مفهوم أولو الألباب في القرآن الكريم

1- مفهوم أولو الألباب

أولو الألباب هم الذين امتلكوا العقول الصحيحة التي يستدلون بها على الخير فيتبعونه ويعرفون بها الشر فيجتنبوه . أي أن اللب هو ذكاء ورجاحة العقل  وهذا يعني أن كل لب هو عقل و لكن ليس كل عقل هو لب . فأولو الألباب هم الذين يأخذون من كل قشر لبابه، ويطلبون من ظاهر الحديث سره.

2- كلمة أولو الألباب

        في

القرآن الكريم

وردت كلمة أولوا الألباب في القرآن الكريم 16  مرة  . والصيغ التي وردت عليها هي:

– صيغة الجمع

وردت 16 مرة

قالُ اللهُ تعالى:

( فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴾

المائدة: ١٠٠

أولو الألباب في القرآن الكريم هم أهل العقول المستقيمة, والفطر السليمة, وهم الذين ينتفعون بالوحي, ويفهمون معاني ما انزل الله على مراد الله,ويعلمون بكلام الله ,رجاء ثوابه ,وخوفا من عقابه.

قالُ اللهُ تعالى:

( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ . الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ )

الزمر: 17- 18

3- الكلمات ذات الصلة

     بكلمة اللُّب

– العقل

العقل لم يرد العقل في القرآن الكريم بهذا اللفظ ابدا ، فقد ورد في خمس صيغ كلها افعال هي عقلوه ، تعقلون ، نعقل ، يعقلها ، يعقلون ولم ترد اسما قط ، مما يدل على ان العقل فعل وليس اسما لعضو محدد ، اي ليس في القرآن الكريم دلالة على ان العقل عضو من اعضاء الجسدالانساني، انما الذي ورد في القرآن الكريم افعال تدل على عملية العقل والتعقل والتدبر والفهم.

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة : 242

﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة : 171

– القلب

هو محل الإيمان، والتعقّل، والسمع والبصيرة.

قالُ اللهُ تعالى:

 ( لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا ﴾

الأعراف : 179

( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾

الحجرات : 7

– الفؤاد

هو محل رؤية الحق.

قالُ اللهُ تعالى:

( مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾

النجم: 11

– الصدر

هو محلّ الإسلام ومحل الوسواس، والحفظ والذاكرة.

قالُ اللهُ تعالى:

( فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ﴾

الأنعام: 125

4- صفات أولى الألباب

       في

القرآن الكريم

أن أولي الألباب يتصفون بخصائص عقلية، تميزهم عن غيرهم من العقلاء ، وتجعلهم أولى الناس بالصفات الأتية ..

1- هم أولى الناس بالتقوى

قالُ اللهُ تعالى:

    ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

البقرة: ١٧٩

 ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

البقرة: ١٩٧

 ( فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

الطلاق: ١٠

 (فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

المائدة: ١٠٠

2- هم أولى الناس إهتداءا بالكتاب الإلهى

عن التوراة

قالُ اللهُ تعالى:

( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ . هُدًى وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) 

غافر: ٥٣ -٥٤

عن القرآن الكريم

قالُ اللهُ تعالى:

 ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ١٨

 ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

ص: ٢٩

3- هم أولى الناس معرفة بعظمة الخالق

قالُ اللهُ تعالى:

( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )

آل عمران : ١٩٠-١٩1

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ )

الزمر: 21

من أظهر الصفات التي تميز أولي الألباب التفكر في الآيات الكونية، والنظر في دقة خلقها، ومن ثم الاستفادة منها وفق قانون التسخير الذي أودعه الله فيها. و في الوقت ذاته طريق الإنسان إلى معرفة خالقه وتقديره قدره، من خلال تلمس مواضع حكمة الله– عز وجل– ومواطن إبداعه .

4- هم أولى الناس بالعبرة و

العظة من القصص القرآنى

قالُ اللهُ تعالى:

( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

يوسف: ١١١

أولي الألباب هم الذين يعتبرون بسنن التاريخ السالف المشحونة بالدروس و الاعتبار بالماضي هو الذي يربطه بالحاضر، ويستخرج من الماضي ما يجعل الإنسان أكثر فهمًا لحاضره، وأقل خطأ في التعامل مع الحاضر.

5- هم أولى الناس بالحكمة

قالُ اللهُ تعالى:

( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

البقرة: ٢٦٩

فى الآية السابقة التي قرنت بين الحكمة وأولي الألباب، ، يتبين أن الحكمة التي يتصف بها أولو الألباب هي التي تمنح الإنسان الصواب في الاستدلال والفهم، وبناء التصور الصحيح للمسائل .

6- هم أولى الناس بالقدرةعلى

التمييزبين الصح والخَطأ

قال الله تعالى:

﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الرعد: 19

فهم يُميزن بين الأمور بين خطئها وصوابها، وفوق ذلك يميزون أيضًا بين ما هو حسن منها، وما هو أحسن، فلا يرتضون المنازلَ الأقل، ولكنهم يتبعون ما هو أعلى .

5- الأعمال التي تصدر

   من أولو الألباب

أولو الألباب في القرآن الكريم هم الذين يصدر عنهم  الأعمال الأتية

أ – يتذكرون

يتذكرون الفطرة من المعرفة بالله تعالى و الميلُ الأصلي إلى السلوك المستقيم .

