامة

جعل الله تعالى دار الدنيا دار عمل ومسابقة ومنافسة على طاعة الله تعالى، وأمهل فيها كل أمة مهلة كافية؛ لتؤمن فيها برسولها، وترى دلائل ربوبية الله تعالى وألوهيته، وصدق رسله ماثلة مبثوثة في آياته الكونية والشرعية، ثم جعل الله تعالى الحياة الآخرة دارًا يحاسب فيها كل أمة بعملها، ويقيم على كل أمة شهودًا على أن كل رسول قد أقام الحجة على أمته.

قال الله تعالى:

﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾

النساء: ١٦٥

1- لكل أمة شهيد

أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن للأمم شهداء عليهم يوم القيامة، وشهداء الأمم أنبياؤهم، وسوف يشهدون عليهم بما عملوا.

قال الله تعالى:

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾

النساء: ٤١

فكيف يكون حال الناس يوم القيامة، إذا جاء الله من كل أمة برسولها ليشهد عليها بما عملت، وجاء بك -أيها الرسول- لتكون شهيدًا على أمتك أنك بلغتهم رسالة ربِّك.

والخلاصة أن الله يأتي بالأنبياء شهداء على أممهم بما عملوا، ويؤتى بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم شهيدًا على أمته.

2- شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم

وأمته على الأمم السابقة

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾

البقرة: ١٤٣

وكما هديناكم -أيها المسلمون- إلى الطريق الصحيح في الدين، جعلناكم أمة خيارًا عدولا لتشهدوا على الأمم في الآخرة أن رسلهم بلَّغتهم رسالات ربهم، ويكون الرسول في الآخرة كذلك شهيدًا عليكم أنَّه بلَّغكم رسالة ربه.

3- لا تحاسب أمة بذنب غيرها

أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن كل أمة مؤاخذة بعملها، ولا تحاسب أمة بذنب غيرها.

قال الله تعالى:

﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

البقرة: ١٣٤

تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ، لهم أعمالهم، ولكم أعمَالكم، ولا تُسْألون عن أعمالهم، وهم لا يُسْألون عن أعمالكم، وكلٌّ سيجازى بما فعله، لا يؤاخذ أحد بذنب أحد، ولا ينفعُ أحدًا إلا إيمانُه وتقواه.

4- دعوة الأمم لأخذ كتب أعمالها

ذكر الله سبحانه وتعالى حال الأمم وهي تدعى إلى كتب أعمالها،

قال الله تعالى:

﴿ وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

الجاثية: ٢٨

وترى -أيها الرسول- يوم تقوم الساعة أهل كل ملة ودين جاثمين على رُكَبهم، لما تلاقيه من الشدائد؛ انتظارا لفصل القضاء، كل أمة تُدْعى إلى كتاب أعمالها الذي نسخته الحفظة ، ويقال لهم: اليوم تُجزون ما كنتم تعملون من خير أو شر.

5- تلاعن الأمم في النار

أخبر الله جل ثناؤه عن تلاعن الأمم من أهل الملل الكافرة في النار يوم القيامة.

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾

الأعراف: ٣٨

قال الله تعالى – لهؤلاء المشركين: ادخلوا النار في جملة جماعات من أمثالكم في الكفر، قد سلفت من قبلكم من الجن والإنس، كلما دخلت النارَ جماعةٌ من أهل ملة لعنت نظيرتها التي ضلَّتْ بالاقتداء بها .

والخلاصة أن الأمم الكافرة من أهل النار يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا، ويعادي بعضهم بعضًا؛ لأنهم ضل بعضهم باتباع بعض.

Share This