1- مفهوم الأرحام

( الأرحام ) جمعا لكلمة ( رحم ) جاء فى القرآن الكريم بمعنيين :

أولا: الأرحام ( جمع رحم ) أى رحم المرأة

ويصف القرآن الكريم الرحم بالقرار المكين

قال اللَّهُ تعالى:

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ .  ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ )

المؤمنون: 12- 13

( أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ . فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ )

المرسلات: 20- 22

القرار المكين الذى يستقر فيه الجنين محميا الى الموعد المحدد المقدر له سلفا حتى يولد طفلا.

قال اللَّهُ تعالى:

 ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )

الحج: 5

ونبقي في الأرحام ما نشاء، إلى وقت ولادته

قال اللَّهُ تعالى:

 (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ )

آل عمران: 6

هو وحده الذي يخلقكم في أرحام أمهاتكم كما يشاء، من ذكر وأنثى، وحسن وقبيح، وشقي وسعيد

قال اللَّهُ تعالى:

 ( وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ )

لقمان: 34

( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ )

الرعد: 8

الله تعالى يعلم ما تحمل كلُّ أنثى في بطنها، أذكر هو أم أنثى؟ وشقي هو أم سعيد؟ ويعلم ما تنقصه الأرحام، فيسقط أو يولد قبل تسعة أشهر، وما يزيد حمله عليها.

ثانيا : الأرحام بمعنى القرابة ( أولو الأرحام ) أى أولو القربى

الأرحام تعني الأقارب ذوات الرحم الواحدة لكونهم خرجوا من رحم واحد رحم الأم  .

قال اللَّهُ تعالى:

( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً )

الفرقان: 54

2- كلمة الرّحم

      في

  القرآن الكريم

وردت كلمة (رحم) وصيغها  في القرآن الكريم ١٢ مرة. والصيغ التي وردت هي:

– جمع تكسير

ورد ١٢ مرة

قال اللَّهُ تعالى:

( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ )

النساء: ١

وجاءت الرحم في القرآن على وجهين:

1- القرابة

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾

الأنفال: ٧٥

يعني: القرابات؛ لأنهم يجمعهم رحم واحد.

2- رحم المرأة

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾

البقرة: ٢٢٨

يعني: الوليد في الرحم.

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة الرّحم

– القرابة

العلاقة بين الأرحام بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ﴾

الأنعام : 152

– النسب

القرابة الموروثة التي لا يد للإنسان فيها، بسبب الزواج والرضاع.

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: 54

– الصهر

هوالقرابة الحاصلة بسبب الزواج

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: 54

4 – مكانة الرحم

   في الإسلام

اكتسبت ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ بين الأرحام قدسيتها بما حباها الله عز وجل من تعظيم وتكريم ، ، وبين ثواب من يصل رحمه، وعقاب من يقطعها، فمن وصلها وصله الله برحمته وعطفه والإحسان إليه، ومن قطعها قطع الله عنه رحمته وفضله، وإحسانه. كما تعاظمت مكانة الرحم ، لما قرن الله تقواه بتقوى الرحم .

قال اللَّهُ تعالى:

( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾

النساء: ١

المعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها .

حث الله تعالى على الإحسان إلى الأقارب والأرحام في كثير من الآيات

– عن بني إسرائيل

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ  ﴾

البقرة:  83

– عن المؤمنين

خاطب الله تعالى المؤمنين بآيات عدة بأسلوب الأمر الصريح أو الترهيب الشديد .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا  ﴾

النساء : 1

﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا  ﴾

النساء: 36

﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا  ﴾

الإسراء : 26

و قد سمى الله تعالى ما أمر به (حقاً) بمعنى أنهم يعطونه على سبيل الاستحقاق لا على سبيل التفضل والامتنان و قد نص الله تعالى بعض صور الإحسان إليهم .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿  وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا  ﴾

النساء 8

و فيها حث من الله تعالى عند قسمة المواريث ان يصلوا أرحامهم ويتاماهم و مساكينهم من الوصية فان لم تكن وصية وصل لهم من الميراث شيئاً يرون به ويكسب في قلوبهم الود والمحبة  .

