1- تعريفه

التشبيه هو أن نقارن بين شيئين يمتلكان نفس الصفة ، ولكن أحدهما أقوى ، فنجعله المشبه به ، والآخر المشبه

قال الله تعالى :

 ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )

البقرة 74

شبه القلوب فى صلابتها وقسوتها ، وأنها لا ينفذ إليها شىء من الخير والحق ، بالحجارة

قال الله تعالى :

( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ )

القمر 7

شبه الناس حين خروجهم من جوف الأرض وانتشارهم على ظهرها بالجراد فى الكثرة والتدافع وجولان بعضهم فى بعض الكل يتحرك ويموج من غير تحديد ومن غير تعقل

قال الله تعالى :

( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)

القمر31

فشبههم القرآن بعد هلاكهم بأنهم أصبحوا مثل  الشجر اليابس الذى يستعمل في حظيرة الدواب .

2- أنواع التشبيه

وللتشبيه نوعين ..

أ – التشبيه المفرد

وذلك عندما يتم وصف شيء معين بشيء آخر

قال الله تعالى :

 ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )

يس 29

ب – التشبيه المركب

وهو أن يتم وصف صورة بصورة أخرى

قال الله تعالى :

 ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ )

البقرة 261

حيث أنه هنا يشبه الله عز وجل من ينفق المال في سبيله ، مثل السنبلة الواحدة التي تنبت سبع سنابل ، والمقصود بذلك التشبيه هو مضاعفة الآجر لمن ينفق في سبيل الله سبحانه وتعالى .

3- أركان التشبيه

للتّشبيه أربعة أركانٍ وأجزاءٍ رئيسة، وتوجد في كل جملةٍ تحتوي على تشبيه ، وهي:

1- المُشبَّه

هو الطّرف الذي يُشبهه المُتحدّث بشيءٍ ما.

2- المُشبَّه به

هو الطّرف الذي يتمّ تشبيه الطّرف الآخر به.

3- أداة التّشبيه

هي الحرف أو الكلمة التي يستخدمها المُتكلّم لتشبيه المُشبَّه بالمُشبَّه به، فتربط بينهما بعد أن يكونا مُتباعدين في الجملة الواحدة، وقد تُذكَر أو تُحذَف تبعاً لنوع التّشبيه المُستخدَم.

وتأتي أداة التشبيه حرفاً، أو اسماً، أو فعلاً.

أ- حرفاً

فالحرف له لفظتان ..

1- الكاف

ويليها المشبّه به مثل

قال الله تعالى :

 ( وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ )

النحل: 77

 ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )

البقرة 74

( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ )

القارعة : 4

2 – كأنّ

ويليها المشبّه به ، مثل

قال الله تعالى :

( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )

لقمان  7

( الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ )

النور 35

( إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ )

القمر 31

( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ )

المدثر : 50-51

والتشبيه بكأنّ أبلغ من التشبيه بالكاف، لأنّها مركّبة من الكاف وأَنَّ.

ب – الاسم

له ألفاظ، منها: مِثْل – شِبْه – شبِيه – نظير – مَثِيل ونحوها.

قال الله تعالى :

( مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ )

آل عمران 117

ت- الفعل

له ألفاظ، منها: يُشْبِه – يُمَاثل – يُنَاظر – ونحوها من كُلّ ما يدلُّ على تشبيه بشيء.

قال الله تعالى :

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً )

النور 39

( ويُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى )

طه 66

4- وجه الشّبه

هي الصّفة المُشتَركة التي تجمع بين المُشبَّه والمُشبَّه به، وتكون هذه الصّفة أقوى في المُشبّه به منها في المُشبّه، وقد يُحذَف وجه الشّبه أو يُذكَر بحسب نوع التّشبيه.

4- أغراض التشبيه

         في  

   القرآن الكريم

أن أغراض التشبيه في القرآن كلها تدور حول محورين أساسيين:‏

أولا – التشبيهات البيانية

أن التشبيهات البيانية في القرآن تستخدم للأغراض الأتية

1- التأثير على السامعين

القرآن حين يشبه محسوساً بمحسوس يرمي أحياناً إلى رسم الصورة كما تحس بها النفس، ووضعه على مسرح الحس والعيان، تجد ذلك في الأتي

– وصف سفينة نوح

قال الله تعالى :

( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ )

هود 42

ألا ترى الجبال تصوره للعين هذه الأمواج الضخمة، وتصوره في الوقت نفسه ما كان يحس به ركاب السفينة هذه وهم يشاهدون هذه الأمواج من رهبة وجلال معاً كما يحس بهما من يقف أمام شامخ الجبال.

– وصف الجبال يوم القيامة

قال الله تعالى :

( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ )

القارعة 5

فالعهن المنفوش يصور أمامك منظر هذه الجبال، وقد صارت هشه لا تتماسك أجزاؤها، ويحمل إلى نفسك معنى خفتها ولينها.

