لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن، وهي كل لفظ بقي على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير، وهذا أكثر الكلام. ولقد اشتمل القرآن الكريم على المجازأيضاً ، جرياً على عادة اللغة العربية, فأنه نزل بلسان عربي مبين .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾

إبراهيم: 4

وهو يعدًل عن الحقيقة إلى المجاز لمعان وفوائد بلاغية كتأكيد المعنى بتجسيده أو بتشخيصه وتصويره بعبارات موجزة, وكل مجاز له حقيقةلأنه فرع منها.

1- تعريف المجاز

المجاز هو أن اللفظ يُقصد به غير معناه الحرفي بل معنى له علاقة غير مباشرة بالمعنى الحرفي.

قال الله تعالى:

( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ )

التكوير:18

﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴾

الإسراء 24

﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾

يوسف 82

﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضّ ﴾

الكهف 77

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّه ﴾

الأحزاب 57

وذلك كله مجاز، لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه.

2- أقسام المجاز

       في  

القرآن الكريم

المجاز في القرآن قسمان:

1- المجاز اللغوي 

وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة معيّنة ما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي. ، فكثيراً ما يستخدم الإنسان لفظاً ولا يقصد معناه الحقيقي بل معنى آخرَ مختلفاً، فإذا قال أحد مثلا: رأيت أسداً يكر على الأعداء بسيفه، فهذه الجملة تدل على أن الأسدَ المذكورَ في الجملة ليس الأسد الذي نعرفه، والدليل على ذلك (بسيفه)؛ فالأسد الحقيقيُّ لا يحمل سيفاً، وإنما المقصود بالأسد رجلٌ شجاع.

قال الله تعالى:

﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾

الحج 46

المقصود هوالعقل ، وليس القلب

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ﴾

المائدة 41

المقصود هو الالسن ، وليس الأفواه

قال الله تعالى:

﴿ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾

النحل 103

المقصود هي اللغات ، وليس الالسن

والمجاز اللغوي أنواعه كثيرة:

1- إطلاق اسم الكل على الجزء

قال الله تعالى:

﴿ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ﴾

البقرة 19

فالمراد من الأصابع: الأنامل، واستعمال الأصابع فيها مجاز

قال الله تعالى:

 ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )

البقرة: 185

من شهد أول الشهر فليصم جميعه

2- إطلاق اسم الجزء على الكل

قال الله تعالى:

﴿ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾

الرحمن  27

أي ذاته.

إطلاق الرَّقَبة على العبد

قال الله تعالى:

﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾

النساء: 92

إطلاق القِيام على الصلاة

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ﴾

التوبة: 108

 ( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ )

الحج: 10

( فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )

الشورى: 30

أي: قدمت وكسبت ونسب ذلك إلى الأيدي؛ لأن أكثر الأعمال تزاول بها،

قال الله تعالى:

( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ )

الغاشية: 8

 ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ )

الغاشية: 2-3

عاملة ناصبة عبر بالوجوه عن جميع الأجساد لأن التنعم والنصب حاصل لكلاها،

قال الله تعالى:

( هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ )

المائدة: 95

أي: الحرم كله بدليل أنه لا يذبح فيها‏.‏

قال الله تعالى:

( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ )

العلق: 16

فالخطأ صفة الكل وصف به الناصية

3- إطلاق اسم الخاص على العام

قال الله تعالى:

( ‏إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ )

الشعراء: 16

أي: رسله‏.‏

أي رسله.

4- إطلاق اسم العام على الخاص

قال الله تعالى:

 ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾

الشورى 5

أي المؤمنين ، بدليل

قال الله تعالى:

﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾

غافر 7

5- إطلاق المسبب على السبب

قال الله تعالى:

﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ﴾

غافر 13

‏أي: مطرًا يتسبب عنه الرزق

قال الله تعالى:

 ( قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا )

الأعراف: 26

فإن المنزل عليهم ليس هو نفس اللباس بل الماء المنبت للزرع المتخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس.

قال الله تعالى:

 (لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا )

النور: 33

أي: مئونة من مهر ونفقة ومما لا بد للمتزوج منه‏.

6- إطلاق السبب على المسبب

قال الله تعالى:

  ﴿  ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ﴾

هود 20

أي القبول والعمل به لأنه مسبب على السمع.

7- تسمية الشيء باسم ما كان عليه

قال الله تعالى:

﴿ وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ﴾

النساء 2

أي: الذين كانوا يتامى، إذ لا يتم بعد البلوغ.