قالُ اللهُ تعالى:

 ( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

البقرة : ٢٦٩

﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ٩

﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

آل عمران: ٧

ب – يعملون الصالحات

تذكر أولو الألباب يدفعهم  لعمل الصالحات ويتجلى في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أى التطهر والتزكى والنقاء .

قالُ اللهُ تعالى:

    ( أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّـهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ . وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ. وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ )

الرعد: ١٩-٢٢

ت – التفكر والاعتبار

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

آل عمران : 190

إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق، وفي تعاقُب الليل والنهار، واختلافهما طولا وقِصَرًا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب العقول السليمة.

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

يوسف : 111

لقد كان في نبأ المرسلين الذي قصصناه عليك وما حلَّ بالمكذبين عظة لأهل العقول السليمة. ما كان هذا القرآن حديثًا مكذوبًا مختلَقًا، ولكن أنزلناه مصدقًا لما سبقه من الكتب السماوية، وبيانًا لكل ما يحتاج إليه العباد من تحليل وتحريم، ومحبوب ومكروه وغير ذلك، وإرشادًا من الضلال، ورحمة لأهل الإيمان تهتدي به قلوبهم، فيعملون بما فيه من الأوامر والنواهي.

ثً – الامتثال لأوامر الله تعالى

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.

الزمر: 18

فبشِّر – أيها النبي- عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أرشده. وأحسن الكلام وأرشده كلام الله. أولئك هم الذين وفقهم الله للرشاد والسداد، وهداهم لأحسن الأخلاق والأعمال، وأولئك هم أصحاب العقول السليمة.

ج – فهم الصواب

من صفات أولي الألباب تقدير أولويات الأمور، ومن ثم اختيار أقربها إلى تحقيق المراد، سواء أكان هذا التقدير في الأقوال أو الأفعال.

قالُ اللهُ تعالى:

( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

البقرة: 179

ولكم في تشريع القصاص وتنفيذه حياة آمنة -يا أصحاب العقول السليمة-؛ رجاء تقوى الله وخشيته بطاعته دائمًا.

قالُ اللهُ تعالى:

( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )

البقرة: 197

وقت الحج أشهر معلومات، وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. فمن أوجب الحج على نفسه فيهن بالإحرام، فيحرم عليه الجماع ومقدماته القولية والفعلية، ويحرم عليه الخروج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي، والجدال في الحج الذي يؤدي إلى الغضب والكراهية. وما تفعلوا من خير يعلمه الله، فيجازي كلا على عمله. وخذوا لأنفسكم زادًا من الطعام والشراب لسفر الحج، وزادًا من صالح الأعمال للدار الآخرة، فإن خير الزاد تقوى الله، وخافوني يا أصحاب العقول السليمة.

د –  العلم

قالُ اللهُ تعالى:

 ( أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ  )

الزمر: 9

أهذا الكافر المتمتع بكفره خير، أم من هو عابد لربه طائع له، يقضي ساعات الليل في القيام والسجود لله، يخاف عذاب الآخرة، ويأمُل رحمة ربه؟ قل -أيها الرسول-: هل يستوي الذين يعلمون ربهم ودينهم الحق والذين لا يعلمون شيئًا من ذلك؟ لا يستوون. إنما يتذكر ويعرف الفرق أصحاب العقول السليمة.

قالُ اللهُ تعالى:

( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ )

الرعد: 19

هل الذي يعلم أن ما جاءك -أيها الرسول- من عند الله هو الحق فيؤمن به، كالأعمى عن الحق الذي لم يؤمن؟ إنما يتعظ أصحاب العقول السليمة الذين يوفون بعهد الله الذي أمرهم به، ولا ينكثون العهد المؤكد الذي عاهدوا الله عليه.

6- جزاء أولوا الألباب

أ – يهديهم الله

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: 18

( هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ )

غافر: 54

أن سنن الله – التي خلت في عباده – إنما يهتدي بها ويعتبر أولو الأفهام والعقول الناقدة.

ب – لا يضيع الله أعمالهم الصالحة

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ . ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ . وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

ص: 41- 43

واذكر – أيها الرسول- عبدنا أيوب، حين دعا ربه أن الشيطان تسبب لي بتعب ومشقة، وألم في جسدي ومالي وأهلي. فقلنا له: اضرب برجلك الأرض ينبع لك منها ماء بارد، فاشرب منه، واغتسِلْ فيذهب عنك الضر والأذى. فكشفنا عنه ضره وأكرمناه ووهبنا له أهله من زوجة وولد، وزدناه مثلهم بنين وحفدة، كل ذلك رحمة منَّا به وإكرامًا له على صبره، وعبرة وذكرى لأصحاب العقول السليمة؛ ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج وكشف الضر.

ج – لهم عقبى الدار

قالُ اللهُ تعالى:

﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ . وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ . وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴾

الرعد : 19- 23

هل الذي يعلم أن ما جاءك – أيها الرسول- من عند الله هو الحق فيؤمن به، كالأعمى عن الحق الذي لم يؤمن؟ إنما يتعظ أصحاب العقول السليمة الذين يوفون بعهد الله الذي أمرهم به، ولا ينكثون العهد المؤكد الذي عاهدوا الله عليه. وعاقبة ذلك هي جنات عدن يقيمون فيها لا يزولون عنها، ومعهم الصالحون من الآباء والزوجات والذريات من الذكور والإنات، وتدخل الملائكة عليهم من كل باب؛ لتهنئتهم بدخول الجنة.

 

Share This