و قد أثنى الله تعالى على الواصلين أرحامهم وجزاهم عنها خير الجزاء

قال اللَّهُ تعالى:

﴿  وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ . وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ  ﴾

الرعد  21- 24

ذم قاطعي أرحامهم يعتبر كل من أضاع حقوق أقاربه وضن عليهم بما يحتاجونه من متاع الحياة الدنيا قاطعاً لرحمه ومعرضاً لغضب الله تعالى وسخطه

قال اللَّهُ تعالى:

﴿  وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾

الرعد:  25

وقد تكرر الوعيد بصورة أشد قسوة  .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿  فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ 

محمد 22 – 23

5- أنواع الرحم

       في

 القرآن الكريم

إن الرحم في القرآن الكريم تتنوع إلى نوعين رئيسين، هما

أولًا: رحم عامة

إن رابطة الدين من أعظم الروابط بين المسلمين، وهذه الرابطة تتعدى رابطة النسب واللون واللغة والوطن، فإذا كان بين الناس قرابة النسب والصهر، فإن بين المؤمنين قرابة الإيمان، فهي أوثق من قرابة النسب والصهر، وحسب المؤمنين أن الله وصف ما بينهم من مودة ورحمة بأنهم إخوة.

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الحجرات: ١٠

والمراد بذلك: أخوة الإسلام لا أخوة النسب، فأخوة الإسلام توجب على المسلم حماية أخيه المسلم، والدفاع عنه، ونصرته، ومواساته، والإحسان إليه.

والأخوة الإسلامية من نعم الله تعالى، وهي كفيلة بإزالة العداوات والثارات والصراع بين القبائل والمجتمعات والدول

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾

آل عمران: ١٠٣

فقد ذكرهم الله بعظيم النعمة عليهم في الإسلام؛ لأنهم كانوا في جاهليتهم يقتل بعضهم بعضًا، ويستبيح كل غالب منهم من غلبه، فحظر عليهم الإسلام الأنفس والأموال إلا بحقها، فصاروا إخوانًا متحابين بجلال الله، متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾

الأنفال : ٦٣

هذه الأخوة المعتصمة بحبل الله نعمة يمتن الله بها على الجماعة المسلمة الأولى. وهي نعمة يهبها الله لمن يحبهم من عباده دائمًا، وهو هنا يذكرهم هذه النعمة ، وما كان إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المتنافرة، وما كان إلا حبل الله الذي يعتصم به الجميع، فيصبحون بنعمة الله إخوانًا

ثانيًا: الرحم الخاصة

أما الرحم الخاصة بين الأرحام والأقارب فهي في القرآن الكريم على ثلاثة أنواع:

1- قرابة النسب

إن قرابة النسب من أهم أنواع القرابة، فتعريف الشخص في المجتمع لا يكون إلا من خلال انتسابه إلى أبيه وجده وعائلته؛ كونهم يتعارفون به بين الناس. وقد ذكر الله قرابة النسب

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: ٥٤

2- قرابة المصاهرة

هي القرابة الحاصلة بسبب الزواج، وبالزواج تتقارب عائلتان لم يكن بينهما من قبل صلة، فتتعارفان وتتآلفان وتنشأ بينهما قرابة الصهر التي تعتبر هي أساس القرابة؛ حيث ينشأ من العلاقة الزوجية الأبناء الذين ينضمون إلى نسب الأب ويلتحقون بسلسلة قرابة النسب .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾

الفرقان: ٥٤

3- قرابة الرضاع

وقرابة الرضاع هي ثالث أنواع القرابة، ولها من الأهمية ما لقرابة النسب، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب في النكاح .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾

النساء: ٢٣

6- حقوق الرحم

       في

 القرآن الكريم

تتنوع حقوق الرحم، ومنِ تلك الحقوق التى زكرها القرآن الكريم ،الأتي

أ ـ حقهم فى المودة و الاحسان والعطف

من حقوق صلة الرحم الإحسان بالقول والفعل، فقد أمر الله تعالى بالإحسان إليهم .