قال الله تعالى:

( فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ )

البقرة :232

أي: الذين كانوا أزواجهن

قال الله تعالى:

 ( مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا‏ )

طه: 74

سماه مجرمًا باعتبار ما كان في الدنيا من الإجرام‏.‏

8- تسميته باسم ما يؤول إليه

قال الله تعالى:

﴿ إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً ﴾

يوسف: 36

أي عنبًا، فسمى العنب خمرًا باعتبار ما سيؤول إليه بعد عَصْرِه.

قال الله تعالى:

( وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا )

نوح: 27

أي: صائر إلى الكفر والفجور

قال الله تعالى:

 ( حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ )

البقرة: 230‏

سماه زوجًا لأن العقد يؤول إلى الزوجة لأنها لا تنكح إلا في حال كونه زوجًا،

قال الله تعالى:

 ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ )

الصافات: 101

 ( بَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ )

الحجر: 53

وصفه في حال البشارة بما يؤول إليه من العلم والحلم‏.‏

9- إطلاق اسم الحال على المحل

لما بينهما من الملازمة الغالبة

قال الله تعالى:

﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

آل عمران 107

أي في الجنة لأنها محل الرحمة.

10- إطلاق اسم المحل على الحال

قال الله تعالى:

  ﴿ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ ﴾

العلق 17

أي أهل ناديه، أي مجلسه.

التعبير باليد عن القدرة

قال الله تعالى:

( بِيَدِهِ الْمُلْكُ)

الملك: 1

وبالقلب عن العقل

قال الله تعالى:

 ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا )‏

الأعراف: 179

أي: عقول

وبالأفواه عن الألسن

قال الله تعالى:

( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ )

[آل عمران :167

وبالقرية عن ساكنيها

قال الله تعالى:

 ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ )

يوسف: 82

قال الله تعالى:

( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )

الأعراف: 31

فالمراد به الصلاة ‏.‏

11- تسمية الشيء باسم آلته

قال الله تعالى:

﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾

الشعراء 84

أي ثناء حسنا، لأن اللسان آلته.

قال الله تعالى:

 ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ )

إبراهيم: 4

أي: بلغة قومه‏.‏

12- تسمية الشيء باسم ضده

قال الله تعالى:

﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ﴾

آل عمران 21

والبشارة حقيقة في الخبر السار.

قال الله تعالى:

( مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ )

الأعراف: 12

يعني‏:‏ ما دعاك إلى أن لا تسجد.‏

13- إضافة الفعل إلى ما يصح منه تشبيها

قال الله تعالى:

﴿ جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ  ﴾

الكهف  77

وصفه بالإرادة، وهى من صفات الحىّ، تشبيها لميله للوقوع بإرادته.

14-‏ إطلاق الفعل والمراد مشارفته ومقاربته وإرادته

قال الله تعالى:

 ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ )

الطلاق: 2‏

أي: قاربن بلوغ الأجل‏‏ أي: انقضاء العدة؛ لأن الإمساك لا يكون بعده

قال الله تعالى:

 ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً )‏

النساء: 9

أي: لوقاربوا أن يتركوا خافوا؛ لأن الخطاب للأوصياء وإنما يتوجه عليهم قبل الترك؛ لأنهم بعده أموات

قال الله تعالى:

 ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا )

المائدة: 6

أي: أردتم القيام،

قال الله تعالى:

 ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ )

النحل: 98

أي: إذا أردت القراءة لتكون الاستعاذة قبلها

قال الله تعالى:

 ( وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا )

الأعراف : 4

أي: أردنا إهلاكها وإلا لم يصح العطف بالفاء

15- إطلاق الماضي على المستقبل

على اعتبار ما سوف يكون لتحقق وقوعه نحو

قال الله تعالى:

 ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ )

النحل: 1

أي: الساعة

قال الله تعالى:

 ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ )

الزمر: 68

( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ )

المائدة: 116

( وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا )

إبراهيم: 21

 ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ )

الأعراف: 48

16- القلب

إما قلب إسناد

قال الله تعالى:

( مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ )

القصص: 76

أي: لتنوء العصبة بها

قال الله تعالى:

 ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ )

القصص: 12

أي: حرمناه على المراضع

قال الله تعالى:

 ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )

العاديات: 8

أي: وإن حبه للخير

قال الله تعالى:

 ( وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ )

يونس 107

أي: يرد بك الخير

قال الله تعالى:

 ( ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ )

النمل: 28

أي: فانظر ثم تول

قال الله تعالى:

( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى )

النجم: 8

أي: تدلى فدنا لأنه بالتدلي مال إلى الدنو‏.‏

17- إطلاق الماضي على الحاضر

لإفادة الدوام والاستمرار فكأنه وقع واستمر

قال الله تعالى:

 ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) ‏

البقرة 102

أي: واتبعتم

قال الله تعالى:

‏( قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ ‏)

البقرة 91

أي: قتلتم

قال الله تعالى:

( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا )‏

الرعد 43

أي: قالوا‏.‏

2- المجاز العقلي

هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له أصلا لملابسته له ،  نحو شفى الطبيب المريض بسبب علاقة ما، فإن الشفاء من الله وإسناد الشفاء إلى الطبيب مجاز بسبب وجود علاقة بين الطبيب والشفاء وإن لم يشف بنفسه. يكون الإسناد المجازى إلي سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره.

