1- الفرق بين العباد والعبيد

العباد جمع عبد، و العبيد جمع عبد، و شتان بين الجمعين، فالعباد و العبيد يلتقيان في تسليم الإرادة الحرة ويختلفان في الماهية . فالعباد مُكلّفين ومأمورين بالعبادة وهي  تكون طواعية فيسلم الفرد ارادته الحرة بطوعه وتكون لله ولغير الله، أما العبودية فهي إجبارية فيسلم الفرد إرادته الحرة مكرهاً . العباد فهم من لهم حُرية الاختيار في الدنيا، وأما العبيد فلم يَعُد لهم هذه الحرية في الآخرة .

2- العباد

العبادة مبنية على الطاعة والخضوع لأمر اللهُ تعالى عن طريق إتباع أحكامه وشرائعه وسننه .

والله دعانا وحثنا وطلب منا أن نعبده

قال اللهُ تعالى :

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ )

البقرة :21

( وَأَنِ اعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ )

يس : 61

ولقد نهى الله عن العبودية أي تسليم الإرادة لغيره

قال اللهُ تعالى :

 (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )

الإسراء : 23

( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ  أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )

يوسف : 40

( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )

البينة : 5

وسمي العبودية عبادة وأشار على من خلقهم لعبادته بالعباد وعباد الله وعبادي .

قال اللهُ تعالى :

( وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )

البقرة : 207

( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ )

الحجر: 42

( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )

سبأ : 13

 ( ذَ‌ٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ  )

الأنعام: 88

ولم يقل عبيدي في القرآن ولا مرة واحدة، فنحن عباد الله لا عبيده .

وجميع الناس هم عباد الله وهذا يشمل الصالح والطالح . فمنهم من أطاع الله وعمل صالحاً

قال اللهُ تعالى :

( ذَ‌ٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )

الشورى: 23

ومنهم من عصى الله وأحاطت به الذنوب

قال اللهُ تعالى :

( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا )

الإسراء : 17

وعباد الله وهم من خلقهم من اجل عبادته قد جعلهم ذو إرادة حرة

قال اللهُ تعالى :

( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا )

الأحزاب : 36

 ( وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا )

النساء: 172

( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )

غافر: 60

( فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا  وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ  وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ  )

آل عمران:  20

( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ )

يس:  30

من الآيات السابقة نجد أن هناك من يعصي أمر الله و من يمتنع و يستكبر عن عبادة الله و من يستهزئون برسلة أو يتولوا ولا يهتدوا وبالتالي فإن العبد إذن هو صاحب القرار في قبول أو رفض أمر الله .

فعباد الله مُكلّفين بالعبادة ولكنهم ومع ذلك غير مُكرهين أو مُجبرين عليها

قال اللهُ تعالى :

( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )

البقرة : 256

( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُر )

الكهف: 29

لقد خلق الله الإنسان منذ البداية حر الإرادة

قال اللهُ تعالى :

( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ )

يس : 77

فكيف يكون خصيم لخالقه إلا إذا كان هو من اراد لأن يكون خصيم لله وبقراره . وهذا الإستدلال يسنده ما نقله الله إلينا من قول الشيطان ..

قال اللهُ تعالى :

( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )

إبراهيم : 22

فاستجابة عباد الله للشيطان تصريح بامتلاك العباد للإرادة الحرة .

وبيّن اللهُ تعالى لعباده نهج عبوديته وهو طريق الصراط المستقيم فوصاهم به .

قال اللهُ تعالى :

( وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ  هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ )

مريم : 36

وحتى لا يضلوا عن الطريق الذي هو الصراط المستقيم

بيّن اللهُ تعالى لعباده معالمه ..

﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا  وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ  وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

الأنعام : 151- 153

3- العبيد

الناس عباد ما داموا في الحياة الدنيا  ويملكوا الإرادة الحرة . وعندها يجرد الله الناس من الإرادة الحرة ويُسقط عنهم مصطلح العباد فيصبحوا في يوم الحساب وبعد البعث في قبضة الله وعبيد لا عباد وفي ذلك اليوم يُشير الله عليهم في القرآن بلفظ العبيد لا العباد.

ولذلك تجد الآيات الخمس التي ورد فيها لفظ  “العبيد” تكون عند الحساب في الآخرة

قال الله تعالى:

( لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ )

آل عمران : 181-182

( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ )

الأنفال : 50-51

( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ. ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )

الحج : 8- 10

( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )

فصلت : 46

( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ. مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ. الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ. قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ. قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ. مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )

ق : 24- 29

فالله في ذلك اليوم هو صاحب الملك ولا يوجد من يملك إرادة نفسه فالكل في قيد ومجردين من الإرادة الحرة

قال الله تعالى:

( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )

الفاتحة : 4

(  لمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ )

غافر : 16

 ( وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ )

الأنعام : 73

 ( يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ )

الإنفطار : 19

ففي يوم الدين .. في ذلك اليوم سيأتي كل من في الكون إلى الرحمن عبداً أي مسلماً الإرادة وبدون استثناء

قال الله تعالى:

 ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا )

مريم : 93

وعندها يصبح الخلق جميعهم عبيده فهم مملوكين وبدون إرادة حرة ومؤتمرين بإمره

قال الله تعالى:

 ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )

المطففين : 6

كلمة عبد في ذاتها ليست ذلاً ولكن حسب من تُضاف إليه

– فحين تُضاف لله فهي شرف

قال اللهُ تعالى :

في الإشارة إلى محمد عليه السلام

قال الله تعالى:

( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا )

الإسراء : 1

في الإشارة إلى عيسى عليه السلام

قال الله تعالى:

 ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا )

مريم : 30

في الإشارة إلى نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

 ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ  إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا )

الإسراء: 3

في الإشارة إلى زكريا عليه السلام

قال الله تعالى:

( ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا )

مريم : 2

– وحين تُضاف لإنسان فهي ذل

قال الله تعالى:

 ( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ )

النور: 32

أن القول من عبادكم لا تعني من يعبدكم واتخذكم آلهة بل هم من كُلّف بعمل يقوم به لرب عمله .

قال الله تعالى :

 ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ قل أعوذ برب الناس )

الناس : 1-2

فالله هو رب الناس وهو ملك الناس لا المالك لهم أو معبود سواه .

4- الملائكة

قد خلقهم الله في تسليم لسلطانه مسيرين ومأمورين وبدون إرادة حُرة

قال الله تعالى:

( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ إِنَاثًا )

الزخرف : 19

( يخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )

النحل : 50

 ( لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )

التحريم : 6

Share This