قال اللَّهُ تعالى:

( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى )

النساء: 36

( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى )

البقرة: 83

ب – حقوقهم المالية

1- حقهم فى الميراث

قال اللَّهُ تعالى:

( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً )

النساء: 7

للذكور – صغارًا أو كبارًا- نصيب شرعه الله فيما تركه الوالدان والأقربون من المال، قليلا كان أو كثيرًا، في أنصبة محددة واضحة فرضها الله عز وجل لهؤلاء، وللنساء كذلك.

2- حقهم فى صدقة التركة

يترتب على القرابة أحكام شرعية نص عليها القرآن الكريم ، ومن هذه الأحكام: الميراث، فالأقارب يجمعهم أصل واحد، ويلتزمون بحقوق وواجبات، ويتعاونون فيما بينهم في تحمل النفقات؛ لذا كانوا أحق بمال قريبهم بعد موته، مع اختلاف نصيب كل قريب بحسب درجة القرابة بينه وبين الميت. وقد بين الله تعالى حق الميراث للأقارب

قال اللَّهُ تعالى:

( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً )

النساء: 8

وإذا حضر قسمةَ الميراث أقاربُ الميت ممن لا حقَّ لهم في التركة، أو حضرها من مات آباؤهم وهم صغار، أو مَن لا مال لهم فأعطوهم شيئًا من المال على وجه الاستحباب قبل تقسيم التركة على أصحابها، وقولوا لهم قولا حسنًا غير فاحش ولا قبيح.

3- حقهم فى الوصية

الوصية مشروعة في وجوه الخير المتعددة، ولكنها تستحب للأقارب غير الوارثين؛ لأن الوصية لهم لون من ألوان البر والإحسان الذي أمر الله به لذوي القربى؛ لأن ذلك نوع من أنواع التكافل والتعاضد ومدعاة للتآلف

قال اللَّهُ تعالى:

( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ )

البقرة: 180

فرض الله عليكم إذا حضر أحدكم علامات الموت ومقدماته -إن ترك مالا- الوصية بجزء من ماله للوالدين والأقربين مع مراعاة العدل؛ فلا يدع الفقير ويوصي للغني، ولا يتجاوز الثلث، وذلك حق ثابت يعمل به أهل التقوى الذين يخافون الله. وكان هذا قبل نزول آيات المواريث التي حدَّد الله فيها نصيب كل وارث.

4- حقهم فى النفقة

أوجبت الشريعة الإسلامية على المسلم القادر أن ينفق على أقاربه الذين تلزمه نفقتهم كالزوجة والأولاد والوالدين، وأن يوفر لهم ما يكفيهم من طعام وكسوة وسكنى، وأن النفقة تجب على الأقارب العاجزين عن الكسب إذا كان القريب موسرًا

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾

البقرة: ٢١٥

يسألك أصحابك -أيها النبي- أي شيء ينفقون من أصناف أموالهم تقربًا إلى الله تعالى، وعلى مَن ينفقون؟ قل لهم: أنفقوا أيَّ خير يتيسر لكم من أصناف المال الحلال الطيب، واجعلوا نفقتكم للوالدين، والأقربين من أهلكم وذوي أرحامكم .

ج – حق النصح والإرشاد

يجب على المسلم أن يخص أقاربه بالدعوة إلى الله تعالى والنصح والإرشاد كونه يتحمل المسؤلية تجاههم، بل إن تلك الدعوة والنصح والإرشاد من حقوق القرابة .

قال اللَّهُ تعالى:

  ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾

الشعراء: ٢١٤

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾

طه: ١٣٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾

التحريم: ٦

ومن خلال هذه النصوص يتبين أن من حقوق القريب على قريبه دعوته إلى الإيمان والتقوى والاستقامة بما يقيه من النار يوم القيامة، كما يجب على القريب نصح وإرشاد قريبه للخير والصلاح الديني والدنيوي.