– وصف القمر في آخر الشهر

قال الله تعالى :

 ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )

يس 39

فهذا القمر بهجة السماء وملك الليل، لا يزال ينتقل في منازله حتى يصبح بعد هذه الاستدارة المبهجة وهذا الضوء الساطع الغامر، يبدد ظلمة الليل، ويحيل وحشته إنساً يصبح بعد هذا كله دقيقا نحيلا محدوداً لا تكاد العين تنتبه إليه وكأنما هو في السماء كوكب تائه، لا أهمية له، ولا عناية بامره، أولا ترى في كلمة العرجون ووصفها بالقديم ما يصور لك هيئة الهلال في آخر الشهر، ويحمل لنفسك ضآلة أمره معاً،

– وصف ضخامة شررنارجهنم

قال الله تعالى :

 ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ . كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ )

المرسلات 32- 33

فالقصر وهو الشجر الضخم والجمال الصفر توحي إلى النفس بالضخامة والرهبة معاً، وصور لنفسك شرراً في مثل هذا الحجم من الضخامة يطير.

– عدم عمل عقول الكافرين فيما ينفعهم.

 ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ )

البقرة 171

 ( وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ )

الأعراف 179

– حال صدور الكافرين

( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ )

الأنعام 125

2- توضيح المعنى إلى السامعين

استخدامها لتوضيح المعنى إلى السامعين ، أمثلة على ذلك

– حال المنافقين الذين آمنوا ظاهرًا لا باطنًا

قال الله تعالى :

 ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ )

البقرة 17

– عدم المساواة بين الفجار والأبرار

قال الله تعالى :

( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )

الجاثية 21

– القوم الذين كذَّبوا بآيات الله، ولم ينتفعوا بها

قال الله تعالى :

 ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا  بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ  وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

الجمعة : 5

– أعمال الذين كفروا بربهم وكذَّبوا رسله

قال الله تعالى :

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ  وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ )

النور : 39

قال الله تعالى :

( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون )

العنكبوت 41

فهؤلاء المشركون يعهدون ويبذلون جهداً يظنونه مثمراً وهو لا يجدي  شبة بعمل ذلك الحيوان الذي يتعب نفسه في البناء ، ويبذل جهده في التنظيم ليخرج بيتاً متهافتاً ضعيفاً

– للتزهيد في الحياة الدنيا

قال الله تعالى :

( واضرب لَهُم مَثلَ الحياةِ الدُّنيا كماءٍ أنزلناهُ مِنَ السماءِ فاختلطَ بهِ نباتُ الأرض فأصبحَ هشيماً تذروهُ الرياحُ وكانَ الله على كُلِ شيءٍ مقتدرا )

الكهف 45

–  توضيح المكافأة والمجازاة

قال الله تعالى :

 ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )

الإسراء 24

‏ ( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ )

القصص 77

 ( فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا )

الأعراف 51

 ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ )

الأنبياء 104

ثانيا – التشبيهات البرهانية

استخدامها كبرهان لإثبات الحقائق ، أمثلة على

1 ـ إثبات توحيد الله تعالى

يمكن إثبات وحدانيته تعالى بالتشبيه البرهاني وذَّلك  بنفي المشابهة والمماثلة بين الله وغيره

– تنزه عن أن يكون له مثل أو نظير

قال الله تعالى :

 ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )

الشورى 11

– نفي المشابهة والمماثلة بين الله وغيره في القدرة على الخلق

قال الله تعالى :

( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ )

النحل 17

فقد نفى القرآن الكريم حكم المساواة والمماثلة في القدرة على الخلق بين طرفي التشبيه .

– نفي القدرة على الخلق لغيره

قال الله تعالى :

 ( أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ  )

الرعد 16

فقد بيّن الله ـ تعالى ـ أنَّ ما يمكن أن يجعل علة لاتخاذ شريك له في العباد هو القدرة على الخلق، وهي منتفية من المخلوق بالوجدان والبداهة .

2ـ إثبات المعاد بالتشبيه البرهاني

– قيس العود بالبدء

قال الله تعالى :

( كَمَا بَدَأكُمْ تَعُودُون )

الأعراف 29

( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )

الأنبياء 104

فقد شبه العود بالبدء في الحكم بجوازه وإمكانه بسبب أمر مشترك بينهما، وهو استغراب الوجود في البدء والعود أولاً وإزالته بالتعقل والتفكر في قدرة الله التي بها يزول كل استغراب وإليها ينتهي أمر كل خلق.‏

– إحياء الموتى ممكن ومحقق بالتأمل في قدرة الله تعالى

قال الله تعالى :

 ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الميِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ويُحْيْي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وكذلك تُخْرَجُون )

الروم 19

3ـ إثبات قدرة الله تعالى بالتشبيه البرهاني

وقد هدى الله ـ سبحانه- العباد على قدرته بإيراد التشبيه البرهاني كما في

قال الله تعالى :

( إِنْ يَشَأ يُذْهِبْكُمْ ويَسْتَخْلِف مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كما اَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرينَ )

الأنعام 133

؛ فقد قيست قدرته على إذهاب المخاطبين واستخلاف ما يشاء من الخلق بعدهم ـ قيست قدرته تلك بإنشائهم من ذرية قوم آخرين.‏

 

Share This