1- المجاز في الإسناد

وهو إسناد الفعل أو ما في معنى الفعل إلى غير من هو له، وهو على أقسام، أشهرها:

أ ـ الإسناد إلى الزمان

وذلك فيما بني فيه الكلام للفاعل وأسند للزمان، ولا أثر للزمان في ذلك .

قال الله تعالى:

( وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ )

الضحى 2

فسجى بمعنى سكن، والليل وإن وصف بالسكون فسكونه مجازي لأنه غير قابل للحركات المباشرة التي قد توصف بالهدوء حيناً وبالفعالية حيناً آخر، و لكن المراد به سكون الناس فيه عن الحركات، وخلودهم فيه إلى السبات، واستسلامهم إلى الراحة.

ب ـ الإسناد إلى المكان

وذلك فيما بني فيه الكلام للفاعل وأسند للمكان، ولا أثرللمكان في ذلك، وإنما اعتبر المكان باعتبار الإسناد إليه، والعامل الحقيقي غيره، فلما أسند للمكان كان مجازاً عقلياً بسببه .

قال الله تعالى:

 ( أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ )

البقرة 25

والأنهار وعاء للماء ومستقر له،وهي ثابتة غير متنقلة، وهي مكان الجري، وما يجري فيها هو الماء، إلا أن مكانه الأنهار، فعبر عن جريان ذلك الماء بجري الأنهار بوصفها مكاناً له.

قال الله تعالى:

 ( وَابْنِ السَّبِيلِ )

التوبة 60

وذلك لكونه موجود في السبيل أي لملازمته الطريق . وهذا من المجاز

قال الله تعالى:

( فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ )

القارعة: 9 ‏

فاسم الأم الهاوية مجاز‏‏ أي: كما أن الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع‏.‏

قال الله تعالى:

﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾

يوسف 82

والتعبير بالقرية عن قاطنيها  ، فالقرية لا تسأل جدرانها بل سكانها

ت ـ الإسناد إلى السبب

هي أكثر الوجوه استعمالاً في القرآن الكريم، إذ كثيراً ما يطلق هذا المجاز في القرآن مسنداً إلى السبب، وإن بدا العامل فيه الفاعل، ولكن التحقيق يبدي خلاف ذلك مما يوحيب طبيعة إرادة المجاز .

قال الله تعالى:

 ( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتهُم إِيمَاناً )

الأنفال 2

فقد نسبت زيادة الإيمان في الآية إلى آيات الله تعالى ولما كان الأصل في الإيمان وزيادته هو التوفيق الإلهي الصادر عن الله تعالى، علم أن زيادة الإيمان هنا بالنسبة للآيات مجاز عقلي بوصفها سبباً فيه.

قال الله تعالى:

( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ )

غافر 36

فخطاب فرعون لهامان فيما اقتصه القرآ الكريم، لا يوحي بأنه متولي هذا البناء بنفسه، ولكنه المأمور به، إذ لم يباشرالبناء، وإنما بناه عماله وفعلته، ولما كان هامان سبباً في بناء هذا الصرح، أسند إليه الفعل مجازاً، وعلم أن وجه ذلك السببية.

قال الله تعالى:

( وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا  )

الزلزلة 2

لأن الأرض ليست هي التي تخرج أثقالها حقيقة ، والإسناد مجاز .

قال الله تعالى:

( فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ )

البقرة 16

وإسناد نفي الربح عن تجارتهم مجاز عقلي، إذ المنافقون هم الذين لم يربحوا.

قال الله تعالى:

( حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا )

محمد :4

وضع الأوزار: مجاز عن انتهاء أعمال الحرب. وإسناد وضع الأوزار إلى الحرب مجاز.

ج ـ الإسناد إلى المصدر

وهو فيما بني فيه الكلام للفاعل، وأسند إلى المصدر، مع قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي .

قال الله تعالى:

( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفخَةٌ وَاحِدَةٌ )

الحاقة 13

فقد أسند الفعل إلى مصدره ( نفخة ) ولم يسند إلى نائب فاعله الحقيقي، وذلك لعلاقة المصدرية التي نقلت الكلام إلى مجازه العقلي.

 

Share This