– عن وعظ لقمان لابنه

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾

لقمان: ١٣

﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾

لقمان: ١٦

﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾

لقمان: ١٧

– عن وعظ إبراهيم  عليه السلام لأبيه

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا . إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا . يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا . يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا . يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾

مريم 41- 45

7- الأمر بصلة الرحم

       في

 القرآن الكريم

قد أمر اللَّهُ تعالى بصلة القرابة وبر الأقارب والإحسان إليهم، وإيتاء حقوقهم من البر والصلة.

قال اللَّهُ تعالى:

( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ )

النساء 1

﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾

الإسراء: ٢٦

﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الروم: ٣٨

8- عاقبه قطيعة الرحم

       في

 القرآن الكريم

قطيعة الرحم تكون بالإساءة إلى الرحم، وذلك بترك الإحسان إليهم في المقال والأفعال وبذل الأموال  ، و توجب قطيعة الرحم عددًا من العقوبات والعواقب يمكن بيانها في الآتي:

1- اللعنة من الله

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾

محمد: ٢٢-٢٣

أن هؤلاء الذين يفسدون ويقطعون الأرحام لعنهم الله، فأبعدهم من رحمته،  أي: فسلبهم فهم ما يسمعون بآذانهم من مواعظ الله في تنزيله،  وسلبهم عقولهم ، فلا يتبينون حجج الله، ولا يتذكرون ما يرون من عبره وأدلته.

2- الخسران في الدنيا والآخرة

رتب الله تعالى على نقض العهود وقطيعة الرحم و الفساد في الأرض الخسارة في الدنيا والآخرة.

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

البقرة: ٢٧

والخاسرون هم الهالكون والناقصون أنفسهم حظوظها من رحمة الله بمعصيتهم له .

9- حقوق الرحم من

   غير المسلمين

إن الرحم من غير المسلمين إما أن يكونوا مسالمين وإما أن يكونوا محاربين، ولكل نوع من هؤلاء الرحم حقوق يمكن بيانها في النقاط الآتية:

أولًا: حقوق الرحم للمسالمين من غير المسلمين

رخص الله سبحانه في صلة الرحم المسالمين من غير المسلمين الذين لم يقاتلوا المؤمنين، ولم يخرجوا من ديارهم بالإحسان والبر، والقسط إليهم، والعدل معهم

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾

الممتحنة: ٨

لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم . وقد أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين الكافرين .

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾

لقمان: ١٥

أي: صاحبها في الدنيا بالبر والصلة، والعشرة الجميلة وهو المعروف من غير أن تطيعهما في معصيتي.

ثانيًا: حقوق الرحم للمحاربين

أما حقوق الرحم المحاربين فهو بمعادتهم ومقاطعتهم وهجرهم، وهذا هو صلة الرحم بهم

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

الممتحنة: ٩

والمعنى: إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم بالعداوة فقاتلوكم، وأخرجوكم، وعاونوا على إخراجكم، ينهاكم الله عز وجل عن موالاتهم، ويأمركم بمعاداتهم .

وقد أمر تعالى بمباينة الكفار به وإن كانوا آباء أو أبناء، ونهى عن موالاتهم إن اختاروا الكفر على الإيمان، وتوعد على ذلك.

قال اللَّهُ تعالى:

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾

المجادلة: ٢٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

التوبة: ٢٣

10- صلة الرحم

   فى  الأخِرة

ـ لن تنفع الأنساب يوم القيامة

قال الله تعالى:

 ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ )

المؤمنون: 101

– يوم القيامة سيفر كل فرد من أقرب الناس

قال الله تعالى:

 ( فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ .  يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ  . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )

عبس: 33- 37

– بل سيود المجرم لو يفتدى العذاب بأقرب الناس اليه

قال الله تعالى:

 ( وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً .  يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ .  وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ .  وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ .  وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ )

المعارج : 10- 14

– فى يوم القيامة لن ينفع أحد أحدا مهما كانت قرابته

قال الله تعالى:

 ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )

فاطر: 18

 

Share This